حينما وقع الجيش على اتفاق جدة في مايو الماضي كانت المليشيا تنتشر وتحاصر القائد العام للجيش في القيادة العامة وتهدد بإسقاط القيادة وكل معسكرات الجيش في الخرطوم والسيطرة بشكل كامل. وفي ذلك الوقت لم يكن الاستنفار قد بدأ. بعد ذلك انسحب الجيش من التفاوض واستمر في استنزاف المليشيا.

يعود الجيش إلى التفاوض اليوم وقد تبخرت أحلام المليشيا بهزيمة الجيش والسيطرة على الخرطوم.

فقدت كرت حصار القيادة العامة وخرج القائد العام ونائبه، وفشلت في كل محاولاتها للهجوم على معسكرات الجيش في المدرعات والمهندسين وغيرها. واستُنزفت عسكرياً خلال هذه الفترة.

كما شهدت المليشيا عمليات انسحاب وخروج جماعي وانشقاقات وحروب بين مكوناتها. بالإضافة إلى فقدانها للدعم السياسي حتى من مجتمعات عرب دارفور، حيث ظهرت مؤخراً أصوات تتبرأ من المليشيا وتصفها بالمتمردة وتدينها. أما في ولايات الوسط والشمال والشرق فقد خسرت المليشيا أي دعم أو تعاطف شعبي ووصلت مرحلة اليأس في هذا الصدد. عكس بداية أيام الحرب حيث كان هناك أمل لدى المليشيا بكسب تأييد البعض باسم الثورة والديمقراطية ومحاربة النظام السابق. دعاية المليشيا حول حرب المؤتمر الوطني التي بدأت بها الحرب فقدت مفعولها وانتهت.

الجيش اليوم يتفاوض مع مليشيا مجرمة تحتل الأحياء السكنية والبيوت في العاصمة الخرطوم وتعيث فساداً حيثما وجدت في العاصمة أو في الولايات. بل وصل الأمر إلى بنائب رئيس مجلس السيادة بوصفها بالاحتلال الاستيطاني. فكرة أن هناك احتلال استيطاني تمارسه المليشيا في الخرطوم فكرة رائجة وتدعمها شواهد وادلة. وهي كانت في بداية الحرب مجرد تخمين. هذا بالإضافة إلى الجرائم والإدنات المحلية والدولية.

أيضاً لا ننسى أنه في بداية الحرب كان هناك تنازع في الشرعية في ظل غياب رئيس مجلس السيادة خلف أسوار القيادة (أو داخل البدروم كما صورته دعاية المليشيا) إلى الحد الذي أغرى سفهاء قحت بتقديم نفسهم كممثل شرعي للشعب السوداني بالتآمر مع كينيا وإثيوبيا؛ كلنا نتذكر وقاحة كل من أبي أحمد ووليام روتو وهما يتكلمان عن غياب الحكومة في السودان، وكذلك لا ننسى المطرود وكلامه في هذا الإطار. كل ذلك ذهب مع الرياح وتبدد. تم طرد فولكر وخرج البرهان وزار معظم دول الإقليم وذهب إلى نيويورك ممثلاً للسودان ووضع حداً للكثير من الأوهام. كما تم حل المليشيا بمرسوم دستوري وإلغاء قانونها.

عسكرياً استمر الجيش خلال هذه الفترة في تخريج دفعات جديدة من ضباط الصف المحترفين والآلاف من المستنفرين مع استنزاف المليشيا، وأصبح أكثر استعداداً للحرب البرية وكنس المليشيا في أي لحظة يقرر ذلك. فهذه ورقة لم يستخدمها الجيش حتى الآن. يدخل الجيش التفاوض دون أن يكون قد استهلك كل خياراته العسكرية.

لكل ما تقدم، ليس هناك ما يبرر أو ما يدعو لتقديم أي شكل من أشكال التنازل للمليشيا. موقف الجيش اليوم أفضل بما لا يقارن بموقفه في آخر جولة تفاوض والكفة اليوم في صالح الجيش دون شك رغم انتشار المليشيا في العاصمة الذي لم يعد له معنى يذكر بدليل محاولاتها المستميته لتحقيق انتصار في دارفور. الطبيعي أن تكون المحصلة من التفاوض تعكس موازين القوى العسكرية والسياسية على الأرض، اتجاه المعركة العسكرية ان استمرت الحرب واضح رغم فرفرة المليشيا.

