جمع وتفاوض وتقدم
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
أطياف
صباح محمد الحسن
جمع وتفاوض وتقدم
بتاريخ 30 أغسطس الماضي كتبنا على هذه الزاوية تعليقاً على انطلاق منبر أديس أبابا مبادرة دولة إثيوبيا لوقف الحرب كتبنا نصاً (إن منبر أديس أبابا ليس منبراً مختلفاً، أو واحداً من المنابر المتعددة التي تبحث عن حلول منفردة للأزمة السودانية لكنه منبر سياسي تحضيري يعمل على وضع خارطة الطريق السياسي لمفاوضات منبر جدة، وسيناقش مرحلة ما بعد الحرب سياسياً لعودة الحكم المدني وإزاحة طرفي الصراع عن المشهد السياسي وربما يعمل على عودة حكومة عبد الله حمدوك الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً) جاء ذلك في زاوية بعنوان (الإمارات على الخط).
واليوم يبرز العمق المهم لإثيويبا في كتابة اسمها على صفحات التاريخ وهي تلعب دوراً أساسياً واضحاً في تعبيد طريق المدنية وهي تحتضن أكبر جبهة مدنية لوقف الحرب والعمل على عودة المسار الديمقراطي، خارطة الطريق لسودان جديد، لمع فيها نجم حمدوك وضح ذلك جلياً على مرآة الحراك المدني بأديس أبابا إن كان على منصة الجبهة المدنية العريضة (جمع) أو رئاسته لتنسيقية القوى المدنية (تقدم).
وكشفت الأيام وأكدت أن أديس أبابا هي الأرضية السياسية الصلبة التي تدعم ما يطرح بجدة وكأنما أرادت الوساطة أن تجعل من إثيوبيا منبراً سياسياً منفصلاً ومتصلاً بجدة حتى لا يزج وفد التفاوض العسكري بشقيه نفسه في السياسة من جديد.
لذلك كان واضحاً أن الدعوة التي قدمتها الوساطة لاستئناف التفاوض قصدت فيها إبعاد الملف السياسي ولهذا صرح الجيش وحدد أنه سيناقش الملف الأمني والملف الإنساني فقط.
كما أن الوساطة بهذا التكتيك منعت تطفل الحكومة الكيزانية على الطاولة بصفتها حكومة غير شرعية وغير معترف بها فالملف الأمني والإنساني كلاهما شأن عسكري يخص طرفي الصراع ولا وجود لمقعد ثالث.
هذا الترتيب الجديد على طاولة التفاوض هو عملية تنقية لعملية التمثيل ليكون الوفد بجدة يمثل الجيش وليس الحكومة، فالعمل والإعداد لمرحلة سودان بلا كيزان هو الذي هدد عرش إمبراطورية الفلول بالانهيار ليس هذا وحسب ولكنه حرّم عليها أيضاً أكل فتات المساعدات الإنسانية
فهذه المرة لا مكان لعلي الصادق داخل قاعة التفاوض فحتى حجة الحكومة بأنها الجهة المنوط بها توزيع المساعدات الإنسانية قطعتها الوساطة وقالت إن المنظمات والدول التي ستقدم المساعدات الإنسانية للشعب السوداني هي من تكون مسؤولة عن توزيعها
وهذا ما جعلها تهزأ بالشائعات عن عودة الوفد من جدة وانسحابه وانهيار التفاوض
إذن لطالما أن الملف الأمني وقرار وقف الحرب مسؤولية طرفي الصراع العسكري، والمساعدات الإنسانية مسؤولية المنظمات الدولية، والملف السياسي مسؤولية القوى المدنية، فماذا تبقى للفلول سوى أن تقف خلف هذه الأبواب المغلقة على وجهها نائحة باكية على أطلال الوطن بعد أن دمرته وأحرقته، ومع ذلك لم تحسم معركتها، وأهانت كرامتها المفقودة، ولم تعُد للحكم مرة أخرى، أي خسارة أكبر من هذه، فالغليان دائماً مرحلة تسبق عملية التبخر!!
