انسحاب بعثة الأمم المتحدة من مالي على عجل وتحت التهديد
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
أُرغمت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي على البدء بالانسحاب بعدما طالب في حزيران/يونيو المجلس العسكري الحاكم منذ 2020 بانسحابها، معلنًا "فشل" البعثة ومنددًا بـ"الاستغلال" المفترض لقضية حقوق الإنسان.
أجبرت قرارات المجلس العسكري الحاكم في مالي بعثة الأمم المتحدة على تسريع رحيلها وتخريب المعدات التي تتركها وراءها في البلد الإفريقي الذي يشهد هجمات جهادية وتوترات مع الإنفصاليين الطوارق، بالإضافة إلى المخاطرة بحياة عناصرها بسبب عدم حصولهم على تصاريح للسفر جوا.
فيما يلي تطورات عملية الانسحاب واسعة النطاق والمحفوفة بالمخاطر التي تضع حدًّا لـ10 أعوام من الجهود المبذولة لمحاولة تحقيق الاستقرار في بلد تنهشه الهجمات الجهادية وأزمة عميقة متعددة الأبعاد.
توترات على جميع الأصعدةمن المقرر أن تنسحب بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في مالي، التي يُقدّر عديدها بنحو 15 ألف جندي وشرطي بينهم أكثر من 180 عنصرًا قُتلوا في هجمات، بحلول الـ 31 كانون الأول/ديسمبر.
وتسعى مختلف الجهات المسلّحة، التي تتنافس للسيطرة على الأراضي في الشمال إلى الاستفادة من إخلاء قواعد البعثة الأممية، فيما يسارع الجيش لاستعادتها.
واستأنفت جماعات الطوارق الإنفصالية، التي تعارض استيلاء الجيش على هذه القواعد أعمالها العدائية ضدّ الحكومة المركزية. ومن جهتها، كثّفت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة هجماتها على المواقع العسكرية.
الحكم العسكري في مالي يؤجل الانتخابات الرئاسية المقررة في شباط/فبراير 2024شاهد: الجيش المالي يتوجه إلى كيدال معقل الطوارقوعزت "مينوسما" تسريعها وتيرة انسحابها إلى التصعيد العسكري الذي يهدّد عناصرها، متّهمة السلطات بتعقيد عملية خروجها من البلاد من خلال عرقلة تحركاتها.
هجماتبعد إخلائها خمسة معسكرات في مطلع آب/أغسطس، أعلنت البعثة الأممية الأحد أنها "أكملت انسحابها المتسارع" السبت من قاعدتها في تيساليت بالشمال، في ظلّ توتر عرّض "طاقمها للخطر".
قبل انسحاب البعثة، اضطر الطاقم "إلى الاختباء في الملاجئ عدة مرات بسبب إطلاق النار". وحدث ذلك الخميس "في الـ 19 تشرين الأول/أكتوبر حين أُصيب جناح (طائرة شحن) من طراز سي-130 (تونسية مستأجرة من قبل مينوسما) أثناء هبوطها في تيساليت" وفق البعثة التي أكّدت عدم وقوع "إصابات أو أضرار جسيمة للطائرة".
وغادر جزء من العديد، معظم تشاديون، في طائرة، فيما غادر الباقي "في قافلة برية" باتجاه غاو، أكبر مدينة في شمال مالي، في رحلة تمتدّ أكثر من 500 كيلومتر في الصحراء وسط تهديدات مستمرة من المجموعات المسلحة.
وتكرّر المشهد في اليوم التالي مع انسحاب عناصر البعثة الأممية من قاعدة أغيلهوك وسفرهم برّا لعدم حصولهم على تصاريح للسفر جوّا.
وتعرّضت هذه القوافل لهجمات بعبوات ناسفة ممل تسبب بسقوط جرحى، وفق بعثة مينوسما، وتبنت الهجمات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين.
