ما يقال عند احتضار المسلم .. 3 أمور غير تلقين الشهادة
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
هل هناك شيء خاص يقال عند احتضار المسلم غير تلقين الشهادة؟ سؤال أجابته دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي، مؤكدة أنه يستحب الدعاء للميت وذكر الله وقراءة القرآن عنده.
ما يقال عند احتضار المسلمواستدلت على ذلك بما ورد من أحاديث نبوية شريفة وآثار عن السلف الصالح باستحباب قراءة سور يس، والرعد، والبقرة، وغيرها، وقد عقد لذلك الحافظ السيوطي في كتابه "شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور" بابًا في "مَا يَقُوله الْإِنْسَان فِي مرض الْمَوْت وَمَا يقْرَأ عِنْده وَمَا يُقَال إِذا احْتضرَ وتلقينه وَمَا يُقَال إِذا مَاتَ وغمض عَيناهُ".
قالت دار الإفتاء إن الموت في اللغة: ضد الحياة، يقال: مَاتَ يَمُوتُ فهو مَيْتٌ ومَيِّتٌ ضد حي. [القاموس المحيط 1/ 160، مادة: موت، ط. مؤسسة الرسالة].
والموت في الاصطلاح: مفارقة الروح للجسد [المجموع شرح المهذب 5/ 105، ط. دار الفكر]، يقول أبو حامد الغزالي: "ومعنى مفارقتها للجسد: انقطاع تصرفها عن الجسد بخروج الجسد عن طاعتها". [إحياء علوم الدين 4/ 477، ط. مصطفى الحلبي].
والمتوفِّي على الحقيقة هو الله -سبحانه وتعالى- قال الله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ﴾ [يونس: 104]، ويقول تعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ﴾ [النحل: 70]، فأسند التوفِّي إليه سبحانه، ثم خلق الله ملك الموت وجعله الملك الموكل بقبض الأرواح، يقول الله تعالى: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ [السجدة: 11]، وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن أبي شيبة، وأبو الشيخ عن مجاهد قال: "ما على ظهر الأرض من بيت شعر ولا مدر إلا وملك الموت يطوف به كل يوم مرتين".
وبينت: خلق الله أعوانًا لملك الموت يقول تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام: 61]، ويقول تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾ [محمد: 27]، ويقول تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ﴾ [الأنعام: 93]، وأخرج عبد الرزاق، وأحمد في "الزهد"، وابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ في "العظمة"، وأبو نعيم في "الحلية" عن مجاهد قال: "جعلت الأرض لملك الموت مثل الطست يتناول من حيث شاء، وجعل له أعوان يتوفون الأنفس ثم يقبضها منهم"، وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس: "أنه سئل عن ملك الموت: هل هو وحده الذي يقبض الأرواح? قال: هو الذي يلي أمر الأرواح، وله أعوان على ذلك، غير أن ملك الموت هو الرئيس، وكل خطوة منه من المشرق إلى المغرب"، وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في "التفسير" عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ [الأنعام: 61]، قال: "أعوان مَلَكِ الموت من الملائكة"، وأخرج عَبْدُ بن حُمَيْدٍ، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في التفسير عن إبراهيم النخعي في قوله تعالى: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ [الأنعام: 61]، قال: "الملائكة تقبض الأنفس، ثم يقبضها منهم ملك الموت بعد"، وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ في "العظمة" عن قتادة في قوله تعالى: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ [الأنعام: 61]، قال: "إن ملك الموت له رسل فيلي بعضها الرسل ثم يدفعونها إلى ملك الموت"، وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال: "إن الملائكة الذين يقرنون بالناس هم الذين يتوفونهم ويكتبون لهم آجالهم، فإذا توفوا النفس دفعوها إلى ملك الموت وهو كالعاقب -يعني العشار- الذي يؤدي إليه من تحته".
