طه حسين صاحب مشروع حضاري استثنائي وأعاد قراءة التاريخ الإسلامي والعربي.. ومناضل دفع ضريبة التغيير
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
يُعد طه حسين صاحب مشروع حضارى لم يقتصر عائده على الساحة الثقافية فحسب، بل امتد تأثيره على نواحى المجتمع بأسره لعقود طويلة، بما شمل التعليم والعمل العام والصحافة والإبداع الروائى والقصصى والترجمة والنقد الأدبى، فضلاً عن المنجز الفكرى المتنوع والثرى.
«المصري»: اشتبك مع التراث والثوابتويرى الدكتور شوكت المصرى، أستاذ النقد بأكاديمية الفنون، أن طه حسين ليس مجرد ناقد كبير فنّد النصوص واشتبك مع التراث والثوابت، لكنه أرسى فى هذا المجال قواعد لانطلاق التجريب اللامحدود، وهو أيضاً ليس مجرد مفكر كبير أعاد قراءة التاريخ الإسلامى والعربى، وفتح المجال لمن جاءوا بعده فى هذا المضمار، خصوصاً فى كتابه «الفتنة الكبرى».
أما الدكتور مصطفى بيومى، أستاذ الأدب وكيل كلية دار العلوم بجامعة المنيا، فيرى أن الدكتور طه حسين تمكّن من نقل الثقافة من نقطة إلى أخرى، لدفع الناس للتمرد ولإقناع العقل المصرى بمجاوزة التراث، ولذلك فالإفادة الحقيقية التى قدّمها هى التمرد على السائد والمطروح، وامتلاك القدرة على قبول ورفض المطروح، وهو ما يعنى أن نمتلك وعياً عقلانياً يفحص الأشياء ويتحقق من سلامتها وصحتها، وهو الدرس الذى استفدناه ونسعى لتعليمه لتلاميذنا فى الجامعات.
ويصف «بيومى» مشروع الدكتور طه حسين قائلاً: «تميّز بثقافة الاختلاف التى دعا إليها وعمل على ترسيخها، سواء من خلال كتابه الشهير (مستقبل الثقافة فى مصر)، وما تبعه من كتابات، مثل مقالاته المهمة فى جريدة السياسة بعنوان (حديث الأربعاء) 1934 و1935، التى ينحو خلالها إلى الاختلاف الخلاق الذى يحرك الراكد، وينتج معرفة جديدة»، مشيراً إلى أنه رسّخ للعقلية النقدية التى لديها الوعى فى مواجهة الأفكار المضللة.
وأضاف: «طه حسين بدأ دراسة الأدب العربى بشكل مختلف عما كان متداولاً، بمعنى أنه طرح أفكاراً مغايرة لما هو شائع فى ذلك التوقيت، فكتاب (فى الشعر الجاهلى) فى 1926، يقع ضمن هذا السياق، والذى أثار حفيظة أصحاب الأفكار المستقرة، إذ كان يرى أن هذا الشعر لا يعبّر عن الحياة العربية، وهو لم يرغب فى الشك من أجل الشك، ولكن كان يرغب فى الوصول إلى نتيجة، حسب دراسة نقدية حديثة أشار إليها فى الكتاب».
وأكد الكاتب طارق الطاهر أن «طه حسين شخصية استثنائية استطاعت أن تقلب الموازين، وأن تنفذ ببصيرتها إلى ما عجز عنه المبصرون، فحرّك المياه الساكنة وأصبح طاقة هائلة أسهمت فى بناء وطنه، هذا البناء الذى ما زلنا لم نتوفر على كل أسراره، فما أحوجنا فى هذه اللحظة لاستعادة كل قيم التنوير بدلالاتها ومفرداتها، لكى تنير لنا الطريق فى هذه اللحظات الصعبة التى تحتاج منا إلى صبر طه حسين وعقله وبصيرته وقوته فى اتخاذ المواقف التى يمليها عليه ضميره الشخصى والجمعى معاً». ولفت «الطاهر»، إلى جوانب كثيرة فى حياة طه حسين لم تأخذ حقها من الكتابات، ففى كراسة مؤنس طه حسين تتجلى الأبوة بكل معانيها، فقد اتخذ طه حسين من نفسه «معلماً» لابنه، فنجد الدقة الشديدة والمعلومات الوافية، لتعليم «مؤنس» اللغة العربية، مستشهداً فى هذه الكراسة -التى لم تُنشر من قبل- بآيات من القرآن الكريم؛ مع ترجمة معانيها للغة الفرنسية، وكذلك كان يتوقف عند أبيات من الشعر العربى ليتعلم من خلالها قواعد النحو.
