تقول مصادر أمنية، إن ما ينتظر القوات البرية الإسرائيلية في غزة هو شبكة أنفاق حركة حماس الممتدة لمئات الكيلومترات ويصل عمقها إلى 80 متراً، ووصفتها رهينة أُفرج عنها بأنها "شبكة عنكبوت".

توجد مدينة بأكملها أسفل غزة على عمق يتراوح ما بين 40 و50 متراً. تحتوي على مخابئ ومقرات ومخازن

ووصفها خبير بأنها "أكبر بـ 10 أمثال من أنفاق فيت كونغ"، أو الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام.

وقالت مصادر مطلعة في الغرب والشرق الأوسط، إن حماس لديها أنواع مختلفة من الأنفاق الممتدة أسفل قطاع غزة الساحلي الذي تبلغ مساحته 360 كيلومتراً مربعاً وأسفل حدوده، بما في ذلك أنفاق للهجوم والتهريب والتخزين والعمليات.

وذكر مسؤول أمريكي أن الولايات المتحدة تعتقد أن القوات الخاصة الإسرائيلية ستواجه تحدياً لم يسبق له مثيل، إذ سيتعين عليها خوض قتال مع حماس مع محاولة تجنب قتل الرهائن المحتجزين تحت الأرض.

#IsraelGazaWar | The Hamas Tunnel City Beneath Gaza - A Hidden Frontline For Israel https://t.co/CaFf8tHzqS pic.twitter.com/ikxvKNT73A

— NDTV (@ndtv) October 27, 2023

وأشار وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أيضاً، إلى أن معركة العراق التي استمرت 9 أشهر لاستعادة مدينة الموصل من قبضة تنظيم داعش الإرهابي قد تكون أسهل، مقارنة مع ما ينتظر أن يواجهه الإسرائيليون، فمن المرجح أن تكون هناك "كثير من العبوات الناسفة وكثير من الأفخاخ الملغومة وعمليات طاحنة حقاً".

وعلى الرغم من أن إسرائيل أنفقت كثيراً على وسائل كشف الأنفاق، بما في ذلك حاجز تحت الأرض مزود بأجهزة استشعار أطلقت عليه اسم "الجدار الحديدي"، ما يزال يُعتقد أن حماس لديها أنفاق تصلها بالعالم الخارجي.

وبعد جولة التصعيد في 2021، قال القيادي في حماس يحيى السنوار: "بدأوا يحكوا أن 100 كيلومتر دمروا من أنفاق حماس. أنا أقول لكم إن ما لدينا من أنفاق في قطاع غزة يزيد على 500 كيلومتر. يعني لو صحت روايتهم فهم دمروا بس إيش 20%".

شاهدة من الرهائن

ولم يتسن التأكد من تصريحات السنوار، الذي يعتقد أنه لجأ إلى الأنفاق قبل الهجوم البري الإسرائيلي المتوقع، ولكن التقديرات بامتداد الأنفاق لمئات الكيلومترات تحظى بقبول على نطاق واسع لدى المحللين الأمنيين، على الرغم من أن طول الشريط الساحلي المحاصر لا يتجاوز 40 كيلومتراً.

وفي ظل سيطرة إسرائيل الكاملة على المداخل الجوية والبحرية لغزة وعلى 59 كيلومتراً من حدودها البرية البالغ طولها 72 كيلومتراً، إذ تسيطر مصر على 13 كيلومتراً في الجنوب، توفر الأنفاق إحدى السبل القليلة أمام حماس لجلب الأسلحة والعتاد والأفراد.

وبينما تتكتم هي والجماعات الفلسطينية الأخرى على المعلومات بشأن شبكاتها، قالت يوشيفيد ليفشيتز (85 عاماً) الرهينة الإسرائيلية التي أُفرج عنها هذا الأسبوع: "بدت مثل شبكة العنكبوت، أنفاق كثيرة جداً، سرنا كيلومترات تحت الأرض".

وتعتقد حماس أنه مع التفوق العسكري الإسرائيلي سواء بالقدرات الجوية أو بالآليات العسكرية المدرعة، فإن الأنفاق هي وسيلة لتقليص بعض هذه المزايا من خلال إجبار الجنود الإسرائيليين على التحرك تحت الأرض في مساحات ضيقة يعرفها مقاتلو حماس عن ظهر قلب.

