«على حافة الانهيار» يجسد آفة الإنكار.. و«أنا وجهي» امرأة تعيش صراعها مع الماضي الأليم
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
أيام «مهرجان الدن الدولي» تطوي صفحاتها يوما بعد آخر، مقتربة من حفل الختام الذي سيكون الثلاثاء القادم، والذي سيخبئ في طياته نتائج المهرجان وسط ترقب الجميع في انتظار اللحظة الحاسمة، وبعد أربعة أيام من بداية العروض، شهد اليوم الرابع مساء أمس تقديم عرضين مسرحيين، وسط أجواء ماطرة أضفت على المهرجان نسمات باردة وقطرات منعشة، إضافة إلى عدد من الورش والحلقات والزيارات الميدانية لضيوف المهرجان.
«على حافة الانهيار»
العرض الأول ضمن عروض مسرح الشارع، كان «على حافة الانهيار» من تقديم فرقة الوحدة المسرحية الأهلية بسلطنة عمان، وقد أداها الممثلون وسط أجواء ماطرة تذبذبت فيها الآراء بين تأجيل العرض أو بقائه، إلا أنه كما يقال «المسرح لا يوقفه شيء» فترجحت كفة إقامة العرض، تناولت المسرحية التي ألفها وأخرجها علي بن صالح العلوي آفة النكران، النكران المجتمعي، والنكران المؤسسي، والنكران الأسري، يعيش فيه بطل العرض بصراع داخلي يمنحه القوة الظاهرية والانكسار الداخلي، يخرج من صمته ومن جدران بيته ويأوي إلى الشارع، يلجأ إلى المشروبات المحرمة، ورغم يقينه بآثامه التي يصنعها لنفسه إلا أنه يجد في ذلك وسيلة للنسيان، إلا أنه دون وعي لا يتحكم بما يجب قوله، فيسرد من حكاياته الكثير للتخفيف عن ألمه، 30 عاما قضاها يعمل في شقاء وتعب ليكبر أطفاله ويوفر لهم سبل الراحة، فدرسوا وكبروا وقد حملهم على كفوف الراحة، وبعد مضي تلك السنين تفرق الأبناء بعيدا عنه، أحدهم في وظيفته المرموقة دون سؤاله عن حاجة أبيه، والبنت تزوجت من ذاك الغني وعاشت حياتها معه دون اكتراث بوالدها ولا حتى سؤال عنه، يعيش البطل في صراع الذكريات، النكران يلاحقه من كل صوب، فلم تكرمه جهة عمله التي عمل فيها بإخلاص، ولا المجتمع يكترث لحاله فقد وجده مدمنا على الكحوليات فأصبح منبوذا، فأين المجتمع المصلح؟ وأين الأبناء الأوفياء؟ وأين جهة العمل المقدرة؟ كل تلك الأشياء استقلت بذاتها واكتفت بنفسها عن هموم الآخرين، يلجأ البطل إلى الشارع، إلى الحرية، إلى الفضاء المفتوح الذي يتنفس فيه الصعداء، والأجواء الماطرة هي التي أضفت عليه نوعا من الحنان السماوي، نسمات الهواء الباردة تحاول إطفاء ناره، وهناك في الفضاء المفتوح، التقى بطل العمل بعدد من الأشخاص، كل يحاول سرد مأساته، وفي الوقت ذاته يحاول تهوين مصيبة غيره، وكأنه اعتراف مجتمعي بأنه لن يشعر بالألم أحد إلا أنت، إلا صاحب المشكلة نفسها، وأنك مهما بلغت مصيبتك فإنها بعينك أعظم مشكلة، وما إن عظمت مشكلة الآخرين فإنها بعينك صغيرة ولها حل.
تميز العمل بخلوه من الإضافة، فهل كان ذلك تفاديا للأخطار الناتجة عن الأمطار، أم كان ذلك مقصودا لإضفاء نوع من الواقعية على العمل، إذ سردت الحكاية في ليل كئيب؟ كما تم توظيف الأجواء الماطرة في العمل في استغلال لعامل التأثير الطبيعي، ويبقى للجنة التحكيم رأيها الذي سيعلن في ختام المهرجان.
أدى العمل المسرحي الفنانون عبدالله الكاسبي وعلي العلوي وحميد الساعدي وعبدالله العلوي وحمد العلوي، واستمر العمل حوالي 30 دقيقة بعدها توجه الجمهور إلى العرض التالي، في مدرجات مسرح الكبار.