فضل الموت في سبيل الله .. اِعرف مكانة الشهيد وخصائصه دعاء لأبي المتوفى يوم الجمعة.. من أفضل الصدقات يقدمها الحي للميتقال الإمام الطبري في تفسيره لقوله تعالى: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾: "فإن قال قائل: أو ليس الذي يقبض الأرواح ملك الموت، فكيف قيل: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾، "والرسل" جملة وهو واحد؟ أو ليس قد قال: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ [السجدة: 11]؟ قيل: جائز أن يكون الله -تعالى ذكرُه- أعان ملك الموت بأعوان من عنده، فيتولون ذلك بأمر ملك الموت، فيكون التوفي مضافًا، وإن كان ذلك من فعل أعوان ملك الموت إلى ملك الموت؛ إذ كان فعلُهم ما فعلوا من ذلك بأمره، كما يضاف قتلُ مَن قتلَ أعوانُ السلطان وجلدُ من جلدوه بأمر السلطان إلى السلطان، وإن لم يكن السلطان باشر ذلك بنفسه، ولا وليه بيده، وقد تأول ذلك كذلك جماعة من أهل التأويل كابن عباس، وقتادة، ومجاهد، والربيع بن أنس". [جامع البيان في تأويل القرآن 9/ 290، ط. هجر بتصرف].
قال القرطبي: "قوله تعالى: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ المراد: أعوان ملك الموت، قاله ابن عباس وغيره. ويروى أنهم يَسُلُّون الروح من الجسد حتى إذا كان عند قبضها قبضها ملك الموت. وقال الكلبي: يقبض ملك الموت الروح من الجسد ثم يسلمها إلى ملائكة الرحمة إن كان مؤمنا أو إلى ملائكة العذاب إن كان كافرا. والتوفي تارة يضاف إلى ملك الموت، كما قال: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ [السجدة: 11]، وتارة إلى الملائكة لأنهم يتولون ذلك، كما في هذه الآية وغيرها. وتارة إلى الله وهو المتوفي على الحقيقة، كما قال: ﴿اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾ [الزُّمر: 42]، ﴿قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ [الجاثية: 26]، فكل مأمور من الملائكة فإنما يفعل ما أمر به". [تفسير القرطبي 7/ 7، ط. دار الكتب المصرية].
قال الرازي في مفاتيح الغيب: "قال الله تعالى: ﴿اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾ [الزُّمر: 42] وقال: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾ [الملك: 2]، فهذان النصان يدلان على أن توفي الأرواح ليس إلا من الله تعالى. ثم قال: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ المَوْتِ﴾ [السجدة: 11]، وهذا يقتضي أن الوفاة لا تحصل إلا من ملك الموت. ثم قال في هذه الآية: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ فهذه النصوص الثلاثة كالمتناقضة، والجواب: أن التوفي في الحقيقة يحصل بقدرة الله تعالى، وهو في عالم الظاهر مفوض إلى ملك الموت، وهو الرئيس المطلق في هذا الباب، وله أعوان وخدم وأنصار، فحسنت إضافة التوفي إلى هذه الثلاثة بحسب الاعتبارات الثلاثة. والله أعلم". [مفاتيح الغيب للرازي 13/ 15، ط. دار إحياء التراث العربي].
وشددت بناءً عليه: فإن ملك الموت موكَّل بقبض الأرواح وله أعوان كما سبق بيانه، فلا يصعب حينئذ تصور قبضه لأرواح متعددة في زمن واحد بواسطة أولئك الأعوان من الملائكة. والله تعالى أعلم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: احتضار الدعاء للميت ذكر الله قراءة القران الله تعالى قوله تعالى ابن أبی ال م و ت أعوان م ک الموت ل الله
إقرأ أيضاً:
حكم صيام السابع والعشرين من رجب .. ليلة الإسراء والمعراج
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم صيام يوم السابع والعشرين من شهر رجب؟ فإني اعتدتُ صيامه كل عام؛ تعبيرًا مني عن الفرح بما أنعم الله به على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الليلة المباركة.
وأجابت دار الإفتاء عن السؤال بأن صيامُ يوم السابع والعشرين من شهر رجب فرحًا بما أنعم الله تعالى به على نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في هذا اليوم المبارك هو من الأمور المستحبة المندوب إليها والمرغَّب في الإتيان بها وتعظيم شأنها؛ وقد تواردت نصوص جماعة من الفقهاء على ذلك.