وذكرت البعثة أن سائق شاحنة أصيب بجروح خطيرة واثنين آخرين بجروح طفيفة يوم الخميس حين فتح مسلحون النار على قافلة لوجستية انطلقت من أنسونغو، وهو معسكر آخر سيتم إخلاؤه، وفق البعثة.
ترك معدات وتدمير أخرىقبل مغادرة البعثة، أكّدت أنها اتخذت "القرار الصعب بتدمير أو تعطيل أو إخراج المعدات القيمة من الخدمة، مثل المركبات والذخيرة ومولدات الكهرباء وغيرها من الأصول"، وهو "الملاذ الأخير" عملًا بقواعد الأمم المتحدة.
وأوضحت أن هذه المعدات "لا يمكن إعادتها إلى الدول المساهمة بقوات ولا حتى إعادة نشرها في بعثات حفظ السلام الأخرى".
وقالت إن "مثل هذه الخسائر كان يمكن تجنّبها" لو لم تكن 200 شاحنة عالقة في غاو منذ الـ 24 أيلول/سبتمبر بسبب قيود سفر فرضتها السلطات.
ولا تزال شاحنات صهاريج مخصصة لإمداد القوافل عالقة أيضًا في غاو. وقال مسؤول في البعثة "تقول الجمارك إن كميات الوقود غير مبرّرة". وأوضح شرطي مالي في غاو أن مخاوف السلطات في هذا الصدد تنبع من احتمال "أن تقدّم مينوسما وقودًا للجهاديين".
تفاقم انعدام الثقةيعكس هذا الادّعاء، الذي لا يستند إلى أي دليل، انعدام الثقة بين بعثة مينوسما والمجلس العسكري.
تُعدّد مذكرة سرية اطّلعت عليها وكالة فرانس وموجّهة إلى مجلس الأمن الدولي من قبل إدارة عمليات حفظ السلام، التحديات المطروحة أمام البعثة الأممية في مالي خلال انسحابها، وأبرزها عدم منح السلطات تصاريح الطيران أو السفر والحظر على الواردات التي تعنيها أو عدم قدرتها على إرسال دوريات لمراقبة معسكراتها الخاصة.
ووضعت مينوسما خطة انسحاب بديلة تشمل تدابير تستخدمها كملاذ أخير.
واتهم الناطق باسم الحكومة المركزية المالية العقيد عبد الله مايغا الحليف الفرنسي السابق بعدم توفير "أي جهود من أجل تسريع عمليات مغادرة البعثة الأممية".
فمن خلال تسريع عملية انسحابها، تعطّل البعثة الأممية خطط الجيش الذي يرفض ترك المجال مفتوحًا أمام الانفصاليين.
ويرى الخبير في الشؤون الدولية والاستراتيجية في معهد مونتيني جوناتان غيفار أن المجلس العسكري "اتخذ قرار طرد مينوسما، لكنه يريد أيضًا التحكّم بوتيرة الانسحاب".
مغادرة كيداليُحتمل أن تتفاقم التوترات مع رحيل بعثة الأمم المتحدة من مدينة كيدال معقل الانفصاليين الطوارق. وكانت مغادرة هذه القاعدة مقررة بالأساس خلال النصف الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر. غير أنها قد تكتمل في وقت أقرب، وربما في غضون بضعة أيام بحسب مسؤول في البعثة.
وأشار مسؤول في البعثة إلى أن العناصر غير الأساسيين بدأوا يغادرون. وقال ضابط تشادي "لن نبقى مكتوفي الأيدي ونعرّض قواتنا للخطر".
وفضّل العديد من المسؤولين الذين تحدثت معهم وكالة فرانس برس عدم الكشف عن هويتهم نظرًا لحساسية الموضوع.
