عبد المعطى أحمد يكتب: بطولات بدو سيناء
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
سطر أبناء سيناء أسماءهم بأحرف من نور فى عالم البطولات، وسجلوا بالفخر عطاء لاينسى توارثته الأجيال، وقام أبناء سيناء بجهود لا ينكرها أحد، فالمواطن صاحب الجمل والناقة قام بدور مشرف لتوصيل الجنود إلى غرب القناة، والمرأة شاركت بإطعام وإسعاف الجنود وتوصيل المعدات العسكرية الخفيفة للفدائيين، كما شارك الأطفال فى إخفاء الجنود.
وتجلت عظمة المقاومة مع البدو الذين قدموا نموذجا للبطولة بالعمل على عدم الإدلاء بأى معلومات عن خط سير المعركة والجنود, كما كانوا مجاهدين أبطالا فى المشاركة فى قطع الإمدادات عن العدو وتفجير معداته العسكرية، وإعطاء بعضهم أجهزة لاسلكى وتزويدهم بشفرة خاصة لم يستطع العدو فهمها، فكانت الشفرة أحيانا من خلال قصيدة بدوية يلقيها بعض شعراء البادية فيفهمها من بداخل الأرض المحتلة فى سيناء، كما كانت الشفرة من خلال قطعة موسيقية تبثها إذاعة صوت العرب وغيرها.
ومن صور البطولات التى تحققت على أرض سيناء بمدينة نويبع ماقام به الشيخ محمد فريج الذى كان يعمل فى نقطة حرس الحدود ومقرها منطقة الدوم بنويبع, وكان مسئولا عن عهدة النقطة 11 بندقية آلية وأجهزة لاسلكية وذخائر خاصة بالنقطة، وطلبت منه قوات الاحتلال تسليم السلاح عهدة نقطة حرس الحدود إلا أنه رفض التسليم، فتعرض لجميع أنواع التعذيب محاولين ترحيله أو تهجيره من المنطقة خوفا من تاريخه العسكرى، لكنه رفض لذلك سجل إسمه ضمن بدو الصمود الذين صمدوا أمام الاحتلال، ورفضوا الهجرة من بلادهم حتى استردت مصر سيناء فى حرب أكتوبر 1973
كما ذكر التاريخ بطولات الشيخ فريج هو وأولاده مع المخابرات المصرية بإمدادهم بالمعلومات عن جيوش الاحتلال، ومن أكثر أولاده تضامنا معه الشيخ سليمان محمد فريج الذى كان يقف مع والده من أجل تطهير سيناء من الاحتلال .
وبعد أن استردت مصر أرض سيناء تم تكريم الشيخ فريج وشهرته محمد فريج من قبل المخابرات المصرية كواحد من بدو سيناء الصامدين.
ويشير الباحث السيناوى طاهر صقر إلى أن الشيخ فريج ظل أمينا على عهدته على مدى عشرين عاما دون استسلام أو تراجع رغم ماتعرض له من ألوان التعذيب والاضطهاد ترويها حفيدته سلوى الهرش، وكيف أن جدها رفض تدويل سيناء فى مؤتمر ضخم بمنطقة وسط سيناء بالحسنة عندما خدع العدو، فتم اعتقاله بعد أن وقف أمام العدو بشجاعة رافضا تدويل قضية سيناء, وقال قولته الشهيرة:"إن سيناء مصرية مائة فى المائة ومن أراد التحدث عنها فليذهب إلى جمال عبد الناصر فهو حاكم مصر".
• هل تعلم أن قواتنا البحرية هى الفرع الرئيسى الوحيد الذى لم يهزم فى حرب 5يونيو 1967، بل إنها نجحت فى إحباط الهجوم على ميناء بور سعيد وتأمين ميناء الإسكندرية وبور سعيد والوحدات البحرية والسفن بها. كما أغرقت غواصة اسرائيلية بمعرفة البطل المقدم أنذاك محمد حلمى عزب والقبض على ستة ضفادع بشرية إسرائيلية فى ميناء الإسكندرية وإحباط هجومهم وأسرهم مع تأمين السفن والوحدات البحرية بالموانى، ولم تخسر قواتنا البحرية أيا من سفنها أو وحداتها البحرية، والجدير بالذكر انها نفس الوحدات التى شاركت بها فى حربى الاستنزاف وأكتوبر 1973
• على الرغم من حجم التحديات التى تواجهها مصر والتى أفرزتها أزمات عالمية متعاقبة إلا أن مصر لم تسمح يوما لهذه التحديات أن تثنيها ولو قيد أنملة عن ثوابتها الراسخة فيما يتعلق بسياستها الخارجية، تلك الثوابت التى ارتبطت عبر التاريخ بمصر المكان والمكانة مصر الكنانة، فمهما كانت درجة التغير والتحول التى وصلت إليها خريطة العالم الجديد, ومهما بلغت وتيرة الأحداث تسارعا، واشتدت العواصف والأعاصير السياسية والاقتصادية والاجتماعية على مسرح الكرة الأرضية مهما بلغ وتسارع واشتد كل هذا إلا أن مصر تتعامل بثوابتها الراسخة وأمام عينيها الحفاظ على أمنها القومى والمصالح العليا للبلاد، الأمن القومى العربى جزء لايتجزأ من الأمن القومى المصرى, ودعم الأمن والسلم الدوليين.
