لبنان ٢٤:
2024-11-16@15:57:49 GMT

المناوشات في الجنوب لتعويد الناس على فكرة الحرب

تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT

المناوشات في الجنوب لتعويد الناس على فكرة الحرب

عندما كنا صغارًا كنا نرافق والدينا في الزيارات التي كانوا يقومون بها للأهل، والأقارب، والمعارف، والجيران. ولكي يتسنى لهما أن يلعبا "دق ترنيب" من دون أن نزعجهما وسائر اللاعبين كانا يسمحان لنا بالقيام بما لم يمكن يُسمح به في الأوقات العادية. المهمّ بالنسبة إليهما كان تمضية بعض الوقت في "لعبة الورق" برواق ومن دون وجع رأس وكثرة نقّ.

وكنا نستفيد من فرصة السماح هذه قدر الإمكان تعويضًا عن حرماننا اللعب واللهو في زمن الدرس، "لأن في الدنيا أشياء أهمّ من اللعب وطق الحنك وتضييع الوقت بأشياء تافهة ولا قيمة لها". كان همّ الأهل في الزمن الجميل، الذي لن يعود، أن يتفوق أولادهم في صفوفهم الدراسية، وأن يكونوا الأوائل من بين أقرانهم. والمفارقة أن جميع التلامذة كانوا الأوائل في نظر أهاليهم. ولم يصدف أن أحدًا منا كان يطلع "الطشّ". 
المهمّ في هذه العودة إلى زمن الطفولة أن ما يحصل اليوم على أرض الواقع السياسي المشوب بهواجس أمنية يشبه كثيرًا ما كان أهلنا يفعلونه معنا حين يسمحون لنا بأن نلتهي بألعابنا الصغيرة، ولم تكن ألعاب هذا العصر قد غزتنا وأفسدت ما في طفولتنا من براءة، لأنهم كانوا يريدون إلهاءنا بأي وسيلة من الوسائل. المهم ألا نزعجهم وننغصّ عليهم "لعبة الورق".  
قد تكون الصورة كاريكاتورية، لكنها واقعية. نعيش تفاصيلها في كل خطوة نخطوها منذ اليوم الأول لرفض لبنان توطين الفلسطينيين، ووقوفه اليوم في وجه النزوح السوري العشوائي، والذي يُقال إنه يهدف إلى تغيير هوية لبنان وديموغرافيته، والسعي الحثيث لعدم جرّ لبنان إلى حرب مدمرة. ومع هذا كله  يحاولون، أي "الكبار"، أن يلهونا، نحن الصغار"، بأشياء كثيرة لكي يتسنى لهم "اللعب على رواق". 
ومن بين أدوات الالهاء على سبيل المثال لا الحصر التذّرع بالوضع المتفجّر في الجنوب للاستمرار في المراوحة في عملية انتخاب رئيس جديد، مع ما يرافق ذلك من تغييب أي تحرّك في هذا المجال، مما يثير أكثر من علامة استفهام عن الغايات من وراء إبقاء اللبنانيين "قاعدين على أعصابهم"، لا يعرفون متى تبدأ الحرب إذا كان لا مهرب من هذا القدر المحتّم. 
فبدلًا من الاستفادة من هذا المأزق للانصراف إلى انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد، نلاحظ مماطلة مقصودة، حتى أن الكلام عن هذا الاستحقاق قد بات من المحرمات، مع العلم أن انتخاب رئيس جديد للجمهورية من شأنه أن يحفظ المؤسسات الدستورية، التي من خلالها ينتظم عمل المؤسسات الأخرى، من دون أن ننسى "ملهاة" التصويب على عمل الحكومة، وما يرافقها من "سيناريوهات تعطيلية" تمتدّ إلى السلطتين التشريعية والقضائية أيضًا. وأن ننسى فلن ننسى "ملهاة" النائب باسيل، الذي يحاول أن يقطع اللبن بسكين. 
بالتوازي فإن عمليات الالهاء المقصودة والمدروسة والمدوزنة على سلّم الاهتمامات اللبنانية تدخل إلى عمق المشاكل اليومية، التي يعاني منها اللبنانيون أساسًا، وقبل التهديدات الإسرائيلية، في مختلف المجالات، وأهمّ هذه المجالات ما له علاقة مباشرة بحياة الناس كالأكل والشرب والملبس والتنقلات، فضلًا عمّا له ارتباط مباشر بشؤونهم اليومية كالطبابة والتعليم والسكن، أو ما يُسمّى بـ "المثلث الميمي"، أي مسكن ومستشفى ومدرسة، التي تتمحور حياة الناس حولها في شكل أساسي، وهي تدخل بطبيعة الحال في صلب اهتمامات اللبنانيين، الذين يكتشفون كل يوم أن هذه المستلزمات الضرورية لإكمال دورة الحياة ناقصة وغير متوافرة كما هي الحال في الدول، التي يُحترم فيها الانسان، وتُحفظ كرامته. 
فإذا كان الحدّ الأدنى من مسلتزمات العيش بكرامة غير متوافر في الزمن العادي فكم بالأحرى في زمن الحرب؟ 
بكل هذه الاهتمامات ينشغل اللبنانيون، وهم يصرفون معظم أوقاتهم في التفتيش عن الوسائل، التي قد تمكّنهم من العيش وسط دائرة الأمان الاجتماعي، بحيث يحصرون كل طاقاتهم وجهودهم بهذه النواحي، في الوقت الذي بلغوا فيه مرحلة اللامبالاة بما يُطبخ لهم في الخارج، وما يُحضّر لهم من مخططات. ولذلك بتنا نرى معظم الناس يعيشون على هامش الحياة السياسية، وهم يفضّلون، لو خيّروا، مئة مرّة أن يعيشوا بكرامة على أن يعيشوا غرباء في وطن لا يشبههم. 
فلكي لا يزعج اللبنانيون "الكبارَ" بكثير من الأسئلة يجدون لهم في كل مرّة ما يلهيهم، وما يصرف أنظارهم عمّا هو مهمّ بأشياء أقّل أهمية، وصولًا إلى التسليم بالأمر الواقع، على رغم ما فيه من بشاعات وظلمات. وهذا ما يحصل في الجنوب من مناوشات يسقط فيها الشهداء بالعشرات وقبل أن تبدأ الحرب الفعلية، كمقدمة لتعويد اللبنانيين على تقبّل فكرة ما في هذه الحرب من قذارة وبشاعة.  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

