طه حسين صانع النور.. «الوطن» تحتفي بعميد الأدب العربي في الذكرى الـ50 لرحيله (ملف خاص)
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
بضع سنين رأى فيها الفتى الموجودات المحدودة، فى مسقط رأسه بعزبة الكيلو فى المنيا، قبل أن ينطفئ نور عينيه للأبد، ويضرب القدر من حوله سوراً من العتمة، بضع سنين لم تكن كافية لاكتناز النور، فما بالكم بإشعاله؟! مشوار طويل لم يكن مُعبّداً، خاضه وسار فيه «طه حسين» على الأشواك، ليصل إلى ما وصل إليه من مكانة رفيعة.
«ضوء عينيك أم هما نجمتان.. كلهم لا يرى.. وأنت ترانى.. ضوء عينيك أم حوار المرايا.. أم هما طائران يحترقان.. ارم نظارتيك ما أنت أعمى.. إنما نحن جوقة العميان»، هكذا رثى الشاعر نزار قبانى الدكتور طه حسين بعد وفاته عام 1973.
يأبى «الفتى» الاستسلام لمحبسه، فها هو يلقى السمع إلى المتاح من الحكايات الشعبية والأشعار فى قريته، ويكمل ليله مُؤرقاً بـ«الخيالات» التى لم يُطلع عليها رفاقه فى الكُتاب، قبل أن يلتحق بالأزهر، الذى تضيق نفسه بمحدودية العلوم فيه، فتنصرف ثائرة على جمود الدروس، مدفوعة بحب المغامرة إلى الالتحاق بالجامعة للحصول على علومها، فيكون أول المنتسبين إلى الجامعة الوليدة فى 1908، ثم أول الحاصلين على درجة الدكتوراه منها.
تتوسم فيه الجامعة الجدية، فتبتعثه إلى فرنسا لينهل معارف جديدة من بلاد النور، وهناك يجد ويجتهد فى تحصيل أكبر قدر من العلوم، ويلتقى رفيقة الدرب «سوزان» زوجته فيما بعد، ويستكمل إشباع حاجاته «فحاجة من ذاق المعرفة أشد الحاجات إلحاحاً وأعظمها إغراء بالتزيد منها والإمعان فيها» يحصل طه حسين على الدكتوراه من فرنسا، ليعود بعدها إلى مصر مسلحاً بمنهج علمى للتجديد، ويُعين أستاذاً فى الجامعة المصرية.
يبدأ «العميد» فصلاً جديداً من مسيرته فى الكفاح، ليس مع آفته هذه المرة، وإنما مع آفات المغرضين، إذ تصل الخلافات إلى ذروتها بعد نشر كتابه «فى الشعر الجاهلى» عام 1926، حتى خضع للمحاكمة بسببه، بما طرحه خلاله من منهج، إذ بدأ طه حسين فى إرساء مشروعه الفكرى من دون نفى للقديم، لتبدأ سلسلة من المعارك الفكرية تتوالى فى أعقاب «فى الشعر الجاهلى» وهى المعركة التى لم تحسم إلى يومنا هذا، عايش خلالها الرجل النبيل سنوات من النضال والمعاناة، داخل الجامعة التى أقيل من عمادتها فى 1932، فأطلقت عليه الصحافة عن استحقاق لقب عميد الأدب العربى، دون اعتراض من أحد.
إقالته من الجامعة لم تثنه عن مواصلة نضاله النبيل، لتنتقل المعركة إلى صفحات الصحافة، وينشر العديد من المقالات التى يوضح فيها منهجه التنويرى، قبل أن يعود محمولاً على الأعناق إلى الجامعة حيث مكانه العزيز فى 1934. أدوار متعددة اضطلع بها الدكتور طه حسين فى الجامعة وفى وزارة المعارف، بعد تعيينه وزيراً للمعارف فى 1950، وهى المرحلة التى شهدت تحولات كبرى فى تاريخ هذا البلد، إذ حمل على أكتافه قضية نشر التعليم لعلاج آفة الجهل فى المجتمع، وصك شعاره «التعليم كالماء والهواء» الذى ظل يردده حتى أطلق عليه أصحاب المصالح «وزير الماء والهواء» دون أن يأبه بهم، وبذل فى هذه الفترة جهوداً جليلة لبناء المدارس فى الأقاليم من أجل نشر المعرفة والعلم.
مسيرة كفاح امتدت لـ84 عاماً هى سنين عمر صاحبنا، وبعد نصف قرن على رحيله، ما زالت آثار العميد وإرثه حاضرة فى مختلف جوانب حياتنا، فهو صاحب مشروع فكرى ومنجز حضارى يستعصى على المبصرين.. ولا يسعنا فى هذا اليوم وتلك الذكرى عبر صفحات «الوطن» إلا أن ننحى إجلالاً وتقديراً لصنيع طه حسين، صانع النور، وأحد أنبل من أنجبتهم مصر.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: طه حسين الهجرة الجماعية طه حسین
إقرأ أيضاً:
المجلس العربي للمياه يوقع بروتوكول تعاون مع الجامعة المصرية الصينية
وقع المجلس العربي للمياه، اليوم الثلاثاء، بروتوكول تعاون مع الجامعة المصرية الصينية، لتعزيز التعاون في إدارة المشروعات، وتنظيم الفعاليات المشتركة، ونشر الأبحاث والدراسات، ودعم مهارات الباحثين في مجالات العلوم، والتكنولوجيا، والإبداع، والتطوير، وغيرها.
