من هو إبراهيم الحمدي السيرة الذاتية ويكيبيديا
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
شمسان بوست / متابعات:
إبراهيم بن محمد الحَمْدي (30 سبتمبر 1943 – 11 أكتوبر 1977). سياسي وقائد عسكري يمني كان رئيس الجمهورية العربية اليمنية من 13 يونيو 1974 حتى 11 أكتوبر 1977 عندما اغتيل هو وأخوه عبد الله في ظروف غامضة لم يبت فيها.
ولادته ونشأته
ولد عام 1943 في قعطبة عندما كان والده يعمل قاضيًا فيها آنذاك، وكانت جزءًا من محافظة إب حينها، غير أن أصوله المؤكدة هي من منطقة عيال سريح في عمران فهو من آل الحمدي المنتمين لبني السريحي ويقطنون قرية حَمْدِه بمديرية ريدة والتي جاءت منها تسميتهم بآل الحمدي.
تربى في كنف أبيه الذي كان حاكما شرعيا لمدينة قعطبة، وتعلم على يديه مبادئ العلوم الشرعية واللغوية، وأتم حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة من عمره.
“الدراسة والتكوين“
رحل مع والده إلى مدينة ذمار حين عُين حاكما لها، وهناك تعلم في العديد من المدارس والمعاهد.
سافر إلى صنعاء لاستكمال دراسته الثانوية، ثم دخل 1959 كلية الطيران التي لم يكمل دراسته فيها، ورجع إلى والده ليساعده في محكمة ذمار قاضيا يصلح بين المتخاصمين ويفصل بينهم. في عهد الإمام أحمد حميد الدين.
“الوظائف والمسؤوليات“
تولى في عهد الرئيس اليمني عبد الله السلال -أول رئيس لليمن الشمالي سابقا بعد الثورة- قيادة قوات الصاعقة، وترقى في المناصب الأمنية والعسكرية القيادية حتى أصبح قائدا لقوات الاحتياطي العام وقوات العاصفة.
أصبح في 1972 نائبا لرئيس مجلس الوزراء للشؤون الداخلية 1971-1972، ثم عُين نائبا للقائد العام للقوات المسلحة 1972، وهو ما مكنه من تنفيذ انقلاب 1974 ليصبح رئيس الدولة.
“رئاسته“
في 13 يونيو 1974، قاد المقدم إبراهيم الحمدي انقلابا أبيض سمي بـ«حركة 13 يونيو التصحيحية» لينهي حكم الرئيس القاضي عبد الرحمن الأرياني الذي كان يٌنظر لإدارته بأنها ضعيفة وغير فعالة. وصعد المقدم الرئيس إبراهيم الحمدي للحكم برئاسة مجلس عسكري لقيادة البلاد سمي «مجلس القيادة» ومنذ ذلك الوقت اتسع الدور الذي يلعبه الجيش في النظام السياسي والحياة العامة. كان يريد إعادة هيكلة الجيش اليمني لمواجهة المشيخات القبلية من اليمن آنذاك.
بدأ الحمدي بالتقليل من دور مشائخ القبائل في الجيش والدولة وألغى وزارة شؤون القبائل التي كان يرأسها عبد الله بن حسين الأحمر باعتبارها معوقاً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحولت إلى إدارة خاصة تحت مسمى «الإدارة المحلية».
اعتبر الرئيس الحمدي المشايخ القبليين عائقا أمام التنمية فعزلهم سياسياً وحل مصلحة شؤون القبائل ولم يسمح لأي شيخ قبلي بتولي منصب حكومي، ذلك لإن زعامات القبائل في اليمن تغلف مصالحها الخاصة بلغة وطنية. وهو ماخلق للرئيس الحمدي أعداء أقوياء أبرزهم عبد الله بن حسين الأحمر مؤسس ماعُرف بحزب التجمع اليمني للإصلاح لاحقاً. في 27 يوليو 1975 الذي أطلق عليه «يوم الجيش»، أصدر قرارات بإبعاد العديد من شيوخ القبائل من قيادة المؤسسة العسكرية وأجرى إعادة تنظيم واسعة للقوات المسلحة، فاستبدل العديد من القادة العسكريين خاصة ممن يحملون صفة «شيخ قبلي»، بقادة موالين لتوجه الحركة التصحيحية التي يقودها. وأعاد بناء القوات المسلحة اليمنية حيث تم دمج العديد من الوحدات لتتشكل القوات المسلحة من أربع قوى رئيسة
1. قوات العمالقة: تشكلت من دمج لواء العمالقة والوحدات النظامية، مهمتها تأمين حماية النظام وجعل على رأسها شقيقه عبد الله الحمدي.
2.قوات المظلات: تشكلت من سلاح الصاعقة وسلاح المظلات ولواء المغاوير والتي كان يترأسها عبد الله عبد العالم (عضو مجلس القيادة الدولة ونائب رئيس الجمهورية من عام 1974 إلى عام 1977).
3.قوات الاحتياط العام: تشكلت من دمج لواء العاصفة ولواء الاحتياط.
4.قوات الشرطة العسكرية: تشكلت من سلاح الشرطة العسكرية وأمن القيادة.
