بوابة الوفد:
2024-11-20@01:13:10 GMT

سقطة الغرب وحضارته الغاربة..

تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT

منذ كتب الفيلسوف الألمانى أوزوالد اشبنجلر عام 1918م كتابه الشهير «تدهور الحضارة الغربية» أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى وتنبأ فيه بانهيار الحضارة الغربية وهى تواصل بالفعل سقوطها شيئاً فشيئاً، وتتحول من حضارة معرفة وعلم إلى مدنية تركز على التطورات المادية والتقنية وخاصة فى مجال اختراع المزيد من الأسلحة الفتاكة وابتداع كل الوسائل المادية التى تمكنهم من السيطرة ليس فقط على الطبيعة بل أيضاً السيطرة على البشر ! وقد شاركه هذه النبوءة مواطنه البرت اشفيتسر( + 1965) فى كتابه «فلسفة الحضارة» حيث قال نصاً: أن الحضارة التى لا تنمو فيها إلا النواحى المادية دون أن يواكب ذلك نمو متكافئ فى ميدان الروح هى أشبه ما تكون بسفينة اختلت قيادتها ومضت بسرعة متزايدة نحو الكارثة التى ستقضى عليها.

وقد أوضح أن التقدم الصناعى والتجارة العالمية هما اللذان أديا إلى وقوع الحرب العالمية الأولى، كما أن الاختراعات التى وضعت فى أيدينا قوة تدمير هائلة وسمحت لنا بالقتل من مسافات بعيدة والقضاء على أكبر عدد من الناس جعلتنا ننزل إلى الدرك الأسفل من الإنسانية وصرنا إرادة عمياء تستخدم تلك الأسلحة! 

والسؤال هو: أليس ما نراه الآن من التأييد الغربى الكاسح لآلة الحرب الإسرائيلية تحت دعوى أن لها حق الدفاع عن نفسها ضد من اغتصبت أرضهم وشردتهم ولم تتوقف يوماً عن ترويعهم وتجويعهم والتنكيل بهم فى السجون والمعتقلات، أقول أليس هذا أكبر دليل على غياب الرؤية الأخلاقية للغرب، وعلى درجة الوحشية واللاإنسانية التى وصل إليها الغربيون الآن!! إنهم لم يعودوا يرون شيئاً من الحقيقة، اللهم إلا التى تتوافق بل تتطابق مع رؤيتهم التمييزية العنصرية اللأخلاقية!!

إن هذا العماء الإنسانى الذى أصاب زعماء الدول الغربية والغالبية الغالبة من شعوبهم لدرجة أنهم لم يعودوا يهتزون وترتعد ضمائرهم مما تفعله إسرائيل من قصف متواصل للبشر والحجر فى غزة وحصار أهلها بلا ماء ولا كهرباء ولا وقود وقتل مرضاهم داخل المستشفيات! إنهم لم يعودوا قادرين على معرفة وتمييز الفرق بين المعتدى والمعتدى عليه فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى لدرجة تصديقهم على طول الخط لكل ما تعلنه إسرائيل وهى الكيان المغتصب للحق والأرض الذى زرعوه بأنفسهم عمداً على الأرض الفلسطينية إن ذلك انما يؤشر بوضوح شديد على أن الغربيين وحضارتهم المزعومة قد تعرت حتى من ورقة التوت التى كانت تدارى عورتها! 

وأعتقد أنه من الآن فصاعداً لن يصدق أحد فى العالم الواعى كل مزاعمهم عن حقوق الإنسان واحترام الحريات، لن يصدق أحد مزاعمهم عن أنهم حراس وحماة الحريات وحقوق الإنسان فى العالم!

لقد كتبت عقب الحرب الأمريكية على العراق كتابى «حقوق الإنسان المعاصر بين الخطاب النظرى والواقع العملى» وأوضحت فيه بجلاء ان حقوق الإنسان التى نص عليها الاعلان العالمى لحقوق الإنسان وملاحقه تنتهك كل يوم ممن يدعون أنهم حراسها وحماتها وكشفت عن أننا نعيش بالفعل عصر «الأضداد العشرة» بمعنى أن كل حق مما نتشدق به نظرياً يتم انتهاكه فى الممارسة العملية فى الواقع! وكان ملحق الصور الذى وضعته فى نهاية الكتاب هو الدليل العملى الدامغ على صحة التحليل النظرى! وهاهى الممارسات الحالية لإسرائيل ومؤيديها تعيد تأكيد ما قلته فى ذلك الكتاب وتكشف عن مدى وحشيتهم ووحشية من يدعمونهم بالمال والسلاح ويقفون معهم بلا كلل ولا ملل ولا وعى بأنهم إنما يدعمون ارهاب دولة وجيشها المدجج بكل أنواع الأسلحة الفتاكة ضد شعب أعزل يدافع عن أرضه وعرضه وكل ما يطمح إليه هو حق الحياة والتحرر من الاحتلال! 

