الحقيقة عند «عبد الرحيم حمزة» هي من ضرورات الحياة تمامًا مثل الهواء الذي يستنشقه في رحاب سيدي عبد الرحيم القناوى والماء الذي يشربه من أسبلة الشيخ القرشي. 

 كان ذلك العبقري، يطلعنا كل يوم على حقيقة جديدة في محيطنا هي موجودة منذ زمن ولكننا لا نستطيع رؤيتها فالعين التي تلتقط أطراف الحقيقة ليست عين عادية أنها مختارة فيها هبة ربانية وربما مسحة صوفية.

 

 عين  «عبد الرحيم حمزة» التي تعرضت فى سنوات عمره الأخيرة، لانتكاسة بسبب خطأ طبي، كانت ثروة لا تقدر بمال تلك العين اكتشفت على مدار 53 عامًا حقيقة الصعيد وبلدانه وظواهره اليومية بالفوتوغرافيا ذلك الفن الذي يحيلنا دائما للدهشة والاستغراق في جمالياته. 

بدأ  فنان التصوير الفوتغرافى البارع رحلته في البحث عن الحقيقة والجمال في الصعيد في خمسينيات القرن الماضي وجد الشمس تنظر إليه فخاطبها وأقام حوارًا معها بأول آلة تصوير قبضت عليها يديه المرهفتين ؛ ومنذ تلك اللحظة لم تفارق الكاميرا  «حمزة» وخطى إلى كل جنبات الصعيد قراه ونجوعه وكفوره يمشى وعلى كتفه آلة التصوير وعقله وعينيه منسلختان عن جسده مثله مثل ذلك المجذوب الذي كرس حياته ليُعيد طلاء أضرحة الأولياء. 

عين «حمزة» التي هامت لسنوات في بلاد الله كشفت لنا عن حقيقة الصعيد وجماله وهدوءه وخصال أهله الطيبين فمن خلال لقطاته وتوثيقه للحرف اليدوية مثل الفخار والفركة النقادية وجريد النخيل وتراث الصعيد أفراحه وموالده وأحزانه أنتج ذلك الفنان الذي يتملكه صوت شاعر يرتجل  ثروة إنسانية تشخص عذوبة الصعيد وخصوصيته وأمكنة  التي تحتفظ بالاصالة وعبق التاريخ بحرفية فطرية. 

 وتلك الحرفية هي التي دعت الفرنسي «جان روش» رئيس قسم التصوير بجامعة السوربون الفرنسية وعميد سينما الحقيقة بفرنسا أن يدعو «حمزة» إلى فرنسا للدراسة في السوربون. 

وهناك أبهر عبد الرحيم حمزة الفرنسيين بطلاسمه وبعالمه الخاص ولقطاته الإنسانية وهو لا يخفى انه حقق انتصارا على آلة التصوير هناك 

يقول فى مقابلة سابقة مع «الوفد» قبل رحيله،  تعلمت من جان روش كيف اجعل الكاميرا أداة طيعة في يدي تنتظر أوامرى ولا ترى إلا بعيني ولا تتغذى إلا بإشعاعات عقلي بعد ذلك يمكنك أن تامنها وتفضي لها بأسرارك وتصبح كالصديق الأمين!. 

تأثر  عبد الرحيم حمزة، كثيرا بالمهندس المصري حسن فتحي مبتكر عمارة الفقراء والمهمشين في مصر حيث إلتقيا في فرنسا فقد كان المهندس المصري دائما البحث والاكتشاف للعبقرية الفطرية عند البناءين المصريين حتى انه أطلق اسم أحد عماله على قاعة باريسية بعد أن اهتدى لبناء قبة بلا أساسات خشبية. 

 الصورة تألقت بعد العودة من فرنسا وبعد تأثيرات حسن فتحي وجان روش هناك في بلاد حمزة وليس في القاهرة التي تنقض الوضوء وتخون المبادى !  تلك المدينة التي يراها حمزة غير طاهرة لأنها انسلخت عن مبادئها ويخون فيها الأصدقاء بعضهم البعض كل لحظة وهو يتذكر شكاية الأديب يحيى الطاهر عبد الله له وللشاعر عبد الرحيم منصور من ذلك.

 عاد حمزة مسرعا إلى الصعيد من فرنسا ليلتقط أطراف الحقيقة والجمال من جديد، الجمال الذي يكمن عند عبد الرحيم حمزة، في أنثى تنكب على تشطيب الفخار وهى تمد ساقيها لتنجب كائنا جديدا من الطين ؛ الصورة الفتوتغرافية عند الرجل كانت مثل روحه تماما لذلك فهو لا يطيق العيش بدونها حتى عندما كان يغسل كليتيه بمستشفى الهلال الأحمر يدهشنا بعشقه لفنه وبإرادته فليس من الغريب أن المستشفى تحولت يوما إلى معرض فني. 

