منذ طوفان الأقصى.. إسرائيل تحتجز آلاف العمال من غزة كرهائن
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
القدس المحتلة- لا تقتصر جرائم الاحتلال الإسرائيلي على قصف قطاع غزة فقط، حيث تعتقل إسرائيل آلاف العمال الغزيين ممن تواجدوا داخل الخط الأخضر قبل بدء معركة "طوفان الأقصى"، في مراكز خاصة أقيمت قرب بعض السجون، وبمقرات عسكرية في الضفة الغربية المحتلة.
وتتكتم سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أماكن اعتقال العمال الغزيين وظروف اعتقالهم، حيث تعزلهم عن العالم الخارجي، وتمنع مندوبي الجمعيات الحقوقية من تفقد العمال واللقاء بهم، رغم أنهم دخلوا إسرائيل بموجب تصاريح عمل، وهو ما يخالف القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة، بحسب منظمات حقوقية قدمت التماسا للمحكمة العليا في إسرائيل.
ويأتي الاعتقال للتحقيق بشأن مزاعم الاحتلال اعتماد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على العمال خلال التحضير للهجوم المفاجئ، وذلك بالحصول على معلومات منهم عن مستوطنات "غلاف غزة".
وفي سياق تبرير الاعتقال، قال الباحث والمحاضر بقسم الدراسات الشرق أوسطية والإسلامية في جامعة حيفا، يارون فريدمان "لقد خططت قيادة حماس لعملية على عدة مراحل، حيث اعتمدت بالتحضير على معلومات من الغزيين الذين عملوا داخل إسرائيل".
وزعم فريدمان في مقال نشره في صحيفة "غلوبس"، أن هذه المرحلة من التحضير استمرت إلى عامين من جمع حركة حماس المعلومات الاستخبارية، على الأقل من قبل العمال من غزة، "الذين عادوا إلى بيوتهم في القطاع بتقارير مفصلة"، على حد زعمه.
حسب الإحصاءات الإسرائيلية، فإن 18500 فلسطيني من سكان قطاع غزة لديهم تصاريح للعمل والمكوث داخل الخط الأخضر (رويترز) ملاحقة واحتجازوحسب الإحصاءات الإسرائيلية الرسمية، فإن 18500 فلسطيني من سكان قطاع غزة لديهم تصاريح للعمل والمكوث داخل الخط الأخضر، بيد أنه لا يوجد معطيات دقيقة عن عدد العمال الغزيين الذي مكثوا بإسرائيل خاصة في "غلاف غزة" ومنطقة الجنوب وتل أبيب الكبرى والنقب، مع بدء معركة "طوفان الأقصى".
وتشير تقديرات المؤسسات الحقوقية إلى أن آلاف العمال الغزيين من حملة التصاريح، وجدوا أنفسهم محاصرين وملاحقين في إسرائيل بعد تدمير معبر بيت حانون "إيرز"، والكثير منهم توجهوا إلى الضفة الغربية خشية الانتقام منهم.
وفي إجراء عقابي أولي للعمال الغزيين ممن مكثوا بإسرائيل بتصاريح، قرر منسق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق الفلسطينية المحتلة، في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إلغاء جميع التصاريح التي أصدرها للعمال من قطاع غزة، وأكد أنه لن يتم تفعيلها وإعادتها مجددا.
هذا القرار حوّل العمال الغزيين إلى "سكان غير شرعيين"، وهو ما شكل خطرا على حياتهم في ظل الحرب، حيث أعطى الضوء الأخضر للأجهزة الأمنية الإسرائيلية لملاحقتهم.
وبحسب إفادة عامل فلسطيني من الضفة، فإنه بعد اعتقاله في منشأة عسكرية في منطقة عانوت مع مئات العمال الغزيين، يقول "في أحد الأيام، جاء أحد الضباط وأبلغ العمال أنهم محتجزون لوجود مختطفين إسرائيليين في غزة، وأنه طالما أن المختطفين الإسرائيليين في غزة، فلا يوجد احتمال للإفراج عنهم".
دعوى والتماس
من جانبها، قدمت 6 مؤسسات وجمعيات حقوقية، هذا الأسبوع، التماسا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية لإصدار أمر احترازي يلزم سلطات الاحتلال العسكرية الكشف عن تفاصيل احتجاز آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة بالسجون الإسرائيلية، دون أي مسوغ قانوني وخلافا لإرادتهم.
وجاء في التماس المؤسسات الحقوقية الذي حصلت الجزيرة نت على نسخة منه، أنها تطالب بتسليمها أسماء العمال وأماكن تواجدهم وإطلاق سراحهم إلى الضفة الغربية.
ونيابة عن المؤسسات الحقوقية، استعرضت مديرة القسم القانوني في "مسلك" المحامية أوسنات كوهين ليفشيتس، والمحامية نادية دقة من مركز "هموكيد"، فحوى الالتماس المؤلف من 23 صفحة تضم أيضا قائمة بأسماء 408 عمال من غزة وتفاصيلهم الشخصية وأماكن سكناهم، حيث تم تأكيد اعتقالهم.
ودلت الإفادات التي قدمتها الجمعيات الحقوقية للمحكمة العليا، أنه تم تنفيذ الكثير من الاعتقالات بشكل عنيف داخل إسرائيل، وعند نقاط التفتيش والمعابر والحواجز، وحتى في مناطق الضفة الغربية الخاضعة للسيطرة المدنية والأمنية للسلطة الفلسطينية.