المصادر الإضافية • أ ف ب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية جماعات مسلحة في مالي تعلن استعدادها لمواجهة المجلس العسكري عملية انتحارية في مالي بعد ساعات من هجومين داميين استهدفا زورقا وقاعدة للجيش شاهد: الجيش المالي يتوجه إلى كيدال معقل الطوارق مالي- جهاديون تهديد إرهابي منظمة الأمم المتحدة جمهورية ماليالمصدر: euronews
كلمات دلالية: تهديد إرهابي منظمة الأمم المتحدة جمهورية مالي إسرائيل حركة حماس غزة فلسطين طوفان الأقصى روسيا قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني جرائم حرب فلاديمير بوتين إسبانيا إسرائيل حركة حماس غزة فلسطين طوفان الأقصى قطاع غزة بعثة الأمم المتحدة البعثة الأممیة المجلس العسکری یعرض الآن Next فی مالی
إقرأ أيضاً:
قمة عربية تحت سيف التهديد الإسرائيلي
للمرة الثانية ينعقد مؤتمر القمة العربي تحت سيف التهديد الإسرائيلي، وتحت ظلال الصواريخ الإسرائيلية التي تطارد المدنيين في غزة والضفة الغربية، إنها رسائل استخفاف إسرائيلية بالعرب كأمة، وتهديد لهم بتجنب شر إسرائيل، والاستجابة لشروطها، وإلا فإن السيف الإسرائيلي سيواصل قطع الرؤوس العربية في غزة والضفة الغربية، وفي سوريا ولبنان إن استوجب العدوان، وربما في أماكن أبعد من ذلك.
كانت المرة الأولى التي انعقد فيها مؤتمر القمة العربية تحت ظلال السيف الإسرائيلي سنة 2002م، حيث انعقدت القمة العربية في بيروت، في الوقت الذي كانت فيه الدبابات الإسرائيلية تجوب شوارع الضفة الغربية، وتحاصر مدينة جنين ومخيمها، وتذبح مئات الفلسطينيين في أرجاء الضفة وغزة خلال انتفاضة الأقصى، وتهجر من مدينة بيت لحم عشرات الشباب الذين آمنوا بالثورة الفلسطينية، ورفعوا شعار الحرية، وقد استجاب الملوك والرؤساء العرب لسيف القوة الإسرائيلي وقتئذٍ، وصدر عن مؤتمرهم مبادرة السلام العربية، التي لم تعترف بها إسرائيل، ولم تحترم مطلقيها.
وبهدف البحث عن حلول لليوم التالي من الحرب على غزة، ينعقد مؤتمر القمة العربية في القاهرة، وأمام المؤتمرين عدة مبادرات لتجنب التهديد الإسرائيلي الأمريكي بتهجير أهل غزة، ولإنهاء الحرب، كشرط للبدء في إعمار غزة، ويترافق كل ذلك مع الرفض الإسرائيلي للدخول في إلى مفاوضات المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، والتهرب من استحقاق المرحلة الأولى من الاتفاقية، ويترافق كل ذلك مع العدوان الوحشي على أرض الضفة الغربية، في رسائل استخفاف مباشرة بقادة الدول العربية.
اليوم التالي للحرب على غزة هو يوم خالص لأهل غزة، فهم أصحاب القرار، وهم سكان الدار، وهم الأعرف بمصالحهم، ومستقبل أولادهم، وهم يرفضون الخضوع للتهديدات الإسرائيلية، حتى ولو تأخر الإعمار لسنوات، وما عجز الجيش الإسرائيلي عن تحقيقه خلال 16 شهراً من حرب الإبادة، لن يسمح أهل غزة بتحقيقه من خلال التهديدات بتجدد الحرب، ولن يسمح أهل غزة بتمريره من خلال المبادرات التي تستثني أهل غزة عن إدارة شؤون حياتهم، ولا ينتظر أهل غزة من الأشقاء العرب إلا الدعم لمواقفهم، وتصليب قراراتهم الرافضة لفكرة الخنوع للمطالب الإسرائيلية، وقد دللت سنوات العدوان الإسرائيلي الكثيرة أن العدو الإسرائيلي نار حقدٍ لا تشبع، نارُ كراهيةٍ صهيونيةٍ تلتهم قرارات قمم العرب، تحرقها، وتذروها رماداً في سياسة لا تؤمن بالخوف أو الشفقة.
كاتب ومحلل سياسي فلسطيني