غياب سعودي متعمد.. لهذا يرفض بن سلمان التدخل في حرب غزة
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
سلط الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية، ستيفن كوك، الضوء على ما وصفه بالغياب السعودي الغامض في مشهد الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، مشيرا إلى أن "السعوديين الجدد" يتصرفون منذ بدء الحرب قبل 3 أسابيع مثل "السعوديين القدامى" بشأن فلسطين.
وذكر كوك، في مقال نشره بمجلة "فورين بوليسي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، التقى نجم كرة القدم العالمي، كريستيانو رونالدو، في 23 أكتوبر/تشرين الأول، وهو نفس الوقت الذي علم فيه العالم أن الحكومتين القطرية والمصرية نجحتا في إطلاق سراح امرأتين إسرائيليتين كانتا محتجزتين لدى حركة حماس.
وبينما انخرطت قطر ومصر في جهود الوساطة، ناقش بن سلمان مستقبل الرياضات الإلكترونية (ألعاب الفيديو) مع رونالدو، ما يؤشر إلى أن الأمر عندما يتعلق بالسياسة الخارجية وإدارة الأزمات، فإن السعوديين يبدون "عديمي الفائدة"، حسبما نقل كوك عن مسؤول كبير سابق في الإدارة الأمريكية.
ويرجع كوك ذلك إلى أن السعوديين في مأزق: فهم ما زالوا يعتمدون في تحقيق الأمن على الولايات المتحدة، وهي نفس الدولة التي تساعد في تسهيل العدوان الإسرائيلي المدمر على قطاع غزة.
وبعد ساعات فقط من عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت وزارة الخارجية السعودية دعوة إلى "وقف فوري للتصعيد بين الجانبين".
ومنذ ذلك الحين، أصدر السعوديون سلسلة من البيانات وأجروا اتصالات واجتماعات متعددة الأطراف، لكنها لا تساهم في إعادة الاستقرار الإقليمي.
اقرأ أيضاً
كوشنر من الرياض: التطبيع بين السعودية وإسرائيل أصبح أكثر أهمية
وقبل لقاء بن سلمان بوزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في 15 أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت وزارة الخارجية السعودية بياناً جاء فيه، جزئياً، أن الرياض "تؤكد رفضها القاطع لدعوات التهجير القسري" للفلسطينيين من غزة، وتكرر إدانتها للاستهداف المستمر للمدنيين العزل.
ويعلق كوك على ذلك قائلا: "إذا كان السعوديون هم الكلاب الكبيرة في المنطقة، كما يزعمون، فلا يمكنهم الجلوس في الرياض وعدم تقديم أي شيء أكثر من اعتراضات شديدة على الوضع المروع في غزة".
وأضاف: "لكي نكون منصفين، فإن السعوديين فعلوا شيئًا ما. ففي 18 أكتوبر/تشرين الأول، عقدوا (السعوديون) اجتماعًا للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي، انتقد فيه وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، تقاعس المجتمع الدولي ومعاييره المزدوجة رداً على العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة".
كما كرر فيصل الدعم السعودي لمبادرة السلام العربية لعام 2002، التي قادها ولي العهد السعودي آنذاك الأمير، عبدالله بن عبد العزيز، وألزمت الدول الإسلامية العربية وغير العربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل إقامة دولة فلسطينية.
خطة ميتة
ويصف كوك الخطة السعودية بأنها "ماتت منذ زمن طويل"، ومع ذلك، فمن خلال استحضاره، كان بن فرحان يسلط الضوء على إحدى المرات القليلة التي كان لدى السعوديين فيها شيء ملموس لتقديمه في عملية صنع السلام الإسرائيلية الفلسطينية، ويؤكد التزام الرياض بالعدالة للفلسطينيين.