وقال متحدث عسكري إسرائيلي أمس الخميس: "لن أتحدث عن عدد الكيلومترات التي تمتد عبرها الأنفاق، لكنه عدد كبير، تم حفره تحت المدارس والمناطق السكنية"، وحث الرئيس الفلسطيني محمود عباس مجلس الأمن الدولي على الوقف الفوري "للعدوان" على غزة، والتحرك نحو "حل سياسي بدلاً من الحلول العسكرية والأمنية".

مدينة أنفاق

وتقول مصادر أمنية إسرائيلية إن القصف الجوي المكثف ألحق أضراراً طفيفة بالبنية التحتية للأنفاق، إذ تمكنت وحدة من الضفادع البشرية التابعة لحماس من شن هجوم عبر البحر هذا الأسبوع استهدف تجمعات سكنية ساحلية بالقرب من غزة.

The United States believes Israel's special forces will face an unprecedented challenge having to battle Hamas militants while trying to avoid killing hostages held in tunnels below ground, a US official says https://t.co/0uK6uyVX4S https://t.co/0uK6uyVX4S

— Reuters (@Reuters) October 26, 2023

وقال القائد السابق بالجيش الإسرائيلي، أمير أفيفي: "على الرغم من هجومنا المكثف لأيام وأيام، فإن قيادة (حماس) ما تزال متماسكة إلى حد كبير وقادرة على توجيه الأوامر والسيطرة، بل وحتى قادرة على محاولة شن هجمات مضادة". وتقلد أفيفي مناصب كبيرة منها نائب قائد فرقة غزة المكلفة بالتعامل مع مسألة الأنفاق.

وأضاف "توجد مدينة بأكملها أسفل غزة على عمق يتراوح ما بين 40 و50 متراً. ثمة مخابئ ومقرات ومخازن وبالطبع هي متصلة بأكثر من ألف موقع لإطلاق الصواريخ"، وتقدر مصادر أخرى عمق الأنفاق بما يصل إلى 80 متراً.

وقال مصدر أمني غربي "تمتد لأميال. إنها مصنوعة من الخرسانة وبشكل جيد جداً. تخيل أنها تبلغ 10 أمثال أنفاق فيت كونغ. كانت لديهم أعوام وكثير من المال لحفرها".

لعبة طويلة

وتأسست حماس في غزة عام 1987، ويُعتقد أنها بدأت حفر الأنفاق في منتصف تسعينيات القرن الماضي، حينما منحت إسرائيل رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات بعض الحكم الذاتي في غزة.

وشبكة الأنفاق من الأسباب الرئيسية في قوة حماس في غزة عنها في الضفة الغربية المحتلة، حيث تعوق المستوطنات والقواعد العسكرية وأجهزة المراقبة الإسرائيلية إدخال أي شيء من الأردن.

وصار حفر الأنفاق أسهل في 2005 حينما سحبت إسرائيل الجنود والمستوطنين من غزة وفازت حماس في انتخابات 2006، وبعد ذلك بفترة وجيزة أسرت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وقتلت اثنين آخرين بعد حفر نفق لمسافة 600 متر لمداهمة قاعدة كرم أبو سالم على حدود غزة.

وعلى الرغم من أن الأنفاق العسكرية ظلت بعيدة عن الأعين، فقد تباهى المهربون في غزة خلال تلك الحقبة بأنفاقهم التجارية التي بالكاد كانت مخفية تحت الحدود مع رفح، وكان عرض الأنفاق نحو متر واحد واستُخدمت محركات الرافعات لنقل البضائع على طول الأرضيات الرملية في براميل وقود.

وقال أبو قصي الذي يشغل أحد أنفاق رفح إن "حفر نفق طوله نصف ميل يستغرق من 3 إلى 6 أشهر، ويدر أرباحاً تصل إلى 100 ألف دولار يومياً". 

مطاردة في الأنفاق

وقال جويل روسكين عالم تضاريس الأرض والجيولوجيا بجامعة بار إيلان الإسرائيلية، إن من الصعب رسم خريطة دقيقة لشبكة الأنفاق من السطح أو الفضاء، مضيفاً أن المعلومات شديدة السرية ضرورية من أجل وضع خريطة ثلاثية الأبعاد وتخيل الصور.

ومن بين وحدات النخبة المكلفة بالنزول تحت الأرض وحدة ياهالوم، وهي وحدة قوات خاصة من سلاح الهندسة القتالية الإسرائيلي، وهي الوحدات المتخصصة في كشف الأنفاق وإخلائها وتدميرها.

