الرباط- جلس هشام في المقهى البسيط ذي الكراسي الحديدية الباردة المتهالكة، ينتظر أذان المغرب ليؤدي الصلاة بالمسجد القريب ويعود إلى مكانه فيطلب فنجان القهوة في انتظار صلاة العشاء.

هذا روتينه اليومي الذي اعتاده وهو الحرفي البسيط الذي يقضي نهاره في العمل الشاق، ويخصص فترة ما بين المغرب والعشاء لبعض الترفيه مع الأصدقاء قبل العودة للبيت، وما تغير اليوم فقط لمسة الحزن التي تغطي وجهه، وصمته الطويل الذي لم يعهده منه أحد.

رفض هشام لعب الورق مع أصدقائه بهذا المقهى الذي يبدو وكأنه مكان مهجور لقلة رواده، ورفض متابعة مباريات دوري أبطال أوروبا، وفضل الجلوس وارتشاف فنجان القهوة في صمت، متأملا الرائح والغادي في هذا الجو البارد.

"كيف لي أن ألعب الورق، أو أشاهد المباريات وإخواننا يذبحون في غزة؟"، هكذا يجيب عبد الله عند سؤاله عن سبب تغير أحواله، مضيفا "لم تعد لي أي رغبة في الحصول على أي نوع من أنواع الترفيه، أحس بأنني أخون مأساة الأشقاء في غزة المذبوحة".

ولا يكاد يختلف حال هشام، العاشق المجنون لفريق برشلونة الإسباني، عن أحوال كثير من رواد المقاهي هذه الأيام، إذ لا يكاد يخلو حديث بين اثنين من مستجدات غزة، سواء تعلق الأمر بمجازر الاحتلال المستمرة في القطاع المحاصر، أو المواقف المخزية للأنظمة العربية والغربية مما يجري.

وليس مستغربا البتة أن ترى العشاق المهووسين بكرة القدم يسارعون بين الشوطين لمطالبة النادل بالانتقال إلى قناة الجزيرة -التي عادت بقوة إلى المقاهي- أو أية قنوات إخبارية أخرى، وذلك لمتابعة آخر المستجدات في فلسطين.

بل إن كثيرين لا يكادون يضعون الهواتف من أيديهم فيتابعون بين الفينة والأخرى تطورات العدوان الإسرائيلي -المدعوم غربيا- على غزة، عبر منصات التواصل الاجتماعي وخاصة فيسبوك الذي يعد المنصة الأكثر تداولا بين المغاربة.

"لحبيبة يا فلسطين"

"حرص عشاق كرة القدم على متابعة مباريات الفرق التي يعشقون لا يجعلهم ينسون قضية المسلمين الأهم وهي قضية فلسطين الحاضرة دوما في قلوبهم"، يشرح محمد بلعودي الصحفي الرياضي المغربي مضيفا بأن فلسطين بالنسبة للجميع هي "قضية لن تموت".

وتابع بلعودي بأن البعض اعتاد أن يَسم عشاق الكرة ومشجعي الفرق الرياضية، بأوصاف متعددة بينها الشغب والسطحية وضعف الانتماء للقضايا الكبرى، لكن ما لبثت الأحداث تبرهن على عكس ذلك، وأكبر دليل ما أبدعه عشاق فريق الرجاء البيضاوي والوداد البيضاوي، من أناشيد في دعم غزة، وعشق فلسطين.

وكما عادت قناة الجزيرة، ومعها القنوات الإخبارية الرصينة، إلى المقاهي الشعبية بعد طول غياب، عاد عشاق الكرة المستديرة ليتذكروا أغنية "رجاوي فلسطيني" بعد اندلاع "طوفان الأقصى"، وهي أغنية أبدعها "صوت المكانة (الساعة)" (La Voce Della Magana) ألتراس فريق الرجاء البيضاوي المغربي في 2019 وحظيت بانتشار كاسح محليا وعربيا.

