السومرية نيوز – دوليات

بينما تستعد قوات الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ هجومها البري على قطاع غزة، تتصاعد التحذيرات الأمريكية من احتمال مواجهة الجيش الإسرائيلي مخاطر كبيرة دون اتخاذ خطة واضحةٍ لهذا الهجوم؛ إذ يخشى الجانب الأمريكي الداعم لتل أبيب أن يتحوّل الهجوم البري التي تنوي إسرائيل القيام به في إطار حربها على غزة إلى التسبب في خسائر بشرية كبيرة لجيش الإحتلال؛ لذا يحاول مسؤولون عسكريون أمريكيون إبعاد إسرائيل عن ذلك النوع من القتال في المناطق الحضرية الذي شاركت فيه الولايات المتحدة خلال غزوها للعراق.


وخلال مساعدة جيش الاحتلال الإسرائيلي على وضع عدد من الاستراتيجيات المختلفة من أجل الانتصار على المقاومة الفلسطينية في غزة، يستشهد المستشارون العسكريون الأمريكيون في إسرائيل بالدروس المستفادة على وجه التحديد من معركة الفلوجة في عام 2004، وهي واحدة من أكثر المعارك دموية للجيش الأمريكي أثناء غزوه العراق.

هذا التخوف الأمريكي الواضح من شكل المعركة البرية في غزّة عبّر عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي عبّر لنتنياهو أنه يريد أن يكون الغزو الإسرائيلي لغزة أقرب إلى ما حدث في الموصل عام 2016، وليس الفلوجة عام 2004.

ومن أجل تجنّب الكارثة التي قد تحصل بسبب معركة الفلوجة، أرسل بايدن الجنرال جيمس جلين الذي ترأس سابقاً العمليات الخاصة لمشاة البحرية الأمريكية (المارينز) في معركة الفلوجة، من أجل تقديم المشورة لجيش الإحتلال الإسرائيلي بشأن تخطيطهم العسكري للمعركة البرية في غزة، فما هي معركة الفلوجة التي تخشى أمريكا وإسرائيل أن تتكرّر في غزة؟

معركة الفلوجة الأولى.. حين فشل الجيش الأمريكي في دخول الفلوجة
بعد سقوط بغداد في أبريل 2003، توجه الكثير من كبار ضباط الجيش العراقي إلى مدينة الفلوجة التي تمركزوا فيها، وقاموا بعقد اتفاقٍ مع الجيش الأمريكي، بالتعاون مع القوات الأمريكية مقابل عدم دخول الجيش الأمريكي إلى مدينة الفلوجة، لذا كانت الفلوجة واحدةً من المدن العراقية القليلة التي لم يحدث بها نهب وسلب وانفلات عند احتلال العراق.

استمر وضع المدينة على هذا الشكل إلا أنّ تمركزت قوات أمريكية في إحدى مدارس المدينة الأمر الذي أدى إلى وقوع احتجاجات لأهالي الفلوجة، نتج عنها مقتل 17 مدنياً في قمع القوات الأمريكية لهذه الاحتجاجات.

تصاعد الأمر ووصل إلى ذروته حين اختطفت مليشيا بلاك ووتر الأمريكية عروساً عراقية في حفل زفافها، الأمر الذي أدى بأهالي الفلوجة والمقاومة العراقية المتمركزة في المدينة إلى الهجوم على دورية لمليشيا بلاك ووتر وقتل 4 عناصر منها وسحلهم وتعليق جثثهم في مركز المدينة.

لم يمض أقل من 24 ساعة على مقتل الأمريكيين الأربعة، حتى حاصرت القوات الأمريكية الفلوجة من جميع الجهات، بهدف معلن هو تسليم الأشخاص المسؤولين عن الحادث، وبعد مناوشات محدودة بدأ الهجوم الأمريكي في الخامس من أبريل/ نيسان بقصف مدفعي وجوي من المروحيات قبل أن تتقدم الدبابات من الجهة الشرقية للمدينة حيث مدخلها الاعتيادي، وبدا لأول وهلة أن مهمة مشاة البحرية لن تكون صعبة في السيطرة على المدينة خلال ساعات أو أيام، وذلك قبل أن يواجه المهاجمون مقاومة شرسة، أعطت المعركة بُعداً مختلفاً، ووضعت الأمريكيين في خضم حرب حقيقية لم يحسبوا لها حساباً.

