لندن- رغم حرص عدد من الدول الأوروبية على إظهار دعم مطلق لإسرائيل في حربها على قطاع غزة، فإن دول الاتحاد الأوروبي لا تزال عاجزة عن الخروج بموقف موحد من هذه الأزمة.

وظهر ذلك جليا في تباين وجهات النظر بين دول تُظهر حماسة كبيرة في دعم إسرائيل كما هو الحال بالنسبة لألمانيا، وأخرى توجّه انتقادات لاذعة للاحتلال وحكومة بنيامين نتنياهو، كما هو الأمر بالنسبة لإسبانيا.

وعلى صعيد الاتحاد الأوروبي نفسه، ظهر التباين الواضح بين رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الداعمة وبقوة لإسرائيل وبين الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل، المعروف بنبرته المنتقدة للاحتلال قبل الأحداث الأخيرة، لدرجة أن صحيفة "بوليتيكو" وصفته بأنه "شخص غير مرغوب فيه" في تل أبيب.

ولا تزال اللهجة الداعمة لإسرائيل هي الطاغية داخل الاتحاد الأوروبي، لكن التكتل عاجز إلى الآن عن الخروج بموقف موحد، أو اتخاذ إستراتيجية واضحة للتعامل مع الأزمة، إذ لا يزال الانقسام سيد الموقف.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يسار) أظهر موقفا واضحا داعما لإسرائيل في حربها على قطاع غزة (الفرنسية) ضغوط لتغيير الموقف

يعترف جوليان بارني سداسي، وهو مدير أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "إي سي إف آر" (ECFR)، بأن الاتحاد الأوروبي ليس لديه حتى الآن أي رؤية واضحة للتعامل مع ما يحصل في قطاع غزة.

وأكد، في حديثه للجزيرة نت، أن الاتحاد الأوروبي "لا يعرف ما الذي يجب فعله حيال الأزمة الحالية"، وبأن هناك حالة من الارتباك والترقب لما ستؤول له الأمور.

وأضاف سداسي "من جهة هناك دعم قوي لإسرائيل وإدانة واسعة لهجوم حماس، وهذا كان الموقف الطاغي منذ الأيام الأولى"، لكن في المقابل "بدأت تتعالى الأصوات داخل الاتحاد الأوروبي التي تعترف بعدم تناسب الرد الإسرائيلي مع طبيعة ما حدث"، إلى جانب معرفة الأوروبيين "بعدم وجود أفق سياسي أوسع وله معنى، لإنهاء المظالم السياسية الفلسطينية الطويلة الأمد".

وأشار الخبير الأوروبي أنه رغم التعامل الآني مع الحدث من طرف أغلبية الدول الأوروبية، والذي يطغى عليه دعم إسرائيل، فإن هناك وجودا لعاملين سيغيران من السياسة الأوروبية في التعامل مع هذا الملف، بل اعتبر الخبير الأوروبي أنها ستزيد الضغط على الأوروبيين لتغيير موقفهم:

أولها، ارتفاع أعداد الضحايا من الفلسطينيين. وثانيها، إنه بات من الواضح غياب أي حل أو خطة خروج إسرائيلية. خطأ فادح

وصف جيلبرت الأشقر، رئيس قسم العلاقات الدولية والتنمية في جامعة الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن "إس أو إيه إس" (SOAS)، مسارعة الدول الأوروبية لإظهار الدعم المطلق لإسرائيل بأنه "خطأ فادح"، وذلك "لأن هذه الدول التي تقول إنها ديمقراطية، وتحترم حقوق الإنسان تدعم حكومة يقودها اليمين المتطرف، وترتكب جرائم حرب".

وأكد البروفيسور جيلبرت في حديثه مع الجزيرة نت، أن ما قامت به الدول الأوروبية الداعمة لإسرائيل سيوسع الهوة بين طبقتها السياسية وبين مواطنيها من أصول مهاجرة، بل قد يتسبب في تشنجات صعبة داخل نسيج المجتمع بين سكان هذه الدول من البيض وبين المهاجرين.

وفسر البروفيسور الأشقر الانقسام بين الدول الأوروبية تاريخيا، "فألمانيا لديها عقدة خاصة بسبب الماضي وهي المسيطرة على الأجواء السياسية فيها، كما أن فرنسا لديها لوبي إسرائيلي قوي، في المقابل فإن دول جنوب أوروبا والأقرب للعالم العربي لديها مواقف أكثر توازنا، لأنها أكثر فهما للمنطقة، وهي حريصة على مواطنيها من أصول عربية وإسلامية".

