ملف التنقيب أُقفل والضغوطات بدأت مع تغيير موقع الحفر في قانا
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
كتبت دوللي بشعلاني في"الديار":لم يعقد المسؤولون في شركة "توتال إنرجي"، على ما كان يتوقّع البعض، أي مؤتمر صحافي للإعلان عمّا جرى اكتشافه من خلال عملية حفر البئر الأولى في حقل قانا في البلوك 9 في المياه البحرية الجنوبية، وإنهاء عملها فيها من دون أي نتيجة إيجابية.
وغم النتيجة السلبية بعدما وصلت "توتال" في الحفر الى عمق 3900 متر ولم تجد سوى الماء، أشارت المصادر الى أنّ "كونسورتيوم الشركات" لا يزال متحمّساً للحفر في البلوكات اللبنانية، وإلّا لما قدّم طلب اشتراك في دورة التراخيص الثانية، التي انتهت فترة التمديد لها في 2 تشرين الجاري، لا سيما في البلوكين 8 و10، من دون أن تهتم أي شركات أخرى بالإستثمار في البلوكات المتبقية.
وتساءلت المصادر نفسها: لماذا لم تعمد "توتال" الى الحفر في المكمن المحاذي لحقل كاريش في البلوك 9، ما دام النفط يتدفّق من المقلب الآخر بكثافة منذ سنوات؟ أي من كاريش ومن سائر الحقول النفطية المقابلة، الأمر الذي يؤكّد أنّ حقل قانا يضمّ أيضاً كميات تجارية من الغاز والنفط، لكن التوقيت لم يكن مؤاتياُ لتفجّرها من حقل لبناني.
ولفتت المصادر الى أنّها لم تكن مطمئنة منذ أن أبلغت "توتال" وزير الطاقة بالصعوبات التقنية التي تمّت مواجهتها خلال عمليات الحفر في أيلول المنصرم، مطالبة بتحديث رخصة الحفر بهدف تغيير موقع الحفر. وبناء عليه أصدر وزير الطاقة والمياه وليد فيّاض آنذاك القرار رقم 32 بتاريخ 12 أيلول الفائت، وقضى بتعديل إحداثيات موقع حفر البئر الإستكشافيّة "قانا 31/1 في الرقعة المذكورة والواردة في رخصة الحفر الصادرة بموجب القرار رقم 30 تاريخ 16 آب 2023". فتغيير نقطة الحفر في المكمن المحتمل لاصطدامها بصخرة، أثارت بعض التساؤلات. فكيف لم تظهر هذه الصخرة في عملية المسح الجيولوجي، وكيف لم تعرف "توتال" ما هو نوعها ومدى سماكتها، وإذا كان بالإمكان خرقها بمعدّاتها أم لا؟! وعلى أي أساس اختارت إذاً الموقع الذي حفرت فيه؟!
واليوم بعد الإعلان عن عدم وجود غاز وتوقّف عملية الحفر قبل انتهائها، تيقّنت المصادر عينها، أنّ تغيير الموقع لم يكن تقنياً، إنما خضعت "توتال" لضغوطات أميركية و"إسرائيلية" لتغيير مكان الحفر، لكي لا تجد غاز في حقل قانا وتنهي عملها سريعاً، وتحزم حقائبها وتغادر المياه اللبنانية. مع الإشارة الى أنّ بعض الخبراء قد أكّدوا وقتها أنّ هذا أمر طبيعي وقد حصل في عملية حفر آبار أخرى. والشركة المشغّلة غالباً ما تُحدّد نقطتين أو ثلاث رديفة للنقطة الأولى. إلّا أنّه لم يُقنع جهات عدّة، لا سيما مع تراكم الأمور وتسريعها وعدم الحفر سوى على عمق 3900 متر ، بعد أن كان يُقال أنّ "توتال" ستصل الى عمق 4200 أو 4400 متر، قبل أن تتحدّث عن وجود مكتشفات تجارية أم لا. كما أنّ تزامن وقف الحفر مع حرب غزّة، كما مع وقف "الإسرائيلي" أعماله في حقل "تمار" في الجهة المقابلة، أثار تساؤلات إضافية.