• خطط تصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر والأردن قديمة، فمنذ مؤتمر بازل 1898 وعرض الأمر على اللورد كرومر لكى تكون سيناء وطنا قوميا لليهود بموجب اتفاقية بين الحركة الصهيونية وبريطانيا، وبعد الرفض المصرى تجدد العرض للنقراشى باشا وكان الرفض الحاسم، ثم العرض على عبد الناصر والسادات ومبارك وتم الرفض. اليوم يتجدد الطلب فى سياق مختلف وبأدوات مختلفة لكن الرئيس السيسى واجه هذه المخططات منذ اللحظة الأولى، ووضع الشعب أمام الحقائق كاملة.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
أحمد الطيب.. شيخ الأزهر الإمام الزاهد
الإمام الزاهد الورع البسيط، حامل أخلاق العلماء وتواضعهم، تلك الصورة الزهنية التى لاقت رودد فعل كبيرة جدا فى مصر والعالم العربى والإسلامى، بعد المشاهد القادمة من القرنة بالأقصر، مسقط رأس الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، هذا العالم الجليل الذى تلقى العزاء فى وفاة شقيقته الكبرى التى وافتها المنية الأربعاء الماضى. الصور والأخبار والتعليقات المتداولة والقادمة من جنوب الصعيد، تشير لطبيعة وتربية وبيئة رجل أزهرى وسطى مستنير صوفى من قلب صعيد مصر، متمسك بعاداته وتقاليده التى نشأ وتربى عليها، ممسك بمقاليد العلماء والأولياء والشيوخ والأساتذة الذى نهل من علمهم وأخلاقهم وصفاتهم، مستهديا بالقدوة والأسوة الحسنة غارس مكارم الأخلاق وحميد الصفات، سيد الخلق سيدنا محمد «صلى الله عليه وسلم»، معلما للأجيال الحالية والناشئة والقادمة فى مصر والعالم العربى والإسلامى، الذين يرون فى الإمام الأكبر شيخ الأزهر نبراسهم وشيخهم وقدوتهم.
١- قطع الزيارة لأذربيجان والعودة للقاهرةمطلع الأسبوع الماضى تحديدا يوم الإثنين الماضى وصل فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، العاصمة الأذربيجانيَّة «باكو» للمشاركة فى افتتاح الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطاريَّة بشأن تغير المناخ COP٢٩، وذلك لأوَّل مرة فى تاريخ مؤتمرات الأطراف؛ حيث جاءت تلك المشاركة بناءً على دعوة رسميَّة وجهها الرئيس إلهام علييف، رئيس جمهورية أذربيجان، خلال لقائه فضيلة الإمام الأكبر فى مشيخة الأزهر بالقاهرة فى شهر يونيو من العام الحالى. وكان من المقرر أن يلقى شيخ الأزهر كلمة تتناول موقف الإسلام من قضية الحفاظ على البيئة وأزمة تغير المناخ، وسبل الاستفادة من صوت الدين فى تعزيز دور قادة ورموز الأديان لرفع الوعى بهذه الأزمة والعمل على إيجاد حلولٍ لهذه القضية الخطيرة التى تهدِّد الحياة على سطح الكوكب. يُذكر أن فضيلة الإمام الأكبر قد وقَّع العام الماضى مع عددٍ من قادة ورموز الأديان (وثيقة نداء الضمير: بيان أبوظبى المشترك من أجل المناخ)، قبيل COP٢٨ بدولة الإمارات العربية المتحدة وشارك افتراضيًّا مع قداسة البابا فرنسيس فى تدشين النسخة الأولى من جناح الأديان الذى ينظمه مجلس حكماء المسلمين.
٢- تواضع الإماميوم الأربعاء الموافق ١٣ يونيو، قطع شيخ الأزهر زيارته لأذربيجان بعد لقائه عدد من الرؤساء والزعماء، واعتذر عن جدول أعماله وعاد إلى أرض الوطن لتلقى العزاء فى وفاة شقيقته الكبرى، الحاجة سميحة محمد أحمد الطيب، التى وافتها المنية مساء الثلاثاء.