لكن على الرغم من كل الضجيج، يرى كوك أن الاجتماع لم يكن محاولة حقيقية من قبل الرياض للدبلوماسية البناءة بقدر ما كان تمرينًا للعلاقات العامة يهدف إلى توفير بعض الغطاء بعد أشهر من المفاوضات مع الولايات المتحدة حول صفقة تطبيع محتملة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
ويشير كوك إلى ما اعتبرها "ثغرة مثيرة للاهتمام" في النهج السعودي تجاه الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، ففي اليوم السابق لاجتماع منظمة التعاون الإسلامي، تحدث الأمير، تركي بن فيصل، مدير المخابرات السعودية السابق، وسفير الرياض السابق في كل من لندن وواشنطن، في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس في هيوستن، مهاجما إسرائيل والغرب بسبب إراقة الدماء في غزة، كما هاجم حماس أيضًا.
وأعلن بن فيصل بوضوح أن قتل الأطفال والنساء وكبار السن يخالف المعتقدات الإسلامية، وشدد على أنه "لا يوجد أبطال" في الحرب الدائرة الآن.
اقرأ أيضاً
وقف مؤقت للتطبيع مع إسرائيل.. السعودية تربح الوقت من طوفان الأقصى
ويعلق كوك على هذا الخطاب بقوله: "صحيح أن تركي أصبح الآن مواطنًا عاديًا ولم يعد مسؤولًا حكوميًا، لكنه أيضًا الشخص الذي قال أشياء علنية يريد أفراد العائلة المالكة السعودية قولها، ولكن لا يمكنهم ذلك".
ولذا يرى كوك أن تعليقات تركي في هيوستن كانت مهمة، مضيفا: "لكن إذا أخذناها مجتمعة، فإن التصريحات القادمة من السعوديين لا تعدو أن تكون أكثر من مجرد ضجيج في الخلفية في الصراع الإقليمي المختمر".
ويتابع كوك: "ما يجعل التقاعس السعودي أكثر غرابة هو مدى حذر السعوديين عندما يتعلق الأمر بالإيرانيين. ويمكن فهم القراءة السعودية لمكالمة محمد بن سلمان مع الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، حول الحرب بين إسرائيل وحماس على أنها نقد ضمني لإيران، لا سيما الجزء الذي قيل إن الزعيم السعودي أكد فيه معارضة المملكة لأي شكل من أشكال قتل المدنيين".
وشدد بن سلمان على التزامه بـ "السلام الشامل والعادل"، ما يعني دعم حل الدولتين، وهو ما تشاركه فيه إيران، وهو ما يراه كوك مقصودا من الجانب السعودي باعتبار أن حماس فجرت بعملية "طوفان الأقصى" استراتيجية بن سلمان الإقليمية بمساعدة إيرانية.
فنجاح رؤية محمد بن سلمان 2030، وهي خريطة الطريق الطموحة لتحقيق "فرص جديدة للنمو والاستثمار، وزيادة المشاركة العالمية، وتحسين نوعية الحياة للمواطنين"، يعتمد جزئياً على الاستقرار والتكامل الأكبر مع الاقتصادات الكبرى في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل.
وكان من المفترض أن يؤدي اتفاق عودة العلاقات بين السعودية وإيران، في مارس/آذار الماضي، إلى تهدئة التوتر في المنطقة، لكن كوك يصفه بأنه كان اتفاقا ناتجا عن "الضعف السعودي، ولم يؤد إلا إلى إنهاء المواجهة السعودية الإيرانية".
غضب إيران
ويضيف: "من الواضح أن ولي العهد لا يريد التصرف في صراع غزة بطريقة تثير غضب الإيرانيين، بحيث يبدأ الحوثيون، وكلاء طهران في اليمن، في استهداف المراكز السكانية السعودية مرة أخرى بالطائرات المسيرة والصواريخ".
وبعد اندلاع الحرب الأهلية بالسودان، في أبريل/نيسان، كانت العلاقات الأمريكية السعودية "في أفضل حالاتها على الإطلاق"، وفقًا لمسؤولين من الحكومتين الذين تحدثوا معي في محادثات خاصة في ذلك الوقت، وذلك لأن السعوديين تمكنوا من جعل أنفسهم مفيدين للولايات المتحدة في التعامل مع هذا الصراع، عبر التوسط في محادثات السلام بين الأطراف المتحاربة، وتوفير 100 مليون دولار من المساعدات الإنسانية للسودان، والمساعدة في إجلاء آلاف الأشخاص من البلاد.
