وصف العديد من الأوساط السياسيّة زيارات رئيس "التيّار الوطنيّ الحرّ" النائب جبران باسيل للأفرقاء السياسيين، وخصوصاً من هم على خلاف سياسيّ معه، بـ"الإيجابيّة". في المقابل، اعتبرت أوساط معارضة أنّ جوهر مبادرة رئيس تكتّل "لبنان القويّ" هي رصّ صفوف "فريق الثامن من آذار"، لذا، التقى رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجيّة، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، للوقوف خلف "حزب الله"، في حال اندلعت أيّ حرب بين لبنان وإسرائيل.


 
ويُشير المراقبون إلى أنّ الملف الرئاسيّ لن يشهد أيّ تطوّر خلال محادثات باسيل مع الأفرقاء، لأنّ كلّ كتلة نيابيّة لا تزال على موقفها، ولا حلّ إلّا بالتوافق على أحد المرشّحين، بينما زيارة رئيس "التيّار" لبنشعي، لم تحمل أيّ تبدلّ في موقف نواب "الوطنيّ الحرّ" تجاه فرنجيّة. ويُضيف المراقبون أنّ باسيل يُسوّق لحماية "ظهر المقاومة" وتأمين الغطاء الشعبيّ لها، وخصوصاً المسيحيّ، في حال جُرّ لبنان إلى دخول الصراع في غزة.
 
ويوضح المراقبون أنّ باسيل يقول إنّه ضدّ دخول لبنان في الحرب، ولكنّ إنّ تمّ الإعتداء عليه من قبل العدوّ الإسرائيليّ، فعلى الجميع الدفاع عن سيادة البلاد. وتجدر الإشارة إلى أنّه في العام 2006، وقف رئيس الجمهوريّة السابق ميشال عون وفريقه السياسيّ مع "حزب الله"، إلى جانب فرنجيّة، وأمّنا الغطاء المسيحيّ لـ"المقاومة".
 
وفي هذا السياق، تقول مصادر معارضة إنّ لا فائدة من جولة باسيل على الكتل النيابيّة، فحماية لبنان بالنسبة إليه تتمثّل في دعم سلاح "المقاومة" غير الشرعيّ، بينما تسعى الكتل "السياديّة" إلى معالجة هذا الموضوع، الذي تعتبره أساس مشاكل البلاد. وتُتابع أنّ باسيل يُريد تصوير نفسه للأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله على أنّه الشخص المسيحيّ الذي يحمي "ظهر الحزب"، ويُؤمّن الغطاء الشعبيّ والسياسيّ له، عبر لقاءاته مع رؤساء الأحزاب والكتل النيابيّة.
 
ويرى المراقبون أنّ باسيل يُدرك أنّ الحرب آتية إلى لبنان في حال اجتاحت إسرائيل غزة، وهو يعلم أنّ محوّر "المقاومة" أصبح أقوى من قبل، لهذا السبب تحرّك نحو حلفائه وخصومه، وللتأكيد أنّه يقف مع "حزب الله"، ويدعمه في الدفاع عن البلاد. ويقول المراقبون إنّ خطوة باسيل ستكون مهمّة على الصعيد الرئاسيّ بعد الحرب إنّ حصلت، وسيعتبره "حزب الله" أنّه شريك أساسيّ له، ولكن المشكلة الرئاسيّة تكمن في أنّ "الحزب" أعطى كلمته لفرنجيّة، وهذا الأمر الذي لا يفهمه باسيل، وهو يستمرّ في التقارب من حارة حريك، وإظهار نفسه أنّه حليفها المسيحيّ الأقوى، كيّ تدعمه في الإنتخابات الرئاسيّة، ويزيد رصيد مرشّح "الممانعة" في عدد الأصوات.
 
أمّا من ناحيّة المعارضة، فتقول أوساطها إنّها ليست متحمّسة للقاء باسيل، على الرغم من أنّ البعض من نوابها سيجتمعون معه، بهدف التنسيق والتحدّث معه في المواضيع العامّة، والتهديد الإسرائيليّ في الجنوب، وللتشديد على تحييد البلاد عن الصراعات في المنطقة، وعلى أنّ الجيش هو الوحيد الذي يحمي الحدود والسيادة.
 