في البداية دارت المعركة في الحي الصناعي، لكن قوات أمريكية أخرى حاولت التقدم من الشرق في حي نزال المجاور، وفي المنطقتين ركز المقاتلون العراقيون على تدمير الدبابات ومحاولة تحييدها، وخلال الأسبوع الأول لم تتجرأ الدبابات الأمريكية على التقدم داخل الفلوجة بسبب المقاتلين العراقيين الذين اصطادوا الآليات والدبابات الأمريكية بقاذفات (آر بي جي).

وكانت أعنف المعارك تلك التي وقعت في حي الجولان الواقع غربي الفلوجة، الذي امتاز بالكثافة العددية لسكانه، وكذلك ضيق شوارعه التي تجعل من السيطرة عليه أمراً شديد الصعوبة.

كما دار القتال في المدينة بصفة وحشية فقد استطاع قادة المقاومة بالاستناد إلى التنظيم المحكم بفرض السيطرة على أرض المعركة وإحداث إرباك للقوات المهاجمة وكان هذا باستعمال أسلحة بسيطة مع تكتيك حرب العصابات القائم على نصب الكمائن واللجوء إلى تقنية الكر والفر؛ مما أحدث خللاً في الخطة الهجومية للجيش الأمريكي، ولم يستطع الجيش الأمريكي فهم تكتيك المقاومة العراقية في الفلوجة وأدى هذا إلى اعتماد القصف العشوائي للبيوت مما أدى إلى مقتل عدد كبير من المدنيين.

كما زادت الضربات التي تلقتها القوات الأمريكية في المدن العراقية الأخرى والتي نفذها جيش المهدي بقيادة مقتدى الصدر من الإرباك والرعب في معركة الفلوجة، ليقرر الجيش الأمريكي الانسحاب من المعركة، وترك اللواء العراقي لإدارة المدينة.
معركة الفلوجة الثانية.. الجريمة الشنيعة التي لم يحاسب أمريكا عليها أحد
بقيت الفلوجة مدينة خارج الإدارة الأمريكية في العراق طيلة 6 أشهر، ومن أجل إخضاع المدينة، قام الجيش الأمريكي بإطلاق عملية الفجر، والتي تعرف بـ معركة الفلوجة الثانية.

كانت هذه العملية هي ثاني أكبر عملية في الفلوجة، بعد معركة الفلوجة الأولى في أبريل 2004، وكانت أكثر المعارك دموية في حرب غزو العراق بأكملها للقوات الأمريكية، وقد اشتهرت بكونها أكبر اشتباك في حرب غزو العراق ضد الفصائل المسلحة بدلاً من قوات الحكومة العراقية البعثية السابقة التي أطيح بها في 2003.

بدأت معركة الفلوجة الثانية في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، وانتهت في 23 من ديسمبر/كانون الأول 2004، خلال هذه المعركة قاد كلٌ من الجنرال اللفتنانت والجنرال جون ف. ساتلر واللواء ريتشارد ف. ناتونسكي 15 ألف جندي أمريكي وجندي في قوات التحالف في مواجهة ما يقرب من 5 آلاف مقاتلٍ من المقاومة العراقية والعربية بقيادة كلٍ من عبد الله الجنابي وعمر حسين حديد.

بدأت المعركة بحصارٍ أمريكي خانقٍ على المدينة لمنع خروج المقاتلين منها، مع ذلك تم السماح بنزوح أكثر من 300 ألف مدني من الفلوجة، ليتسنى للجيش الأمريكي الهجوم بدون ضغوطٍ على المسلحين بداخلها، ثم شرعت الطائرات الأمريكية في قصف المدينة بقصف مكثف وغارات غير مسبوقة وأسلحة محرمة دولياً خلال أيام المعركة.
وقبل أن تشرع قوات التحالف في هجومها البري في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتمدت التضليل والإشارة إلى أن هجوم التحالف سيأتي من الجنوب والجنوب الشرقي كما حدث في معركة الفلوجة الأولى في شهر أبريل/ نيسان. وبدلاً من ذلك، قامت قوات التحالف بالهجوم على المدينة من الشمال عبر كامل عرضها.

كان القتال بالنسبة للجيش الأمريكي وقوات التحالف في المناطق الحضرية عنيفاً، فقد كانت مواقع القناصة المخفية والأفخاخ المتفجرة تشكل خطراً شديداً على الجنود الأمريكيين.