وتابع: «المعلم صاحب الشخصية الاستثنائية لم يتوقف عنده أحد بما يناسب دوره فى مواقفه من الاستعمار والاحتلال والدول صاحبة النفوذ فى ذلك الوقت ومنها فرنسا، حيث رد العميد وسام (الجوقة الفرنسية) بالفعل إلى المفوضية السويسرية لرده لفرنسا، على خلفية مشاركة فرنسا فى العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، فطه حسين ليس شخصاً نكتب عنه مقالاً أو دراسة؛ إنما حياة نسعى لاكتشافها وفك شفراتها واتخاذ العبر والعظات من تجربته الثرية».
«عصفور»: صاحب الطبيعة التنويرية متعدد الجوانب وعقلانيته تقبل التجدد وعلّمنا أن نفهم لنمتلكوطرح الراحل الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، فى كتابه «المرايا المتجاورة.. دراسة فى نقد طه حسين»، تساؤلات عديدة عن منهج وفلسفة طه حسين حاول الإجابة عنها، لافتاً إلى أن طه حسين صاحب الطبيعة التنويرية متعدد الجوانب فى أمور تشير إلى التباين الكيفى الذى يرجع فى جانب أساسى منه لمشروعه الحضارى، وهى طبيعة تقترن بالموسوعية التى تصل صاحبها بكل نشاط وتربطه بكل اتجاه وتدفعه إلى أن يقدم إلى مجتمعه كل ما يمكن أن يساعد على التقدم.
وقال: «ولذلك تعددت أنشطة طه حسين الثقافية بالقدر نفسه الذى تعددت أدواره الاجتماعية أستاذاً جامعياً وعميداً ومدير جامعة ووزيراً للتعليم ورجل سياسة تنقّل من حزب إلى حزب وصحفياً وصاحب جريدة ومجلة وأديباً وناقداً للأدب ومؤرخاً، ومحققاً ومترجماً وفيلسوف تربية ومتفلسفاً فى الحضارات». ويرى «عصفور» أنه «بالحوار والتجاوز نظل مخلصين لأقوم تقاليد صاحب هذا الفكر، ونضيف إلى عقلانيته التى تقبل التجدد من خلال النفى، إذ علَّمنا طه حسين أن نفهم لنمتلك، وأن نمتلك لنتجاوز، ولم يعلمنا أن نجعل من فكره وثناً نعبده أو وثناً نرجمه».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: طه حسين الهجرة الجماعية طه حسین
إقرأ أيضاً:
تأجيل محاكمة منعش عقاري بمراكش إستولى على مليارات المواطنين ورفض تسليمهم شققهم السكنية
زنقة 20. الرباط
أرجأت الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية لدى المحكمة الإبتدائية بمراكش محاكمة صاحب مشروع بساتين الواحة وخمسة متهمين آخرين للإشتباه بتورطهم في قضية تتعلق بالنصب والتزوير وعدم تنفيذ عقد إلى 27 فبراير الجاري لاعداد الدفاع
ويشار أن قاضي التحقيق لدى المحكمة الإبتدائية بمراكش انهى أطوار جلسات التحقيق التفصيلي مع صاحب مشروع بساتين الواحة بمراكش رفقة شخصين آخرين مع تحديد موعد جلسات المحاكمة
وكان قاضي التحقيق قد قرر إيداع صاحب مشروع بساتين الواحة رفقة شخصين آخرين رهن الإعتقال الإحتياطي بالسجن المحلي “لوداية” مع تحديد يوم 13 نونبر الفارط كموعد لبدء جلسات التحقيق التفصيلي مع المتهمين
ويشار أن النيابة العامة بمراكش أصدرت قرارًا باعتقال المنعش العقاري المسؤول عن مشروع السكن الاقتصادي “بساتين الواحة” بمراكش، التابع للمجموعة العمرانية “BZIOUI IMMO”، إلى جانب عدد من المتورطين معه في القضية.
وقد جاء هذا الإجراء بعد تزايد الشكاوى المقدمة من مجموعة من المتضررين، الذين يشتكون من تأخر تسليم شققهم لأكثر من خمس سنوات، فضلاً عن اتهامات تتعلق بالتحايل والتلاعب بأسماء الشركات المالكة والمشرفة على المشروع.
وجاءت هذه التطورات بعد سلسلة من الاجتماعات التي جمعت بين المتضررين وممثلي السلطات المحلية والشركة المشرفة على المشروع، غير أن مسؤولي الشركة رفضوا تحديد موعد نهائي لتسليم الشقق، متذرعين بمبررات تقنية وإدارية.
هذا التعنت زاد من حدة الاحتقان بين المتضررين، الذين واصلوا تنظيم وقفات احتجاجية أمام مكتب البيع بمراكش للمطالبة بحقوقهم واسترجاع مستحقاتهم المالية.