حليم عباس

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الملیشیا فی

إقرأ أيضاً:

اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع بالخرطوم ودارفور

الخرطوم- شهد السودان اليوم الأربعاء مواجهات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع، خاصة في مدن العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور، وسط استخدام كبير للطيران المسير من قبل الطرفين.

وشهدت مدينة بحري شمال الخرطوم اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ فجر اليوم، وشن الجيش هجوما مكثفا ومتواصلا على قوات الدعم السريع بضاحية شمبات وسط بحري.

وقال مصدر عسكري ميداني للجزيرة إن الجيش تمكن من التوغل في مناطق ببحري مثل ضاحيتي شمبات والعزبة، وأشار المصدر إلى تراجع قوات الدعم السريع إلى ضاحيتي حلة حمد والشعبية.

ويسعى الجيش السوداني للتوغل الكامل بمدينة بحري المحاذية لقيادة الجيش في الخرطوم التي تحاصر من قبل قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب.

قصف بالمسيرات

في الأثناء، قال مصدر عسكري للجزيرة إن قوات الدعم السريع شنت هجوما بسرب من المسيرات الانتحارية على قاعدة الجيش بمنطقة المعاقيل بشندي شمالي البلاد.

وأوضح المصدر أن دفاعات الجيش الجوية تمكنت من صدّ جزء من المسيرات الانتحارية، كاشفا عن إصابة مسيرة انتحارية لأهداف بقاعدة المعاقيل العملياتية، مما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف الجيش.

وتبعد قاعدة المعاقيل 150 كيلومترا عن مدينة الخرطوم، ويتخذها الجيش معقلا لجنوده وتضم آلافا من المقاتلين الحربيين.

إعلان اعتداءات واشتباكات

وأفادت مصادر محلية للجزيرة بأن قوات الدعم السريع اقتحمت بلدة القطينة الغربية بولاية النيل الأبيض جنوبي البلاد، وقامت بالاعتداء بالضرب على المواطنين في بلدة القطينة الغريبة قبل أن يتدخل الجيش المرتكز في جبل العرشكول بالاشتباك مع الدعم السريع وإبعادهم من القطينة الغربية.

كذلك يشهد إقليم دارفور مواجهات مستمرة بين الجيش المسنود بالقوة المشتركة لحركات سلام جوبا وقوات الدعم السريع، حيث قالت القوة المشتركة -في بيان صحفي أمس- إنها سيطرت على بلدات في شمال دارفور منها دريشفه والصباح التي تبعد 100 كيلومتر عن مدينة مليط.

ويسعى الجيش والقوة المشتركة لفك الحصار عن مدينة الفاشر التي تعدّ مسرحا عملياتيا ساخنا بين الجيش والدعم السريع.

وشهدت الفاشر -آخر معاقل الجيش في دارفور- صباح اليوم قصفا مدفعيا من قوات الدعم السريع استهدف قيادة الجيش غرب سوق المدينة، بينما شن طيران الجيش غارات جوية على مواقع الدعم السريع في شمال المدينة وشرقها.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يتوغل في وسط الخرطوم بحري، والمبعوث الأممي إلى السودان ينهي زيارته لبورتسودان دون تحقيق اختراق
  • وصول أول دفعة مساعدات إنسانية إلى الخرطوم منذ اندلاع الحرب
  • وزير الخارجية السوداني: وساطة أردوغان بين الخرطوم وأبو ظبي واعدة وإيجابية
  • قائد الجيش غادر إلى السعودية.. وهذا ما سيبحثه هناك
  • تقدم الجيش السوداني في دارفور هل يغير معادلات الحرب في السودان؟ ؟
  • اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع بالخرطوم ودارفور
  • تقسيم الوطن: حول ضرورة تطوير شعار الثورة ومناهضة الحرب
  • عثمان ميرغني ..مشكلتكم.. ليست الحرب !!…..
  • سلطات الخرطوم تكشف عن ضوابط جديدة لتسليم السيارات المنهوبة خلال الحرب
  • تقسيم الوطن : حول ضرورة تطوير شعار الثورة ومناهضة الحرب