ولا يتفق الأشقر مع الفكرة القائلة بأن التباين في المواقف الأوروبية سببه وجود حكومات يسارية وأخرى يمينية، ويقول "بل إن الأمر مرتبط بوزن المسألة اليهودية والمسألة العربية، والخشية من الوقوف في موقف مستفز سواء لهذه الجهة أو تلك".

ولفت الخبير البريطاني في العلاقات الدولية إلى أن "الرأي العام بات يضغط أكثر فأكثر لاتخاذ مواقف أكثر توازنا، خصوصا مع ظهور أن الرأي العام الأميركي يطالب بوقف فوري للحرب، وهذا قطعا سينعكس على الموقف الأوروبي".

ولم يخفِ الأشقر تشاؤمه من إمكانية صدور موقف أوروبي قوي "لأن الأمر متعلق أولا بالقرار الأميركي، وأقصى ما يمكن أن يصله الموقف الأوروبي هو الدعوة إلى احترام القانون الدولي، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وهي بدعة، ذلك أن القانون الدولي لا ينص على حق الاحتلال في الدفاع عن النفس بقدر ما ينص على حق الشعوب في مقاومة الاحتلال".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی الدول الأوروبیة

إقرأ أيضاً:

المفوضية الأوروبية تتوعد برد "حازم وفوري" على قرار ترامب فرض رسوم جمركية

قالت المفوضية الأوروبية إن الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير مبررة، متوعدة بأن ترد بسرعة على هذه الخطوة. كما يأتي هذا التصعيد دفاعا عن النظام التجاري في التكتل الأوروبي القائم على الرسوم الجمركية المنخفضة.

اعلان

وصفت المفوضية الأوروبية، وهي السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، القرار الذي أعلن عنه ترامب يوم الخميس، أنه "خطوة في الاتجاه الخاطئ"، في بيان صدر عنها يوم الجمعة.

وقالت إنها سترد "بحزم وبشكل فوري"على الرسوم الجمركية المتبادلة، وأضافت أن النظام العالمي المفتوح "يفيد جميع الشركاء".

كما جاء في بيان المفوضية، أن الرد سيكون على العوائق غير المبررة التي يتم وضعها أمام التجارة الحرة والعادلة، عن طريق استخدام التعريفات الجمركية "لتحدي السياسات القانونية وغير التمييزية".

وورد أن "الاتحاد الأوروبي يفرض أدنى تعريفات جمركية في العالم، ولا يرى أي مبرر لزيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على صادراته"، وأضاف أن "التعريفات الجمركية هي ضرائب".

سيارات ألمانية جديدة مخزنة في مركز لوجستي في إيسن بألمانيا في الوقت الذي هدد فيه الرئيس الأمريكي ترامب الاتحاد الأوروبي بفرض تعريفات جمركية جديدة 3 شباط فبراير 2025Martin Meissner/AP

منذ إعلان واشنطن عن فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة 25% على الصلب والألومنيوم يوم الاثنين، يستعد التكتل لخوض حرب تجارية مع الولايات المتحدة، حليفته القديمة، إثر التغيير الذي تقوم إدارة ترامب في مسار السياسات التجارية.

وكان الرئيس الجمهوري قد أعلن الخميس الماضي، عن فرض رسوم جمركية على شركاء الولايات المتحدة في مجال التجارة، بما يشمل فرض رسوم معينة على كل دولة على حدة.

وستدخل الرسوم الجمركية الأمريكية على الألومنيوم والصلب حيز التنفيذ في 12 آذار/ مارس.

Related"سابقة خطيرة تقوض آليات العدالة".. الاتحاد الأوروبي يدين عقوبات ترامب على المحكمة الجنائية الدولية"انتهى وقتكم": قادة اليمين المتطرف يتحدّون الأحزاب التقليدية في الاتحاد الأوروبيالشفافية الدولية: ارتفاع مستويات الفساد في الاتحاد الأوروبي والمجر الأسوأ تصنيفًا

في عام 2018، فرضت إدارة ترامب رسومًا على الألومنيوم والصلب. ورد الاتحاد الأوروبي على ذلك وقتها بإجراء مماثل عبر فرض رسوم على مجموعة من المنتجات الأمريكية.