صيام السابع والعشرين من رجبمِن المقرر شرعًا أنَّ "الأمر المطلق يقتضي عموم الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال"؛ فالأمر فيه واسعٌ، وإذا شرع الله سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق وكان يحتمل في فعله وإيقاعه أكثرَ مِن وجهٍ؛ فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته، ولا يصح تقييده بوجهٍ دون وجهٍ إلَّا بدليل، وإلا كان ذلك هو الابتداع في الدين بتضييق ما وسَّعه اللهُ تعالى ورسولُهُ صلى الله عليه وآله وسلم.
ليلة الإسراء والمعراج .. دعاء جوامع الخير والبركات ردّده الآنهل يوجد صيام في ليلة الإسراء والمعراج؟ .. تعرف على نصائح العلماءكما حثنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الصيام في الأشهر الحرم، ورجب منها بالاتفاق؛ فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ» رواه الإمام أبو داود في "سننه".
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 423-424، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(وأفضل الأشهر للصوم) بعد رمضان: الأشهر (الحرم)؛ ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب؛ لخبر أبي داود وغيره: «صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ»، وإنَّما أمر المخاطب بالترك: لأنَّه كان يشق عليه إكثار الصوم؛ كما جاء التصريح به في الخبر، أمَّا مَن لا يشق عليه: فصوم جميعها له فضيلة] اهـ.
وصيامُ يوم السابع والعشرين من رجب فرحًا بما أنعم الله تعالى به على نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في هذا اليوم المبارك؛ باعتباره اليوم الذي كان صبيحة ليلة الإسراء والمعراج وفق المشهور لا مانع منه شرعًا؛ حيث ورد الأمر الشرعي بالتذكير بأيَّام الله تعالى في قوله سبحانه: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: 5]، ومِن أيَّام الله تعالى: الوقائع العظيمة التي مَنَّ الله فيها على عباده بتفريجِ كُربةٍ أو تأييدٍ بنصرٍ أو نحوهما، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه؛ شكرًا لله تعالى وفرحًا واحتفاءً واحتفالًا بنجاة أخيه سيدنا موسى عليه السلام.
وأمثل ما ورد في خصوص الحَثِّ على صيام يوم السابع والعشرين من رجب والترغيب فيه: ما أخرجه الحافظ أبو موسى المديني في "فضائل الليالي والأيام" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ صَامَ يَومَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ كَتَبَ اللهُ لَهُ صِيَامَ سِتِّينَ شَهْرًا». وذكره أيضًا ابنُ أخي مِيمي الدقاق [ت: 390هـ] في "فوائده" (ص: 217، ط. دار أضواء السلف)، والخطيبُ البغدادي في "تاريخ بغداد" (9/ 221، ط. دار الغرب الإسلامي).
فضل الصياموللصوم من الفضائل والأجر ما لا يحصيه إلا الله سبحانه وتعالى، ولذلك أضافه الله عزَّ وجلَّ إليه دون غيره من العبادات؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» متفقٌ عليه.
وذلك لأن الصوم مع كونه من أعظم العبادات في ديننا الحنيف إلا أنه لا يطلع عليه أحد من غير إخبار إلا الله عزَّ وجلَّ.
قال العلامة ابن علان الشافعي في "دليل الفالحين" (7/ 23، ط. دار المعرفة): [«كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ» قال الخطابي: أي: له فيه حظ ومدخل، وذلك لاطلاع الناس عليه، فهو يتعجل به ثوابًا من الناس، ويحوز به حظًّا من الدنيا؛ جاهًا وتعظيمًا ونحوهما، «ِإلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي» أي: خالصٌ لي لا يطَّلع عليه أحدٌ غيري، ولا حَظَّ فيه للنفس، وفيه كسرها، وتعريض البدن للنقص والصبر على حراقة العطش ومضض الجوع. وقال الخطابي: معناه: الصوم عبادةٌ خالصةٌ لا يستولي عليها الرياء والسمعة؛ لأنه عملُ بِرٍّ لا يطَّلع عليه إلا الله] اهـ.