تقارب الحمدي مع النظام الاشتراكي في جنوب اليمن وفي خطوات السير نحو الوحدة، عقدت إتفاقية قعطبة في فبراير 1977 والتي نصت على تشكيل مجلس من الرئيسين الحمدي وسالم ربيع علي (سالمين) لبحث ومتابعة كافّة القضايا الحدودية وتنسيق الجهود في كافة المجالات بما في ذلك السياسة الخارجية. تبنى الرئيس الحمدي سياسة معتدلة وقوية بنفس الوقت وعمل على إقناع القادة في اليمن الجنوبي والرئيس سالمين تحديداً بتوجهاته. وفقا لوثائق ويكيليكس، أراد الرئيس الحمدي أن يكون اليمن الشمالي مثالاً يحتذى به للدول المجاورة حينها وبالذات اليمن الجنوبي. كان يُخطط لإقامة ماسمّاه بالـ«مؤتمرات الشعبية» والتي كانت البذرة الأولى لما أصبح حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة علي عبد الله صالح، هدف هذه المؤتمرات الشعبية كان الاستعداد لإقامة انتخابات وانسحاب الجيش تدريجياً من المشهد السياسي. أخبر السفير الأميركي أن الطريقة المثلى لتغيير النظام الماركسي بجنوب اليمن هو بإثبات أن الديمقراطية والسياسات الاقتصادية المعتدلة نجحت في شمال اليمن، وأضاف أنه يطمح لرؤية مجالس شورى منتخبة وانتخابات مباشرة لاختيار رئيس البلاد. يعلق السفير الأميركي أن تلك كانت المرة الأولى التي يتحدث فيها الحمدي عن انتخاب مباشر لرئيس البلاد، ويظهر أن الحمدي ورفاقه الحداثيين يأملون من وراء الانتخابات إنهاء الإشكال المتعلق بالأطماع السياسية لمشايخ القبائل.
“اغتياله“
اغتيل إبراهيم الحمدي ليلة 11 أكتوبر 1977 قبل يومين من موعد زيارته إلى عدن التي كانت ستكون الأولى من نوعها لرئيس من اليمن الشمالي. قُتل بخطة مدبرة، وجرت تصفيته في منزل الغشمي عندما دعاه أحمد حسين الغشمي لتناول وجبة الغداء فكان ذلك هو الغداء الأخير. يعزى اغتياله إلى الصراع مع القوى القبلية التي أقصاها عن السلطة وإلى معارضة هذه القوى وحلفائها الإقليميين لخطواته المتسارعة تجاه الوحدة مع الجنوب. دُبرت عملية الاغتيال بعد فترة شد وجذب طويلة بين الحمدي وعبد الله بن حسين الأحمر، رئيس تحالف قبائل اليمن. ولم تُجرى أي تحقيقات للكشف عن الفاعلين ودُفن إبراهيم في مقبرة الشهداء بالعاصمة اليمنية صنعاء.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: إبراهیم الحمدی العدید من م الحمدی التی کان عبد الله
إقرأ أيضاً:
لغز اليمن... في ظلّ فشل الحروب الإيرانيّة
يظلّ اليمن والتحولات التي شهدها، منذ خروج علي عبدالله صالح، من السلطة في فبراير (شباط) 2012، لغزاً كبيراً. زاد الوضع تعقيداً واللغز عمقاً منذ سيطرة الحوثيين، أي إيران، على صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) 2014.
يتصرف الحوثيون بطريقة توحي بأنّ مصير اليمنيين المقيمين في مناطقهم آخر همّ لديهم. المهم بالنسبة إلى هؤلاء، وإلى إشعار آخر، خدمة الأجندة الإيرانية والمشروع التوسعي الإيراني اللذين لا أفق سياسياً لهما من جهة وتأكيد أنّ «الجمهوريّة الإسلاميّة» باتت تمتلك موطئ قدم في شبه الجزيرة العربيّة من جهة أخرى.انشغل العالم طوال سنوات عمّا يفعله الحوثيون في مناطق سيطرتهم، أي شمال اليمن. لم يكن شمال اليمن يوماً، على العكس من جنوبه، موضع اهتمام دولي ذي طابع جدّي.
يستفيد الحوثيون، الذي يسمّون نفسهم «جماعة أنصار الله» والذين كانوا ومازالوا، على علاقة وثيقة قديمة جدّاً مع «حزب الله» في لبنان، من نقاط قوّة عدّة. في مقدّم هذه النقاط عدم وجود بنك أهداف لدى القوى الغربيّة والإقليمية التي تحاول التصدي لهم. لم تستفق هذه القوى على خطر الحوثيين سوى بعد أحداث غزّة التي بدأت في السابع من أكتوبر عندما قرّرت إيران زج هؤلاء في حروبها.
شنت «الجمهوريّة الإسلاميّة»، مباشرة بعد «طوفان الأقصى»، سلسلة من الحروب استهدفت منها توجيه رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة. فحوى الرسالة أنّها تمتلك قرار توسيع الحرب التي بدأتها «حماس» والقدرة على ذلك... وأن المطلوب عقد صفقة معها تفادياً لجعل حرب غزّة تشمل المنطقة كلّها.
