[email protected]
من يظن أنه حر في كل ما يريد فعله أو قوله أو حتى التفكير فيه فهو واهم، لا توجد حرية على الإطلاق، فهناك مخزون معرفي وأخلاقي وقيمي وموروثي، وتقاطع من الشبكات الاجتماعية، والجبهات المتصادمة، والعلاقات المتباينة، والخلافات المتنوعة، والمواقف المختزنة، والقناعات المتأصلة؛ ففي كل هذه المناخات؛ وهي حاضرة بقوة في المخزون المعرفي عند كل واحد منا؛ لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتيح هذه التموضعات للفرد حرية مطلقة بنسبة (100%) فهذه العوامل كلها تتداخل لتوجيه البوصلة في لحظة اتخاذ أي قرار، سواء أكان هذا القرار خاصا جدا، أو عاما شاملا، والاستثناء الوحيد في خروج الفرد من هذه المعضلة المتشابكة عندما يكون في غير حالته الطبيعية، حيث يكون «خارج التغطية» إن تصح التسمية، وهي الحالات الثلاث المؤصلة بالنص: «رفع القلم عن ثلاثة؛ عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل»- حسب النص النبوي الشريف؛ على صاحبه الصلاة والسلام.
يقال في المثل: «المرء في المحنة عي» والإعياء هنا ليس الوهن أو الضعف، وإنما قلة الحيلة أو التردد، ويحل هذا الموقف ليس لقلة التجربة في الحياة، حتى يكون الفرد خاليا مصفرا مخزونه المعرفي، ولكن لأن كل هذه المناخات أعلاه تتصارع في لحظة صنع القرار، فلا يستطيع أن يتخذ قرارا يطمئن إليه نفسه، فيقع في حيرة؛ تعجزه عن التصرف السريع، حيث تتوارى سرعة البديهة في حينها حتى يسعفها مسعف، حيث يحتاج إلى دعم ممن حوله، ومن هنا تأتي أهمية أن يستشير أحدنا من يثق به، ويطمئن إليه «ما خاب من استشار»- مع ما في ذلك من خطورة - حيث يستلزم الأمر الانتقاء الشديد لمن يمكن أن يحل ضيفا في هذه الاستشارة؛ ومع ذلك تبقى الاستشارة مرحلة ضرورية لوقف حالة التردد، والاقتراب كثيرا من لحظة صنع قرار جيد، فتعدد الرؤى، وبيان جوانب الضعف والقوة للمواقف، يعطي الطرف الباحث عن رؤية سليمة لصنع قراره مساحة أفقية مهمة، حيث تتضح الرؤية أكثر وأكثر، ويضيف عليها هو أيضا من مخزونه المعرفي «البعد الرأسي» ليصل إلى قناعة أقرب إلى الاطمئنان.
(أية بوصلة توجهنا؟) في ظل هذا التزاحم من الشبكات والجبهات والعلاقات والخلافات، لا شك أن البوصلة التي نعنيها تحتاج إلى كثير من التحديد، والتحديد ليس أمرا يسيرا، ولا متاحا في أية لحظة نريد، وحتى أولئك الذين خبرتهم الحياة، وعصرتهم المواقف، وتأصلت فيهم القناعات لن يكونوا في مأمن من تعذر بوصلة الأمان، وتقاس هذه المسألة بمدى الوصول إلى قرار سليم، أو موقف تطمئن إليه الناس، أو قناعة من شأنها أن تخفف من وطأة التردد التي عادة ما تنتابنا في لحظة صنع قرار ما، ويحدث هذا ليس فقط في القرارات المصيرية، بل حتى في القرارات البسيطة، والتي قد يراها الآخر المراقب للموقف أن الحل بسيط، وأنه في متناول اليد، ولذلك عندما تهدأ النفس، وتتقارب المكونات الشعورية المستنفرة أثناء الحديث، نجد أنفسنا أننا بسطاء إلى حد الجهل، وقد تنتابنا حالة هيستريه من الضحك، وقد نتساءل؛ أيعقل أن نكون نحن في الموقف ذاته؛ نحن الذين نصول ونجول وننظر للآخرين حيث نقف عاجزين؟ لذلك من الشطط وقلة الحكمة أن يتخذ الواحد منا قرارا ما، بصورة ارتجالية مباشرة، اعتمادا على سرعة بديهيته، فقد تفقدنا البديهية في كثير من الأحيان التفاصيل الصغيرة، التي غالبا ما تكون تكلفتها ثقيلة، وبالتالي: فهل هناك بوصلة أمان جاهزة لتوجيهنا؟ لا أعتقد.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
«لا ينظرون إليه كما ينبغي».. صلاح يواجه أزمة كبيرة في تجديد عقده مع ليفربول
كشفت تقارير صحفية عالمية اليوم، أن هناك أزمة كبرى بشأن تجديد عقد محمد صلاح مع فريقه الإنجليزي محمد صلاح.
صلاح الذي يرتبط بعقد مع نادي ليفربول حتى 30 يونيو 2025، يمكنه أن يوقع لأي فريق في العالم، بعد أسبوع واحد، حيث يدخل الفترة الحرة.
ووفقا لصحيفة "ميرور" البريطانية، اليوم، فإن نادي ليفربول بالفعل دخل في مفاوضات مع وكيل محمد صلاح، رامي عباس، من أجل تجديد عقد نجمهم الأول.
الصحيفة أشارت إلى أن هناك أزمة كبيرة تقف في طريق تجديد عقد محمد صلاح، حيث لم يتمكن من التوصل إلى حل وسط بشأن الراتب، والمشكلة الثانية مدة العقد.
وتابعت الصحيفة: "صلاح بكل تأكيد يرى أنه الأفضل في الدوري الإنجليزي في الوقت الراهن، وهو يبحث عن مكانة كبيرة تبرهن على ذلك".
وواصلت: "ليفربول يريد أن يجدد عقد صلاح لمدة عام واحد فقط، خوفًا من تعرضه لإصابات أو تراجع مستواه، وهو ما يجعل الأمر صعبًا للطرفين".