ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة الجمعة بمسجد الصديق بنويبع بجنوب سيناء، وذلك بحضور اللواء أ.ح/ خالد فودة محافظ جنوب سيناء، والدكتور شوقي علام مفتى الديار المصرية.

وفي خطبته أكد  الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف على منزلة سيناء المباركة، فالله سبحانه هو  الذي شرف سيناء بذكرها في القرآن الكريم فقال سبحانه: "وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ"، وتجلى على أرضها التجلي الأعظم، وكلم فيها سيدنا موسى (عليه السلام) تكليمًا، والمتأمل في القرآن الكريم يجد لسيناء وطورها وواديها المقدس وبقعتها المباركة مكانة جليلة ومنزلة عظيمة، حيث يقسم الحق سبحانه بطور سيناء فيقول: "وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ" والحق سبحانه لا يقسم إلا بعظيم ، ونادى سبحانه وتعالى سيدنا موسى (عليه السلام) قائلاً: "ياموسى  إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى"، فهي أرض قدسها الله (عز وجل) وأمر كليمه أن يخلع نعليه فيها مراعاة لقدسية المكان وجلال الموقف.


ويقول سبحانه : " فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" .
ولخص وزير الأوقاف خطبته في عدة رسائل هامة : 
الأولى : أكد أننا هنا اليوم من قلب سيناء الحبيبة العامرة وفي ضوء خطة الدولة المصرية لتنمية  سيناء تنمية شاملة في كل مجالات التنمية ، نبني ونعمر ونفتتح مسجد الصديق (رضي الله عنه) بها ، مؤكدًا أننا لن نفرط في ذرة رمل واحدة من أرض سيناء لأحد على الإطلاق، فسيناء دونها جيش أبي وشعب عظيم يعشق الشهادة في سبيل وطنه ويعدها من أعلى درجات الشهادة في سبيل الله (عز وجل)، فسيناء التي رويت بدماء آبائنا وأجدادنا لن تكون مرتعًا لأحد ومن يظن أنه يمكن أن ينال منها موضع قدم فهو واهم.
الثانية : أكد أننا دعاة سلام وسنظل دائمًا، فديننا دين السلام، ونبينا (صلى الله عليه وسلم) نبي السلام، وتحيتنا في الدنيا سلام، وفي الآخرة سلام، ونحب السلام، ونوصي بالسلام، ولكنه السلام العادل المنصف سلام الأقوياء الشجعان، السلام الذي له درع وسيف وقوة تحميه، وله جيش أبي عظيم، جيش رشيد يحمي ولا يبغي، ولكنه نار تحرق المعتدي، وكما قال الحجاج الثقفي: إياكم وأهل مصر في ثلاث : في أرضهم، وعرضهم، ودينهم, إياكم وأرضهم فإنكم لو اقتربتم من أرضهم لقاتلتكم صخور جبالهم , وإياكم وعرضهم لأن لهم إباءً وعزة وكرامة , فإنكم لو اقتربتم من نسائهم وأعراضهم لافترسوكم كما تفترس الأسد فرائسها, وإياكم وأمر دينهم فإنكم إن حاولتم أن تفسدوا عليهم أمر دينهم أفسدوا عليكم دنياكم.