مظاهرات حاشدة شهدتها العاصمة المغربية الرباط مؤخرا دعما لغزة (مواقع التواصل)

أغنية جددت بها جماهير الرجاء قبل أيام -داخل ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء بعد بداية العدوان الإسرائيلي الأخير- دعمها لغزة وللقضية الفلسطينية، حيث ارتجت جنبات الملعب بهذا النشيد الذي ردده الآلاف خلال مباراة مع فريق المغرب التطواني ضمن مسابقة البطولة الوطنية لفرق الدوري الأول.

هتفت آلاف الحناجر بـ"ما نسمح فيك (لن أتخلى عنك) يا غزة، مالكري (بالرغم) عليّ بعيدة، يا رفح ورام الله، أمتنا راها مريضة، مرضوها بالمشاكل، وفساد الحكومات، والعربي عايش في الويل، والمستقبل كله ظلمات".

وما تلبث الدموع أن تنزل من مآقي من يستمع -عبر منصات الإنترنت- لعشرات الآلاف وهم يرددون هذا النشيد في هذه الأجواء وفي هذه الظروف، أما حال من هم داخل الملعب فلا يكاد يوصف.

عبد الجليل البوجدايني مدير موقع أنصار الرجاء الرياضي "ديما ديما رجاء" (الجزيرة) التزام أخلاقي دائم

يقول عبد الجليل البوجدايني مدير موقع أنصار الرجاء الرياضي "ديما ديما رجاء"، إن نجاح "رجاوي فلسطيني" وملامستها لقلوب الناس داخل وخارج المغرب نابع من الروح الصادقة التي تحملها.

وتابع بأن الأمر يتعلق بإحساس دائم بالمسؤولية الأخلاقية تجاه غزة وقضية فلسطين لطالما عبر عنه هذا الجمهور العاشق للكرة، وليس مرهونا فقط بوقت القصف والاعتداء والعدوان، "إنه التزام أخلاقي دائم".

هذه الأغنية التي تبدأ بمخاطبة فلسطين بـ"يا اللي عليك القلب حزين، هذه سنين تدمع العين، لحبيبة يا فلسطين، آه يا وين العرب نايمين، آه يا زينة البلدان، قاومي ربي يحميك"، كلماتها ولحنها من إبداع المجموعة الموسيقية لألتراس الرجاء البيضاوي.

ويشرح البوجدايني بأن التأليف والتلحين وإن كان من صنع أفراد، إلا أنه بمنطق الألتراس، كل شيء ينسب للجماعة، ومن ثم يصعب على أي مشجع أن يدلي باسمه كصاحب كلمات أو لحن، احتراما لهذه الروح الجماعية التي تميز عشاق الرجاء، وفكر الألتراس بشكل عام.

جماهير نادي الرجاء لكرة السلة هي الأخرى رفعت هذا الأسبوع لافتة تدعم غزة في مباراة محلية (مواقع التواصل) أرض وعرض

ويؤكد الصحفي الرياضي محمد بلعودي من جانبه أن عقيدة المشجعين واضحة ولا تشوبها شائبة من حيث إن قضية فلسطين ليست "ترفيها سياسيا"، بل هي قضية أرض وعرض، وقضية حق وباطل، وقضية شعب يسعى للحرية وتحرير الأرض، ضد عدو يسعى بكل الطرق لقتل هذه الرغبة.

قيم ومشاعر حملتها "رجاوي فلسطيني" لذلك -يتابع بلعودي- تيسر لها هذا الانتشار الكبير إذ وجد فيها الناس تعبيرا عفويا صادقا عن مشاعر يكنونها لغزة، ولفلسطين القضية، مثلها في ذلك مثل "التيفو" الشهير للنادي نفسه والذي حمل شعار "حتى النصر"، ويتوسطه "حنظلة"، الرمز الشهير لرسام الكاريكاتير الفلسطيني الراحل ناجي العلي.