وزار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في وقت سابق هذا الأسبوع، مقاتلي ياهالوم وقال لهم "أعتمد عليكم، شعب إسرائيل يعتمد عليكم"، وقالت مصادر إسرائيلية إن ما ينتظرهم أمر جسيم وإنهم يواجهون عدوا أعاد تنظيم نفسه وتعلم من العمليات الإسرائيلية السابقة في 2014 و2021.

وقال أمنون سوفرين القائد السابق لسلاح الهندسة القتالية: "سيكون هناك الكثير من الأفخاخ الملغومة. لديهم أسلحة حرارية لم تكن لديهم في 2021 وهي أكثر فتكاً. وأعتقد أنهم حصلوا على الكثير من أنظمة الأسلحة المضادة للدبابات التي سيحاولون أن يضربوا بها ناقلات الجنود المدرعة والدبابات"، وأضاف سوفرين الذي كان أيضاً رئيساً سابقاً لإدارة المعلومات الميدانية في الموساد، أن حماس ستحاول أيضاً اختطاف جنود.

وقالت دافني ريتشموند باراك الأستاذة بجامعة رايتشمان الإسرائيلية ومؤلفة كتاب "حرب الأنفاق"، إن الصراعات في سوريا والعراق غيرت الموقف، وأضافت "على الأرجح أن ما سيواجهه الجيش الإسرائيلي داخل الأنفاق، هو أيضاً جميع الخبرات والمعرفة التي اكتسبتها جماعات مثل تنظيم داعش الإرهابي وجرى نقلها إلى حماس".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل حماس على الرغم من تحت الأرض أنفاق فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

التحقيقات الإسرائيلية بفشل 7 أكتوبر.. كيف خدعت حماس الجيش والشاباك؟

سيطر على الإسرائيليين منذ صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى اليوم سعي لمعرفة ليس فقط ما جرى وإنما أيضا لماذا جرى، وبالتالي أين كان الجيش الإسرائيلي.

وحسب افتتاحية "هآرتس" أول أمس الأحد، فإن تحقيقات الجيش بينت أن السبب الأساس "لتغيب الجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر في غلاف غزة هو أن أسرة الاستخبارات -والجيش والشاباك على رأسها- لم تصدق أن بوسع حماس تنفيذ هجوم منسق لآلاف المخربين في أكثر من 100 نقطة اقتحام، وأن تنجح في كسر فرقة غزة والسيطرة على جزء كبير من المنطقة التي في مسؤوليتها".

وأشارت إلى أن 7 أكتوبر/تشرين الأول هو نتاج مفهوم سياسي مشوش يمكن وفقه "إدارة النزاع" وأن "حماس هي ذخر"، الى جانب خطأ استخباري بموجبه حماس لا تريد ولا تستطيع أن تنفذ هجوما بحجم كهذا، واستعداد دفاعي مشوش، والصلات الظرفية العميقة بين هذه الأضلاع الثلاثة لا يمكن البدء بحل لغزها من دون لجنة تحقيق رسمية.

وشكّل المفهوم السياسي المشوش ما اعتبر أهم الأسباب في بلورة ما عرف بالفشل المفهوماتي، والذي قاد إلى الاستخفاف بحماس من جهة وتفسير سلوكياتها ومواقفها بشكل خاطئ.

واعتبرت التحقيقات أن نقطة التحول الجوهرية كانت في إغفال المعاني الفعلية لانتخاب قيادة حماس في 2016، والتي فاز فيها يحيى السنوار بالمكانة القيادية العليا في غزة حين بدأ تنفيذ خطة الحرب ضد إسرائيل عمليا بهدف تدميرها أو على الأقل إلحاق أذى بليغ بها.

إعلان تحرك السنوار

"وجاء في تحقيقات الجيش أن "عملية الجرف الصامد انتهت بفهم السنوار أن خطة الهجوم لن تنجح إلا إذا بدأت بمفاجأة كاملة، وأن سيطرته وجماعته على غزة في أوائل عام 2017 تعزز هذا".

