هل قوانين الحرب مخصصة للصغار!
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
انتهكت إسرائيل العديد من قوانين الحرب. وتبدأ هذه الجرائم باستخدام العقوبات الجماعية ضد سكان غزة. ويبدو أن أحد جوانب هذه العقوبة هو نمط القصف الإسرائيلى على غزة.
ولا يبدو أن العديد من المبانى التى تم قصفها، بما فى ذلك العديد من المدارس والمرافق الصحية، يمكن اعتبارها أهدافاً عسكرية، على الرغم من الادعاءات الإسرائيلية بأن حماس تستخدم الناس كدروع بشرية.
إسرائيل أطلقت قذائف الفسفور الأبيض على غزة ولبنان أثناء هجومها المضاد، هذا يعتبر سلاحاً عشوائياً مدمراً، وقد يشكل استخدامه فى مثل هذه الحالات انتهاكاً لاتفاقية الأسلحة الكيميائية.
إن إسرائيل فعلت فى غزة تأثير أكثر فتكاً، مما فعلته القوات الأمريكية خلال حرب العراق الثانية، خلال هجوم تعامل مع المدينة بأكملها على أنها منطقة قتال، ما تسبب فى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين. ومن ذلك يبدو أن قوانين الحرب مخصصة للصغار.
تضع إسرائيل نفسها الآن فى مرمى انتهاكها اتفاقية الإبادة الجماعية. مدفوعة بنية الإبادة الجماعية، وينبغى محاكمة أى من الأشخاص المسئولين عن تلك الجرائم بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. لقد أكدت كل الحكومات منذ ما يقرب من 4000 سنة، على أنه إذا كان لا بد من خوض الحروب، فيجب أن تكون هناك قواعد. أول قانون معروف، وضعه الملك البابلى حمورابى، وضع المبدأ الذى استندت إليه جميع قوانين الحرب اللاحقة: «منع القوى من قمع الضعيف». . منذ البداية، كانت مثل هذه القوانين بمثابة عدالة المنتصرين، التى تم فرضها من قبل القوى المهيمنة ولكن ليس ضدها. ولكن هذا لا يجعلها عديمة القيمة ولا يشير إلى أننا لا ينبغى لنا أن نحاول مساءلة الحكومات القوية.
لا توجد مجموعة من الجرائم تبرر مجموعة أخرى. لا توجد أعذار فى الحرب أو فى الأخلاق لجرائم ضد الإنسانية. لا يوجد أبداً سبب قانونى لمهاجمة شخص ما بسبب جرائم شخص آخر، أو للخلط بين شعب وحكومته أو مع القوات المسلحة التى تدعى الدفاع عنه، على أى من جانبى أى صراع.
إن الدول الأقوى عادة ما ترفض الخضوع لسيادة القانون. السؤال الآن لماذا نذكر جرائم الحرب، مع العلم أن التهمة من غير المرجح أن يتم تطبيقها ضد الجناة الأقوياء؟ لماذا لا نقبل أن الحرب والفظائع لا يمكن فصلهما؟ لأنه على هذه القوانين تتدلى جوانب إنسانيتنا. فإذا استسلمنا للسخرية، وإذا استثنينا نفاق القوى المهيمنة، وإذا لم نتمكن من المطالبة بعالم أفضل والأمل فيه، فإننا نقبل الافتراض القائل إن القوة هى الحق، وأن الأقوياء قد يعاملون الضعفاء كيفما شاءوا. ونحن نتقبل أن الفظائع التى يرتكبها أحد الجانبين سوف تستخدم لتبرير الفظائع التى يرتكبها الطرف الآخر، فى دائرة لا تنتهى من الانتقام والمذابح. ومن خلال القيام بذلك، فإننا نخلق عالماً لا يمكن للإنسانية أن تعيش فيه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصطفى محمود هل قوانين الحرب المباني سكان غزة قوانین الحرب
إقرأ أيضاً:
أوروبا في مواجهة ترامب جحيم نووي.. رؤية الرئيس الأمريكي الاستعمارية تجعل مشاهد أفلام الحرب حقيقة واقعة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يحلم ترامب بإمبراطورية ماجا، لكنه على الأرجح سيترك لنا جحيمًا نوويًا، ويمكن للإمبريالية الجديدة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن تجعل العالم المروع الذى صوره صانعو أفلام الحرب الباردة حقيقة.. هكذا بدأ ألكسندر هيرست تحليله الشامل حول رؤية ترامب.
فى سعيه إلى الهيمنة العالمية، أصبحت رؤية ترامب لأمريكا الإمبريالية أكثر وضوحًا. ومع استعانة الإدارة الحالية بشكل كبير بدليل استبدادى وإظهار عداء متزايد تجاه الحلفاء السابقين، أصبحت خطط ترامب للتوسع الجيوسياسى واضحة. تصور الخرائط المتداولة بين أنصار ترامب، والمعروفة باسم "مجال الماجا"، استراتيجية جريئة لإعادة تشكيل العالم. كشف خطاب ترامب أن أمريكا الإمبريالية عازمة على ضم الأراضى المجاورة، بما فى ذلك كندا وجرينلاند وقناة بنما، مما يعكس طموحه المستمر لتعزيز السلطة على نصف الكرة الغربى.
تعكس هذه الرؤية لعبة الطاولة "المخاطرة" فى طموحاتها، مع فكرة السيطرة على أمريكا الشمالية فى قلب الأهداف الجيوسياسية لترامب. ومع ذلك، فإن هذه النظرة العالمية تضع الاتحاد الأوروبى أيضًا كهدف أساسى للعداء. إن ازدراء ترامب للتعددية وسيادة القانون والضوابط الحكومية على السلطة يشير إلى عصر من الهيمنة الأمريكية غير المقيدة، وهو العصر الذى قد تكون له عواقب عميقة وكارثية على الأمن العالمى.
