قصص مؤلمة.. دفن أسر بأكملها في مقابر جماعية بقطاع غزة
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
في مشهد مؤلم، اضطر إبراهيم لحام، لأن يكدس جثث 17 فردا من عائلته في شاحنة صغيرة، بعد أن قتلوا في غارة إسرائيلية على قطاع غزة، وذلك بغية دفنهم على عجل في إحدى المقابر الجماعية، دون أن يتمكن من تكريمهم بـ"جنازات لائقة"، على حد قوله لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
وأوضح إبراهيم أنه وأقاربه وجيرانه "لم يتمكنوا من إقامة صلاة الجنازة على أرواح ضحايا عائلته في المسجد"، كما هي العادة في الأحوال الطبيعية، لافتا إلى أن "رهطا قليلا صلى عليهم عند مشرحة مستشفى ناصر، قبل نقلهم إلى المقبرة لدفنهم".
وتابع لحام بأسى: "ما زلنا في حالة صدمة، إذ أننا لم نتمكن من وداعهم بشكل لائق، ولم نستطع أن نضع شواهد على قبورهم أو ترك أكاليل من الورود.. لقد حرمنا، نحن آل لحام، من تلك الطقوس".
ولا تعد حالة هذا الرجل شاذة عن القياس، فمنذ أن بدأت إسرائيل بشن غارات مكثفة على قطاع غزة، ردا على هجمات حماس غير المسبوقة في السابع من أكتوبر، قضت أسر بأكملها دون أن يتمكن من بقي على قيد الحياة من القيام بشعائر الدفن وطقوس العزاء المناسبة.
وفي 7 أكتوبر، شنت حركة حماس هجمات على إسرائيل، تضمنت تسلّل المئات من مسلحيها إلى بلدات غلاف غزة، وإطلاق آلاف الصواريخ، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص، معظمهم من المدنيين، من بينهم نساء وأطفال، بحسب السلطات الإسرائيلية.
وردت إسرائيل على الهجمات، بقصف مكثف على غزة تسبب بمقتل أكثر من 7000 فلسطيني، معظمهم من المدنيين، ومن بينهم نساء وأطفال، بحسب آخر حصيلة للسلطات الصحية في القطاع الفلسطيني.
ودعت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة، إلى "سرعة دفن" ضحايا القصف الإسرائيلي، وأذنت بدفنهم في مقابر جماعية بسبب "الأعداد الكبيرة "من القتلى "وقلة المساحة المتاحة"، بحسب بيان صادر عنها.
وبدأ أفراد بعض العائلات في ارتداء "أساور التعريف"، أو كتابة الأسماء على أذرع أطفالهم، لزيادة فرص التعرف عليهم في حالة موتهم جراء الغارات والقصف، وفق "فاينانشال تايمز".
وقالت منظمة إنقاذ الطفولة، وهي منظمة خيرية دولية، هذا الأسبوع إن "2000 طفل قتلوا في القصف على غزة، مع فقدان أكثر من 800 آخرين، يخشى أن يكونوا محاصرين تحت أنقاض المباني المنهارة".
"لن يقصفونا"
وكانت عائلة لحام تعيش في 8 منازل متجاورة في منطقة المواصي بغزة، بالقرب من مدينة خان يونس، وعندما تم قصف منزل مجاور، اتخذ إبراهيم وأحد إخوته قرارًا بإخلاء منزليهما، لكن آخرين في العائلة رفضوا ذلك.
ويتذكر لحام تفاصيل حديثه مع أفراد عائلته الذين بقوا في بيوتهم، موضحا أنهم قالوا: "نحن مدنيون ولن يقصفونا".
وأردف: "بعد ساعة من مغادرتنا، سويت جميع المنازل بالأرض، وقُتل الجميع باستثناء 3 أشخاص.. ولا يزال هناك صبي، يبلغ من العمر 11 عاماً، مفقوداً تحت الأنقاض".
وأصبحت مشاهد العائلات المكلومة التي تبحث عن أحبائها في المرافق الطبية المكتظة أمرًا شائعًا. ففي مستشفى ناصر، الذي يقترب من نقطة الانهيار، تتراكم جثث القتلى في المشرحة.
