كانت صيحة طه حسين عن (مستقبل الثقافة فى مصر) فى أربعينيات القرن الماضى صيحة مدوية أيقظت من نعاس، وحركت من سكون، وهنا انطلق من هذا التمهيد إلى التأمل فى واقعنا الثقافى الحافل المتمثل فى تعدد روافد الثقافة وأوعيتها بين الوزارة المختصة بالثقافى؛ وزارة الثقافة بتعدد منابرها، إلى جانب قنوات ثقافية أخرى عديدة موازية لها كتكاملة معها تنوعت بين:
الجامعات، والمعاهد العليا، وأكاديمية البحث العلمى، والمركز القومى للبحوث، ووزارة التربية، ووزارة الشباب والرياضة، وقسم العلاقات الثقافية بوزارة الخارجية، والشئون المعنوية بالقوات المسلحة، والثقافة العمالية.
يقف هذا التحدى أمام ما يتعرض له العالم، ومصر جزء منه، من تحديات عالمية جسام كالغزو والاختراق الثقافيين، ومحاولة تجريف الثقافة التراثية، فيما يشبه الحرب الثقافية، التى استبدلت بالسيف القلم، والتى تجلت بعد اندلاع حرب الخليج 1990، ثم ما تلاها من سقوط بغداد للمرة الثانية، وتداعيات الغزو فى سوريا، وليبيا، واليمن، ومن قبلهم انفصال جنوبى السودان، ثم ماهو فيه الآن من تشرذم وتناحر، ومن تمزقه داخليا.
وقد فصلت كتب أوروبية عديدة شهيرة أبعاد المخطط، ومنها:
(الحرب الثقافية)، و(الحرب الباردة الثقافية)، و(أوروبا والتحدى الثقافى)، وظهور الطبعة البريطانية من الكتاب الفاضح الكاشف للمستور(من الذى دفع للزمار؟)، طموحاً إلى بلوغ ما سمى القرن الأمريكى، فى ظل العولمة، ومحاولة طمس، أوضياع الهوية المحلية والقومية والدينية، مع غياب التخطيط الثقافى، لنجد أنفسنا، وقد أصبحنا بين رحى دعوات استعمارية جديدة، بلسان جديد، وآليات حديثة، استمراراً، وتطويراً لما عرفه تاريخنا من التبشير، والجمعيات لا السرية، والاستعمار، والاستيطان الصهيونى...من مثل ما عرف من دعوات فى نهاية القرن الماضى مثـل: نهاية التاريخ وخاتم البشر لفوكوياما انتصاراً للنموذج الغربى، وصراع الحضارات أو صدامها، وإعادة صنع النظام العالمى لهنتنجتون 1993، وكتاب «وسط المؤمنين، وما بعد الإيمان» لنايبول 1998، وغيرها مما حدث منذ تمت صياغة حكاية 11من سبتمبر 2001 فى أبراج نيويورك الشهيرة؛ تمهيداً لفتح باب الذرائع والمبررات للإرهاب وللبطش والتدمير ومسخ الهوية بلا حدود أو قيود.
فى خضم تلك الدوامات، أو الأعاصير، ننظر للخطاب الثقافى المتنوع من داخل منابر وزارة الثقافة المتعددة، ومنها:
المجلس الأعلى للثقافة- هيئة قصور الثقافة- مركز الإبداعـ الهيئة العامة للكتاب- دار الكتب والوثائق القومية- المركز القومى لثقافة الطفل- الإعلام الثقافى الداخلى والخارجى الذى يستند- أساسا- إلى محتواه المتمثل فى المادة الثقافية، والفكرية فى وعاء الثقافة النابع من الوزارة المختصة؛ وزارة الثقافة، ننظر فنتساءل عن مدى أهمية وجود تخطيط تكاملى تفاعلى فيما بين ناتج تلك المنابر أو النوافذ أو الروافد، من ذلك على سبيل المثال:
8ــ ازدواجية النشر وطباعة الكتب:
فى الوقت الذى يعانى فيه المجتمع من أزمة الكتاب الورقى ومنافسة الكتاب الرقمى، نجد المفارقات التالية فى مجال النشر بين:
النشر فى المجلس الأعلى للثقافة يتنوع فى مجالات عديدة منها:
مشروع الألف كتاب- المشروع القومى للترجمة- مكتبة الأسرة- نشر الهيئة العامة للكتاب بسلاسلها المتعددة، أو فى النشر العام، وهو مهمتها الأساسية- نشر دار الكتب والوثائق القومية من كتب تراثية، أوغير تراثية.
وتتعاظم أهميته مع تفاقم أزمة النشر الآن لأسباب عديدة، ومع تحديات الكتاب الرقمى، ومع ضيق فرص النشر أمام الواعدين من الشباب، وضيق فرص النشر أمامهم، والتى هى بمثابة المتنفس الوحيد أمامهم، والدافع لإبداعم ونشاطهم، ولا يفوتنا- هنا- التنويه بنافذة الكتاب الأول)، وما شابهها، وهو أمر لا يقتصر على المجلس الأعلى للثقافة فحسب. بل يضيف إلى إسهامه إسهامات الهيئة العامة للكتاب، وإسهام اتحاد كتاب ممصر. لا فى النشر- فحسب- بل فى المجالات المتعددة كالجوائز واللجان والندوات والورشات، وما إليها.
عضو المجمع العلمى المصرى، وأستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عصرنا لغتنا العربية جذور هويتنا القرن الماضي وزارة الثقافة وزارة الثقافة
إقرأ أيضاً:
إحالة 14من أرباب العهد في الثقافة إلى نيابة الأموال العامة
وأكد الوزير اليافعي أن هذا يأتي ضمن الإجراءات القانونية الخاصة بمكافحة الفساد والحفاظ على المال العام.
وأشار إلى عدم التسامح مع أي فساد أو خلل مهما كان .. لافتاً إلى أن ذلك يترجم موجهات قائد الثورة والمجلس السياسي الأعلى وحكومة التغيير والبناء.
سبأ