فشلت إيران في الحروب التي شنتها، لكنّ اللغز اليمني باقٍ على حاله. ارتدّت هذه الحروب الإيرانيّة على قطاع غزّة نفسه الذي دمرته الوحشية الإسرائيلية. في لبنان تلقّى «حزب الله» الذي فتح جبهة الجنوب ضربة قويّة لم يستفق منها بعد. لولا تلك الضربة، لكان الفراغ الرئاسي مستمرّاً، ولكانت رئاسة الجمهوريّة اللبنانيّة لاتزال رهينة لدى إيران. بكلام أوضح، لولا الضربة التي تلقاها «حزب الله»، لما كان قائد الجيش العماد جوزف عون، في قصر بعبدا الذي بقي شاغراً طوال سنتين وشهرين.
كان الفشل الإيراني الأكبر في سوريا التي كان النظام العلوي فيها برئاسة بشّار الأسد، مجرّد تابع لـ«الجمهورية الإسلاميّة». أمّا العراق، فقد سعى، أقلّه ظاهراً، إلى التملّص من السيطرة الإيرانية المباشرة أو غير المباشرة عن طريق ميليشيات «الحشد الشعبي». إنّّها ميليشيات يتحكّم بها بطريقة أو بأخرى «الحرس الثوري» الإيراني. من الآن إلى أن يخرج العراق من تحت الهيمنة الإيرانية، لابدّ من ملاحظة أنّ حماسة ميليشيات «الحشد الشعبي» لـ«إسناد غزّة» خفت كثيراً، بل باتت شبه معدومة.
لم يبق سوى جزء من اليمن يخوض منه الحوثيون آخر الحروب الإيرانية. سيأتي يوم تتوقف هذه الحرب أيضاً التي أضرّت بحركة الملاحة في البحر الأحمر والتي لم تلحق أذى يذكر بإسرائيل. كلّ ما في الأمر أن الخسائر الكبرى لحقت بمصر حيث هبط الدخل الذي كانت تؤمنه لها حركة الملاحة عبر قناة السويس. يبدو الخيار الوحيد أمام الحوثيين التراجع والسعي إلى صفقة ما تحافظ على وجود لهم في شمال اليمن الذي باتوا يعتبرونه مملكة خاصة بهم.
ليس غياب بنك الأهداف وحده الذي يجعل من الصعب القضاء على الحوثيين. هناك أيضاً طبيعة الأرض في اليمن التي تسمح للحوثيين بإخفاء ما لديهم من صواريخ في أماكن يصعب تحديدها بدقة. في النهاية، الأولوية بالنسبة إلى الحوثيين حكم منطقة محددة في اليمن والسيطرة على أهلها وتغيير طبيعة المجتمع في تلك المنطقة التي كانت تسيطر عليها القيم القبلية، وهي قيم تبقى راسخة في بلد مثل اليمن... ولابدّ من أن تعود إلى الحياة يوماً.
في مواجهة الوضع القائم، أي بقاء القرار في اليمن الشمالي في يد الحوثيين، سيعتمد الكثير على ما إذا كانت على الأرض اليمنية قوى محلّية مستعدة للتحرّك في مواجهة هؤلاء.
لا شكّ أنّ «الشرعية» اليمنية، بقيادة الدكتور رشاد العليمي، في حاجة إلى أخذ المبادرة، خصوصاً في حال قرّرت القوى الغربيّة التنسيق مع القوى المناهضة للحوثيين الموجودة على الأرض.
عاجلاً أم آجلاً، سيتغيّر الوضع في اليمن. يؤخّر ذلك أن العالم الغربي غير مستعد للذهاب بعيداً في مواجهة الحوثيين بطريقة فعالة. يدفع هذا العالم ثمن تهاونه مع «جماعة أنصار الله» وذلك منذ سنوات عدّة عندما منع سقوط ميناء الحديدة في العام 2018، وقرّر بدل ذلك عقد اتفاق ستوكهولم مع تلك الجماعة التي ليست سوى أداة إيرانيّة.
هل جاء دور التغيير في اليمن الآن بعدما اكتشف العالم خطأ استرضاء الحوثيين؟ الجواب أنّ العالم يستطيع الانتظار ما دام الأذى الذي تلحقه إيران، عبر أداتها اليمنية، لايزال محدوداً... وما دام الطرف الذي يعاني هو الشعب اليمني.
سيأتي دور اليمن والوجود الإيراني فيه يوماً. لا يبدو العالم الغربي في عجلة من أمره، خصوصاً أنّ اليمن الشمالي لم يهمّه يوماً... بل كان همّه دائماً في الجزء الجنوبي من البلد الذي لديه ساحل طويل يمتد من بحر العرب... إلى ميناء عدن وميناء المخا الذي يتحكّم بباب المندب مدخل البحر الأحمر وبالتالي قناة السويس!
يبقى أنّ الحاجة في كلّ وقت إلى التعاطي مع لغز يمني يتمثل في أهمّية الجنوب بالنسبة إلى العالم في مقابل العزلة النسبية التي عانى منها الشمال عبر التاريخ.