وأشار التحقيق أيضا إلى أنه "في عام 2017 بدأت احتجاجات جدية ضد حماس داخل غزة، وبالتالي تحرك السنوار نيابة عن المدنيين، وفي الوقت نفسه بدأت مظاهرات السياج ضد إسرائيل، والتي انتهت بالتوصل إلى تسوية، ولم تفهم المخابرات أن حماس بهذه الطريقة كانت تعوّد إسرائيل على تصور أنها تتجه نحو التسوية، في حين كانت خطة كسر الطوق في غزة تتشكل".

السنوار استخلص الدروس من عملية "الجرف الصامد" (الجزيرة)

وكانت حماس أنشأت بعد عملية الجرف الصامد في العام 2014 -ولأول مرة- قيادة عامة تضم قادة ألوية بقيادة محمد الضيف.

وفي الواقع، كان رئيس قسم العمليات الأول في حماس رائد سعد هو من وضع خطة الغزو البري من دون أي أنفاق على الإطلاق، بسبب بناء إسرائيل الجدار تحت الأرض.

وبعد عامين فقط وصلت هذه الخطة (سور أريحا) إلى انتباه شعبة الاستخبارات، ولكن تم التعامل معها على أنها مجرد فكرة بعيدة عن الواقع.

وبحسب هذه الخطة، جرى العمل على تشكيل كتائب النخبة، على أن يتم الانتهاء من تشكيل احتياطي لكل كتيبة في عام 2019.

وكشفت المعلومات الاستخباراتية التي خرجت من غزة خلال مناورات العام الماضي عن حجم الفشل الاستخباراتي، فمنذ عام 2017 تضمنت خطة الغزو الكيبوتسات والمستوطنات التي سيتم احتلالها، والخداع والاستيلاء على رموز القوة الإستراتيجية في الجنوب، مثل محطات الطاقة ومراكز الشرطة، والوصول إلى مدن مثل بئر السبع وأسدود والمجدل.

تقليص التدريبات

وبسبب تفشي كورونا قررت حماس تحويل الموارد من تدريبات النخبة إلى مكافحة الوباء، وخلال هذه الفترة زاد تقليص التدريبات تهدئة إسرائيل.

وكشفت المواد الاستخباراتية التي تم جمعها من غزة خلال العمليات ضد حماس خلال العام الماضي أن خطة "سور أريحا" شملت منذ عام 2016 آلاف المقاتلين في 6 كتائب لغزو إسرائيل.

وكشفت التحقيقات أن "هذه الخطة تم تجاهلها في عام 2019 في أحد تقييمات الوضع الاستخباراتي تحت إدراك أنها غير محتملة".

حماس عدلت إستراتيجيتها مع تفشي وباء كورونا (الجزيرة)

كما كشفت التحقيقات أن الخداع الإستراتيجي لحماس تكثف في العامين السابقين للحرب عندما عضت المنظمة الإرهابية شفتيها في جولات التصعيد مع إسرائيل وتركت "الجهاد الإسلامي" وحيدة في الميدان.

إعلان

وفي غزة، اعتقدوا في مايو/أيار 2022 أن هذا هو الوقت المناسب لإطلاق خطة الهجوم، وبالتالي ينبغي لحماس أن تبادر إلى التحرك لتحقيق أحد 3 أهداف، من الصغير إلى الكبير على الأقل: تغيير ميزان الردع مع إسرائيل، وتحرير الضفة الغربية، وتدمير إسرائيل كدولة إذا انضم الحلفاء بقيادة حزب الله إلى الهجوم.

وعموما، كل تصرفات حماس لم تثر شكوكا جدية لدى شعبة الاستخبارات ووحدة الأبحاث، ولم تنشأ في الإطار الاستخباري حالة تحاول التناقض مع التصورات القائمة.

وهذا ما خلق وهم اليقين وإدراكا زائفا للتفوق الاستخباراتي كجزء من الفهم في إسرائيل بأن أعداءنا أدنى، وأن وفرة المعلومات تجعل العدو "شفافا" أمامنا بالفعل، وهو ما خلق حقا شعورا بالزيف.

وبحسب التحقيقات، فإن سياسة إسرائيل في التفريق بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس أدت إلى تقوية الحركة على مر السنين، بما في ذلك عبر تدفق الأموال القطرية إلى غزة والمساعدات الإنسانية.

وقد اختارت إسرائيل سياسة "إدارة الصراع" التي تهدف إلى الحفاظ على الواقع القائم، وبعبارة أخرى يمكن إيجاد فترات هدوء في ضوء الفهم بأن حماس ليست معنية بحرب واسعة النطاق ولا تستعد لها.