مخاطر منتظرةمع دفع ترامب إلى الأمام بهذه الطموحات الإمبريالية، يلوح شبح الصراع النووى فى الأفق. لقد شهدت فترة الحرب الباردة العديد من الحوادث التى كادت تؤدى إلى كارثة، مع حوادث مثل أزمة الصواريخ الكوبية فى عام ١٩٦٢ والإنذار النووى السوفيتى فى عام ١٩٨٣ الذى كاد يدفع العالم إلى الكارثة. واليوم، قد تؤدى تحولات السياسة الخارجية لترامب، وخاصة سحب الدعم الأمريكى من الاتفاقيات العالمية وموقفه من أوكرانيا، إلى إبطال عقود من جهود منع الانتشار النووى.
مع تحالف الولايات المتحدة بشكل متزايد مع روسيا، يصبح خطر سباق التسلح النووى الجديد أكثر واقعية. الواقع أن دولًا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وكندا، التى اعتمدت تاريخيًا على الضمانات الأمنية الأمريكية، قد تشعر قريبًا بالحاجة إلى السعى إلى امتلاك ترساناتها النووية الخاصة. وفى الوقت نفسه، قد تؤدى دول مثل إيران إلى إشعال سباق تسلح أوسع نطاقًا فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط، إذا تجاوزت العتبة النووية.
رد أوروبابدأ الزعماء الأوروبيون، وخاصة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى الاعتراف بمخاطر عالم قد لا تكون فيه الولايات المتحدة حليفًا موثوقًا به. وأكدت تعليقات ماكرون الأخيرة على الحاجة إلى استعداد أوروبا لمستقبل قد لا تتمسك فيه الولايات المتحدة بضماناتها الأمنية، وخاصة فى ضوء سياسات ترامب الأخيرة. فتحت فرنسا، الدولة الوحيدة فى الاتحاد الأوروبى التى تمتلك أسلحة نووية، الباب أمام توسيع رادعها النووى فى مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبى. ومع ذلك، يظل السؤال مطروحًا: حتى لو مدت فرنسا قدراتها النووية إلى أعضاء آخرين فى الاتحاد الأوروبى، فهل سيكون ذلك كافيًا لحماية أوروبا من التهديدات الوشيكة التى تشكلها كل من روسيا والدول المسلحة نوويًا الأخرى؟
إن التوترات المتصاعدة بين حلف شمال الأطلسى وروسيا بشأن غزو أوكرانيا والتهديدات النووية الروسية المتكررة تؤكد على الحاجة الملحة إلى أوروبا فى سعيها إلى رادع أكثر استقلالية وقوة. وإذا لم تتمكن أوروبا من الاعتماد على الولايات المتحدة، فقد تحتاج فى نهاية المطاف إلى إنشاء آلية دفاع نووى خاصة بها.
عالم منقسمقد تكون تداعيات رؤية ترامب كارثية. فمع إعادة تسليح العالم بسرعة، ترتفع مخزونات الدفاع، ويرتفع الإنفاق العسكرى إلى مستويات غير مسبوقة. ويتم توجيه الموارد التى ينبغى استثمارها فى الرعاية الصحية والتعليم وحماية البيئة واستكشاف الفضاء بدلًا من ذلك إلى ميزانيات الدفاع. وإذا سُمح لسياسات ترامب بالاستمرار، فقد تؤدى إلى عالم حيث تصبح الحرب حتمية، أو على الأقل، حيث يتحول توازن القوى العالمى بشكل كبير. مع ارتفاع الإنفاق الدفاعى العالمى، هناك إدراك قاتم بأن البشرية تتراجع إلى نظام عالمى خطير ومتقلب، حيث يتم التركيز بدلًا من ذلك على العسكرة والصراع.
ضرورة التأملويمضى ألكسندر هيرست قائلًا: فى مواجهة هذه التحولات الجيوسياسية، أجد نفسى أفكر فى التباين بين العالم الذى حلمت به ذات يوم والعالم الذى يتكشف أمامنا. عندما كنت طفلًا، كنت أحلم بالذهاب إلى الفضاء، ورؤية الأرض من مدارها. اليوم، أود أن أستبدل هذا الحلم بالأمل فى أن يضطر أصحاب السلطة إلى النظر إلى الكوكب الذى يهددونه من الأعلى. ولعل رؤية الأرض من الفضاء، كما ذكر العديد من رواد الفضاء، تقدم لهم منظورًا متواضعًا، قد يغير وجهات نظرهم الضيقة المهووسة بالسلطة.
إن رواية سامانثا هارفى "أوربيتال" التى تدور أحداثها حول رواد الفضاء، تلخص هذه الفكرة بشكل مؤثر: "بعض المعادن تفصلنا عن الفراغ؛ الموت قريب للغاية. الحياة فى كل مكان، فى كل مكان". يبدو أن هذا الدرس المتعلق بالترابط والاعتراف بالجمال الهش للحياة على الأرض قد ضاع على أولئك الذين يمسكون الآن بزمام السلطة. وقد يعتمد مستقبل كوكبنا على ما إذا كان هؤلاء القادة سيتعلمون يومًا ما النظر إلى ما هو أبعد من طموحاتهم الإمبراطورية والاعتراف بقيمة العالم الذى نتقاسمه جميعًا.
*الجارديان