وزير الأوقاف


الثالثة : أكد وزير الأوقاف على ما جاء في البيان الدولي الذي أصدره نخبة من كبار علماء الأمة، وفي مقدمتهم كبار علماء دولة فلسطين الشقيقة، وهو ما يجمع عليه قادة الأمة وعلماؤها ومفكروها وأبناؤها جميعًا من الرفض الحاسم والقاطع لأي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه وتصفية قضيته وإنهاء آماله في إقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف إن شاء الله، مؤكدًا أن التمسك بالأرض والتشبث بها، وأن الحفاظ على الأوطان والشهادة في سبيل ذلك من أرفع وأعلى درجات الشهادة في سبيل الله (عز وجل)، فمن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد، ومن قتل دون أرضه فهو شهيد، ومن قتل دون وطنه فهو شهيد.
الرابعة : وجه وزير الأوقاف رسالة إلى حكماء العالم وعقلائه، وإلى كل مؤسساته الدولية والحقوقية والإنسانية قائلًا لهم: ألم تؤلمكم ضمائركم لما يتعرض له أطفال فلسطين من قتل ممنهج وحصار وتجويع، إلى متى الصمت وازدواج المعايير والكيل بمائة كيل، أما آن لضمير العالم أن يستيقظ، إن لم يستيقظ الضمير الإنسانية الآن فمتى؟!، أليس أطفال فلسطين أطفالًا كسائر أطفال العالم لهم الحق في الحياة الكريمة، الله الله في أطفال فلسطين، الله الله في نساء فلسطين، الله الله في استهداف المدنيين العزل والحصار والتجويع والقتل الممنهج، وهل يقبل ما يسمى بالعالم الحر والمؤسسات الحقوقية والإنسانية أن يحدث مثل ما يحدث في فلسطين في أي بقعة من العالم؟ بل ليسألوا أنفسهم هل يقبلون ذلك لأي من الكائنات الحية على ظهر الكرة الأرضية، إن ما يحدث جريمة في حق الإنسانية كلها.
الخامسة : أكد وزير الأوقاف أن دماء الأبرياء ستكون كابوسًا على من سفكها أو من أسهم في سفكها تلاحقه في يقظته وفي نومه وفي دنياه وآخرته، ولمن يتغطرسون بقوتهم أقول: كم من أمة عبر التاريخ الإنساني بغت وطغت وتجبرت فكان عاقبة أمرها خسرًا، يقول سبحانه: "فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ"، فأين عاد؟ وأين ثمود؟، مؤكدًا أن التاريخ يشهد أن الأمم التي لا تقوم على الأخلاق والإنسانية تحمل عوامل سقوطها في أنفسها.
مختتمًا خطبته بالدعاء لأشقائنا في فلسطين اللهم اجبر خاطر أشقائنا في دولة فلسطين الشقيقة، اللهم فرج كربهم وارحم أطفالهم وشهداءهم واشف مصابيهم، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم، اللهم ارزقهم فرجًا عاجلًا، تظهر فيه عجائب قدرتك، ورد الإنسانية جمعاء إلى صوابها ردًا جميلًا.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الاوقاف وزير الأوقاف مسجد الصديق بنويبع وزیر الأوقاف فهو شهید فی سبیل قتل دون من قتل

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الرحمة خُلق الانبياء والقسوة طريق الضلال والهلاك

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه علينا أن نتحلّى بالرحمة ونبتعد عن القسوة، فإن القسوة من الأخلاق السيئة، وهي تعني خلوّ القلب من الرقة واللين، وامتلاءه بالفظاظة والغلظة. وقد بيّن ربنا سبحانه وتعالى أن النبي ﷺ لم يكن فظًّا ولا غليظ القلب، قال تعالى:{وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].

وأضاف فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع  التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن قسوة القلب قد تكون مع الله سبحانه وتعالى، فيبتعد الإنسان عن ذكر الله بسبب قسوة قلبه، وقد حذّر ربنا سبحانه وتعالى من تلك القسوة، فقال تعالى:{فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [الزمر: 22].

دعاء الصباح مكتوب.. يجلب الرزق وييسر الأمورحكم ترديد أدعية من القرآن في السجود.. الإفتاء توضح

وذمّ ربنا سبحانه وتعالى بني إسرائيل لقسوة قلوبهم، فقال تعالى:{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: 74].

وقد تكون القسوة كذلك مع خلق الله، فقاسي القلب يرى المحتاج المتألّم ولا يلين قلبه، ولا يتعاطف معه، ولا يمدّ له يد المساعدة، وقاسي القلب يعذّب الناس، بل ويعذّب مخلوقات الله سبحانه وتعالى. فعدم رعاية الحيوان المحتاج للرعاية والطعام من القسوة المذمومة، وتعذيب الحيوان من أسباب دخول النار، كما بيّن النبي ﷺ، فقال:

«دخلت امرأة النار في هِرَّةٍ حبستها، فلا هي أطعمتها، ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت هزلاً» [رواه البخاري ومسلم].

ويبتعد الإنسان عن القسوة بأمور؛ منها: ذكر الله سبحانه وتعالى، وتذكُّر الموت والحساب، ومنها أن يضع نفسه مكان المتألّم فيتأمل كيف يحب أن يصنع الناس به. ويتأكد له أن تركه للرحمة سببٌ في أن يُترك من رحمة الله، قال النبي ﷺ: «من لا يَرحم لا يُرحم» [رواه البخاري ومسلم].

