صحيفة التغيير السودانية:
2024-09-18@23:15:44 GMT

السودان: مفاوضات الحدّ الأدنى

تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT

السودان: مفاوضات الحدّ الأدنى

 

السودان: مفاوضات الحدّ الأدنى

جمانة فرحات

 

يعود طرفا الحرب في السودان إلى التفاوض، بعد تعليق للمحادثات امتد نحو ثلاثة أشهر كانت الكلمة فيها للميدان حصراً. لكن هذه العودة لا يجب الرهان على أنها ستقود إلى تحقيق اختراقٍ يمكن أن يطوي صفحة الحرب عبر حل سياسي، إذ لم يتبدّل الكثير عسكرياً أو سياسياً. وعوضاً عن إضاعة الوقت والجهد في أهدافٍ غير قابلةٍ للتحقّق في هذه المرحلة، يبدو أكثر إلحاحاً التركيز على اختراقات واقعية، مثل هدنة مؤقتة أو تثبيت آليات تسمح بتسهيل العمل الإنساني، وتطبيق ما كان قد اتفق عليه بما يعرف بـ”إعلان جدّة” الخاص بحماية المدنيين، ولم يجد طريقه إلى التنفيذ جرّاء عقبات عدّة، تقاسم الجيش وقوات الدعم السريع المسؤولية عنها.

وإذا كانت الأزمة الإنسانية، فعلياً، في ذيل قائمة اهتمامات الجيش و”الدعم السريع”، إلا أنها تفرض نفسها كارثة لا يمكن تجاوزها، لا من طرفي الحرب، ولا من العالم، بعد وصف الأمم المتحدة لها، بأنها أحد “أسوأ الكوابيس الإنسانية في التاريخ المعاصر”. وليس اختيار هذا التوصيف عبثياً، فالحديث اليوم عن تدمير معظم البنية التحتية في البلاد وخروج 70% من المستشفيات في المناطق التي أقحمت في الحرب من الخدمة، إلى جانب انتشار أمراض مثل الكوليرا والحصبة والملاريا بين الأطفال. يُضاف إلى ذلك أن بقاء أكثر من نصف السكان على قيد الحياة رهنٌ بتقديم المساعدات لهم بعدما أجبرت الحرب 5.8 ملايين شخص (بينهم 2.5 مليون طفل) على النزوح أو التنقل من مكان إلى آخر، هرباً من المعارك، ليصل عدد النازحين في السودان بسبب أزماته الممتدّة منذ سنوات إلى 7.1 ملايين، ويسجّلون بذلك أكبر عدد من النازحين داخلياً في العالم. ورغم هذا القدر الهائل من الاحتياجات الإنسانية، إلا أن الاستجابة على المستوى الدولي تبدو أقلّ من المطلوب، إذ لم يتجاوز تمويل خطة الاستجابة الأممية الـ31% حتى يونيو/ حزيران الماضي.

وكلما طال أمد الحرب، بلغت الكارثة مستوياتٍ جديدة. وبقدر ما يشكّل وقفها حاجة ملحّة، تصبّ المؤشّرات الحالية جميعها في خانة استمرارها. ولا تشي البيانات الصادرة عن كل من الجيش و”الدعم السريع” بأن هناك نقاط التقاء بين الطرفين، رغم الإعلان المتكرّر للرغبة في إنهاء الحرب. ولا تزال رؤى قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد “الدعم السريع”، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، متباعدة. يريد كل منهما الاستمرار بخوض المعارك، متجاهلين ما أثبتته أكثر من ستة أشهر من الاشتباكات من صعوبة تحقيق أي طرفٍ انتصاراً في الميدان، رغم جميع المجازر التي ارتُكبت وعمليات التهجير، ولا سيما في دارفور الذي شهد واحداً من أسوأ فصول الحرب دمويةً مع اتهامات بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في الإقليم.

وإذا كان ميزان السيطرة يميل لـ”الدعم السريع” في العاصمة ومناطق رئيسيّة أخرى، إلا أن الجيش الذي تكبّد هزائم عدّة لا يزال يسيطر في مدنٍ أخرى مهمة. وإنْ كانت دول محدّدة في الإقليم، تدعم البرهان أو حميدتي سياسياً وعسكرياً بدرجاتٍ متفاوتةٍ لحسابات عدّة، إلا أن أياً منها لا يبدو مستعدّاً لتمويل الحرب كاملة، والغرق في مستنقعٍ قد يدوم طويلاً. ويضع هذا الأمر طرفي الحرب أمام معضلاتٍ كبيرة، في غياب الإيرادات الكافية لتغطية نفقات الحرب ورواتب المقاتلين. وحتى التقارب أخيراً بين البرهان وطهران لن يكون كافياً لقلب المعادلات، لكنه كافٍ، على ما يبدو، لإثارة قلق المسؤولين الغربيين، وهو أقلّه ما أشار إليه موقع بلومبيرغ، خصوصاً لجهة الخشية الغربية من إمداد إيران القوات المسلحة السودانية بأسلحة، بما في ذلك المسيّرات التي باتت تستخدم في أكثر من بلد، والاستمرار في حرب استنزافٍ طويلة.

جمانة فرحات

صحافية لبنانية. رئيسة القسم السياسي في “العربي الجديد”. عملت في عدة صحف ومواقع ودوريات لبنانية وعربية تعنى بالعلاقات الدولية وشؤون اللاجئين في المنطقة العربية.

