السودان: مفاوضات الحدّ الأدنى
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
السودان: مفاوضات الحدّ الأدنى
جمانة فرحات
يعود طرفا الحرب في السودان إلى التفاوض، بعد تعليق للمحادثات امتد نحو ثلاثة أشهر كانت الكلمة فيها للميدان حصراً. لكن هذه العودة لا يجب الرهان على أنها ستقود إلى تحقيق اختراقٍ يمكن أن يطوي صفحة الحرب عبر حل سياسي، إذ لم يتبدّل الكثير عسكرياً أو سياسياً. وعوضاً عن إضاعة الوقت والجهد في أهدافٍ غير قابلةٍ للتحقّق في هذه المرحلة، يبدو أكثر إلحاحاً التركيز على اختراقات واقعية، مثل هدنة مؤقتة أو تثبيت آليات تسمح بتسهيل العمل الإنساني، وتطبيق ما كان قد اتفق عليه بما يعرف بـ”إعلان جدّة” الخاص بحماية المدنيين، ولم يجد طريقه إلى التنفيذ جرّاء عقبات عدّة، تقاسم الجيش وقوات الدعم السريع المسؤولية عنها.
وإذا كانت الأزمة الإنسانية، فعلياً، في ذيل قائمة اهتمامات الجيش و”الدعم السريع”، إلا أنها تفرض نفسها كارثة لا يمكن تجاوزها، لا من طرفي الحرب، ولا من العالم، بعد وصف الأمم المتحدة لها، بأنها أحد “أسوأ الكوابيس الإنسانية في التاريخ المعاصر”. وليس اختيار هذا التوصيف عبثياً، فالحديث اليوم عن تدمير معظم البنية التحتية في البلاد وخروج 70% من المستشفيات في المناطق التي أقحمت في الحرب من الخدمة، إلى جانب انتشار أمراض مثل الكوليرا والحصبة والملاريا بين الأطفال. يُضاف إلى ذلك أن بقاء أكثر من نصف السكان على قيد الحياة رهنٌ بتقديم المساعدات لهم بعدما أجبرت الحرب 5.8 ملايين شخص (بينهم 2.5 مليون طفل) على النزوح أو التنقل من مكان إلى آخر، هرباً من المعارك، ليصل عدد النازحين في السودان بسبب أزماته الممتدّة منذ سنوات إلى 7.1 ملايين، ويسجّلون بذلك أكبر عدد من النازحين داخلياً في العالم. ورغم هذا القدر الهائل من الاحتياجات الإنسانية، إلا أن الاستجابة على المستوى الدولي تبدو أقلّ من المطلوب، إذ لم يتجاوز تمويل خطة الاستجابة الأممية الـ31% حتى يونيو/ حزيران الماضي.
وكلما طال أمد الحرب، بلغت الكارثة مستوياتٍ جديدة. وبقدر ما يشكّل وقفها حاجة ملحّة، تصبّ المؤشّرات الحالية جميعها في خانة استمرارها. ولا تشي البيانات الصادرة عن كل من الجيش و”الدعم السريع” بأن هناك نقاط التقاء بين الطرفين، رغم الإعلان المتكرّر للرغبة في إنهاء الحرب. ولا تزال رؤى قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد “الدعم السريع”، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، متباعدة. يريد كل منهما الاستمرار بخوض المعارك، متجاهلين ما أثبتته أكثر من ستة أشهر من الاشتباكات من صعوبة تحقيق أي طرفٍ انتصاراً في الميدان، رغم جميع المجازر التي ارتُكبت وعمليات التهجير، ولا سيما في دارفور الذي شهد واحداً من أسوأ فصول الحرب دمويةً مع اتهامات بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في الإقليم.
وإذا كان ميزان السيطرة يميل لـ”الدعم السريع” في العاصمة ومناطق رئيسيّة أخرى، إلا أن الجيش الذي تكبّد هزائم عدّة لا يزال يسيطر في مدنٍ أخرى مهمة. وإنْ كانت دول محدّدة في الإقليم، تدعم البرهان أو حميدتي سياسياً وعسكرياً بدرجاتٍ متفاوتةٍ لحسابات عدّة، إلا أن أياً منها لا يبدو مستعدّاً لتمويل الحرب كاملة، والغرق في مستنقعٍ قد يدوم طويلاً. ويضع هذا الأمر طرفي الحرب أمام معضلاتٍ كبيرة، في غياب الإيرادات الكافية لتغطية نفقات الحرب ورواتب المقاتلين. وحتى التقارب أخيراً بين البرهان وطهران لن يكون كافياً لقلب المعادلات، لكنه كافٍ، على ما يبدو، لإثارة قلق المسؤولين الغربيين، وهو أقلّه ما أشار إليه موقع بلومبيرغ، خصوصاً لجهة الخشية الغربية من إمداد إيران القوات المسلحة السودانية بأسلحة، بما في ذلك المسيّرات التي باتت تستخدم في أكثر من بلد، والاستمرار في حرب استنزافٍ طويلة.