وصرح الدكتور محمود أبو زيد رئيس المجلس العربي للمياه عقب توقيعه البروتوكول مع الدكتورة رشا الخولي رئيس الجامعة المصرية الصينية والممثل القانوني للجامعة بأن المجلس العربي للمياه يحرص على خلق شراكات فعالة مع مختلف الجهات البحثية والعلمية، وتوحيد الجهود وبناء الجسور للربط بين أهداف التنمية المستدامة، وتشجيع التنسيق بين المشروعات والمبادرات الجارية بغرض تحقيق أعلى فائدة من الأنشطة التعاونية المتكاملة
وقال: إن الاتفاق مع الجامعة المصرية الصينية، يستهدف إنشاء نظم معلومات مائية وشبكات متخصصة والقيام بأبحاث علمية متقدمة ونقل التكنولوجيا الحديثة عبر المنطقة العربية، وبناء القدرات على مستوى الأفراد والمؤسسات، وزيادة الوعي بمشكلات المياه عن طريق تعميق المفاهيم المتعلقة بموارد المياه المشتركة بهدف زيادة التنسيق والتطوير وتبادل الخبرات والدروس المستفادة.
وأضاف أبو زيد أن المجلس يعمل على مواجهة الشح المائي الذي يضرب المنطقة العربية، وذلك من خلال تحسين خدمات المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وتشجيع استخدام الموارد المائية غير التقليدية، والاستثمار في قطاع المياه. لفت إلى تعاون الجانبين في نشر المعرفة وتبادل الخبرات من خلال الشبكات المتخصصة التابعة للمجلس، مثل شبكة الشباب والمرأة، شبكة الأمن المناخي، وشبكة الموارد المائية غير التقليدية، التي تضم مجالات تحلية المياه، وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي، والمياه الجوفية شبه المالحة، وحصاد المياه وغيرها.
من جانبها، رحبت الدكتورة رشا الخولي، رئيسة الجامعة المصرية الصينية، بالتعاون مع المجلس العربي للمياه في المجالات البحثية المتعلقة بالمياه، وتطوير الأبعاد الصحية المختلفة باستخدام الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن الموضوعات المرتبطة بالمياه ذات الاهتمام المشترك. أكدت على تقديم الدعم الفني والخدمات الاستشارية للمجلس في مجالات الدراسات البحثية ذات الاهتمام المشترك على المستويات الوطنية والإقليمية.
أشارت الخولي إلى تنظيم الجامعة لعدد من القوافل والحملات التوعوية الخاصة بالأمراض المنقولة بالمياه، ونشر ثقافة الحفاظ على موارد المياه وترشيد استخدامها من خلال القوافل التي تنظمها الجامعة. كما أكدت على إشراك أساتذة الجامعة المصرية الصينية في المشروعات البحثية والتطبيقية، والحلقات النقاشية، والدورات التدريبية التي ينفذها المجلس العربي للمياه على مختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية. وأوضحت أهمية التعاون لدعم اتخاذ القرار في مصر، بما يشمل استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتعرف على آليات تنفيذ عدد من المشروعات والمبادرات ذات الأولوية للحكومة المصرية لتحقيق التنمية المستدامة.
من جانبه، أعلن الدكتور عابدين صالح، مدير عام الأكاديمية العربية للمياه، أن الأكاديمية ستعمل على تأهيل القيادات والخبراء وصناع القرار والكوادر التنفيذية العليا في القطاعين العام والخاص لمواكبة التطورات التكنولوجية والإدارية العالمية. سيتم توفير برامج تدريب حديثة وورش عمل تفاعلية تستجيب للمتغيرات والتحديات الناشئة في قطاع المياه بهدف تحقيق التنمية المستدامة. كما سيتم تنظيم دورات تدريبية للباحثين وطلاب الماجستير والدكتوراه، وخريجي الجامعات المقبلين على سوق العمل في مجالات المياه والتنمية المستدامة، بالتعاون بين الأكاديمية والجامعة.
وأعلن الدكتور حسين العطفى، الأمين العام للمجلس العربي للمياه، عن تنظيم مسابقات دورية مشتركة بين المجلس والجامعة لتقديم حلول ذكية تتعلق بالمشاكل التنموية التي تواجه مصر، مع تكريم أصحاب أفضل الأفكار، ومنحهم الفرصة لعرضها في مسابقات أو مؤتمرات ينظمها المجلس. كما سيتم مشاركة خبراء من المجلس في لجان تقييم مشروعات التخرج لطلاب السنة النهائية بالجامعة المصرية الصينية حسب قواعد الكليات وموضوعات التخصص، بالإضافة إلى تحديد عدد من المشروعات القومية أو الدولية التي يمكن طرحها ضمن مشروعات الطلاب.
وفي الختام، اقترح الدكتور محمود أبو زيد تنظيم جلسات مشتركة في أسبوع القاهرة للمياه، وكذلك المنتدى العربي السابع للمياه الذي سيعقد في الربع الأول من 2026 بالرياض، في إطار التعاون المستمر بين الجانبين لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
: