بين الدعم والنقد.. انقسام في الموقف الأوروبي من الحرب على غزة
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
لندن- رغم حرص عدد من الدول الأوروبية على إظهار دعم مطلق لإسرائيل في حربها على قطاع غزة، فإن دول الاتحاد الأوروبي لا تزال عاجزة عن الخروج بموقف موحد من هذه الأزمة.
وظهر ذلك جليا في تباين وجهات النظر بين دول تُظهر حماسة كبيرة في دعم إسرائيل كما هو الحال بالنسبة لألمانيا، وأخرى توجّه انتقادات لاذعة للاحتلال وحكومة بنيامين نتنياهو، كما هو الأمر بالنسبة لإسبانيا.
وعلى صعيد الاتحاد الأوروبي نفسه، ظهر التباين الواضح بين رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الداعمة وبقوة لإسرائيل وبين الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل، المعروف بنبرته المنتقدة للاحتلال قبل الأحداث الأخيرة، لدرجة أن صحيفة "بوليتيكو" وصفته بأنه "شخص غير مرغوب فيه" في تل أبيب.
ولا تزال اللهجة الداعمة لإسرائيل هي الطاغية داخل الاتحاد الأوروبي، لكن التكتل عاجز إلى الآن عن الخروج بموقف موحد، أو اتخاذ إستراتيجية واضحة للتعامل مع الأزمة، إذ لا يزال الانقسام سيد الموقف.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يسار) أظهر موقفا واضحا داعما لإسرائيل في حربها على قطاع غزة (الفرنسية) ضغوط لتغيير الموقفيعترف جوليان بارني سداسي، وهو مدير أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "إي سي إف آر" (ECFR)، بأن الاتحاد الأوروبي ليس لديه حتى الآن أي رؤية واضحة للتعامل مع ما يحصل في قطاع غزة.
وأكد، في حديثه للجزيرة نت، أن الاتحاد الأوروبي "لا يعرف ما الذي يجب فعله حيال الأزمة الحالية"، وبأن هناك حالة من الارتباك والترقب لما ستؤول له الأمور.
وأضاف سداسي "من جهة هناك دعم قوي لإسرائيل وإدانة واسعة لهجوم حماس، وهذا كان الموقف الطاغي منذ الأيام الأولى"، لكن في المقابل "بدأت تتعالى الأصوات داخل الاتحاد الأوروبي التي تعترف بعدم تناسب الرد الإسرائيلي مع طبيعة ما حدث"، إلى جانب معرفة الأوروبيين "بعدم وجود أفق سياسي أوسع وله معنى، لإنهاء المظالم السياسية الفلسطينية الطويلة الأمد".
وأشار الخبير الأوروبي أنه رغم التعامل الآني مع الحدث من طرف أغلبية الدول الأوروبية، والذي يطغى عليه دعم إسرائيل، فإن هناك وجودا لعاملين سيغيران من السياسة الأوروبية في التعامل مع هذا الملف، بل اعتبر الخبير الأوروبي أنها ستزيد الضغط على الأوروبيين لتغيير موقفهم:
أولها، ارتفاع أعداد الضحايا من الفلسطينيين. وثانيها، إنه بات من الواضح غياب أي حل أو خطة خروج إسرائيلية. خطأ فادحوصف جيلبرت الأشقر، رئيس قسم العلاقات الدولية والتنمية في جامعة الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن "إس أو إيه إس" (SOAS)، مسارعة الدول الأوروبية لإظهار الدعم المطلق لإسرائيل بأنه "خطأ فادح"، وذلك "لأن هذه الدول التي تقول إنها ديمقراطية، وتحترم حقوق الإنسان تدعم حكومة يقودها اليمين المتطرف، وترتكب جرائم حرب".
وأكد البروفيسور جيلبرت في حديثه مع الجزيرة نت، أن ما قامت به الدول الأوروبية الداعمة لإسرائيل سيوسع الهوة بين طبقتها السياسية وبين مواطنيها من أصول مهاجرة، بل قد يتسبب في تشنجات صعبة داخل نسيج المجتمع بين سكان هذه الدول من البيض وبين المهاجرين.
وفسر البروفيسور الأشقر الانقسام بين الدول الأوروبية تاريخيا، "فألمانيا لديها عقدة خاصة بسبب الماضي وهي المسيطرة على الأجواء السياسية فيها، كما أن فرنسا لديها لوبي إسرائيلي قوي، في المقابل فإن دول جنوب أوروبا والأقرب للعالم العربي لديها مواقف أكثر توازنا، لأنها أكثر فهما للمنطقة، وهي حريصة على مواطنيها من أصول عربية وإسلامية".
ولا يتفق الأشقر مع الفكرة القائلة بأن التباين في المواقف الأوروبية سببه وجود حكومات يسارية وأخرى يمينية، ويقول "بل إن الأمر مرتبط بوزن المسألة اليهودية والمسألة العربية، والخشية من الوقوف في موقف مستفز سواء لهذه الجهة أو تلك".
ولفت الخبير البريطاني في العلاقات الدولية إلى أن "الرأي العام بات يضغط أكثر فأكثر لاتخاذ مواقف أكثر توازنا، خصوصا مع ظهور أن الرأي العام الأميركي يطالب بوقف فوري للحرب، وهذا قطعا سينعكس على الموقف الأوروبي".