عنوان حماس

وتظهر التحقيقات العسكرية التي نشرت تحت عنوان "تصورات إسرائيل لقطاع غزة" أن المستوى السياسي أراد أن تبقى حماس عنوانا، وأن الجيش لم يبدِ في أي وقت اعتراضا على هذه السياسة.

ورأت أن هذا المفهوم إلى جانب مفهومي "إدارة الصراع" و"ردع حماس" ساهمت بشكل حاسم في النتائج القاتلة التي أسفر عنها هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأن هذه المفاهيم السياسية والعسكرية التي ترسخت على مدى سنوات تبين أنها كارثية.

لوحة تحمل نقشا بالعبرية يقول "فكر جيدا فيمن يستفيد من انقسامنا.. الوحدة الآن" مع صورة ليحيى السنوار (الفرنسية)

وفي نظر التحقيقات بدأت هذه التصورات تتشكل في بداية العقد الماضي، واشتدت حتى انفجرت صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إعلان

وكان المفترق المركزي والمصيري -وفقا أيضا لتحقيقات أخرى أجريت في جيش الدفاع الإسرائيلي- هو عملية حارس الأسوار في مايو/أيار 2021، وعند هذه النقطة تباعدت الطرق التي رأى بها الجانبان الصراع: في إسرائيل كانوا مقتنعين بأن حماس تعرضت لضربة قاتلة، بما في ذلك أنفاقها القتالية (عملية الخداع الفاشلة للقيادة الجنوبية)، وكدليل على ذلك استنتجوا خطأ أنها رُدعت عن الانضمام إلى جولتي القتال اللتين دارتا بعد ذلك "الفجر" و"الدرع والسهم"، تاركة "الجهاد الإسلامي" وحيدة.

ولم تعترف إسرائيل بأن "حارس الأسوار" كانت بالنسبة لحماس المحرض الرئيسي لشن "حرب التحرير" من خلال جعل خطة الغزو -التي أطلق عليها الجيش الإسرائيلي اسم "سور أريحا"- قابلة للتنفيذ.

وفي الخلفية، كان زعيم حماس يحيى السنوار متحمسا عندما رأى أنه نجح في توحيد الساحات حول قضية الحرم القدسي خلال مايو/أيار 2021، لم يقاتل سكان غزة فحسب، بل انتفض أيضا مواطنو إسرائيل العرب في العنف، كما اكتسبت قضية القوة العسكرية زخما في الدول العربية بالمنطقة.

لكن جذور الفشل -وفقا لتحقيقات الجيش- تكمن في النهج الإسرائيلي الذي اتبعته الحكومة منذ بداية العقد الماضي، والذي تجاوز رؤساء الأركان وحصل على دعمهم أيضا.

وقد تجلى هذا التوجه لأول مرة في عملية "عمود السحاب" في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وبلغ ذروته في الفرصة الأخيرة لهزيمة حماس في المناورة البرية بعملية الجرف الصامد في صيف عام 2014.

وكان القرار الإستراتيجي الذي وصل إلى الجيش من المستوى السياسي هو أن سحق حماس ليس الهدف، ويجب ردعها قدر الإمكان.

أنفاق التسلل

ويقول مصدر في الجيش الإسرائيلي "كانت عملية الجرف الصامد هي اللحظة التي أثير فيها السؤال لأول مرة بشأن ما إذا كان ينبغي هزيمة حماس، "وبعد ذلك صدرت التعليمات إلى الجيش الإسرائيلي بالتركيز فقط على إزالة التهديد المتمثل في أنفاق التسلل وإبقاء حماس في السلطة في غزة، وكان نجاح هذه العملية يقاس بمقدار الهدوء الذي جلبته حتى التصعيد التالي".

جنود إسرائيليون يدخلون نفقا تم اكتشافه بالقرب من الحدود مع غزة في أكتوبر 2013 (أسوشيتد برس)

وأدى ذلك على مر السنين إلى انتشار هذا النمط من الوعي والتغلغل، من أول ضباط البحث وجمع المعلومات في وحدة 8200 في إدارة المخابرات إلى آخر رجال الجيش النظاميين على حدود غزة.

وكل التوصيات الاستخباراتية والتفسيرات البديلة للعلامات التي تشير إلى الليلة بين 6 و7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 اعتمدت على المفهوم نفسه.