والسؤال الحقيقى عندى الآن هو: إلى متى سيظل الوعى العربى يتوهم أن الغرب لا يزال هو مصدر الحضارة والتحضر وأن كل ما يأتينا منه هو التطور الصحيح الذى ينبغى علينا اللحاق به وتقليده!! أما آن لنا أن نفيق من غفلتنا ونشفى من وهم التقليد الأعمى للغرب الذى يعيش آخر سنوات سطوته وهيمنته ويقود العالم الآن إلى الهاوية معصوب العينين؟!!

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نحو المستقبل الحرب العالمية

إقرأ أيضاً:

وكيل الأزهر: فلسفة القرآن لا مكان فيها لعلاقات الصراع والقتال مع المسالمين

قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن قضية الدعوة الإسلامية يجب أن يحمل علماء الأمة جميعا همومها، وأن يتكاتفوا حولها؛ فما تواجهه الدعوة الإسلامية يدعونا إلى إجراء دراسة متأنية لمستقبلها في ظل ما تواجهه الأمة من تحديات

وأضاف: “ولعل الحوار الحضاري الذي يعني في مجمله عملية تبادل الأفكار والقيم والمعارف بين الحضارات والشعوب المختلفة، بهدف تحقيق التفاهم المتبادل والتعايش السلمي، أعمق من مجرد نقاش، فهو بناء لجسور التواصل بين الثقافات، والعمل على إيجاد أرضية مشتركة تجمع بين البشرية كلها”.

وأوضح وكيل الازهر خلال المؤتمر الدولي الرابع لكلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة، والذي جاء بالتعاون مع مجمع البحوث الإسلامية، تحت عنوان: «الدعوة الإسلامية والحوار الحضاري رؤية واقعية استشرافية»، أن حوار الحضارات تمس فيه مجالات علمية كثيرة، المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، كما يتداخل فيه البعد المحلي والدولي، والقديم والحديث؛ ومن ثم فإن طرح «الحوار الحضاري» كموضوع للمناقشة ينبغي أن يكون طرحا شموليا، يعكس الترابط بين الحقول المعرفية المختلفة، والتي يظن البعض أنها منعزلة أو مستقلة، إضافة إلى ضرورة فهم أن الحضارة الإنسانية من إنتاج كل البشر، على تفاوت في أنصبة إسهامات الشعوب والأمم في بنائها، على عكس ما يراد من تقزيم البعض وتضخيم البعض الآخر لاعتبارات أيديولوجية أو سياسية تختبئ وراء شعارات علمية.

ولفت إلى أنه من الواجب أن يتجاوز المؤتمر التنظير للحوار الحضاري من ناحية المفهوم وتاريخ نشأته ومن تكلم عنه من العلماء والمفكرين إلى وضع مسارات عملية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية حقيقية تقرب بني الإنسان، وتجمعهم على أصول حقيقية لا تنكر، مبينا أن الحضارات في ذاتها لا تحاور، ولا تحاور، وإنما الذي يحاور هو الإنسان، هو الذي يرسل ويتلقى، ويسأل ويسأل، ويوافق ويعارض، ونقل هذه المعاني من الإنسان إلى الحضارة يسمونه «أنسنة الحضارة»؛ بمعنى إضفاء الصفات البشرية على الحضارة.

وبيّن فضيلته أن المثاقفة فعل بشري، يجري بين بني الإنسان، تنتقل فيه عادات وتقاليد، وأنماط ثقافية، واتجاهات فكرية، وليس لدى بني الإنسان فرصة الاختيار في هذه المثاقفة؛ خاصة أن العالم الآن أصبح قرية صغيرة، وأصبح الناس أشبه بسكان عمارة واحدة، وربما يجعلهم المستقبل وما يحمله سكان شقة واحدة، إذا طرقها طارق سمع صوته جميع من فيها، إلا من اختار أن ينعزل، فحوار بني الإنسان اليوم أكثر سهولة ويسرا من أي وقت مضى، وتكفي ضغطة أو لمسة من أصغر الأنامل ليكون الإنسان في الصين أو في الهند أو في أميركا، يطالع المكتبات العالمية ويشارك في الفعاليات الثقافية المختلفة، ولكن العجيب حقا أن ترى بني الإنسان مع هذه الفرصة الكبيرة كلما ازدادوا قدرة على التواصل ازدادوا عصبية وانعزالا، وازدادت الفوارق بينهم!