في حين أنّ الحقول النفطية في المنطقة قد جرى حفرها على عمق بين 4700 و5600 متر، كما جرى حفر أكثر من بئر واحدة في كلّ منها، ليتبيّن أنّها تضمّ إكتشافات ضخمة من الغاز والنفط.
من هنا، تجزم المصادر أنّ ملف التنقيب عن النفط والغاز في البلوكات اللبنانية، أقفل اليوم حتى إشعار آخر. وهو يرتبط بجملة أمور أبرزها حرب غزّة وتداعياتها، والتسوية الإقليمية والدولية على سياسة منطقة الشرق الأوسط في المرحلة المقبلة، كما على انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الحفر فی
إقرأ أيضاً:
رحلة البرنامج مع صندوق النقد بدأت... ولكن بأيّ شروط؟
كتبت سابين عويس في" النهار": بعد توقف دام لنحو 3 أعوام، عاد صندوق النقد الدولي إلى لبنان في أول خطوة معنوية يرمي من خلالها إلى تجديد تأكيد الموقف الثابت للصندوق بدعم لبنان.وجاءت زيارة رئيس بعثة الصندوق إرنستو راميرز ريغو على رأس وفد لبيروت ولقاءاته مع رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة ووزيري المال والاقتصاد والفريق الاقتصادي، لتفتح الطريق مجدداً أمام إطلاق التفاوض بين لبنان والصندوق حول البرنامج الجديد المرتقب، وليس استئناف المفاوضات من حيث توقفت، بناءً على رغبة مشتركة لدى الحكومة والصندوق على السواء لسببين رئيسيين، أولهما أن لدى الحكومة الجديدة توجّهات ومقاربات مالية ونقدية ومصرفية قد لا تلتقي مع تلك التي وضعتها الحكومة السابقة في خطتها، ما يعني أنه ستكون هناك خطة جديدة كما ورد في البيان الوزاري لحكومة سلام. أما السبب الثاني فيكمن في أن التطورات الأمنية والعسكرية وحتى الاقتصادية والمالية في الأعوام الثلاثة الماضية قد أدت إلى تغيير كبير في المعطيات المالية والاقتصادية والاجتماعية، ما يستدعي عملية إعادة تقويم لكل الأرقام. وعلى رغم الإيجابية التي عبّر عنها بيان البعثة بنهاية زيارتها، فهي لم تغفل الإشارة إلى أن الإجراءات المتخذة سابقاً غير كافية لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية المستمرة التي تستدعي وضع استرتيجية جديدة.
ليس واضحاً بعد ما هي الاستراتيجية الجديدة التي سيعتمدها الصندوق في الإعداد للبرنامج المرتقب، وسط أسئلة أساسية تحتاج إلى أجوبة واضحة حيال عملية إعادة هيكلة المصارف، هل ستتم وفق القانون الموضوع أم ستكون هناك إعادة قراءة فيه؟ وماذا عن مسألة ردّ الودائع التي تشكل أولوية مطلقة للبنانيين، هل ستتم وفق مبدأ الشطب أم ستكون هناك مراعاة حقيقية للمودعين الصغار وماذا عن مصير المصارف، في ظلّ القرار بإعادة هيكلتها؟ وهل الحكومة ستضع خطتها وتعرضها على الصندوق أم ستلتزم خطة الصندوق وبرنامجه، وما الشروط السياسية التي ستُفرض على الحكومة لقاء تأمين الدعم المالي الدولي عبر الصندوق، وما مدى ارتباطها بالشروط السياسية المتصلة بتطبيق القرارات الدولية؟
مواضيع ذات صلة لبنان يبلور نقاط اتفاق "مجدّد" مع صندوق النقد الدولي Lebanon 24 لبنان يبلور نقاط اتفاق "مجدّد" مع صندوق النقد الدولي