ولم يخفِ الأشقر تشاؤمه من إمكانية صدور موقف أوروبي قوي "لأن الأمر متعلق أولا بالقرار الأميركي، وأقصى ما يمكن أن يصله الموقف الأوروبي هو الدعوة إلى احترام القانون الدولي، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وهي بدعة، ذلك أن القانون الدولي لا ينص على حق الاحتلال في الدفاع عن النفس بقدر ما ينص على حق الشعوب في مقاومة الاحتلال".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی الدول الأوروبیة
إقرأ أيضاً:
قطر تهدد بوقف مبيعات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي
قالت صحيفة "فايننشال تايمز" اليوم الأحد، إن وزير الطاقة القطري سعد الكعبي، أكد أن بلاده ستوقف شحنات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي، إذا فرض التكتل على نحو صارم تشريعاً جديداً من شأنه أن يعاقب الشركات التي لا تلبي شروطه لانبعاثات الكربون وحقوق الإنسان والعمال.
وقال وزير الطاقة القطري سعد الكعبي للصحيفة: "إذا فرضت أي دولة في الاتحاد الأوروبي عقوبات عدم امتثال، فإن الدوحة ستوقف تصدير غازها الطبيعي المسال إلى الكتلة".والاتحاد الأوروبي مطالب وفق القانون بفرض غرامات على عدم امتثال الشركات المتعاونه بمعاييره الكربونية بحد أقصى لا يقل عن 5% من الإيرادات العالمية السنوية.
وقال الكعبي: "إذا فقدنا 5% من إيراداتنا بالذهاب إلى أوروبا، فلن نذهب إلى هناك... أنا لا أخادع".
وأضاف "5% من الإيرادات المتولدة لشركة قطر للطاقة تعني5% من الإيرادات المتولدة لدولة قطر. هذه أموال الشعب.. لذا لا يمكنني قبول هذه الخسارة".
واعتمد الاتحاد الأوروبي في مايو (أيار) الماضي قواعد جديدة ضمن مجموعة متطلبات أوسع لمواءمة الشركات مع طموح التكتل المتمثل في الوصول إلى انبعاثات كربون صفرية بحلول 2050.
لكن المتطلبات أثارت ردود فعل عنيفة واسعة النطاق من الشركات، داخل الاتحاد الأوروبي و خارجه، بسبب القواعد المرهقة التي تضعها في وضع غير تنافسي.
قال #وزير_الطاقة_القطري سعد الكعبي، في تصريحات نقلتها صحيفة فايننشال تايمز إن #قطر قد توقف شحنات #الغاز إلى #الاتحاد_الأوروبي إذا تم تطبيق تشريعات صارمة تعاقب الشركات التي لا تلتزم بمعايير انبعاثات الكربون وحقوق الإنسان والعمال#العربية_Business pic.twitter.com/kUSm8jAE7a
— العربية Business (@AlArabiya_Bn) December 22, 2024وقالت هيئة الصناعة الكيميائية ، إن القواعد الأوروبية من شأنها "أن تخلق مخاطر تقاضي كبيرة.
وقطر هي واحدة من أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، وأصبحت مورداً مهماً للغاز إلى أوروبا في أعقاب الاضطرابات في أسواق الطاقة الناجمة عن غزو روسيا لأوكرانيا.
واعتبر الكعبي، أن التشريع في شكله الحالي والذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ اعتباراً من 2027 سيكون غير قابل للتطبيق لشركات مثل شركة قطر للطاقة المملوكة للدولة.
???? رفعت الشركات الأوروبية أسعار السيارات التي تعمل بالبنزين بينما تقوم بتثبيت أو تخفيض أسعار السيارات الكهربائية في إطار استعدادها لتطبيق قواعد أكثر صرامة لخفض الانبعاثات الكربونية، ما يهدد بتقليص الأرباح في صناعة متعثرة بالفعل.
???? سيخفض الاتحاد الأوروبي بشكل كبير سقف انبعاثات… pic.twitter.com/4Nz2uSW6OW
وقال، إنه سيتطلب من الشركة بذل جهود كبيرة مع جميع مورديها البالغ عددهم 100000 شركة. وأضاف "ربما أحتاج إلى ألف شخص، وإنفاق الملايين للذهاب وإجراء عمليات تدقيق مع كل مورد".
وقال الكعبي، إنه سيكون من المستحيل أيضاً على منتج للطاقة مثل قطر للطاقة أن يتوافق مع هدف صافي الانبعاثات الصفري للاتحاد الأوروبي بسبب كمية الهيدروكربونات المنتجة.
وقال الكعبي، إن التشريع سيؤثر على جميع الصادرات القطرية إلى أوروبا، بما فيها الأسمدة والبتروكيماويات، وقد يؤثر أيضاً على قرارات هيئة الاستثمار القطرية.
وتابع، أن قطر للطاقة لن تخرق عقود الغاز الطبيعي المسال، لكنها ستنظر في السبل القانونية إذا واجهت عقوبات باهظة.
وقال الكعبي: "لن أقبل أن نتعرض لعقوبات. سأتوقف عن إرسال الغاز إلى أوروبا".