«أنا وجهي»
العرض الثاني مساء أمس كان من جمهورية العراق، ضمن عروض مسرح الكبار، وسرد العمل المسرحي «أنا وجهي» حكاية امرأة عاشت الكثير من الآلام، امرأة تنسى نفسها من تكون؟ وماذا تريد؟ وماذا كانت تعمل؟ تتساءل هل هي شريرة متورطة في الدماء، أم هي طيبة حنونة القلب؟ تسأل نفسها «من أنا؟»، ولكنها تعجز عن الإجابة، تسترسل بالحديث دون وعي، وترِد بين كلماتها كلمة «القتل»، فتصمت فجأة ثم تتساءل بهدوء «هل قُلتُ قتل!؟»، لكنها تستأنف الحديث مرة أخرى، فتكرر الأمر مرة أخرى لتسقط من حديثها كلمة «قتل»، فتعاود الصمت والتفكر، وتسأل «من أنا؟!»، المشاهد الأولى من العمل بدأت بتساؤلات مبهمة عديدة دون إجابة، لتنحل العقدة مع تسلسل الأحداث وتتضح الإجابة أكثر وأكثر.
جسد العمل 3 فنانات عراقيات، جسدت جميعها امرأة واحدة، في شبابها، وكهولتها، وشيخوختها، لتحاور نفسها في المشاهد مع تعاقب الأجيال، فهي المرأة التي بدأت شبابها بقسوة وألم، تعيش لإرضاء الآخرين، وتعمل في شتى الأعمال لتكسب رزقها، تبتسم رغم الألم، تصنع الأقنعة قناعا بعد قناع، قناع في حالة الحزن لترتديه وهي غير حزينة، وقناع للفرح لترتديه وهي في قمة بؤسها، قناع للابتسامة رغم العبوس، وقناع ثم قناع ثم قناع حتى لم تعد تعرف وجهها الحقيقي، أقنعة لازمتها منذ شبابها حتى كهولتها، فتقف متسمرة أمام المرآة، تضحك قليلا «هذا وجهي الحقيقي» ثم تنتبه إلى خطوط التجاعيد في وجهها، فتصرخ أين أنا؟ ومن أين تلك الخطوط؟ ولكن الصراخ جاء بعد فوات الأوان، بعد أن كانت الأقنعة هي وجهها طيلة الفترة الماضية، تحاور نفسها الشابة والكبيرة، تقف في المنتصف بين الماضي والمستقبل، فهي الطيبة فعلا والشريرة فعلا، وهي الحنونة والقاسية، وهي الصغيرة والكبيرة، تكون هي ذاتها المتناقضة، لأنها الحياة التي تصنع تلك الشخصيات في تارة، وتصنع نقيضها في تارة أخرى للشخص ذاته، الحياة جعلتها تقسو أحيانا، ثم تحن أحيانا أخرى، الحياة جعلتها تنكسر بموت والديها وأخيها، ثم تجعلها قوية في مواقف أخرى، هي الحياة التي تمضي بنا بين شر وخير وبين فرح وبؤس، وتمضي بنا نحو الكهولة والشيخوخة، العمر الذي يمضي لن يعود، هنا تنتبه أنها تعيش، وهذا يكفي لتشرق بها الحياة رغم ما مر بها من ألم، فتنطلق نحو الحياة بردائها الأبيض المشرق بعد أن كانت مكتفية بالسواد.
استمر العمل، الذي قدمته فرقة المسرح القومي بجمهورية العراق، لحوالي ساعة كاملة في مشهد متواصل عكس لياقة عالية للممثلات، وهن الفنانة سمر محمد بشخصية الشيخوخة المقعدة على الكرسي، والفنانة الدكتورة شذى سالم بشخصية المرأة الكهلة، والفنانة شيماء جعفر، وتم توظيف تقنيات الإضاءة في العمل بصورة كبيرة، معتمدين على إضاءة تنبعث من داخل المسرح، وإضاءات إسقاطات بقع الضوء، إضافة إلى «البروجكتر» حيث أغنى عن تبديل الديكور وصنع بعدا إلى العمل، كما تم توظيف المشاهد التمثيلية المصورة في العمل، خاصة في المشهد الأخير، حيث تم تصوير النقلة الفكرة بحياة البطلة من البؤس إلى النور وهي تتمشى في شوارع العراق وأبرز معالم العاصمة بغداد.