اضطر الجيش الأمريكي خلال المعركة إلى القتال من منزلٍ لآخر، وذلك من خلال إحداث ثقوب في جدران المنازل خوفاً من المخاطرة باحتمال تفخيخ الأبواب.

وبعد عدة أيام من القتال في الشوارع، تم تأمين وسط المدينة، لكن جيوب المقاومة استمرت لعدة أسابيع، مع مقتل آلاف المدنيين بسبب عشوائية القصف الأمريكي.

اعترفت قوات التحالف في النهاية بمقتل حوالي 110 من عناصرها وجُرح حوالي 600 آخرين، بينما قُتل أو أُسر حوالي 3 آلاف عنصر من المقاومة العراقية.

وتخليداً لهذه المعركة، قامت البحرية الأمريكية بإطلاق اسم "الفلوجة" على إحدى سفنها الهجومية البرمائية، وذلك بعد أن لقيت في المدينة العراقية مقاومةً تاريخية.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: المقاومة العراقیة القوات الأمریکیة قوات التحالف فی للجیش الأمریکی الجیش الأمریکی معرکة الفلوجة من أجل فی غزة

إقرأ أيضاً:

أكاديمي بارز يحذر من ارتكاب نتنياهو خطأ بوش في غزو العراق.. ماذا قال؟

حذر أستاذ كرسي روبرت ورينيه بيلفر للعلاقات الدولية بجامعة هارفارد، ستيفن والت، من ارتكاب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخطأ الذي ارتكبه الرئيس الأمريكي الأسبق  جورج دبليو بوش حين قرر غزو العراق.

وذكّر والت في مقال نشره في مجلة "فورين بوليسي" تحت عنوان "لحظة إنجاز المهمة الإسرائيلية في الشرق الأوسط" وترجمته "عربي21"،  بإعلان بوش في الأول من أيار /مايو 2003 الذي ارتدى زيا قتاليا وهبطت مروحية أس-3 على ظهر حاملة الطائرات أبراهام لينكولن، حيث وقف وخلفه يافطة كتب عليها "المهمة أنجزت".

قال إن العمليات القتالية الكبرى في العراق قد انتهت "وقد انتصرت الولايات المتحدة مع حلفائنا"، حيث بدا سعيدا وزادت شعبيته في الاستطلاعات وهنأ المحافظون الجدد الذين هندسوا غزو العراق أنفسهم بسبب جرأتهم وحكمتهم. إلا أن الظروف في العراق تدهورت وأصبح ينظر إلى قرار غزو العراق بأنه فشل استراتيجي ذريع، وفقا للمقال.

وقال الكاتب "لقد تذكرت ذلك الحادث وأنا أشاهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأنصاره يحتفلون بدك لبنان الذي توج ( بدون نهاية) باغتيال زعيم حزب الله، حسن نصر الله إلى جانب عدد من القيادات العسكرية البارزة".


وأضاف أن "على مدى عام تحدى نتنياهو وزير دفاعه ومنافسيه المحليين وعائلات الأسرى لدى حماس وإدارة بايدن، حيث قام بمد وتوسيع الحرب التي بدأت بهجوم حماس على إسرائيل قبل عام تقريبا"، مشيرا إلى أن "البلد الذي تم تقديمه بدولة الشركات الناشئة أصبحت دولة تفجير الأشياء".
وأشار إلى أن "نتنياهو بادر بتذكير أعداء إسرائيل بأن لا شيء يمنعها من الوصول إليهم. وفي ضوء الضرر الذي أحدثته القوات والمخابرات الإسرائيلية على أعدائها (وقتل عشرات الألاف من المدنيين) فليس مفاجئا أن يقوم نتنياهو برقصة انتصار مثل بوش".

ورأى والت، أن "إسرائيل حققت، وبلا شك خلال الأسابيع الماضي إنجازات تكتيكية واستغلت أخطاء محيرة من قيادة حزب الله وفجرت أجهزة بيجر وتوكي ووكي وكما حدث في غزة فقد استخدمت القوات الإسرائيلية الأسلحة المتقدمة التي زودها بها العم سام والتي تسببت بأضرار كبيرة في لبنان وأضعفت قدرات حزب الله الصاروخية. وأتبع سلاح الجو الإسرائيلي هذا بغارات ضد الحوثيين في اليمن، ودخلت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان، وستواجه إيران انتقاما من إسرائيل على الغارات الصاروخية الأخيرة".