عاد لقريته البسيطة، وبيته المتواضع، ومضيفته الصغيرة، لاستقبال واجب العزاء فى وفاة شقيقته، وقد توافد عليه لتقديم العزاء جمع كبير من رجال الدولة، والقادة والساسة من داخل مصر وخارجها، فى مشهد بسيط لا يعرف مظاهر الترف أو التباهى أو المفاخرة، فلم يحضر شركات الضيافة، ولم يقم السرادقات الفاخرة، ولم يجلب الكراسى المذهبة، ولا الستائر الذهبية، ولا مكبرات الصوت، ولا المقرئين الذين يقرأون القرآن بآلاف الجنيهات. جاء عزاء الحاجة سميحة محمد أحمد الطيب، الشقيقة الكبرى لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب ليكسر تلك الصورة النمطية وتعيد للأذهان دروسًا فى البساطة والتواضع والرقى، فى زمن أصبح فيه المظهر يغلب الجوهر، كانت الصورة الأكثر تداولا وصخبا هى لفنجان شاى زجاجى بسيط، وضع على طاولة حديدية، يتوسط مشهدا جمع بين الحزن والوقار، وبين البساطة التى تليق بمكانة من يعزى ومن يتقبل العزاء. قُدم الشاى الساخن فى فنجان بسيط لكل من القيادات الأمنية بمحافظة الأقصر، ووزير الأوقاف، ومفتى الديار المصرية، والسفراء، وسفراء الدول، ووفد الإمارات الذى أنابه سمو محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.
ربما كان البعض يتوقع مراسم عزاء فاخرة تليق بمكانة أسرة فضيلة الإمام الأكبر الاجتماعية والدينية، ولكن ما جرى كان أقرب إلى جوهر الحياة البسيطة التى تتماشى مع مبادئ شيخ الأزهر الداعية للزهد والتواضع، فليس من الصعب أن نستشعر رسالة صادقة ومباشرة بأن العبرة ليست فى المظاهر أو الماديات، بل فى صدق المشاعر وعمق الارتباط بالقيم الأصيلة التى تتجاوز البذخ وحدوده. ومن الصور التى تم تداولها وستظل راسخة فى الأذهان وتحمل فيضًا من أدب العلماء، وتعتبر درسا للأجيال هى خروج الإمام الأكبر شيخ الأزهر لسيارة رائد الساحة الجيلانية لتلقى العزاء فى شقيقته حتى لا يكلفه عناء النزول من السيارة ومراعاة لحالته الصحية.
٣- ساحة آل الطيب بالأقصرحيث دفعت الحشود المتوافدة لتقديم واجب العزاء للإمام الأكبر شيخ الأزهر لمد العزاء بساحة الطيب لمدة يومين إضافيين، لإتاحة الفرصة للوافدين على الساحة، التى امتلأت جنبات ساحة الطيب خلال الـ٣ أيام بالمعزين، والمحبين لفضيلة الإمام وآل الطيب.
قبل أكثر من قرن من الزمان وتحديدا فى عام ١٩٠٠ ميلادية، أسس الشيخ أحمد الطيب الحسانى، جد شيخ الأزهر الشريف، ساحة كبيرة على مساحة ٥ قراريط، تتضمن عددا من الغرف لإلقاء دروس العلم بها، وتتكون من ساحتين صغيرتين إحداهما للنساء، تتكون من طابقين الأول لحل مشاكلهن والثانى للصلاة، تزوره كل جمعة نحو ٥٠٠ سيدة، وكان الدافع الأساسى لإنشاء الساحة هو ندرة المدارس وكتاتيب تحفيظ القرآن الكريم فى المدينة الغربية للأقصر، وباتت تعرف بـ«ساحة الطيب»، وتقع الساحة بمنطقة السيول، وسط مدينة القرنة غرب نيل مدينة الأقصر. وباتت الساحة الكبيرة والعريقة ملتقى لأسرة الطيب حيث تقام بها الأفراح والمآتم والعزاءات، إضافة إلى استقبال أهالى القرية فى المناسبات المختلفة، وباتت الساحة مقصدا روحيا لزائرى وساكنى المحافظة من أجانب وكبار المسؤولين والوزراء من مصر ودول العالم، ويشرف على الساحة العائلة ومنهم الشيخ محمد الطيب، شقيق شيخ الأزهر، بينما ينظم الإمام الأكبر بعض الدروس والندوات بها خلال إجازاته، وعكست ساحة الطيب كل تلك المعانى والصور والعبر والدورس التى كانت منارة لغرسها عبر السنين فى عزاء الشقيقة الكبرى لشيخ الأزهر.
٤- الحاجة سميحة الطيب( الكريمة) الحاجة سميحة الطيب، الشقيقة الكبرى للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والتى عُرفت بطيبها وكرمها وعطائها الدائم، وحظيت بمكانة خاصة فى قلوب الجميع، وتوفيت عن عمر يناهز الـ ٩٠ عامًا، بعد صراع مع المرض، وتعرضت الحاجة سميحة الطيب لوعكة صحية منذ حوالى أسبوعين دخلت على إثرها لمستشفى الكرنك الدولى بالأقصر.
وعرفت الحاجة سميحة بين أهالى القرنة بصلاحها وعطائها المستمر ومشاركتها الدائمة فى أعمال الخير، كما كان العديد من السيدات الفقيرات يقصدن بابها فتجزل لهم العطاء. وكانت الحاجة سميحة تحظى بمحبة كبيرة فى قلوب مريدى ومريدات ساحة الطيب التى تعد مقصد الآلاف من أهالى الأقصر والمحافظات المجاورة.