كما أن فريق الرجاء البيضاوي لكرة السلة حمل لافتة داعمة لغزة من أرض كازابلانكا، وذلك خلال مباراة له هذا الأسبوع. وتقول اللافتة التي زينتها رموز الكوفية الفلسطينية والعلم الفلسطيني "من كازا (الدار البيضاء) الخضرا إلى غزة الحرة".

الصحفي الرياضي يوسف بلعودي (الجزيرة) ديربي خاص

وكأن "ألتراس الوينرز" عشاق الوداد البيضاوي، الفريق المنافس للرجاء حيث تصنع مباريات "الديربي" المحلي بينهما الحدث دائما في المغرب، لم يريدوا لألتراس النسور أن "يستفردوا" بدعم غزة بالكلمات والألحان، فأبدعوا بعد اندلاع طوفان الأقصى أغنية "فلسطين أرض الصمود"، وأهدوها لغزة وفلسطين.

ويوضح بلعودي أن أغنية ألتراس الوينرز هي تعبير متجدد لارتباط وثيق للشباب مع القضية الفلسطينية التي هي ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، بل هي القضية المركزية للمسلمين جميعا.

ويشرح بأن إبداعات الشباب المغربي والعربي تؤكد أن شباب الأمة رغم معاناتهم من مشاكلهم اليومية، ما فتئوا يبرهنون للجميع أن مشاعرهم إزاء فلسطين ثابتة وراسخة، ويعبرون عن ذلك بكل وسيلة ممكنة، سواء تعلق الأمر بأغانٍ، أو لافتات، أو شعارات خلال المناسبات الرياضية، أو حتى من خلال المشاركة في وقفات ضد جرائم الاحتلال.

"نصلي جميعا"

تبدأ الأغنية الحماسية لألتراس الوينرز بتقرير أن "فلسطين، أرض المسلمين"، وتخاطب صلاح الدين الأيوبي قائلة "آه يا صلاح الدين، على طريقك سايرين، نموتوا حنايا (نحن) وتحيا فلسطين".

وتزيد "جنين والخليل وغزة، إن شاء الله نحرروك يا أقصى، القدس يا لحبيبة، عليك طالت الغيبة، يا رب احفظها لينا، نصليو فيها مجموعين".

أمنية بصلاة جماعية في القدس الحبيبة التي "طالت عليها الغيبة"، لينسجم بذلك عشاق الوداد البيضاوي، مع عشاق الرجاء البيضاوي الذين عبروا عن يقينهم بتحرر الأقصى، ورغبتهم في شد الرحال إلى هناك قائلين "رجاوي فلسطيني، حبيت نمشي شكون يديني (من يأخذني)".

ولعلها أمنية تتحقق، فيستعيد هشام ابتسامته، وكذلك عشاق الكرة، وذلك بعد أن يستعيد إخوانهم في غزة وفلسطين أرضهم وحريتهم وبعضا من ابتسامتهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الرجاء البیضاوی

إقرأ أيضاً:

الهواري: النبي كان عظيم الأمل فلم ييأس وواسع الرجاء فلم يقنط

ألقى الدكتور محمود الهواري الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني خطبة الجمعة بالجامع قال فيها، إنه كلما أهل هلال ربيع تبارى الخطباء والدعاة والكتاب إلى ميلاد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمسون منه الأنوار والأسرار والإشراقات، وحق لهم فلقد كان ميلاد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ميلادَ أمة، وإشراق حضارة، وصناعة إنسانية، وإحياء قيم وأخلاق.

وأضاف أنه كان صلى الله عليه وسلم عظيم الأمل فلم ييأس، واسع الرجاء فلم يقنط، قوي العزيمة فلم يجزع، فالحاجة إلى الأمل في ظل الواقع المر، وما أحوج الناسَ إلى الأمل في ظل ما يعانون مرارته يوما بعد يوم مما حل بالأمة من مشكلات داخلية وخارجية، تلك العبادة القلبية التي قل من يفطن لمعناها ويعمل بمقتضاها، أن يعيش على معنى توقع الجميل من الله.