ولا يتوقّع المراقبون أنّ تحمل جولة باسيل أيّ نتائج عمليّة، فالإستحقاق الرئاسيّ مُعلّق داخليّاً وخارجيّاً، والشغور في قيادة الجيش لا يزال موضع خلافٍ بينه وبين البعض الذي يرى أنّ التمديد للعماد جوزاف عون ضروريّ في هذه المرحلة الحرجة التي تمرّ فيها البلاد، سياسيّاً وأمنيّاً، وسط ترقّب مستجدات الصراع في غزة، وتأثيره على لبنان. إلى ذلك، فإنّ النزوح السوريّ في متناول الحكومة السوريّة والمجتمع الدوليّ، ولبنان غير قادر على اتّخاذ تدابير وإجراءات لعودة النازحين، بمعزل عن الدول المعنيّة مباشرة بالملف، في وقتٍ، لا يُشارك وزراء باسيل في اجتماعات الحكومة التي تُناقش موضوع النزوح، بحسب المراقبين.
 
إضافة إلى ذلك، فإنّه ليس من المنتظر أنّ يقبل رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع بلقاء باسيل، إذ إنّ تكتلّ "الجمهوريّة القويّة" يُصرّ على أنّ الحوار يجري فقط في أروقة مجلس النواب، ويُؤكّد أنّ المرحلة تحتاج إلى انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة بأسرع وقتٍ، وبفتح دورات متتاليّة لتحقيق هذا الهدف.
 
ويلفت المراقبون في هذا الإطار، إلى أنّ مبادرة باسيل ستكون منقوصة كما كان حال أولى جولات نوابه على الكتل النيابيّة لطرح ورقته الرئاسيّة في السابق. كذلك، فإنّ هناك إنقساماً كبيراً بين مؤيّد لسلاح "حزب الله" وموضوع الدفاع عن لبنان، وبين معارض له، وجولة باسيل لن تُؤمّن الغطاء التامّ لـ"المقاومة" إنّ امتدّت الحرب للجنوب، وشملت كافة البلاد، إذ سيقف "السياديون" ضدّ أيّ محاولة إيرانيّة لجرّ لبنان إلى الحرب، فيما سيلتفّ "التيّار" و"المردة" و"التقدميّ الإشتراكيّ" و"أمل"، وبقيّة الأحزاب الثانويّة التي تدور في فلك "الممانعة" خلف "الحزب".
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله باسیل ی

إقرأ أيضاً:

رئيس يعيد الدولة اللبنانية إلى رشدها

في كل العالم يعتبر انتخاب رئيس جمهورية حدثاً عادياً، بعض الأحيان يمر ذلك الحدث بشكل عابر. هناك مَن لا يسمع به. إلا في لبنان فإنه حدث استثنائي هو أشبه بالمعجزة.

بعد سنتين من المماطلة والصراع والمناكدة واللعب والممانعة والهروب من الاستحقاق الدستوري ومحاولات الإرغام والتسويف صوت مجلس النواب اللبناني على اختيار قائد الجيش اللبناني جوزيف عون رئيسا للجمهورية.
يكاد ذلك الحدث أن يختصر الواقع اللبناني بكل ملفاته التي سيكون الرئيس الجديد ملزما بمواجهتها لا لإنقاذ منصبه حسب، بل وقبل ذلك إنقاذ الدولة التي وضعه الدستور على رأسها. وهي ليست دولة بالمفهوم الحقيقي للدولة الحديثة بقدر ما هي حطام دولة، صنعت الطبقة السياسية من هياكلها الفارغة ملعبا لفسادها.
ما يدعو إلى الأسى والأسف أن حدثا عاديا مثل انتخاب رئيس جمهورية ما كان يمكن له أن يتم لولا أن إسرائيل كانت قد أجهزت على حزب الله وقد كان بمثابة العقبة التي لا يمكن تجاوزها من أجل انجاز ذلك الاستحقاق الدستوري.
لو لم تُمحَ قوة حزب الله ويُنسف الوجود الإيراني لما كان هناك رئيس للجمهورية اللبنانية ولظل لبنان يدور في متاهة الشروط الإيرانية وتأوهات المعارضين التي هي الوجه الآخر لخلو الحياة السياسية في لبنان من الإرادة الوطنية.
غير أن معطيات حرب إسرائيل على حزب الله كان من الممكن تحييدها والقفز عليها من خلال غض النظر عنها وتأجيل التفاعل معها لو أن الأمر ظل رهين قرار تتخذه الطبقة السياسية اللبنانية. لكن تلك الحرب بما انتهت إليه من نتائج وضعت لبنان مرة أخرى على مائدة اجتمعت حولها دول عالمية وإقليمية مهمة هي التي اتخذت القرار بأن يبدأ لبنان حياة جديدة، حياة صحية خارج مخزن البارود الذي تم تفجيره.   
بمعنى أن النواب كانوا مجبرين على الكف عن الاستمرار في لعبتهم المجنونة التي دفع الشعب ثمنها بعد أن تحول لبنان إلى دولة فاشلة.
"لقد انتهى زمن السلاح المنفلت" قائد الجيش هو الأكثر دراية بمعنى أن يكون هناك سلاح إلى جوار سلاح الدولة. بمعنى أن تكون هناك قوة غير خاضعة للدولة هي التي تمسك بزمام قرار الحرب والسلم. بمعنى أن يتم الزج بلبنان في حرب لم يقرر خوضها وليست له مصلحة فيها ولم يكن معنيا بها.
يعرف جوزيف عون أن اللبنانيين ينتظرون منه الكثير. غير أن ذلك الكثير لا يمكن الوصول إليه إلا بعد أن تتم تلبية الشروط العالمية والإقليمية التي تقف في مقدمتها إعادة الهيبة للدولة اللبنانية والعمل على إنهاء تلك الدولة التي أقامها حزب الله داخل الدولة وصارت فيما بعد بمثابة دولة أكبر من الدولة اللبنانية.
لقد صغرت دولة لبنان أمام دولة حزب الله التي هي عبارة عن محمية إيرانية. ذلك ليس افتراء، بل هو الواقع الذي كان زعيم حزب الله السابق حسن نصرالله يقر به بلسانه. وهو الوهم الذي لا يزال متمكنا من أذهان عدد ليس بالقليل من اللبنانيين الذين لا يصدقون أن زمن تصفية الحسابات على أساس طائفي من خلال الاستعانة بالأجنبي قد ولى وأن عليهم أن يستعيدوا رشدهم على أساس الإيمان بوطنهم.
لا اعتقد أن عون سعيد بمنصبه، وهو يعرف أن التحديات التي سيواجهها أكبر من منصبه وصلاحياته. غير أن تربيته العسكرية يمكن أن تشد إزره. هناك حرب حقيقية يجب عليه أن يقودها على جبهات متعددة. جبهة السلاح المنفلت وجبهة الفساد الذي دمر الاقتصاد اللبناني وهبط بفئات من اللبنانيين إلى قاع الفقر وجبهة القضاء الذي كان مقيدا بخيارات تقع كلها خارج القانون وجبهة علاقة لبنان بمحيطه العربي التي ينبغي أن يُعاد ترميمها من أجل إنعاش الإقتصاد اللبناني على الأقل.
عبر ربع قرن وهو عمر الهيمنة الإيرانية من خلال مندوبها حزب الله فقد لبنان الكثير من صفاته التي كانت تؤهله أن يكون دولة شرق أوسطية بعمق عربي. ليست استعادة تلك الصفات بالأمر اليسير. ذلك ما جعلني استبعد أن يكون الرئيس عون سعيداً بمنصبه. ولكنني من جانب آخر على يقين من أن قائد الجيش السابق سيعيد الدولة اللبنانية إلى رشدها. فلبنان في زمنه العصيب هو في أمس الحاجة إلى قوة تنتشله من قاع البئر التي سقط فيها.

مقالات مشابهة

  • رئيس يعيد الدولة اللبنانية إلى رشدها
  • معلومات عن رئيس لبنان الجديد.. من هو؟
  • قراءة في انتخاب جوزيف عون رئيسًا.. هل كان باسيل الخاسر الأكبر؟!
  • أستاذ قانون دولي: لبنان في حاجة إلى حكومة تكنوقراط تدعمها الكتل السياسية
  • بعد فراغ رئاسي لأكثر من عامين.. قائد الجيش الرئيس الـ14 للجمهورية اللبنانية.. جوزيف عون: نحتاج لتغيير الأداء السياسي والاقتصادي
  • وصول السفير الروسي في لبنان إلى بيروت لانتخاب رئيس البلاد .. فيديو
  • السفير الإيراني: سنهنئ من ينتخبه المجلس النيابي وكلّ الدعم لإعادة الإعمار
  • لبنان..ضبط 50 مليون حبة كبتاغون في البقاع
  • رئيس مدينة رأس غارب يواصل لقاءاته الدورية مع المواطنين لتلبية احتياجاتهم
  • هل يُفشل حزب الله انتخاب رئيس جديد في لبنان؟