وأكدت المحاميتان أنه "انقطع الاتصال مع معظم العمال ولا تعرف عائلاتهم مكان وجودهم. وعلمت الجمعيات بوجود منشأتين في معسكري عوفر وعناتوت بالضفة الغربية، وتستخدمان لاحتجاز العمال الفلسطينيين من غزة خلافا لإرادتهم".
وشددتا على أن سحب تصاريح المكوث والعمل وسجن العمال، يشكل بموجب القانون الدولي، "عملا انتقاميا محظورا". كما أن "الاعتقالات الجماعية دون فحص كل حالة بشكل منفصل، ودون أي مراجعة قضائية، هي اعتقالات تعسفية، ومخالفة حتى للقانون الإسرائيلي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الضفة الغربیة قطاع غزة من غزة
إقرأ أيضاً:
يحيى السِّنوار (أبو إبراهيم) .. نور الوعد واليقين
بعد مسيرة حافلة بالصبر واليقين، وما بين الأسر إلى الشهادة، خطّ يحيى السنوار (أبو إبراهيم) (رضوان الله عليه) بحبره وعرقه ودموعه ودمه سفر خلود له ولشعبه ولقضيّته المقدّسة، وقد أقامه الله في مقام الصدق الذي عرفه الناس حقّ المعرفة ورأوه رأي العين في مشهد الخاتمة التي أكرمه الله بها، ليكون حجّة بالغة للسائرين على ذات الطريق، ولأولئك المرجفين الذين استهواهم الشيطان واستحوذ عليهم، والذين أساءوا الظنّ في مسيرة المقاومة، وفي رجالها الصادقين..
في فلسطين يزرع الناس الزيتون كما يزرعون الشهداء، فينموان معاً، ومن عصيرهما تستقي الحياة نورها وبهاءها، وتنشر الزهور ضوعة طيوبها، وتملأ السكينة القلوب، ويصنع التاريخ، ومنذ أن غرس الغرب مشروعه المشؤوم في هذه الأرض يريد تسميمها وتفكيك تربتها ونهب ثروتها، وتزييف تاريخها وجغرافيتها، واحتلال وعيها، والاستحواذ عليها، كانت فلسطين بمثابة رأس الجسر في هذا المشروع، وألف أبجديته، ونقطته المركزية التي يتمحور عليها، وفي معركة “البصيرة” التي انطمست لدى الكثيرين، عُمّيت حقيقة هذا المشروع الشيطاني، وسقط الكثيرون في شراكه التي نصبت بإتقان، وعلى مدى قرون من الزمن وليس عقود، وتعدّدت الاجتهادات في توصيف ما جرى ويجري، واختلف الناس وتناقضوا في تشخيص المعيار الذي بموجبه يحكم على الأشياء صلاحاً وفساداً، نفعاً وضرّاً، وهذا التناقض كان جزءاً من المشروع ذاته، وأداة من أدواته، ينفذ من خلاله في عمق خلايا الأمة ليدمّر نسيجها ويحرف وظيفتها، ويقودها إلى حيث يريد، وإلى حيث مصالحه وحده لا شريك له..
في هذه المعركة الوجودية التي فرضت على فلسطين والأمة، برز رجال محّصهم الله في مختبرات الفتنة، وابتلاءات الحوادث، فتخرجوا من هذه المدرسة الإلهية بدرجة الفلاح والصدق، واستحقّوا مقاماً رفيعاً في قلوب العباد، وفي دروب الجهاد، وفي سيرة البلاد، ومن هؤلاء الرجال كان يحيى السِّنوار (أبو إبراهيم)، الذي ختم مشواره الجهادي بملحمة “طوفان الأقصى”، هذه الملحمة التي ترقى إلى ملاحم التاريخ الكُبرى التي فرقت العالم إلى ما قبلها وما بعدها، فعالم ما بعد “طوفان الأقصى” لن يكون كعالم ما قبل “طوفان الأقصى”، وكل المحاولات التي تجري لاستيعاب هذه المرحلة واحتوائها لصالح المشروع الصهيوني لن تتمكّن من تغييب هذه الحقيقة، ولا من إعادة عقارب زمن وعصر المقاومة إلى ما قبل “طوفان الأقصى”، فالطوفان الذي يقف على رأسه أبو إبراهيم الشهيد وقادة محور الجهاد والمقاومة وفي طليعتهم سيد شهداء طريق القدس السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) انطلق، ولن يتوقف.. نعم قد يتعرّج صعوداً وهبوطاً، وستوضع في طريقه السدود والحواجز، وسيُتآمر عليه باسم الحرص على الشعب الفلسطيني، وسيُحاصر بإشاعات من المخلّفين، والمعوّقين، واليائسين، وستستنفر ضدّه كل أدوات الصهيونية العالمية بعناوينها الأعجمية والعربية، وسيقال فيه ما لم يقل في الشيطان الرجيم، وستجمع الأبواق للنفخ لإطفاء نوره، ولكن هيهات لأنّ سفينته المحمولة على دماء الشهداء ستعبر به كل هذا اليباب والتصحّر الذي تعيشه الأمة، وهو ماضٍ ليستوي على جودي الحق الذي جاء ولن يتوقف حتى يزهق الباطل بإذن الله..
وعندها سيذكر القوم أنّ رجلاً اسمه يحيى كان صاحب هذا الطوفان، كما كان صلاح الدين صاحب حطين وكما كان سيف الدين قطز صاحب عين جالوت، وسيذكر القوم أنّ رجلاً شجاعاً قام ومعه رجال من أولي البأس الشديد، عبروا ملكوت فلسطين، وعلّقوا قناديل العودة على درب الآلام لتعبر الأمة من خلفهم على هدىً وبصيرةٍ وحسن مآب.
* كاتب وباحث- رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية