موقع 24:
2024-11-16@16:43:28 GMT

الدعم الشعبي للفلسطينيين والسياسي لإسرائيل

تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT

الدعم الشعبي للفلسطينيين والسياسي لإسرائيل

الحاصل أن إسرائيل المؤيّدة من الغرب لن تتوقف عن تحقيق أهدافها في غزة والانتقام من حماس

زاد الدعم الشعبي المؤيد لحق الفلسطينيين في الدفاع عن النفس، وعدم اختزال مقاومتهم في حماس والوجه القاتم الذي أرادت إسرائيل إلصاقه بها، وبدأت حملات دعم معنوية تنتشر، شرقا وغربا، بينما لا يزال الدعم السياسي مستمرا لإسرائيل في دول غربية عديدة، ووصل إلى حد التطابق مع روايتها لأسباب الحرب على قطاع غزة وتوسيع نطاق التدمير فيه، بشرا وحجرا.


تعالت بعض الأصوات الشعبية في الولايات المتحدة وأوروبا لحث النخب السياسية على النظر بإنصاف لجوهر الأزمة، إلا أن الممانعة جاءت صارمة، وبموجب تكرار الحديث عن حق إسرائيل في الدفاع عن النفس تم هدم جزء من القوام الرئيسي لمنظومة القيم الإنسانية التي شيدها الغرب على مدار عقود طويلة، لأن هذا الحق أصبح يستثني الفلسطينيين منه.
حصلت إسرائيل على مجموعة كبيرة من المواقف السياسية والعسكرية الغربية، منحتها حججا قوية للتمادي في تصرفاتها ضد سكان غزة، بذريعة أنها تريد اقتلاع القوة المسلحة لحركة حماس فوق الأرض وتحتها.

لم يعلم الكثير من الساسة في الغرب أن الضوء الأخضر الذي قدموه إلى إسرائيل يمكن أن يؤدي إلى نتيجة عكسية على المستوى الشعبي، فالرفض الذي عبرت عنه تظاهرات عدة وفي دول مختلفة كان أحد تجليات الدعم الغربي المُفرط لإسرائيل.
يعتقد من يقومون بالتظاهر في الشوارع أن هذا الفعل يكفي لتغيير المواقف السياسية، ويتجاهل أصحابه أن التظاهر نفسه قاصر على دعم إسرائيل، ومن خرجوا في شوارع الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا تم التصدي لهم، ولم تسمح بعض الدول بخروجهم أصلا، وهي إشارة على أن الدعم الشعبي لا يغير المواقف السياسية.
خرجت الحرب على غزة من نطاق الحسابات الإنسانية ورؤية القانون الدولي والشرعيات الأممية التي حصل عليها الشعب الفلسطيني عن مدى عقود، ودخلت في مربع الدفاع عن مصالح الدول الغربية، فإسرائيل أشبه برأس حربة، وأن التخلي عنها أو الضغط عليها تحت وقع الحماس الشعبي مستحيل حدوثه، فالضربة التي وجهتها حركة حماس في السابع من أكتوبر الجاري لم توجه إلى جيش إسرائيل فقط، بل ضربت معها قلب وعقل الكثير من الدول الغربية.
يمكن للتظاهرات أن تحقق نتائج سياسية جيدة في حالات أخرى، لكن في حالة إسرائيل تؤدي إلى نتائج عكسية، لأن الاستجابة لها والرضوخ لمطالبها بوقف الحرب، أو حتى الضغط بقوة لإدخال المساعدات الإنسانية يفرّغ العلاقة مع إسرائيل من مضمونها القائم على عدم وضع حد لدعمها في المواقف المصيرية، والتي إذا انكسرت فيها الدولة اليهودية ستصل تداعياتها إلى الغرب.
أخذت المعركة بين إسرائيل والفلسطينيين بعدا دينيا ظاهرا هذه المرة، ممثلا في التوراتي الذي يخيم ضمنيا على خطاب المسؤولين والنخب السياسية والإعلامية في الأول، والقرآني الواضح في تصريحات قادة حركة حماس ومن يؤيدونها.
فاق الدعم الغربي نظيره الذي قُدم إلى إسرائيل في حرب أكتوبر 1973 مع مصر، لأن الحرب الأولى كانت دوافعها معروفة في استرداد سيناء المحتلة، بينما الحرب الثانية الراهنة لها آفاق تتجاوز صد العدوان عن غزة وفك الحصار المفروض عليها، أو حتى وضع حل الدولتين على الطاولة وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وتصل إلى تحرير فلسطين من النهر إلى البحر.