وفي أحد الأيام، تجمع عشرات الثكالى على الجانب الآخر من الباب المعدني المغلق للمشرحة، حيث كانت شابة تصرخ بحزن: "دعوني أدخل، أريد أن أقول لهم وداعا".
وقال رجل آخر وهو يبكي: "هيا، أخرجوهم بسرعة لندفنهم".
"زرني في المنام"
وفي مكان قريب، تم وضع المزيد من الجثث ملفوفة بأكفان بيضاء على الأرض في موقف سيارات المستشفى، حيث وقفت مجموعة من الرجال خلفها لأداء صلاة الجنازة.
كما تواجدت أم أحمد الزناتي في المستشفى لتوديع نجلها هشام وطفليه، الذين قضوا في خان يونس.
وكانت الأم الثكلى تردد بأسى: "حبيبي هشام.. هل تسمعني؟.. زرني في منامي وأحلامي، لأني سأشتاق لك كثيرا".
أما المراهقة ديما المداني (18 عاماً)، فلا تزال تحاول أن تتأقلم مع مقتل أكثر من 20 فرداً من عائلتها، الذين قضوا في قصف إسرائيلي قبل أسبوع.
وكان شقيقها واثنين من أبناء عمومتها الذين تقل أعمارهم عن 10 سنوات، هم الناجون الوحيدون، وفق الصحيفة.
وكان والدها قد نزح مع أسرتها من مدينة غزة إلى منزل عمتها في خان يونس، بعد أن أمرت إسرائيل نحو 1.1 مليون مدني في المناطق الشمالية من القطاع بالتوجه جنوبا، نحو "الأماكن الآمنة"، "حفاظا على سلامتهم".
وكانت المداني تشرب القهوة رفقة عمتها وشقيقها صباح 17 أكتوبر، عندما تعرض المنزل للقصف.
وعندما فتحت عينيها وجدت نفسها مستلقية على سطح مبنى مجاور، مضيفة: "كنت أسمع صراخ إخوتي وأطفال عمتي"، وذلك قبل أن تفقد وعيها مرة أخرى، حيث استيقظت في المستشفى بينما كان الأطباء يخيطون الجروح في رأسها.
وقالت المداني: "بعد أن انتهوا من مداواة جروحي، ركضت في أرجاء المستشفى مثل المجنونة أبحث عن أفراد عائلتي".
وأضافت والذكريات الأليمة تتراقص أمام عينيها: "لقد كانت أفظع صدمة في حياتي بعد أن وجدت جثثهم في المشرحة، وسط كومة من الأشلاء".
وتابعت، تغالب دموعها: "كنت أرغب في إقامة جنازة كبيرة لعائلتي.. لكن لا نملك سوى أن نرضى بقضاء الله، بيد أنني لن أغفر أو أسامح".
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
الذين ستعيدهم واشنطن إلى الأردن
الذين ستعيدهم #واشنطن إلى #الأردن _ #ماهر_أبو طير
لا يوجد لدي رقم دقيق حول عدد الأردنيين الذين حصلوا على تأشيرات إلى الولايات المتحدة الأميركية خلال آخر عقدين، مثلا، وما أنواع التأشيرات؟ وكم عاد منهم إلى الأردن بعد انتهاء سبب الزيارة. وكم بقي فيها. بزواج، أو مخالف للقوانين.
موسم الهجرة إلى الولايات المتحدة ليس جديدا، فهو يعبر عن أزمة اقتصادية طاحنة دفعت الأردنيين إلى الحصول على التأشيرة وبعضهم لم يعد، وأجبرت آخرين على سلوك طريق طويل إلى المكسيك، أو عبر دول ثانية للوصول إلى الولايات المتحدة بحثا عن عمل، ودفع كل واحد من هؤلاء عشرات آلاف الدولارات للوصول، وهو أمر تكرر بشكل ثان، مع تأشيرات الدخول لبريطانيا، والتي تراجعت لندن عن منحها لاحقا، وألغت الممنوحة بسبب مخالفات الإقامة المعروفة.