عرض فيلم «غزة التي تطل على البحر» في مهرجان القاهرة السينمائي اليوم

يُعرض اليوم ضمن مسابقة آفاق السينما العربية، والتي تقام ضمن فعاليات الدورة الـ45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، العرض العربي الأول للفيلم «غزة التي تطل على البحر»، والذي يعكس معاناة أهل القطاع، ويتوافق مع رسالة المهرجان لدعم فلسطين ولبنان هذا العام منذ اللحظات الأولى لانطلاقه.

أول عرض لفيلم «غزة التي تطل على البحر»

و«غزة التي تطل على البحر» من الأفلام الوثائقية، وتدور أحداثه في قلب قطاع غزة حيث ينتقل 4 رجال عبر مسارات متباينة سعيا وراء تعريفاتهم الخاصة بالنجوم، وتتشابك مصائرهم وسط تعقيدات الحياة والحب والبقاء، وبينما تتكشف أحداث الفيلم ينغمس المشاهدون في الحياة اليومية لهؤلاء الرجال ومراقبة انغماسهم في روتين حياتهم جنبا إلى جنب مع عائلاتهم في مدينتهم الحبيبة.

ينطلق عرض الفيلم الذي تبلغ مدته 82 دقيقة، في تمام الساعة السادسة مساءً، بالمسرح الصغير في دار الأوبرا المصرية، وهو من إخراج محمود نبيل أحمد.

فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي

وتستمر فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي حتى يوم 22 نوفمبر الجاري، بمشاركة 190 فيلمًا من 72 دولة بالإضافة لحلقتين تلفزيونيتين، وتشمل الفعاليات 16 عرضًا للسجادة الحمراء، و37 عرضًا عالميًا أول، و8 عروض دولية أولى، و119 عرضًا لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، هو أحد أعرق المهرجانات في العالم العربي وأفريقيا وينفرد بكونه المهرجان الوحيد في المنطقة العربية والأفريقية المسجل ضمن الفئة A في الاتحاد الدولي للمنتجين بباريس FIAPF.

مقالات مشابهة

  • إحتلالٌ وضمٌّ حتى الليطاني أو أكثر
  • في الجنوب.. ماذا حصل في أجواء الحدود؟
  • اتفاق لبنان وإسرائيل: سلام هش أم تصعيد جديد؟
  • عرض فيلم «غزة التي تطل على البحر» في مهرجان القاهرة السينمائي اليوم
  • لبنان.. تطورات عسكرية متلاحقة في معارك الجنوب
  • أحمد حسين: الحرب الإعلامية التي تمارسها الميليشيا عن تحركاتها في الأطراف الشرقية لمدينة الفاشر محاولة “
  • حزب الله يزلزل العدو الصهيوني في الجنوب: قتلى وتدمير دبابات وصواريخ دقيقة تصيب وزارة الحرب
  • مقدمات نشرات الأخبار المسائية
  • من غزة إلى لبنان: معاناة الأطفال التي لا تنتهي بين نارين
  • صفارات إنذار تدوي في وسط وشمال إسرائيل جراء إطلاق رشقات صاروخية من جنوب لبنان