بصرف النظر عن مدى واقعية هذا الهدف، فالدول الغربية تعلم أن ترديده يحيي نفسا عربيا وإسلاميا اندثر منذ عقود طويلة، ويمكن أن يفتح الباب لطموحات تهدد المصالح الغربية في المنطقة والعالم، بالتالي فوقوف غالبية القادة علنا بجوار إسرائيل هو رسالة تحمل نوعا من الدفاع عن النفس لا تخطئها عين وقطع الطريق على تكرار “المغامرة” التي قامت بها حماس وتسببت في جرح غائر لدى إسرائيل وحلفائها.
تشير هذه المعطيات إلى الحد من التعويل على دور التظاهرات الشعبية في التأثير على القيادات الغربية، ولن ينسى العالم مئات الآلاف الذين خرجوا في لندن للتنديد بالغزو الأميركي للعراق منذ نحو عقدين وأخفق صوتهم في هز شعرة في حكومة لندن أو أي من الحكومات المؤيدة للحرب، فقرارها اتخذ بلا رجعة، وقد تكون بريطانيا اعترفت بالخطأ لاحقا، لكنها في خضم الحرب اندفعت وراء الحليف الأميركي.
يمكن أن نرى مقاطع من هذا المشهد تتكرر في الحرب الإسرائيلية على غزة في المستقبل، لأن حجم الدمار كبير، والتداعيات واسعة النطاق، وأي محاسبة داخل إسرائيل أو خارجها لن تعيد ضحايا غزة إلى الحياة، أو تجلب معها اعتذارا لما ارتكب من جرائم، وبالطبع لن تعيد العجلة إلى الوراء، فما كان قبل عملية طوفان الأقصى لن يكون شبيها بما بعدها.
من المفيد أن يكون هناك دعم شعبي للفلسطينيين لرفع روحهم المعنوية وليشعروا أنهم جزء من العالم الذي غابت عنه معايير الحق والعدالة والقانون، وبقيت فيه معايير الظلم والبغي والعدوان، وأكثر من ذلك قد تكون المسألة خيالية، لأن حرب غزة ربما تتحول إلى حرب إقليمية، كل طرف فيها على قناعة بأنه يملك الحق في الوصول إلى أهدافه كاملة بالوسائل التي يراها مناسبة.

من المفيد أيضا أن يرى الفلسطينيون وغيرهم المواقف الغربية على وجهها الصحيح ليعلموا كيف يدار العالم، ويتيقنوا من مكانة إسرائيل فيه، فمع أنها تبدو عبئا على كاهل بعض الدول، إلا أن دعمها لم يتزحزح، حاليا على الأقل، ما يؤكد أهميتها، وأنها ليست دولة احتلال تقليدي أو مركزا متقدما للغرب في منطقة الشرق الأوسط، فقد زرعت خصيصا لتبقى منغصا لمن يمثلون خطرا على الغرب.
الحاصل أن إسرائيل المؤيّدة من الغرب لن تتوقف عن تحقيق أهدافها في غزة والانتقام من حماس دون التدقيق في الخطوة التالية، فالخطاب الغربي لم يهتز بموت طفل أو امرأة فلسطينية، ومرتاح للرواية الإسرائيلية الخاصة بضحايا حماس في اليوم الأول لطوفان الأقصى، ولا يعبأ بالصور والفيديوهات التي تحوي مشاهد مفزعة في غزة.
تكشف هذه المخاتلة عن جزء معتبر من الموقف الغربي، فهو لن يتأثر بتظاهرات شعبية تخرج من هنا أو هناك، فوقع الصدمة عليه لا يزال قويا، بما يفرض توفير أقصى درجات الدعم لإسرائيل، وعدم الاعتداد بضغوط شعبية من الداخل، أو سياسية من الخارج، فالمعادلة محسومة في الانحياز لإسرائيل إلى أن تصل إلى نقطة مريحة لها.
لا يعني هذا أن التظاهرات فقدت مفعولها السياسي في الغرب عموما، لكن من يرى تأثيراتها في قضايا محلية داخل فرنسا والولايات المتحدة تحديدا وطريقة التعامل مع المتظاهرين يعلم أن روافدها الإيجابية في القضايا الخارجية أشد صعوبة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة إسرائیل فی الدفاع عن

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تغتالُ قيادياً من حماس في لبنان.. من هو؟

أعلن الجيش الإسرائيليّ، مساء اليوم الأربعاء، اغتيال عضو بارز في الجناح العسكريّ لـ"حركة حماس" في لبنان.   وذكر جيش العدو أن القيادي الذي استهدفه هو علاء نايف علي، مشيراً إلى أن الأخير قاد هجمات ضدّ أهداف إسرائيلية كما عمل على تجنيد عناصر في صفوف حركة "حماس".  

مقالات مشابهة

  • محمد بن شمباس: الاتحاد الإفريقي يدين الجرائم الوحشية التي ارتكـبها الدعم السريع في الجنينة وولاية الجزيرة وغيرها
  • الأونروا: الظروف المعيشية للفلسطينيين في قطاع غزة “لا تطاق”
  • حماس: مستعدون لوقف إطلاق النار وعلى ترامب الضغط على إسرائيل
  • السفير الأمريكي الجديد لإسرائيل: لن أستخدم مصطلح الضفة الغربية وأعارض حل الدولتين
  • البنك الدولي يقيّم خسائر لبنان..ومساعدات بعد الحرب رهن الاصلاح المالي والسياسي
  • خبير في الشأن الروسي: موسكو مستعدة للحوار مع الغرب والتفاوض لوقف الحرب
  • هآرتس:(إسرائيل) تعلن الحرب على الناشطين الأجانب بالضفة الغربية من خلال الاعتقالات ومصادرة جوازات السفر والترحيل
  • رئيس مجلس الشؤون الدفاعية الروسي: قد نضطر لتفعيل سلاحنا النووي.. وأمريكا تتراجع
  • «القاهرة الإخبارية»: تصريحات استفزازية من سموتريتش حول ضم الضفة الغربية لإسرائيل
  • إسرائيل تغتالُ قيادياً من حماس في لبنان.. من هو؟