وتحتاج واشنطن مرة أخرى إلى المساعدة لتحقيق الاستقرار في المنطقة الآن بعد أن اندلعت حرب في غزة، لكن يبدو أن السعوديين غير قادرين أو غير راغبين في المساعدة هذه المرة، حسبما يرى كوك.
ويلفت الخبير في شؤون الشرق الأوسط إلى أن بن سلمان يعتمد على واشنطن لأمن بلاده، إلا أنه في ظل الظروف الحالية فإن العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية تشكل نقطة ضعف بالنسبة له، وربما يكون قد عزز سلطته، لكنه يحتاج إلى توخي الحذر.
فقضية فلسطين لاتزال ذات رمزية مهمة في السعودية، وسيكون من الصعب على بن سلمان العمل بشكل وثيق مع إدارة بايدن في الوقت الحالي، والمرجح أن الطريقة الحازمة التي تحركت بها واشنطن لدعم إسرائيل قد تركت انطباعًا قويًا وسلبيًا على الجمهور السعودي.
ويرى كون أنه لكي يكون بن سلمان أكثر إيجابية في صراع غزة، فإن ذلك يعني التعامل بشكل أكبر مع كل من واشنطن وإسرائيل، وأن يكون أكثر وضوحاً في انتقاداته لحماس، وأن يقدم ملاذاً آمناً للفلسطينيين الذين يحتاجون إلى رعاية طبية، ومع ذلك، فمن الواضح أن ولي العهد السعودي قد خلص إلى أنه من الأفضل عدم الكشف عن هويته بهذه الطريقة.
ويخلص كوك في مقاله إلى أن بن سلمان يرى، من وجهة نظره، أن "إصدار البيانات، وانتقاد المجتمع الدولي، والاتصال بنظرائه، والدردشة مع نجوم كرة القدم، استراتيجية أفضل، ما يكشف السعودية على حقيقتها الحالية الضعيفة".
اقرأ أيضاً
البيت الأبيض: لدينا كل النوايا لمواصلة مساعي التطبيع بين السعودية وإسرائيل
المصدر | فورين بوليسي/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية إسرائيل حماس غزة محمد بن سلمان أکتوبر تشرین الأول بین إسرائیل فی المنطقة ولی العهد بن سلمان إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية أنتوني بلينكن: تجاهل حميدتي بشكل متعمد الالتزامات المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني وقواته ارتكبت جرائم حرب مثل العنف الجنسي
في 15 نيسان/أبريل 2023، بدأت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع صراعًا وحشيًا بينهما أسفر عن وقوع أكبر كارثة إنسانية في العالم أدت إلى تعرّض 638 ألف سوداني لأسوأ مجاعة في تاريخ السودان الحديث، وخلّفت أكثر من 30 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وعشرات الآلاف
7 كانون الثاني/يناير 2025
بيان صحفي
وزير الخارجية أنتوني بلينكن
7 كانون الثاني/يناير 2025
في 15 نيسان/أبريل 2023، بدأت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع صراعًا وحشيًا بينهما أسفر عن وقوع أكبر كارثة إنسانية في العالم أدت إلى تعرّض 638 ألف سوداني لأسوأ مجاعة في تاريخ السودان الحديث، وخلّفت أكثر من 30 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وعشرات الآلاف من القتلى. في كانون الأول/ديسمبر 2023، توصّلتُ إلى أن أفراد القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع قد ارتكبوا جرائم حرب. كما توصّلتُ إلى أن أفراد قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها قد ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وتطهيرًا عرقيًا.