وشدد الدكتور علي جمعة: يفعل هذا حتى نرى نحن ونحن نقرأ عنه ﷺ ذلك أن نكون رحماء بالخلق، وأن نحول هذا الخلق الكريم وهذه القيمة إلى واقعٍ معيش؛ فإذ لم نفعل وقسونا على الأكوان .. فأفسدنا البيئة على أنفسنا وعلى الحيوان فأخرجنا فيه همنا وغمنا وسواد قلوبنا واضطراب أحوالنا، أوبعد ذلك ينتظر منا أن نكون أمثلةً صالحةً لحماية الإنسان ولكرامته وعرضه؟! أوبعد ذلك يعامل الطبيب المريض على أنه إنسان فيتحمل تأوهه أو ضيق خلقه أو يعامله لا كمعاملة الأشياء بل معاملة من يتألم؟! لو عرف أن الله عند ذلك المريض وأن الله سوف يقول يوم القيامة: (يا عبدي مرضتُ ولم تَعُدْني قال: كيف تمرض وأنت رب العالمين؟ قال: مرضَ عبدي فلانٌ فلم تعدْه ولو عدتَه لوجدتَني عنده).

لو دخل الطبيب على مرضاه وهو يعلم أنهم في معية الله .. واللهِ ما تركهم، وما ملَّ منهم، ولعرف أن هذا خير له من التسبيح والتحميد، وخير له من أن يجاهد في سبيل الله فتخضب رقبته بالدماء، وأنتم تعلمون أجر الشهيد وأجر المقاتل في سبيل الله.

وأكد عضو كبار العلماء: لو عرف المسلمون هذا لكانوا أمثلةً رائعةً للرحمة بالأكوان والحيوان والإنسان، فماذا نفعل؟ (ابدأ بنفسك ثم بمن يليك) ابدأ بنفسك وغيّرها فـ {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} .

وأردف: نجد سيدنا النبي ﷺ وهو يعلم صحابته الرفق ويقول: (يا عائشةُ إنَّ الرِّفْقَ ما دَخَلَ شيئاً إلاَّ زانَه، وما نُزِعَ مِنْ شيءٍ إلاَّ شانَه) ويعلمها كيف نتعامل مع الناس على قدر عقولهم.

ويمر عليه أحد اليهود ويقول: السام عليك يا محمد _والسام الهلاك والموت_ وكأنه يريد أن يدغم الكلام إدغامًا فيسمع النبي ﷺ السين والميم فيظنه أنه قد ألقى عليه السلام، فتقول عائشة: بل عليك وعلى أبيك الموت والهلاك. قال ﷺ: (يا عائشةُ قولي وَعَلَيْكُمْ) فإذا أراد أن يرد عليهم رد بالأدب العالي .. رد بالرحمة .. رد بالرفق.

واختتم علي جمعة قائلاً:"علمنا رسول الله ﷺ كيف نحول المعاني إلى واقعٍ معيش .. اقرأوا السيرة .. تدبروا القرآن .. اقرأوا أحاديث رسول الله ﷺ ؛ لا من قبيل النهي والأمر، بل من قبيل الحياة، كيف تكون إنسانًا طيبًا معطاءً محبًا صبورًا خلوقًا تعيش رسول الله ﷺ ، وتبلغ عنه، وتكون مثالاً يحتذي، لو وصلنا إلى هذا .. لخفف الله عنا البلاء والغلاء والخوف، وأبدلنا من بعد خوفنا أمنًا {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} اللهم يا ربنا اجعلنا من عبادك المؤمنين، و طمئن قلوبنا في الدنيا والآخرة، واجعلنا من أتباع سيد المرسلين، وأقم بنا الحق، وأقم الحق بنا".

مقالات مشابهة

  • ما علاج قسوة القلب؟.. علي جمعة يقدم الروشتة الشرعية
  • الأوقاف: افتتاح 7 مساجد غدًا ضمن خطة إعمار بيوت الله
  • غدًا.. الأوقاف تفتتح 7 مساجد ضمن خطة إعمار بيوت الله
  • غدًا..الأوقاف تفتتح 7 مساجد ضمن خطتها لإعمار بيوت الله عز وجل
  • الأوقاف تفتتح 7 مساجد غدًا الجمعة ضمن خطتها لإعمار بيوت الله
  • وزير خارجية الاحتلال ينتقد نية ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين.. مكافأة لحماس
  • الأوقاف تفتتح 7 مساجد غدًا ضمن خطتها لإعمار بيوت الله عز وجل
  • علي جمعة يوضح الفرق بين الاستغفار والتوبة
  • علي جمعة: الرحمة خُلق الانبياء والقسوة طريق الضلال والهلاك
  • غزة معها المولى سبحانه