عروض متواصلة
واستمرت عروض مهرجان الدن الدولي، ففي فئة مسرح الأطفال قدمت فرقة «الزرقاء المسرحية» من المملكة الأردنية الهاشمية العرض المسرحي «الأمنيات الذهبية»، وفي فئة مسرح الشارع قدمت «الشراع المسرحية» من سلطنة عمان عرضها المسرحي «متاجا»، وفي فئة مسرح الكبار قدمت فرقة «المسرح القومي» من جمهورية العراق العرض المسرحي «خلاف»، أما اليوم السبت فإن جمهور المهرجان على موعد مع ثلاث مسرحيات، مسرحية الأطفال «الأرانب» من تقديم شركة «ترند آرت برودكشن للإنتاج الفني» من دولة الكويت في تمام الساعة الخامسة عصرا، ومسرحية الشارع «لمن؟» من تقديم الجامعة الألمانية بسلطنة عمان في تمام الساعة 7 مساء، وأخيرا عرض مسرح الكبار «نقيق» من تقديم فرقة المسرح القومي بالجمهورية العربية السورية وذلك في تمام الساعة الثامنة مساء. جدير بالذكر أن كافة العروض المسرحية في مهرجان الدن تقام في الجمعية العمانية للسيارات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: من تقدیم
إقرأ أيضاً:
امرأة تتقدم بشكوى ضد رجل مزق حجابها في فرنسا
قالت صحيفة لوباريزيان إن امرأة تبلغ من العمر 26 عاما تقدمت بشكوى تتعلق بأفعال وقعت بعد يوم واحد من المسيرة المناهضة للعنصرية وكراهية الإسلام في ساحة الجمهورية في باريس.
وأوضحت الصحيفة أن الضحية -حسب مجلس المؤسسات الإسلامية في إيفلين- "كانت برفقة طفلها البالغ من العمر عاما واحدا وتم سكب سائل عليهما"، وقد قالت في شكواها إنها كانت عائدة من فرانبري حوالي الساعة الرابعة والنصف مساء، عندما تعرضت للتحرش، و"جاء شخص خلفي بسرعة ومزق حجابي وهو يصرخ في وجهي".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2في عملية جريئة عام 1975 نُقل آلاف الأطفال جوا من حرب فيتنام.. فماذا حل بهم؟list 2 of 2بوريل: إسرائيل تُعد لأكبرِ عملية تطهير منذ الحرب العالميةend of listوأكدت المحافظة أن "أجهزة الشرطة على أهبة الاستعداد للعثور على مرتكبي هذه الأفعال"، وتحدث محافظ إيفلين فريديريك روز الذي "يدين بشدة هذا العمل العنيف"، بشأن هذا الموضوع، مع وزير الداخلية برونو ريتايو المتهم بالتأخر في التصرف بعد مقتل أحد المصلين في مسجد في غارد.
والتقي محافظ إيفلين بممثلي مجلس المؤسسات الإسلامية في إيفلين، لمناقشة القضايا الأمنية التي تهم أبناء هذا الدين، حيث يأتي الهجوم في اليوم التالي للمسيرة "ضد الإسلاموفوبيا" التي تم تنظيمها بعد اغتيال أبو بكر سيسيه يوم الجمعة في مسجد لا غراند كومب.
وكتبت صحيفة مجلس المؤسسات الإسلامية في إيفلين "لقد اكتشف الشعب الفرنسي بأكمله بدهشة المدى الذي يمكن أن يؤدي إليه هذا المناخ السائد"، وشكر المجلس السلطات في الوزارة على "استجابتها" و"مراعاة كل فعل أو كلمة معادية للإسلام"، وذكرت بالشراكة المستمرة مع الحكومة، وأشادت بأهميتها.
إعلان هجوم على قيمنامن جانبها، أعربت ساندراين دوس سانتوس رئيسة بلدية بواسي عن "غضبها البالغ، وتضامنها العميق مع الفتاة بيسياكيز التي كانت ضحية لهجوم معاد للإسلام في بلدتنا بواسي، بينما كان معها طفل في عربة الأطفال".
وأشارت المسؤولة المنتخبة إلى أنها استقبلت ممثلين عن المسلمين في مدينتها، وكتبت "لا مكان لأي شكل من أشكال الكراهية أو العنصرية أو رفض الآخرين. هذا العمل الدنيء اعتداء على قيمنا وإنسانيتنا المشتركة وواجبنا في الحماية، بغض النظر عن الدين أو الأصل أو الوضع".
وأعرب عضو البرلمان عن الدائرة كارل أوليف، من حزب "النهضة"، عن غضبه الشديد، وقال "أقدم دعمي الكامل للأصدقاء المسلمين في مدينتنا والمنطقة"، وأشار إلى أنه يجب التحقيق سريعا في مثل هذه الأفعال غير المقبولة ومعاقبة مرتكبيها بشدة، وعلق النائب البرلماني عن منطقة إيفلين أوريليان روسو، قائلا "جميع مواطنينا، مهما كانت معتقداتهم الدينية، لهم الحق في الأمن والحماية من قبل الأمة".
وذكرت الصحيفة أن 79 عملا معاديا للمسلمين تم تسجيلها بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2025، أي أكثر بنسبة 72% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وقالت وزارة الداخلية إن "هذه الزيادة هي نتيجة العمل الذي يتم بناؤه تدريجيا مع جمعية الدفاع ضد التمييز والأعمال المعادية للمسلمين، وعمل الشرطة، مما يسمح بتحديد أفضل للأعمال المعادية للمسلمين ويشجع الضحايا على تقديم الشكاوى".