الأزهر للفتوى يوضح حكم اصطحاب غير البالغين إلى المسجد لصلاة الجمعة الأزهر للفتوى يؤكد تحذيره من تطبيقات ويصفها بالقمار المحرم

أضاف الهواري أن الأمل يتمثل في أن يوقن الإنسان أن مع العسر يسرا، وبعد الكسر جبرا، وبعد الضعف قوة، وبعد المرض عافية، وبعد الداء شفاء وبعد الشدة فرجا وبعد الضيق سعة، وبعد الدنيا وما فيها جنة عرضها السماوات والأرض، موضِّحًا أن صنفا من البشر يعيشون على يأس وقنوط وإحباط فهم في قلق وهم واضطراب وخوف وفزع، ونسي هؤلاء أن الأمل والرجاء أبواب واسعة، وصدق القائل:

قل للذي ملأ التشــاؤمُ قلــبَه .. ومضى يضيِّق حولنا الآفاقا
سرُّ السعادة حسنُ ظنك بالذي .. خلق الحياة وقسم الأرزاقـا

أوضح الأمين المساعد أن اليأس قطيعة إيمانية بين العباد وربهم؛ ولذا لا عجب أن يورد القرآن اليأس والكفر في سياق واحد، وما أروع ما قال يعقوب لبنيه: (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)، وفي الجانب الآخر نجد الإيمان والأمل متلازمين، فالمؤمن أوسع الناس أملًا، وأكثرهم تفاؤلًا، وأبعدهم عن التشاؤم والتبرم والضجر؛ إذ الإيمان معناه الاعتقاد بقوة عليا تدبر هذا الكون لا يخفى عليها شيء، ولا تعجز عن شيء، الاعتقاد بقوة غير محصورة، ورحمة غير متناهية، وكرم غير محدود، الاعتقاد بإله قدير رحيم، يجيب المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء، يمنح الجزيل، ويغفر الذنوب، ويقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، إله هو أرحم بعباده من الوالدة بولدها. إله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، إله يفرح بتوبة عبده أشد من فرحة الضال إذا وجد، والغائب إذا وفد، والظمآن إذا ورد، إله يجزي الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف أو يزيد، ويجزي السيئة بمثلها أو يعفو، مشيرا إلى أنه كانت حياة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رحلة من الأمل، وكأنما يقدم لنا بهذه الحياة الشريفة النموذج الأمثل لكل مبتلى من فرد أو مجتمع أو أمة.

وتابع: عاش النبي في مكة ثلاثة عشر عامًا يدعو قومه إلى الإسلام، فيلقون دعوته بالاستهزاء، وقرآنه بالإعراض، وآياته بالتكذيب، وأصحابه بالأذى والتعذيب، فما لانت له قناة، ولا انطفأ في صدره الأمل، يأتيه خباب بن الأرت، وقد ضاق بتعذيب مولاته التي كانت تكوي ظهره بالنار، فيقول: يا رسول الله، ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا؟ كأنه يتعجل حسم الموقف بين الإيمان والشرك بدعوة تهتز لها قوائم العرش، فينزل الله بأسه بالقوم المجرمين، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقن صاحبه درسا في الصبر على البلاء والأمل في الله، ويصور لهم الشدة التي يعقبها الفرج، والضيق الذي تتلوه السعة والألم الذي تأتي من بعده العافية والألم الذي يأتي بعده الأمل فيقول: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ»، وبعد الفترة المكية يخرج من مكة مهاجرا، ويأخذ بالأسباب فيعد الطريق والدليل، والطعام ومن يحمله، والأخبار ومن يأتي بها، والمستقر ومن يستقبله ومع ذلك وصل كفار قريش إلى فم الغار، حتى قال الصديق أبو بكر: يا رسول الله، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، وهنالك يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمل ليطمئن الفؤاد القلق فقال: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا.