وتساءل وكيل الأزهر عن موقف الهويات من هذا الحوار الذي يديره الآن طرف يملك من مقومات الحياة شيئا ما، ويتغافل هذا الطرف عمدا عن حقيقة الحضارة، ومقوماتها، وأنها كما تحتاج إلى المادة فإنها تحتاج إلى الروح، وكما تثق في المحسوس فإنها لا تستغني عن المعنى! وهل يقتضي الحوار الحضاري منا ونحن نملك تاريخا ثريا، وعلوما أضافت إلى الحياة ما أضافت مما كتب عنه المسلمون والعرب والأعاجم، ومنه كتاب: «أثر العرب في الحضارة الأوربية» للكاتب المفكر عباس محمود العقاد، ومنه كتاب: «شمس العرب تسطع على أوربا» للمستشرقة زيجريد هونكه، وغير ذلك؛ هل يقتضي هذا أن نعيد النظر في موقفنا الحضاري؟ وأن نكون فاعلين في إدارة حوار حضاري لا يتغافل عمدا عن ديننا وقيمنا وعلومنا وتراثنا وهويتنا؟ وهل المثاقفة الحضارية الموجودة الآن -والتي تدار وفق أيديولوجية خاصة- هل تستدعي القلق والخوف على شبابنا وهم أمل أمتنا؟

وأكد الدكتور الضويني أن هذا المؤتمر ليس تثقيفا باهتا، ولا فلسفة مغرقة في التنظير، ولكنه يضع أيدينا على آلام وآمال ينبغي أن تكون نصب أعيننا، ويكشف -إن أمعنا النظر- عن المعوقات الحقيقية التي تحول دون الأمة ودون العطاء الحضاري لها، والذي ينطلق من خيريتها التي منحها لها رب العالمين، مبينا أن بعض الأمم والشعوب يراد لها بإجراءات تربوية وثقافية واقتصادية وسياسية؛ أن تكون تابعة أبدا، ومؤدلجة أبدا، ومغلوبة أبدا، ومنهوبة أبدا؟!

واختتم وكيل الأزهر كلمته بتوجيه خمس رسائل حول أهمية دور الحوار الحضاري وهي:

الرسالة الأولى: إن وحي السماء ما نزل إلا ليرسم للإنسان طريق السعادة في الدنيا والآخرة، ويعلمه قيم الرحمة والحق والخير، ويحفظ دمه وماله وعرضه؛ وبأنوار هذا الوحي تستطيع البشرية أن تنهض من كبوة العنصرية وسفك الدماء وقتل الإنسان، ويصان إنسان غزة كما يصان أي إنسان على ظهر الأرض.

الرسالة الثانية: إن فلسفة القرآن الكريم لا مكان فيها لعلاقات الصراع والقتال مع المسالمين؛ ولذا فإن لفظ «السلام» ومشتقاته يملأ جنبات القرآن في آياته وسوره، حتى أصبح الإسلام والسلام وجهين لعملة واحدة إن صح هذا التعبير، ويكفي للتدليل العاجل على هذا أن نقارن بين كلمتي السلام والحرب في القرآن؛ لندرك شيوع السلام في أوامر الإسلام، وأن مبدأ «السلام» أصل في معاملة المسلمين وعلاقاتهم مع الكون من حولهم بكل ما فيه من موجودات، وبهذا تفتضح اتهامات المدلسين ممن لا يتوانون عن ظلم الإسلام وأهله لأدنى شائبة!

الرسالة الثالثة: إن الحوار الحضاري بين بني الإنسان ضرورة يقتضيها التنوع والاختلاف في الألسنة والألوان، والثقافات والعلوم، وإنما يكون الحوار بين بني الإنسان فيما اتفقوا عليه من مشتركات، وما أكثرها بينهم! ولا يتصور أن يؤدي التنوع إلى شر وكراهية وتهميش وإقصاء، كما يدعي بنو صهيون!

الرسالة الرابعة: إن الواجب علينا أن نعيد قراءة ذواتنا، ونفهم طبيعة أمتنا، وندرك الرسالة التي أخرجت بها الأمة للناس؛ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله، وتملك أسباب الدنيا وتنير طريق الآخرة.

الرسالة الخامسة: إن أمتنا وأوطاننا أمانة في أعناقنا يجب أن نحافظ عليها –أفرادا ومؤسسات، وشعوبا وحكومات- وبكل ما أوتينا من قوة وأدوات وفكر.

مقالات مشابهة

  • عبقرية سعد!!
  • عبقرية صلاح جاهين
  • سموتريتش: "لا أخشى من تولي إسرائيل حكم غزة مؤقتا" وغانتس يشترط ضمان حرية التحرك بأي اتفاق مع لبنان
  • سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (3)
  • الترند.. و"حرمة البيوت"
  • سيادة القانون
  • وكيل الأزهر: أمتنا وأوطاننا أمانة في أعناقنا
  • وكيل الأزهر يوجه 5 رسائل حول أهمية دور الحوار الحضاري بمؤتمر كلية الدعوة
  • وكيل الأزهر: فلسفة القرآن لا مكان فيها لعلاقات الصراع والقتال مع المسالمين
  •  أشرف غريب يكتب: «عاش هنا» ذاكرة البشر والأثر