ورفع الاتحاد العقوبات مؤقتا،عندما تولى جو بايدن منصب الرئاسة الأمريكية، لكنه قد يعيد تفعيلها. وتدرس المفوضية حاليًا ردها.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحمل إعلانًا بشأن واردات الصلب خلال فعالية في البيت الأبيض في واشنطن 8 آذار مارس 2018Susan Walsh/AP

ويمتلك الاتحاد الأوروبي ترسانة جديدة من الإجراءات قد يلجأ إليها للدفاع عن تجارته، في حال تمت ممارسة ضغوط على سياساته، وذلك بموجب أداة يمتلكها تسمى "مكافحة الإكراه".

وتشمل هذه الأداة قيوداً على الحق في المشاركة في إجراءات مناقصات المشتريات العامة، وتقييد التراخيص، ويمكن أن تفرض، قيوداً على تقديم الخدمات وجوانب حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة.

وجاء في بيان المفوضية أن التجارة العالمية ازدهرت بفضل القواعد الواضحة والشفافة والتعريفات المنخفضة، وأن الاتحاد الأوروبي عمل مع الشركاء التجاريين مثل الولايات المتحدة على خفض التعريفات الجمركية، وغيرها من الحواجز التجارية في جميع أنحاء العالم على مدار عقود من الزمن.

وأشارت المفوضية في البيان إلى أن الولايات المتحدة تقوض الآن الالتزامات المتعلقة بقواعد النظام التجاري.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية تحذيرات دولية من تبعات الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على واردات الصلب ترامب يعلق تهديده بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا مع استمرار الضغط على الصين الاتحاد الأوروبي يستعد للمواجهة بعد تأكيد ترامب فرض رسوم جمركية على التكتل دونالد ترامبضرائبالمفوضية الأوروبيةالاتحاد الأوروبيتجارة دوليةالرسوم الجمركيةاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext تصعيد أمني ونزوح جماعي وخطط لإقامة معسكرات إسرائيلية دائمة.. ماذا يجري بالضفة الغربية؟ يعرض الآنNext مهندس "خطة الجنرالات": إسرائيل فشلت بتحقيق أهدافها في غزة يعرض الآنNext زيلينسكي: هجوم روسي بطائرة مسيرة يستهدف محطة تشيرنوبيل النووية يعرض الآنNext بوادر توتر في واشنطن.. طريقة عمل إيلون ماسك تثير تذمر كبار الموظفين في البيت الأبيض يعرض الآنNext مجلس الشيوخ الأمريكي يقرّ تعيين روبرت كينيدي الابن وزيراً للصحة.. فمن هو؟ اعلانالاكثر قراءة ألمانيا: 28 إصابة في حادث دهس بميونيخ والمنفذ لاجئ أفغاني دراسة جديدة تكشف: أدوية السمنة قد تساعد في تقليل الرغبة في الكحول والتدخين زيلينسكي: كييف لن تقبل أي اتفاق بين موسكو وواشنطن دون مشاركتها شح المساعدات يدفع سكان غزة للركض وراء شاحنات الإغاثة علّهم يظفرون ببعض الغذاء والدواء تايوان: انفجار في متجر بتايتشونغ يخلف 4 قتلى وعشرات المصابين اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبإسرائيلقطاع غزةفلاديمير بوتينضحاياالصحةالحرب في أوكرانيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذكاء الاصطناعيحادثقصفالضفة الغربيةالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الأمريكي: «ترامب» هو أقوى حليف لإسرائيل
  • وسائل إعلام ألمانية: الاتحاد الأوروبي خسر الحرب في أوكرانيا
  • باحث سياسي: دعم ترامب لإسرائيل مرتبط بمصالح انتخابية وسياسية
  • زيلينسكي: يجب أن تتكاتف الدول الأوروبية في مواجهة تهديدات روسيا
  • انقسام وشيك للسودان المنهك
  • الرئيس الفلسطيني يشارك في الدورة الـ38 لقمة الاتحاد الإفريقي لحشد الدعم للقضية الفلسطينية
  • “العليمي” يأمل من الاتحاد الأوروبي مضاعفة الدعم الإنساني والإنمائي والإقتصادي لليمن
  • المفوضية الأوروبية تتوعد برد "حازم وفوري" على قرار ترامب فرض رسوم جمركية
  • أستاذ علوم سياسية: الدول الأوروبية ترفض مخططات إسرائيل للقضية الفلسطينية
  • تصريحات ترامب حول روسيا وأوكرانيا وغزة تثير مخاوف الاتحاد الأوروبي والفاتيكان