أشار الهواري إلى أنه عندما ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة، ويبدأ في كفاح مرير مع طواغيت الشرك، وأعوان الضلال، حتى تأتي غزوة الأحزاب فيتألب الشرك الوثني بكل أدواته مع الغدر اليهودي بكل تاريخه الدموي، ويحيط بالمسلمين مؤامرة من الداخل والخارج، ويشتد الأمر على النبي وأصحابه، حتى يصوره القرآن بقوله: (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالًا شديدًا) (الأحزاب: 10، 11) في هذه الساعات الرهيبة التي يذوي فيها عود الأمل، ويخبو شعاع الرجاء، يحدث النبي أصحابه عن الغد المأمول، والمستقبل المرجو، وهم يحفرون الخندق حول المدينة؛ ليصدوا به الغزاة، ويعوقوا به الطغاة، تعرض لهم صخرةٌ لا تأخذُ فيها المَعَاوِلَ، فجاء رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فأخذ المِعْوَلَ فقال: بسمِ اللهِ، فضرب ضربةً فكسر ثُلُثَها، وقال: اللهُ أكبرُ أُعْطِيتُ مَفاتيحَ الشامِ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ قصورَها الحُمْرَ الساعةَ، ثم ضرب الثانيةَ فقطع الثلُثَ الآخَرَ فقال: اللهُ أكبرُ، أُعْطِيتُ مفاتيحَ فارسٍ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ قصرَ المدائنِ أبيضَ، ثم ضرب الثالثةَ وقال: بسمِ اللهِ، فقطع بَقِيَّةَ الحَجَرِ فقال: اللهُ أكبرُ أُعْطِيتُ مَفاتيحَ اليَمَنِ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ أبوابَ صنعاءَ من مكاني هذا الساعةَ، متسائلا أنه هل يدرك معنى الأمل في الله هؤلاء المتعلقون بأذيال المادية الصارخة والنافضون أيديهم من قدرة الله وعظمته؟

وهل يدرك هذا المعنى الغارقون في تشاؤمهم اليائسون من فرج قريب لهذه الأمة؟.

وختم الأمين المساعد بالتأكيد على أن المجتمعات التي تمتلئ بالأمل هي المجتمعات القادرة على تحقيق حاجاتها بالسعي والعمل، وإن الأوطان التي يشيع فيها اليأس هي مجتمعات مقيدة لا تتقدم، ولا ترتقي، ولعل الله يصنع لنا من ليلنا الحالك أنوار فجر مشرق يبدد الظلمات، ويحقق الغايات، فالأمل صناعة نبوية، وفريضة دينية، وحاجة مجتمعية، من تخلى عنها تخلى عن الحياة، وما طعم الحياة إن كانت بلا أمل؟ وما متع الدنيا إن كانت الحياة بلا أمل؟، وإن أولى الناس بالأمل هم أهل الإيمان الذين يعتصمون بالله البر الرحيم، العزيز الكريم، الغفور الودود، الذين ينظرون إلى الحياة بوجه ضاحك، ويستقبلون أحداثها بثُغر باسم، لا بوجه عبوس قمطرير.

مقالات مشابهة

  • حزين والفرماوى يشهدان مهرجان ليالي مراكز الشباب من مركز شباب 15 مايو بالقليوبية
  • الوداد البيضاوي يتعاقد مع مهاجم ايس ميلان الإيطالي
  • صفقة بوبيندزا تصعق عشاق الزمالك المصري
  • إعلام أمريكي: إدارة بايدن ترجئ إعلان خطتها النهائية لصفقة غزة لأجل غير مسمى
  • عشاق الرياضات التراثية يقبلون على مزاد الصقور اليومي
  • تامر حسين يحصد جائزة أفضل شاعر غنائي دير جيست
  • الهواري: النبي كان عظيم الأمل فلم ييأس وواسع الرجاء فلم يقنط
  • ترامب يهدد الجامعات الأمريكية التي لا تقمع التظاهرات المتضامنة مع فلسطين
  • واشنطن لإسرائيل: حاملات الطائرات لن تبقى في المنطقة لأجل غير مسمى
  • الأنبا باخوم يفتتح العام الدراسي بمدارس سان جورج بمصر الجديدة