يوم أمس تعلن الولايات المتحدة نيتها ترحيل أكثر من مليون ونصف المليون من جنسيات مختلفة بما فيها الأردن، وأنه سيتم ترحيل 1660 شخصا من الرقم المعلن، وهناك جنسيات عربية مختلفة حتى كأن جامعة الدول العربية تتمثل في أرقام المهاجرين غير الشرعيين، والأمر يمتد إلى دول في أميركا الجنوبية، وربما بقية دول آسيا مثل إيران، والهند وباكستان، قي سياق سياسة أميركية جديدة، بالتخلص مما تراه تجاوزا على اقتصاد أميركا، ومصالحها، وهي سياسة أعلن الرئيس الحالي نيته تطبيقها، ولا يتراجع عنها للدرجة التي فرض معها عقوبات على كولومبيا حين حاولت إرجاع طائرة محملة بمواطنيها العائدين.
مقالات ذات صلة الحل الوحيد 2025/02/08خروج الأردنيين يعبر عن أزمة اقتصادية واجتماعية، وبسبب الاختلالات في حياتنا هنا، لأن الفرص منعدمة، والبلد يفيض بعشرات الجنسيات المختلفة التي تعمل، وتؤثر على الاقتصاد، وإذا كانت الجهات الرسمية تدرك أن بيننا أكثر من أربعين جنسية مصنفة لاجئة، إلا أن سياسات العمل والتشغيل المتراكمة أدت إلى هذا الحال، حيث لا تتوفر الفرص، وإذا توفرت فهي منخفضة الأجور لا يقبلها الأردني، فهي لا تأتيه مصروف يومه، ولا تساعده على الإنفاق على أهله مثلا، أو الاستعداد للزواج، بما ترك أثرا اجتماعيا حادا، على مؤسسة الزواج، وأدى أيضا إلى تفشي الشعور باليأس والاختناق وسط إقليم مهدد ليل نهار بالحروب والكوارث، وكلما انطفأت جمرة، اشتعل مقابلها حريق، في كل موقع ومكان.
هناك تغيرات مقبلة، لأن مواصلة واشنطن ترحيل الجنسيات المخالفة سيؤدي إلى ارتداد في الدول الأصلية، من حيث عودة هؤلاء، وهي أعداد كبيرة، وربما سنسمع بعد قليل عن مداهمات للبيوت في الولايات المتحدة، وملاحقات أمنية لبعض الذي سيحاولون التهرب من الملاحقة الأميركية، التي قد تتحول إلى إجراءات أمنية صعبة في مرحلة ما.
مصلحة الأردن هنا، أن يسعى لدى واشنطن لإيجاد حل لهؤلاء بدلا من ترحيلهم، عبر السماح بتصويب أوضاعهم، إذا قبلت واشنطن ذلك أصلا، وإلا لا بد من حل أردني لاسترداد هؤلاء وغيرهم بطريقة تحفظ كرامتهم، عبر مبادرة رسمية للترتيب لعودتهم إلى بلادهم، وهي مبادرة يمكن إطلاقها دون أن يبدو الأردن طرفا في الترحيل، أو كأنه يريد استعادة مواطنيه رغما عنهم، مع الإشارة هنا إلى أن أحد عوامل دعم الأردن، فتح بوابات العمل والتأشيرات للأردنيين إلى دول مختلفة، بما يعود بالنفع عليهم، وعائلاتهم، لكن السياسة الأميركية انقلبت في ليلة، وتتجه نحو نقطة جديدة قد لا يقبلها الأميركيون ذاتهم الذين يشغلون عشرات الجنسيات بأجور منخفضة، وسيجدون أنفسهم أمام إعادة هيكلة لرواتب موظفيهم الجدد من غير المخالفين، بما يصب بإعادة تموضع الاقتصاد الأميركي على المستوى الداخلي وعبر مسرب العلاقات الدولية.
في كل الأحوال الرقم الذي تعلنه واشنطن أي أكثر من مليون ونصف مليون مخالف سيتم ترحيلهم رقم مرعب، يدل على أن مشاكل جنوب الكرة الأرضية انتقلت إلى الشمال، ويؤشر على أن التطاحن الاقتصادي سترتفع حدته بوسائل سياسية خلاف الفترة المقبلة، على مستوى الأفراد والدول والشركات، في سياقات جديدة لا يعرف أحد نهاياتها.
الغد