شنّت العديد من وسائل الإعلام الفرنسية هجوماً واسعاً على الدور الإيراني في الشرق الأوسط، مُتّهمة وكلاء طهران بإثارة التوترات في جميع أنحاء المنطقة، الأمر الذي يثير قلق المجتمع الدولي، وذلك على الرغم من نفي إيران أيّ تورط مباشر في هذا التصعيد.

ووصفت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، ما تقوم به طهران مثل مُحرّك الدمى الذي يضع دميته على خشبة المسرح واحدة تلو الأخرى بينما يبقى هو خلف الستار ويمنح تلك الدمى صوته.

واعتبرت أنّ إيران لا تزال تُدير الصراعات المختلفة في الشرق الأوسط دون الظهور على خط المواجهة، وهو ما تمّت ملاحظته بشكل خاص في الأسبوعين الأخيرين.

Guerre Israël-Hamas : l’Iran, agent déstabilisateur du Proche-Orient

✍ L'édito d'Alexandra Schwartzbrod :https://t.co/qCo9Cs4VZ3

— Libération (@libe) October 26, 2023

وحذّرت اليومية الفرنسية من أنّ المحور الذي يربط بين مختلف حلفاء إيران ومساعديها، والذي تمّ تأسيسه ودعمه وتعزيزه عسكرياً لأكثر من 20 عاماً في جميع أنحاء المنطقة، يتم حشده اليوم على نحو مُتزايد. فمن ميليشيا حزب الله الأقرب إلى الحدود مع إسرائيل، إلى ميليشيا الحوثي في اليمن، بما في ذلك الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا، يلعب الجميع دورهم مؤخراً لتسخين مسرح الحرب. وكل ذلك، على ما يبدو، من دون سيناريو محدد مُسبقاً لرفع التوترات على جبهة تلو الأخرى وضدّ أهداف مختلفة.

وذكرت "ليبراسيون" أنّه لفهم الطريقة التي تقف وراء هذه الاستراتيجية التي تنتهجها الجمهورية الإسلامية، يجب أن نعود إلى ردود الفعل الأولى من طهران، بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري الذي شنّته حماس، حيث قال المستشار العسكري للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية يحيى رحيم صفوي "إننا ندعم هذه العملية التي نفخر بها". ولكنّه في حين هنّأ حماس على تحرّكها، أكد المتحدث الدبلوماسي الإيراني ناصر الكناني بالمقابل أنّ "إيران لا تتدخل في عملية صنع القرار في الدول الأخرى، بما في ذلك فلسطين".

ومن جهتها تحدّثت صحيفة "ماريان" عمّا اعتبرته التورط الإيراني والترقّب الأوروبي والدولي، مُتسائلة "من يُريد السلام حقاً؟". وأكدت أنّ ما قامت به حركة حماس وقصف إسرائيل لغزة أدّى إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط بشكل خطير. وبينما تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة إلى استئناف دورها كشرطي عالمي، فإنّ إيران تستعرض عضلاتها. وحذّرت من جهتها أنّه، وبينما تلتزم غالبية الدول الصمت، فإنّ الرأي العام العربي الإسلامي يتجه نحو التطرّف. وفي الوقت نفسه، تترقّب روسيا والصين ما سيحدث، وتحذو حذوهما فرنسا وأوروبا.

وقال كلّ من الكتّاب والمحللين الفرنسيين آلان لوتييه وكوينتين مولر وستيفان أوبوارد، في مقال مُشترك، إنّ "التاريخ في بعض الأحيان يحقق قفزات نحو الأمام، وأحياناً يتلكأ، لكنّه في الشرق الأوسط، ومنذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، يعود إلى عدّة عقود من الزمن من خلال الوصول إلى "اللا مستقبل".

هل ينوي حزب الله شنّ حرب على إسرائيل؟ https://t.co/DQmA5X7NXQ

— 24.ae (@20fourMedia) October 26, 2023

وفي الوقت الذي بدا فيه أنّ المواجهة المسلحة وجهاً لوجه بين إسرائيل وجيرانها العرب والفصائل الفلسطينية لن تهدأ أبداً، فإنّ السيناريو المطروح يحتوي على العديد من الاختلافات، سواء على المستوى الإقليمي أو على مستوى توازن القوى العالمي.