الوسومالبنى التحتية الجيش الدعم السريع العاصمة مفاوضات

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: البنى التحتية الجيش الدعم السريع العاصمة مفاوضات

إقرأ أيضاً:

مليشيا الدعم السريع تبيع الآثار السودانية المنهوبة على الإنترنت

كشفت صحيفة التايمز البريطانية الاثنين أن قطعا أثرية سودانية لا تقدر بثمن تعرض للبيع على موقع “إيباي” بعد تهريبها من البلد الذي مزقته حرب مستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ويُعتقد أن القطع، التي تشمل تماثيل وأواني ذهبية وفخارا، قد نُهبت من المتحف الوطني في الخرطوم، الواقع في منطقة تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وبحسب الصحيفة، نُهبت آلاف من الآثار بما في ذلك شظايا تماثيل وقصور قديمة خلال أكثر من عام من القتال الذي قُتل فيه ما يصل إلى 150 ألف شخص ووضعت الآثار الثمينة تحت رحمة اللصوص.
يأتي تقرير “التايمز” بعد أيام قليلة من إعراب هيئة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (اليونسكو) عن قلقها العميق إزاء التقارير الأخيرة عن احتمال نهب وإتلاف العديد من المتاحف والمؤسسات التراثية في السودان، بما في ذلك المتحف الوطني، على أيدي الجماعات المسلحة.
ودعت المنظمة الخميس في بيان المجتمع الدولي إلى بذل قصارى جهده لحماية تراث السودان من الدمار والاتجار غير المشروع.
وحذرت هيئة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (اليونسكو) من أن التهديد الذي تتعرض له أعظم كنوز البلاد وصل إلى “مستوى غير مسبوق”.
وتشير صحيفة التايمز إلى أن اللوحات والأشياء الذهبية والفخار تدرج في بعض الأحيان على موقع إيباي باعتبارها آثارا مصرية، لكنها في الحقيقة جاءت من المتحف الوطني السوداني في الخرطوم، بحسب ما نقلت عن خبراء.
يقع المتحف في منطقة من العاصمة تسيطر عليها قوات الدعم السريع، والتي نشأت من ميليشيات الجنجويد المتهمة بارتكاب إبادة جماعية في دارفور قبل عقدين من الزمان. وتخوض قوات الدعم السريع صراعًا على السلطة مع الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للسودان.
تتضمن المجموعة الضخمة للمتحف قطعا أثرية من العصر الحجري القديم وعناصر من موقع كرمة الشهير بجوار النيل في شمال السودان، بالإضافة إلى قطع فرعونية ونوبية.
ونفت قوات الدعم السريع تورطها في النهب.
لكن خبراء يرون أن الحرب جعلت من السهل سرقة القطع المخزنة أثناء عمليات التجديد التي كانت جارية في المتحف قبل اندلاع الصراع.
ورغم حذف إيباي عددا من القطع بعد تواصل الصحيفة معهم، يستمر الاتجار بالآثار السودانية المنهوبة، وسط تحذيرات من علماء الآثار بشأن تهديد مواقع تاريخية أخرى، مثل جزيرة مروي، أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو.
وجزيرة مروي عبارة عن مناطق شبه صحراوية بين نهر النيل ونهر عطبرة، معقل مملكة كوش، التي كانت قوة عظمى بين القرنين الثامن والرابع قبل الميلاد.
وكانت تتألف من الحاضرة الملكية للملوك الكوشيين في مروي، بالقرب من نهر النيل، والمواقع الدينية في نقاء والمصورات الصفراء.
ويذكر موقع اليونسكو أنها كانت مقرًّا للحكام الذين احتلوا مصر لما يقرب من قرن ونيف، من بين آثار أخرى، مثل الأهرامات والمعابد ومنازل السكن وكذلك المنشآت الكبرى، وهي متصلة كلها بشبكة مياه. امتدت إمبراطورية الكوشيين الشاسعة من البحر الأبيض المتوسط إلى قلب أفريقيا، وتشهد هذه المساحة على تبادل للفنون والهندسة والأديان واللغات بين المنطقتين.
وحثت منظمة “اليونسكو” التجار وجامعي التحف على الامتناع عن اقتناء أو المشاركة في استيراد أو تصدير أو نقل ملكية الممتلكات الثقافية من السودان، معتبرة أن “أي بيع غير قانوني أو تهجير لهذه العناصر الثقافية من شأنه أن يؤدي إلى اختفاء جزء من الهوية الثقافية السودانية وتعريض تعافي البلاد للخطر”.
والجمعة، دعا خبراء من الأمم المتحدة إلى نشر قوة “مستقلة ومحايدة من دون تأخير” في السودان، بهدف حماية المدنيين في مواجهة الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان.

الحرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • البرهان يرحب ببيان بايدن ويدعو لمحاسبة مساندي الدعم السريع
  • بلينكن: هجوم الدعم السريع على الفاشر يهدد إحراز تقدم في أزمة السودان
  • الهروب نحو الابواب المفتوحة
  • قلق وتخوف!!
  • قيادةَ «الدعم السريع» لم تتوقَّع أن تستمر الحرب الخاطفة إلى هذا الحد
  • البرهان يوافق على مبادرة من سلفاكير بشأن الحرب مع الدعم السريع
  • البرهان يشارك بقمة ثلاثية في جوبا ومعارك في الخرطوم والفاشر
  • ???? هل سيحمل البرهان العالم لتصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية؟
  • مليشيا الدعم السريع تبيع الآثار السودانية المنهوبة على الإنترنت
  • هجوم لقوات الدعم السريع يخلف 40 ضحية مدنية في السودان