 فأثناء احتجازه للعلاج اقترح أن يقيم معرضا لصوره وقبلت إدارة المستشفى ونسى حمزة مرضه ليستقبل زوار معرضه ويطلعهم على لقطاته ؛ وكأنه يجعل من صوره العبقرية هي الدواء لمرضه اللعين الذي جعل جسده الفارع يتآكل. 

 عبد الرحيم حمزة فنان الفوتوغرافيا العبقري الذي اطلعنا على الصعيد بموهبته المتفجرة و أقيمت له معارض بإيطاليا والولايات المتحدة والعراق والأردن فضلا عن معارض بغالبية بيوت الثقافة في مصر وثلاثة أفلام تسجيلية قصيرة هي الناس والطين والفركة وجريد النخيل ووصل للعالمية بحصوله على عدة جوائز لم يغادر قنا رفض الانضمام للمهرولين للعاصمة ولم يتاجر بفنه ظل كما عرفته قنا الفنان المولود من رحم الحزن المصري صاحب عدسة الحقيقة والجمال والشاعر المرتجل والمخرج والممثل المسرحي الموهوب ؛ كان الرجل قيمة لا ترى غير الجمال والحقيقة في عالم يسوده القبح والزيف .       

توفي عبد الرحيم حمزة فى سنة 2009 بعد  رحلة نجاح فى فن الفوتغرافيا  لم يسبقه أحد إليها، فقد حصل عن المركز الأول عن  معرض الناس والسوق فى إيطاليا، والمركز الأول عن معرض ذكريات شاب عمره 5 آلاف عام فى فرنسا، والمركز الثاني عن معرض القاهرة فى عيون العالم فى ألمانيا. 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: بروفيل عبقري الفرنسيين

إقرأ أيضاً:

«مصر للطيران» تعلن انتهاء رحلات عودة الحجاج من السعودية بعد نقل 60 ألف مسافر

ينتهى اليوم الجسر الجوي الذي سيرته شركة مصر للطيران لإعادة الحجاج من الأراضي المقدسة، الذي بدأ من يوم 19 يونيو الماضي واستمر حتى 5 يوليو الجاري، حيث نقلت الشركة خلال رحلات عودة الحجاج نحو 60 ألف حاج مصري وإفريقي وأجنبي عبر 274 رحلة جوية منهم 141 رحلة جوية من مطار جدة و133 رحلة من مطار المدينة المنورة.

مصر للطيران نقلت نحو 16 ألف من حجاج غينيا ومالى

وأوضحت شركة مصر للطيران التابعة لوزارة الطيران المدنى ،أنها نقلت خلال مرحلة عودة الحجاج ما يقرب من 60 ألف حاج بينهم نحو 16 ألف حاج من حجاج مالي وغينيا، فضلا عن أكثر من 40 ألف حاج من حجاج القرعة والجمعيات الأهلية والسياحة وحجاج العمالة والأفراد والترانزيت.

فرق عمل الشركة بالمطارات السعودية

ولفتت مصر للطيران، إلى أن الشركة استخدمت خلال الجسر الجوي لسفر وإعادة الحجاج طائرات حديثة مختلفة السعة المقعدية، مشيرة إلى أن فرق عمل الشركة تواجدت بمطارات جدة والمدينة المنورة والطائف خلال مرحلة عودة الحجاج وذلك لتسهيل سفر حجاج الشركة ومساعدتهم على إنهاء إجراءات السفر .

مقالات مشابهة

  • مؤرخ بريطاني: الجمهورية الفرنسية الخامسة قد تنهار هذا الأسبوع
  • سلطان بن أحمد القاسمي يدشن حملة عمليات العيون في مستشفى أسوان الجامعي في مصر
  • سلطان بن أحمد يدشن حملة عمليات العيون بمستشفى أسوان الجامعي في مصر
  • «مصر للطيران» تعلن انتهاء رحلات عودة الحجاج من السعودية بعد نقل 60 ألف مسافر
  • نهائي كأس العالم 2030 في سانتياغو برنابيو
  • "صحاري سلم وسعى" لبوحنانة في القاعات السينمائية
  • الحقيقة المروعة .. حمادة هلال يكشف تفاصيل وعكته الصحية بعد عودته من الحج
  • غزة.. بين الموت قصفاً والموت جوعاً..!
  • أبو حمزة يكشف “مفاجأة”.. ما فعله أسرى إسرائيل بعد معاملتهم بالمثل
  • سرايا القدس: عدد من الأسرى الإسرائيليين أقدموا على محاولة الانتحار