كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن: من نِعم الله على اللبنانيّ قدرتُه على التأقلم مع التقلّبات الشديدة في ظروف حياته. هي مَلكة أكسبته إيّاها ظروف البلد التي لم تشهد استقراراً منذ سنوات طويلة، فغذّت لديه النزعة إلى الفردية، يلجأ إليها كل مواطن عند محاولته في كل ظرف تأمين عدّة الصبر والصمود، وما عليه حينها سوى «التحوّل» أو SWITCH من وضعية أو MODE.

.. إلى آخر.

وهكذا عُثر على اللبنانيّ في التاريخ الحديث، وخصوصاً في السنوات الخمس الأخيرة، متنقّلاً بسرعة قياسية بين ظروف ثورة اجتماعية وسياسية، فجائحة صحّية عالمية، فإفلاس وانهيار للعملة الوطنية، وشحّ في المواد الغذائية، وانقطاع للدواء والمحروقات والخبز، ثم ارتفاع تاريخي لسعر الدولار... إستراحة بسيطة مع فورة سياحية خرج منها بصيص نور، قبل أن يتحوّل مباشرة إلى mode حرب مجدّداً.

في كل هذه الظروف سعى ويسعى اللبناني للتأقلم وتأمين فرص نجاته الفردية. وخصوصاً في الأزمة الاقتصادية الأخيرة، وما رافقها من شحّ في المواد الأساسية، إلى أن لاحت في الأفق حالياً مخاطر حرب جديدة مع إسرائيل قد يُورّط بها الشعب. فإذا بالبعض ممّن لم ينجح في استباق الظروف بالمرّات السابقة، يسارع إلى «نتش» عدّة الصمود، قبل أن يبلعها سواه.

على صيدليات لبنان جالَ أحدهم محاولاً جمع كل كمّيّات حليب الأطفال المتوفرة، مع عقاقير وأدوية قد يحتاجها حديثو الولادة، وأكياس الحفاضات التي راح يفاخر أنّه جمع منها ما يكفي طفله لمدة عام. ولمّا نبّهته صاحبة صيدلية إلى أنّ حليب الأطفال كما الحفاضات وبعض الأدوية تلحق عمر الطفل، وما يصلح لطفله اليوم قد لا يصلح بعد عدة أشهر، لم يأبه للأمر، وفي متاجر المواد الغذائية لا يختلف المشهد عن الصيدليات. والإقبال شديد خصوصاً على الأرزّ والسكر والزيوت والمعلّبات. وكل مواطن يبدو في سباق مع الآخر بجمع كمّيات أكبر منه، حتى لو شجّع ذلك بعض أصحاب المتاجر على رفع أسعارها، بحجة أنّ الإقبال الشديد يؤدي إلى شحّ هذه المواد بالأسواق، وبعض الأشخاص يفاخر أنه خزّن حتى المكسّرات والمشروبات الروحية. أحدهم عوّل على وقوع الحرب، لكنه استخدم المخزون الذي لديه، واضطرّ لتجديده. فيما هناك من يصلّي كي تنتظر الحرب «قبض الراتب» ليتمكّن من التموّن لها.

والتهافت على الحاجيات لم يقتصر على المواد الغذائية والدواء. فلم يكتف البعض بملء خزانات المازوت في المنازل، بل عزّز قدرات الاستيعاب لديه بـ»غالونات» فائضة، يضمن من خلالها دفء الشتاء الذي صار على الأبواب، تحسّباً ربما لأي حصار بحري يعيق وصول بواخر المحروقات. حتى العاملين على محطات البنزين عادوا يسمعون كلمة «فوّل» التي قضى عليها الارتفاع القياسي لأسعار المحروقات في الفترة الماضية.

أنعش MODE الحرب إذاً أسواقاً تسبّب الغلاء في بعض الركود فيها، خصوصاً أنّه يأتي هذه المرة محصّناً بكل ما اختبره اللبنانيون في الأعوام الأخيرة. ويترافق مع خوف من انعدام قدرات الدولة على تأمين الكفاية الذاتية لشعبين مقيمين على أرض واحدة.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

المنتخب اللبناني لكرة السلة يحقّق فوزًا ثمينًا على أنغولا

 تمكن المنتخب اللبناني من تخطي منتخب أنغولا ضمن التصفيات المؤهلة إلى أولمبياد باريس في كرة السلة.   وتقدم لبنان على أنغولا مع إنتهاء النصف الأول من المباراة بنتيجة 35 - 24، ليعود ويوسّع الفارق في الشوط الثاني حيث فاز بفارق أربع نقاط 74 - 70.    

مقالات مشابهة

  • وزير الداخلية الموريتاني: اعتقال أجانب في مظاهرات ضد نتائج انتخابات الرئاسة
  • الصين تسجل ارتفاعا قياسياً في عدد الزوار الأجانب خلال النصف الأول
  • المنتخب اللبناني لكرة السلة يحقّق فوزًا ثمينًا على أنغولا
  • الخطيب التقى مطر والخازن: اللبنانيون أخوة وشركاء في الوطن
  • اغلاق محال لبيع المواد الغذائية واللحوم مخالفة للضوابط في بغداد
  • واشنطن تعيد 116 مهاجرا صينيا دخلوا بطريقة غير شرعية إلى بلادهم
  • أرباب المقاهي والمطاعم بالحسيمة يصعدون ويعلنون عن خوض سلسلة من الإضرابات
  • الأغذية العالمي: انخفاض الدينار وفرض ضريبة على العملات الأجنبية رفع أسعار المواد الغذائية
  • عضو شعبة المواد الغذائية: السماح للقطاع الخاص بطرح سلعه في البورصة يحتاج إلى آليات
  • صحيفة عبرية: ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات في إسرائيل