طيف أخير:#لا_للحرب
معركة نيالا جاءت بتوقيت مختار بعناية تزامنت مع الجلسة الافتتاحية للتفاوض فالمنتصر فيها الآن سيرتفع رصيده التفاوضي على الطاولة، موجع أن يكون ثمن أهدافك يدفعه المواطن دم وروح!!
الجريدة
الوسومأديس أبابا أطياف إثيوبيا الجبهة المدنية الجيش الدعم السريع المنظمات الدولية حكومة الكيزان صباح محمد الحسن عبد الله حمدوك علي الصادق منبر جدةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أديس أبابا أطياف إثيوبيا الجبهة المدنية الجيش الدعم السريع المنظمات الدولية عبد الله حمدوك علي الصادق منبر جدة
إقرأ أيضاً:
داود: التغريب والتغييب سبب إفساد الحياة الفكرية.. وتقدم أمتنا مرهون بإنتاج المعرفة
أكد الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن النشاط العلمي المتواصل داخل الجامعة يعكس دعم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في التصدي للتحديات التي تواجه الأمتين العربية والإسلامية.
جاء ذلك خلال افتتاح فعاليات المؤتمر الدولي السادس لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، تحت عنوان: «التغريب في العلوم العربية والشرعية: المظاهر - الأسباب - سبل المواجهة»، برئاسة الدكتور رمضان حسان، عميد الكلية.
وأشار داود إلى تجربة الدكتور زكي نجيب محمود، الذي تأثر بما شاهده من تقدم الغرب خلال إقامته في أوروبا، فكتب «شروق من الغرب»، قبل أن يعود ويكتشف عظمة التراث العربي والإسلامي، ويُعجب بما يحمله من نبوغ وثراء معرفي.
وأوضح رئيس الجامعة أن هذا التراث يستحق التمسك به والبناء عليه، مستشهدًا بقول الإمام عبد القاهر الجرجاني: «إن لم يكن هذا كدي فهو تعب أبي وجدي». وأضاف أن اختيار الكلية لموضوع المؤتمر يعكس وعيًا فكريًا عميقًا، مشيرًا إلى أن أزمة الفكر تكمن في التغريب والتغييب، اللذين يمثلان وجهين لعملة واحدة.
وشدد داود على أن التغريب هو الانبهار الأعمى بالغرب، الذي أدى إلى تغييب الهوية الثقافية والفكرية عن الأجيال الجديدة، مؤكدًا أن ذلك أفرز عقولًا ضعيفة مشوشة تسعى إلى هدم الثوابت والتراث. كما بيّن أن ما يُروج اليوم من تقدم فكري قائم على هدم التراث هو تراجع حقيقي، مثلما قال الأخفش: «إنهم يتقدمون بالنحو ولكنهم يتقدمون إلى الخلف».
وانتقد داود صعوبة بعض المؤلفات الحديثة التي يدّعي أصحابها التجديد دون إدراك لأساسيات العلم، مشيرًا إلى أهمية العودة للأصالة والربط بين العبادة والفلاح كما يظهر في نداء الأذان.
وأكد أن المواجهة الحقيقية للتغريب تكمن في الجمع بين الثوابت والتجديد، عبر بعث جديد للمعرفة ينبت من جذور التراث، مثل الشجرة التي تمتد فروعها بعمق وجذور قوية.
واستشهد بمقولة: «لا يكون العالم عالمًا حتى يكون له فكر من رأسه، وثمر من غرسه»، وبكلمة الشيخ الشعراوي: «لا تكون الكلمة من الرأس حتى تكون اللقمة من الفأس».
وفي ختام كلمته، شدد داود على ضرورة التحول من استيراد المعرفة إلى إنتاجها، مؤكدًا أن الأمة لن تتقدم إلا إذا امتلكت المعرفة، واستغنت بها عن التبعية، قائلًا إن أغنى الناس من استغنى بنفسه عن الذل للناس.