وأضاف أن "نتنياهو وحكومته المتطرفة استخدموا الحرب والرد الأمريكي الضعيف لزيادة العنف وسرقة الأراضي في الضفة الغربية وكجزء من مخطط  إسرائيل الكبرى".

وتساءل الكاتب، "ما الذي سيوقف نتنياهو عن تحريك الطاولة ويعيد حرف الميزان الإقليمي لصالح إسرائيل وللأبد؟".

وأجاب، أن "الإنجازات التكتيكية لا تضمن النجاح الإستراتيجي، لكنك لو جمعت الكثير من الإنجازات هذه، فربما كنت قادرا على تغيير المناخ بطريقة مهمة ودائمة. وهذا في الحقيقة ما يهدف إليه نتنياهو، لكن هناك عدة أسباب تشكك في قدرته على تحقيق هذا".

وبداية، وفقا للمقال، "فالضرر الذي تسببت به إسرائيل ضد محور المقاومة لن يدفعه للتخلي عن القضية أو يرفع الراية البيضاء. وعانت حماس وحزب الله والحوثيين وإيران من ضربات في الماضي ونجت منها، وأحداث العام الماضي تظهر أن رغبتها بالرد ستزيدها تصميما على الرد".


وقال الكاتب إن "هناك أمر مضحك، فإسقاط أطنان من المتفجرات على السكان لن يزيد في حبهم لك بل وسيغرس في نفوس الكثيرين منهم الرغبة بالانتقام، أو على الأقل دفع جلادهم للتوقف. فلا يزال حزب الله يطلق الصواريخ على إسرائيل، بشكل يجعل من الاستحالة عودة 60,000 إسرائيلي فروا من الشمال".

وأضاف "الحزب سيعيد تشكيل نفسه من جديد مع مرور الوقت. ويحل محل القادة آخرون ويقوم الكادر بإعادة البناء والتسلح من جديد وبأساليب حربية جديدة والتعلم من الدروس".

وتحاول إسرائيل إرسال جنودها من جديد إلى جنوب لبنان، لكن توغلاتها السابقة لم تنته بشكل جيد، وفقا للمقال.

وتابع الكاتب بالقول "بالنسبة للفلسطينيين الذين تسببت سوء معاملة إسرائيل لهم بالمشكلة، فليس لديهم خيارات سوى مواصلة مقاومة مع تفعله إسرائيل بهم. وربما كانت الأمور مختلفة لو كانت إسرائيل تعرض عليهم بديلا جذابا، مثل دولة قابلة للحياة خاصة بهم أو حقوقا متساوية داخل إسرائيل الكبرى، ولكن نتنياهو أغلق الباب أمام هذه الاحتمالات. فقد عقد الرئيس المصري أنور السادات السلام مع إسرائيل، واستعادت مصر سيناء، وعقدت منظمة التحرير الفلسطينية السلام مع إسرائيل، وحصلت على المزيد من المستوطنات غير الشرعية".

وذكر أن "الخيارات الوحيدة التي تعرضها إسرائيل عليهم اليوم هي: الطرد، الإبادة أو قبول نظام التمييز العنصري، ولن يرضى أي شعب بهذه المصائر دون قتال"، مشيرا إلى أنه "ليس غريبا أن تتراجع شعبية السلطة الوطنية التي وقعت اتفاقية مع إسرائيل واعترفت بها وتعاونت معها في وقت زادت فيه شعبية حماس".

وأضاف أنه "بالمثل، فقد أحبطت إسرائيل وأنصارها في الولايات المتحدة جهود إيران في ظل رئيسيها، علي أكبر هاشمي رفسنجاني وحسن روحاني لتحسين العلاقات مع واشنطن (وبالضرورة إسرائيل). وكان هذا واضحا عندما أقنعوا الرئيس السابق دونالد ترامب الساذج بالخروج من خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي الصفقة التاريخية التي تحد بشدة من البرنامج النووي الإيراني، في عام 2018".

وأشار إلى أن "هذه التحركات، عززت  أيدي المتشددين الإيرانيين. وستفعل الأزمة الحالية في المنطقة الشيء نفسه، على الرغم من أن الرئيس الإيراني الجديد أشار أكثر من مرة إلى رغبته في خفض التوترات. وردت إيران على جهود إسرائيل لإضعاف أو القضاء على حلفائها الإقليميين (بما في ذلك اغتيال الزعيم السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران في تموز/يوليو) بإطلاق صواريخها على إسرائيل، وهي خطوة محفوفة بالمخاطر من شأنها أن تدفع إسرائيل إلى الرد، لكن طهران شعرت بلا شك أنها لا تستطيع البقاء على الهامش والاحتفاظ بمصداقيتها".