إعلان

وعلى الأرض -وبحسب تحقيقات الجيش- تدهورت على مر السنين الطريقة التي تدافع بها القوات عن الحدود، إذ لم يشمل نظام الإنذار عند الفجر الذي يتم بموجبه رفع مستوى التأهب كل صباح جميع المقاتلين في المواقع كما كان الحال في الماضي.

وبالإضافة إلى ذلك، كان اعتماد القوات على العائق الجديد على الحدود وعلى المراقبة وعلى التكنولوجيا ضارا بها.

وكذلك الحال مع التسهيلات في الإجازات، ففي عطلات نهاية الأسبوع كان يتم تقليص القوات في القطاع حتى يتمكن المزيد من المقاتلين من الاستمتاع بالإجازة في منازلهم وكأن موقع ناحال عوز هو قاعدة كرياه في تل أبيب.

وعلى أي حال، فإن فكرة ردع حماس أدت إلى تقليص حجم الجيش على مدى العقد الماضي وتقليص مستمر في تدريب قوات الاحتياط على الأرض.

ويقول مصدر في جيش الدفاع الإسرائيلي "هذا فشل أكبر من حرب يوم الغفران، لأنه في تلك الحرب كان هناك إنذار مسبق، وكان هناك نقاش بشأن ما إذا كان ينبغي تعبئة قوات الاحتياط أم لا".

بلا اعتراض

ولم يعترض أحد في الجيش على هذا، كما يؤكد التحقيق أن هذا المفهوم كان يجري في دم كل ضابط كبير أو مسؤول بالجيش.

ويشير التحقيق إلى أن "النهج القيادي من القمة حتى طوال الأشهر التي سبقت الحرب كان التركيز على إيران، وتوسيع اتفاقيات أبراهام والحفاظ على دور السلطة الفلسطينية".

شيوع وهم أن حماس مردوعة أدى إلى تقليص حجم الجيش الإسرائيلي (الأوروبية)

ولخص التحقيق التوجه الإسرائيلي المتبع: من الجيد أن تبقى حماس عنوانا في غزة جزئيا لصعوبة إيجاد بديل لها، خاصة أن التهديدات من الضفة الغربية أكثر خطورة من تلك الموجودة في قطاع غزة.

وأضاف التحقيق "لم يكن هناك أي نقاش على الإطلاق بشأن إمكانية إنهاء الصراع أو استعادة السيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة".

ونتيجة لهذا المفهوم لم يزد حجم القوات في فرقة غزة إلا بالكاد طوال عقد من الزمن، باستثناء قوة إضافية لتأمين أعمال بناء الجدار، وبلغ عدد السرايا التي تحرس 65 كيلومترا من الحدود مع قطاع غزة 14 سرية.

إعلان

وفي صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول دافع عنها 671 مقاتلا في مواجهة آلاف المقاتلين الذين اقتحموا الحدود، وتزامن ذلك -بحسب التحقيقات- مع زيادة بنسبة 40% في عدد الكتائب والسرايا الموجهة إلى فرقة يهودا والسامرة ابتداء من مارس/آذار 2022 "عملية كاسر الأمواج".

كما وصلت بعض التعزيزات إلى الضفة الغربية من احتياطي الطوارئ المخصص لغزة في الأيام التي سبقت 7 أكتوبر/تشرين الأول.

مقالات مشابهة

  • حفرة ناجمة عن سقوط نيزك على الأرض قبل مليارات السنين
  • إسرائيل تفتح جبهة ضد تركيا عبر متحدث باسم جيش الاحتلال باللغة التركية
  • إسرائيل قلقة بشأن المفاوضات المباشرة بين واشنطن وحماس
  • ردود الفعل الإسرائيلية على الخطة المصرية لإعمار غزة
  • جنوب أفريقيا: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحا في حربها على غزة
  • التحقيقات الإسرائيلية تكشف.. كيف خدعت حماس الجيش والشاباك في 7 أكتوبر؟
  • التحقيقات الإسرائيلية بفشل 7 أكتوبر.. كيف خدعت حماس الجيش والشاباك؟
  • رئيس الشاباك الإسرائيلي يرفض الاستقالة قبل تحرير جميع الرهائن لدى حماس
  • الخلافات الشيعية: عقبة أمام قانون الحشد الشعبي
  • القناة 13 الإسرائيلية: حماس تعيد بناء صفوفها استعدادًا لاستئناف القتال