جمانة فرحات
صحافية لبنانية. رئيسة القسم السياسي في “العربي الجديد”. عملت في عدة صحف ومواقع ودوريات لبنانية وعربية تعنى بالعلاقات الدولية وشؤون اللاجئين في المنطقة العربية.
الوسومالبنى التحتية الجيش الدعم السريع العاصمة مفاوضاتالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: البنى التحتية الجيش الدعم السريع العاصمة مفاوضات
إقرأ أيضاً:
اغتيال مراسل إذاعي في معارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع
متابعات ــ تاق برس – اغتالت قوات الدعم السريع المراسل الإذاعي الحسن فضل المولى موسى بمدينة النهود بولاية غرب كردفان.
وكان يعمل ضمن طاقم إذاعة غرب كردفان ومراسل إذاعة بلادي 96.6
وشهدت مدينة النهود شمال كردفان، معارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث بدأت قوات الدعم الهجوم من محورين على المدينة بمعاونة متعاونين مسلحين مع قوات الدعم من داخل النهود،والسيطرة عليها جزئيا.
أكّد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، العميد نبيل عبد الله، في تصريح حسب “المحقق”، أن الجيش السوداني تصدى بكل قوة لهجوم قوات الدعم السريع على مدينة النهود بولاية غرب كردفان، مؤكدًا أن القوات المسلحة تسيطر حاليًا على الوضع العسكري في المدينة بشكل كامل.
وصف العميد نبيل عبد الله قوات الدعم السريع التي هاجمت النهود بـ”الأوباش”، في تعبير شديد اللهجة، وقال إن ما قامت به هذه القوات من هجوم على المدنيين واقتحام الأحياء السكنية “لن يمر مرور الكرام”، مؤكدًا أن الرد كان حاسمًا من قبل القوات المسلحة التي تصدت للهجوم ببسالة.
وأضاف: “القوات المسلحة السودانية قامت بواجبها في الدفاع عن الأرض والعرض، والعدو تكبد خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات”، مشيرًا إلى أن محاولة الدعم السريع للسيطرة على المدينة فشلت بسبب الجاهزية العالية والرد القوي من القوات العسكرية المنتشرة في محيط اللواء 18 مشاة.
وأكد الناطق باسم الجيش أن الوضع الأمني في مدينة النهود الآن تحت السيطرة الكاملة، داعيًا المواطنين إلى التزام منازلهم وعدم الانجرار وراء الشائعات التي تُبث عبر بعض المنصات الإعلامية المرتبطة بما سماها بـ”الجماعات المتمردة”.
كما أشار إلى أن القوات المسلحة تتخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين وتأمين المدينة من أي اعتداءات محتملة مستقبلًا، مشددًا على أن الجيش يتعامل وفق ضوابط واضحة تحفظ كرامة الإنسان وتحمي المرافق العامة.
وبعث العميد نبيل عبد الله برسالة طمأنة إلى الشعب السوداني، قائلاً: “قواتكم المسلحة تقف صامدة في وجه المعتدين، وتعمل بكل إخلاص لحماية الوطن والمواطن. النهود صامدة، والجيش باقٍ في مواقعه ولن يسمح بتمدد الفوضى أو تغول المليشيات”.
ويأتي هذا التصريح بعد ساعات من بيان شديد اللهجة أصدرته لجان مقاومة النهود، أدانت فيه الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق المدنيين، ووصفتها بـ”الجريمة المتكاملة الأركان”، مما يعكس حالة الغليان والغضب الشعبي مما يحدث في المدينة.
وكان شهود عيان قالوا لـ (تاق برس)، ان الاشتباكات جرت خارج المدينة في الاتجاه الشمالي الغربي. واشاروا الى سماع اصوات إشتباكات متقطعة بالاسلحة المختلفة، تجاه بوابات مدينة غبيش ـ شمال كردفان،من الناحية الجنوبية الغربية لمدينة النهود.
واضافوا، ان الجيش السوداني تمكن ايضا من صد هجوم اخر بالاتجاه الشرقي تجاه جبل حيدوب علي طريق الأبيض عاصمة شمال كردفان.
ونوهوا الى ان الطيران الحربي تدخل بقوة وقصف القوة للمهاجمة لقوات الدعم السريع على مدينة النهود لكن وجود متعاونين وخلايا نائمة لقوات الدعم داخل احياء المدينة سهل عملية سيطرتهم عليها لساعات ،قبل استعادة الجيش لها واضافوا ان قوة الجيش السوداني والمقاتلين معه انسحبوا الى قيادة اللواء التابع لجيش السوداني شرق المدينة.
اغتيال مراسلالدعم السريعالنهود