ولسوء الحظ، وفقا للكاتب، "فستدفع هذه الأحداث، على الأرجح، قادة إيران،  تجاوز وضعهم كدولة نووية كامنة وبناء ترسانة نووية خاصة بهم. ومن شأن مثل هذا القرار أن يزيد من احتمالات اندلاع حرب إقليمية شاملة، ولكن إسرائيل تواصل منحهم حوافز إضافية تدفعهم إلى الرغبة في الحصول على الرادع النهائي. وإذا حدث هذا فإن النجاحات التي حققتها إسرائيل مؤخرا سوف تبدو قصيرة النظر إلى حد كبير".

وأوضحت والت، أن "تصرفات إسرائيل الأخيرة عززت من عزلتها الجيوسياسية وربما عرضت علاقاتها التاريخية مع الولايات المتحدة للخطر".

وقال إن "التعاطف الدولي الذي حصلت عليه إسرائيل بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، تبخر بعدما راقبها العالم وهي  ترتكب المذبحة ضد السكان المدنيين في غزة ولبنان. وأعلنت محكمة العدل الدولية أن احتلال إسرائيل للضفة الغربية يشكل انتهاكا للقانون الدولي، وقد يواجه نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت أوامر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

وأضاف أنه "الآن، أصبح اعتراف المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى معلقا، وتحولت أغلب دول الجنوب العالمي ضدها، وأصبحت الحكومات الأوروبية منزعجة بشكل متزايد. كان الانسحاب الذي استقبل خطاب نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي لفتة رمزية، لكنه انعكاس واضح عن الطريقة التي ينظر فيها الكثيرون له ولإسرائيل".

وربما وجد نتنياهو وأنصاره العزاء في الصك المفتوح الذي منحته  إدارة بايدن له وتدفق الأسلحة الأمريكية لقواته والتصفيق الحار الذي حظي به أمام الجلسة المشتركة في الكونغرس ونجاح اللوبي المؤيد لإسرائيل بإسكات كل الأصوات الناقدة له ولحكومته والحرب في الجامعات والكليات الأمريكية. وتظل هذه نجاحات تكتيكية قصيرة الأمد، وربما أدت لردة فعل عكسية وخطيرة. ولا يحب الكثير من الناس لغة التنمر عليهم أو فرض قيود على الخطاب والقيود الأخرى التي تهدف لإسكات النقد المشروع لإسرائيل  وأفعالها، حسب الكاتب.

وأشار المقال، إلى أن "كل هذا من شأنه أن يولد الكثير من الاستياء، خاصة عندما يتم ذلك بشكل صارخ ومفتوح لحماية بلد منخرط في حملة إبادة جماعية من العنف والتطهير العرقي. وأكثر من هذا، فقد تقود أفعال إسرائيل إلى حرب إقليمية تجر الولايات المتحدة إليها. وربما تساءل الأمريكيون عن قيمة "العلاقات الخاصة". فقد كانت حملة المحافظين الجدد للإطاحة بصدام حسين تدفعها رغباتهم بتأمين إسرائيل، ولهذا السبب عملت اللجنة الأمريكية- الإسرائيلية للشؤون العامة أو إيباك ونتنياهو على مساعدة بوش لتسويق حربه. لكن الدعم لم يكن السبب لاندلاع الحرب، حيث لم يتم تحميل إسرائيل أو إيباك المسؤولية. واليوم، فلو قتل جنود أمريكيون أو بحارة في الشرق الأوسط فسيكون الخطاب السائد هو أن الإدارة الأمريكية عرضت أرواح الأمريكيين للخطر دفاعا عن  عن دولة عميلة جاحدة إلى الأبد تأخذ المال والأسلحة من الولايات المتحدة ثم تفعل ما يحلو لها".


وقال الكاتب، إنه "علاوة على ذلك، إذا تسبب سوء إدارة الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن للموقف في خسارة كامالا هاريس للانتخابات في تشرين الثاني/نوفمبر، فسوف يبدأ كل من الديمقراطيين والجمهوريين في التساؤل عما إذا كان الدعم لإسرائيل والذي ارتد سلبا لا يزال الموقف السياسي الذكي. وإذا حدث أي من هذا، فإن خطر رد الفعل العنيف ضد مؤيدي إسرائيل في الولايات المتحدة سوف يزداد. وإذا كنت قلقا بشأن تصاعد معاداة السامية في الولايات المتحدة، فإن هذا الاحتمال يجب أن يخيفك أكثر بكثير من بعض المظاهرات غير الضارة عادة في الحرم الجامعي".