ورأى المحللون الفرنسيون أنّ جمهورية إيران الإسلامية تُطالب اليوم بدور مركزي في الملف الفلسطيني، لكن لا أحد يعرف حتى الآن بالتفصيل مدى مشاركة طهران المحتملة في التخطيط لما حدث في محيط غزة، أو ربّما لا يرغب في الكشف عنها.

وأشاروا إلى أنّه وبعد مرور 20 يوماً، لم تتحقق الإدارة الأمريكية بعد من صحة المعلومات الواردة التي تفيد بأن الضباط الإيرانيين قد أعطوا، على الأقل، الضوء الأخضر لعمليات حماس. وذلك لأنّ تأكيد مثل هذا الأمر ليس سهلاً بالنسبة للقوة العالمية العظمى، إذ كيف يُمكن لواشنطن تصنيف طهران كطرف مباشر في عمليات القتل والإرهاب دون جعلها تُعاني من عواقب وخيمة محتملة؟ وهذا هو بالضبط الوضع الذي يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تريد تجنّبه والهرب منه.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل إيران فی الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

ما هي استراتيجية إيران للخروج من المأزق في 2025؟

يلخص الخبير في الشؤون الإيرانية آراش عزيزي المعضلة التي تواجهها طهران بالقول، إن "إيران وجدت نفسها في وضع صعب، وتدرك أن ما من وسيلة للخروج من أزمتها إلا بالتغيير".

التوصل إلى اتفاق مع الدول الغربية ليس التحدي الوحيد




وكتب شابنام فون هاين في موقع تلفزيون دويتشه فيله الألماني، أن قيادة الجمهورية الإسلامية تحتاج إلى تغيير سياساتها والتوصل إلى اتفاق مع الدول الغربية من أجل التغلب على العزلة الدولية والانهيار الاقتصادي، بحسب عزيزي المؤرخ والمحاضر في جامعة كليمسون بالولايات المتحدة.
وصرح لموقع دويتشه فيله، بأن نظام رجال الدين"قلق في شأن احتمال عودة عقوبات الضغط الأقصى مع إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب".

 

With Trump returning to the White House, what could 2025 mean for Iran and its strained ties with the West?

Arash Azizi unpacks the challenges and opportunities ahead for Tehran#Opinion | @arash_tehran https://t.co/xnaf5Bdnq7

— The National (@TheNationalNews) December 26, 2024


وسيعود ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير، وقد تؤدي سياسته حيال إيران إلى زيادة الضغط على الحكام في طهران. لقد مر حكام طهران بعام حافل بالأحداث حتى الآن، ولم يتبق سوى بضعة أشهر حتى يتمكنوا من تحديد بداية عام جديد: العام الجديد هو بداية موسم الربيع في إيران.

أحداث دراماتيكية


ودفع الوضع السياسي الكثير من الإيرانيين إلى التساؤل عما إذا كان قادتهم، سيواجهون شتاءً قاسياً بشكل خاص هذه المرة.
وتميزت الأشهر التسعة الأخيرة بسلسلة من الأحداث الدراماتيكية في إيران.
في الربيع، قُتل الرئيس إبراهيم رئيسي، المتشدد والمرشح المحتمل السابق لخلافة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، في حادث تحطم مروحية.
وأدت وفاته المفاجئة إلى انتخابات مبكرة، فاز فيها على نحوٍ مفاجئ مسعود بزشكيان، الذي يعتبر سياسياً معتدلاً.
وفي الصيف، اهتزت باستهداف زعيم حماس إسماعيل هنية. وأدت وفاته إلى شطب شخصية رئيسية من "محور المقاومة" ضد إسرائيل والقوى الغربية. وأعقب ذلك مقتل زعيم حزب الله حسن نصرالله، ومن ثم سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، مما أسفر عن انهيار المحور.