وقد واصلت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها توجيه الهجمات ضد المدنيين. فقد قامت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها بقتل الرجال والفتيان بشكل منهجي – وحتى الأطفال الرضع – على أساس عرقي، واستهدفت عمدًا النساء والفتيات من مجموعات عرقية معينة بالاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي الوحشي. واستهدفت الميليشيات ذاتها المدنيين الفارين، وقتلت الأبرياء الهاربين من الصراع، ومنعت المدنيين المتبقين من الوصول إلى الإمدادات المنقذة للحياة. وبناءً على هذه المعلومات، توصّلتُ الآن إلى أن أفراد قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها قد ارتكبوا عمليات إبادة جماعية في السودان.
إن الولايات المتحدة ملتزمة بمساءلة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الفظائع. ونحن اليوم نفرض عقوبات على زعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو موسى، المعروف باسم حميدتي، لدوره في الفظائع المنهجية التي ارتُكبت ضد الشعب السوداني. كما نفرض عقوبات على سبع شركات مملوكة لقوات الدعم السريع تقع في الإمارات العربية المتحدة وعلى فرد واحد لدورهم في شراء الأسلحة لقوات الدعم السريع. وبالإضافة إلى ذلك، فإننا نعلن اليوم عن تصنيف حميدتي وإدراجه على لائحة العقوبات بموجب المادة 7031 (ج) لتورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في دارفور، وبالتحديد الاغتصاب الجماعي للمدنيين على يد جنود قوات الدعم السريع الخاضعين لسيطرته. ونتيجة لهذا التصنيف، فإن حميدتي وأفراد أسرته المباشرين غير مؤهلين لدخول الولايات المتحدة.
لقد تجاهل حميدتي بشكل متعمد الالتزامات المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني، و”إعلان جدة للالتزام بحماية المدنيين في السودان” لعام 2023، ومدونة قواعد السلوك لعام 2024 الصادرة عن مبادرة ’تعزيز إنقاذ الحياة والسلام في السودان‘. وتتضمن هذه المدونة التزامات بالسماح بمرور الإغاثة الإنسانية دون عوائق ومنع جرائم الحرب مثل العنف الجنسي، التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها تحت قيادة حميدتي.
إن إجراء اليوم هو جزء من جهودنا المتواصلة لتعزيز مساءلة جميع الأطراف المتحاربة التي تؤجج أفعالها هذا الصراع. إن الولايات المتحدة لا تدعم أيًا من طرفي هذه الحرب، وهذه الإجراءات التي تم اتخاذها ضد حميدتي وقوات الدعم السريع لا تعني دعمًا أو تأييدًا للقوات المسلحة السودانية. كلا الطرفين المتحاربين يتحملان المسؤولية عن العنف والمعاناة في السودان، ويفتقران إلى الشرعية لحكم السودان كبلد مسالم في المستقبل. وتواصل الولايات المتحدة تقييم الإجراءات الإضافية لفرض تكاليف على أولئك الذين يُطيلون أمد الصراع والفظائع ضد الشعب السوداني. كما أننا نواصل دعم الشعب السوداني في تحقيق تطلعاته لمستقبل ديمقراطي سلمي وعادل وشامل للجميع، ولهذا السبب أعلنتُ في كانون الأول/ديسمبر أن الولايات المتحدة ستقدم 30 مليون دولار لدعم الجهات الفاعلة في المجتمع المدني السوداني.
تم اتخاذ إجراءات وزارة الخزانة بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098، “فرض عقوبات على بعض الأشخاص الذين يزعزعون استقرار السودان ويقوضون الهدف المتمثل في الانتقال الديمقراطي”، بصيغته المعدلة. ولمزيد من المعلومات حول إجراء اليوم، اطّلعوا على البيان الصحفي الصادر عن وزارة الخزانة. تم هذا التصنيف المعلن عملا بالمادة 7031 (ج) من قانون اعتمادات وزارة الخارجية والعمليات الخارجية والبرامج ذات الصلة لعام 2024 (Div. F, P.L. 118-47)، كما يجري تنفيذه بموجب قانون الاعتمادات المستمرة الإضافية لعام 2025 (Div. A, P.L. 118-158).