وفي النهاية، حسب المقال، "فسياسة نتنياهو وأنصاره في الولايات المتحدة لا تضر فقط بالعلاقات مع واشنطن ولا تتسبب بالعزلة العالمية، فهي ستترك أثرا على إسرائيل نفسها. ففي أعقاب هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، كان لدى إسرائيل فرصة للتخلص من نتنياهو التي عرضت قرارته الإسرائيليين لهجمات حماس، وبالتالي حرف وجهة البلاد نحو الحياة الطبيعية، ولم يحدث هذا".

وأشار إلى أن "النجاحات التكتيكية التي حققها نتنياهو في الأسابيع الأخيرة، ستعمل على تقوية موقفه السياسي مع المتطرفين اليمينيين الذين تستند سياساتهم إلى رؤية دينية ومسيانية متشددة لمستقبل إسرائيل. وسوف يستمر الإسرائيليون المعتدلون والعلمانيون، الذين يشكلون محور القطاعات التكنولوجية العالية التي غذت الاقتصاد في السنوات الأخيرة، في الرحيل، لتجنب العيش في إسرائيل التي يريد رجال مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش خلقها.

ويعيش بالفعل أكثر من 500 ألف إسرائيلي (أي نحو 5% من السكان) في الخارج؛ وتشير الاستطلاعات إلى أن 80% منهم لا ينوون العودة. وقد ارتفع عدد المهاجرين بشكل كبير في العام الماضي. وتشير تقارير صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن اقتصاد إسرائيل "في خطر شديد". وتفيد التقارير الصادرة عن الجامعات الإسرائيلية إلى انخفاض حاد في أعداد الطلاب الأجانب، وهو ما يشكل علامة أخرى على تآكل صورتها وضربة للتقدم العلمي في المستقبل. وباختصار، عززت إنجازات نتنياهو القصيرة الأجل الاتجاهات التي تعرض مستقبل البلاد للخطر في الأمد البعيد، وفقا للمقال.

واختتم الكاتب بالقول: وعلى العموم، فالحياة ليست مؤكدة وبخاصة في السياسة، وكل استشرافات الكاتب ليست محتومة، و "كما كتبت قبل بضعة أسابيع، فإن ما يبدو للوهلة الأولى وكأنه انتصار عسكري أو سياسي مذهل قد يحتوي في بعض الأحيان على بذور مشاكل أعمق تبرز مع مرور الوقت. والتحدي الذي يواجه الزعيم الناجح هو استخدام المزايا المؤقتة لتأمين فوائد طويلة الأجل. ولكن القيام بذلك يتطلب معرفة متى يتوقف ومتى يتحول من القتال إلى حل الصراع. ومن المؤسف أنه لا توجد أي علامة على أن نتنياهو يتمتع بهذه المهارات أو لديه أدنى اهتمام باكتسابها".

مقالات مشابهة

  • بايدن يحذر من احتمال رفض ترمب لنتائج الانتخابات حال خسارته
  • عميد بلدية سبها: أكثر من 3 آلاف منزل متضرر جراء سيول الأمطار الأخيرة التي شهدتها المدينة
  • بعد إصابة سيدة تركيا لمدة 12 يوما.. ماذا تعرف عن نوبة العطس؟
  • بعد سيطرة الجيش السوداني عليه.. ماذا تعرف عن جبل مويه بولاية سنار؟
  • الخارجية الأمريكية: بايدن لا يؤيد هجوما إسرائيليا على المنشآت النووية الإيرانية
  • أكاديمي بارز يحذر من ارتكاب نتنياهو خطأ بوش في غزو العراق.. ماذا قال؟
  • ماذا تعرف عن الصواريخ الـ”فرط صوتية” وهل تمتلكها إيران وما خطورتها؟
  • "المرأة التي عطست".. إيدن التركية تنهار بعد 12 يوما وتنقل للمستشفى "فيديو"
  • و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب
  • 99 مليون خدمة.. تعرف على حصاد حملة «100 يوم صحة» في 62 يوما