 

As an already-battered Tehran prepares for a second Trump term, reform may be its only way out - https://t.co/18MWu5EovU Arash Azizi @arash_tehran via @TheNationalNews

— The National Comment (@NationalComment) December 26, 2024


وقال عزيزي :"في رأيي، أن من المحتمل جداً أن تحاول الجمهورية الإسلامية خفض التوترات مع الغرب". ولفت إلى مقال كتبه مؤخراً نائب الرئيس الإيراني وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف في مجلة "فورين أفيرز" ليدعم رأيه.
في المقال الذي نشر قبل انهيار نظام الأسد بعنوان "كيف ترى إيران الطريق إلى السلام"، أكد ظريف على رغبة طهران في التفاوض مع الغرب، بمن فيه الولايات المتحدة.
ويرى عزيزي أنه بالنسبة لإسرائيل، يجادل ظريف بأن إيران ستقبل أي اتفاق يقبل به الفلسطينيون أنفسهم. وهذه نقطة مهمة.
وعندما سئل عما إذا كانت القيادة الإيرانية ستعيد النظر في عدائها لإسرائيل، أجاب أنه من المهم الآن أن نرى "كيف سيتصرف الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حيال نقطة الضعف الحالية للجمهورية الإسلامية.
والنكسات التي تعرضت لها إيران مع حلفائها في الأشهر الأخيرة، أعادت النقاش في البلاد حول الردع العسكري، بما في ذلك دعوات من البعض لتطوير أسلحة نووية.
وفي أوائل ديسمبر، أعلن النائب الإيراني عن مدينة طهران أحمد نادري، أنه حان الوقت لإجراء تجربة نووية.
وتعبيراً عن القلق من تصعيد للتوترات، أجرت ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة محادثات مع إيران نهاية نوفمبر، حول الحد من برنامجها النووي.
وتعليقاً على ذلك، قال المحلل السياسي كورنيليوس أديبهار الذي يتخذ برلين مقراً له: "لقد تحدثوا عن كيفية إجراء محادثات.. ومن الضروري إجراء محادثات قبل أن يتولى ترامب مهامه. وعندما يدخل ترامب إلى البيت الأبيض، من الممكن أن يشعر بالضغط بطريقة أو بأخرى. هناك أصوات تطالبه بسلوك طريق التشدد".
وأضاف أن وجود خطة، أو على الأقل خطوط عريضة لخطة، من شأنه مساعدة الأوروبيين.
إن التوصل إلى اتفاق مع الدول الغربية ليس التحدي الوحيد الذي يواجه الحكومة الحالية في طهران.
وحتى الان، لا توجد حلول لمروحة واسعة من المشاكل الداخلية التي تواجه البلاد، خصوصاً النزاع الجاري بين الإسلاميين المتشددين حول قانون صارم يفرض الحجاب على النساء.

عقوبات قاسية


وصادق مجلس الشوري على القانون في سبتمبر(أيلول) 2023، ويتضمن عقوبات قاسية على النساء والفتيات اللواتي يرفضن ارتداء الحجاب، ويمكن أن يتعرضوا لغرامات كبيرة، والحرمان من التوظيف، وحظر السفر، وفي بعض الحالات القصوى مواجهة عقوبة بالسجن.
وحتى مستشار خامنئي، علي لاريجاني، انتقد القانون قائلاً: "لسنا في حاجة إلى مثل هذا القانون، وفي أقصى الحالات نحتاج إلى اقناع ثقافي".
كما انتقد بزشكيان القانون، وأكد في مقابلة مع التلفزيون الرسمي، أن حكومته ليست مستعدة لتنفيذه، مؤكداً الحاجة إلى "السلام في المجتمع".
ويبدو أن الرئيس ومستشاريه يدركون بأن استفزاز المجتمع بقانون كهذا، سيشعل احتجاجات واسعة، في لحظة ضعف قد تكون ذات أبعاد خطيرة على الجمهورية الإسلامية.

مقالات مشابهة

  • هكذا سيفاجئهم الشرق الأوسط دائماً
  • علاقات بشار التي قضت عليه
  • رونالدو يتوج بجائزة أفضل لاعب في الشرق الأوسط
  • الهدنة والمهلة تضيق .. هل سيواجه الشرق الأوسط الجحيم الذي توعده ترمب ؟!
  • هل تتنهي حروب إسرائيل في 2025؟  
  • كيف تشارك إيران في محورين بارزين وما هي المخاوف الغربية تجاه ذلك؟
  • القناة 12 العبرية: القنبلة التي استهدفت هنية كانت في وسادته
  • لماذا تراجعت إيران عن شارع يحيى السنوار؟
  • ما هي استراتيجية إيران للخروج من المأزق في 2025؟
  • سفير روسيا في مصر: التسامح الأمريكي مع إسرائيل أشعل الشرق الأوسط