الاحتلال يصعّد حصاره على القدس منذ العدوان على غزة

تتابع آلة القتل الإسرائيلية عدوانها على قطاع غزة والمناطق الفلسطينية الأخرى، ويسقط يوميا مئات الشهداء بقصفٍ همجي، فيما وصل عدد الشهداء إلى أكثر من 7 آلاف، مع استخدام قوات الاحتلال ذخائر شديدة التفجير، لإحداث أكبر قدرٍ من الضرر والموت. ومنذ انطلاق العدوان، فرضت قوات الاحتلال وأذرعه المختلفة حصارا مطبقا على مدينة القدس المحتلة، ويطال هذا الحصار المسجد الأقصى وفصل البلدة القديمة عن أجزاء القدس الأخرى، إضافة إلى شن حملات الاعتقال بحق المقدسيين، وتصعيد هدم منازلهم.

ونتناول في هذا المقال، أبرز ما قامت به أذرع الاحتلال في القدس المحتلة منذ بداية العدوان على القطاع.

حصار الأقصى واستمرار الاقتحامات

انطلقت عملية "طوفان الأقصى" خلال موسم الأعياد اليهوديّة، وهو الموسم الذي شهد انتهاكات كبيرة بحق الأقصى ومكوناته البشرية، وعلى إثر العدوان الإسرائيلي على القطاع أصرت أذرع الاحتلال المتطرفة على اقتحام الأقصى، فبعد يوم من بداية العدوان، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، اقتحم الأقصى 75 مستوطنا بحماية قوات الاحتلال، وشهد هذا اليوم منع قوات الاحتلال حراس الأقصى من الالتحاق بأعمالهم، في محاولة لإغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين. وتشهد أيام الاقتحام شبه اليومية استمرارا لهذه الاقتحامات، وما تشهده من أداء الطقوس اليهوديّة العلنية في ساحات الأقصى الشرقية ومصلى باب الرحمة.

ومنذ بداية العدوان على القطاع، فرضت قوات الاحتلال إجراءاتٍ أمنية مشددة في أزقة البلدة القديمة وأمام أبوابها، وتمنع الفلسطينيين من الدخول إلى المسجد حتى لأداء الصلوات الخمس، وبحسب مصادر مقدسية تمنع قوات الاحتلال الرجال ممن تقل أعمارهم عن 60 عاما من الدخول الى الأقصى، ولا تسمح إلا لكبار السن القاطنين في البلدة القديمة، وتمنع الشبان والمقدسيين من المناطق الأخرى في القدس المحتلة.

وشهدت الأسابيع الماضية أداء عشرات الشبان الصلوات أمام أبواب المسجد. وكشفت معطيات مقدسيّة أن الأقصى شبه فارغ طيلة ساعات اليوم نتيجة الإجراءات التي تقوم بها قوات الاحتلال.

وانسحب منع دخول المصلين إلى الأقصى حتى على يوم الجمعة، ففي 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 منعت قوات الاحتلال المصلين الفلسطينيين من الوصول إلى الأقصى لأداء صلاة الجمعة، فقد نصبت الحواجز أمام مداخل البلدة القديمة وأبواب الأقصى، وفتشت النسوة وكبار السن قبل السماح لهم بالدخول الى المسجد، فيما منعت الشبان من الدخول، بعد تفتيشهم بشكلٍ مهين.

وبحسب دائرة الأوقاف الإسلامية، أدى نحو 5 آلاف مصلٍ صلاة الجمعة في الأقصى، بينما كانت الجمع السابقة تشهد ما بين 40 و50 ألف مصلٍ، فيمثل الرقم أقل من 10 في المئة من أعداد المصلين في الجمع الاعتيادية. وقد استمرت سياسات الاحتلال في الجُمع اللاحقة حتى كتابة هذا المقال، فيما تخوف المقدسيون من تحول هذه الإجراءات إلى سياسة دائمة لدى سلطات الاحتلال.

التحريض على تدنيس الأقصى وهدمه

ومع وعي منظمات الاحتلال بمركزية الأقصى في المعركة التي تخوضها المقاومة، حاول من خلال "منظمات المعبد" أن يرفع من سقف تدنيسه للمسجد في هذه الفترة، والتحريض عليه من جهة أخرى. ففي 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 نشرت إحدى "منظمات المعـبد" صورة لقبة الصخرة مطالبة بتسريع هدم الأقصى وإقامة "المعـبد" مكانه، وأرفقت عبارة "سنؤذيهم بأغلى ما لدى حـماس".

ولم تكن هذه الدعوة التحريضية هي الوحيدة، ففي 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 دعت "منظمات المـعـبد" أنصارها إلى اقتحام المسجد الأقصى في اليوم التالي، بهدف إقامة "الصلوات والنحيب"، نصرة لجيش الاحتـلال في عدوانه على القطاع، وأعلنت هذه المنظمات أن هذه الطقوس ستُقام في ساحات الأقصى الشرقية عند العاشرة صباحا، على أن تضم شخصيات عامة وحاخامات.

اعتقال عشرات المقدسيين

وتشهد الضفة الغربية والقدس المحتلتين حملات اعتقال شبه يومية، وبحسب مصادر فلسطينية بلغ عدد المعتقلين منذ بداية العدوان على غزة أكثر من 1650 حالة اعتقال، من بينهم فتية ونساء وشبان، وقيادات في الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتهم حركة حماس.

وبحسب مركز معلومات وادي حلوة، اعتقلت قوات الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أكثر من 180 فلسطينيا من القدس المحتلة، من بينهم المرابطتان هنادي حلواني وخديجة خويص. وبحسب المركز، تتعمد قوات الاحتلال تخريب محتويات منازل الفلسطينيين قبل اعتقالهم، ويتعرضون لانتهاكات جسدية ونفسية كبيرة. وعلى الرغم من تحويل جلّ هؤلاء المعتقلين للاعتقال الإداري ما يمنع عن المحامين الفلسطينيين معرفة التهم الموجهة إليهم، إلا أن تهمتي "التحريض" و"تأييد المقاومة"، أبرز أسباب الاعتقال في المدينة المحتلة.

وكشفت مصادر إعلامية فلسطينية بأن الأسرى في سجون الاحتلال يتعرضون لقمعٍ ممنهج ما أدى إلى إصابة عشرات الأسرى بجروح، واستشهاد أسيرين، إضافة إلى التجويع وقطع المياه والتيار الكهربائي، وتفتيش الأسرى تفتيشا عاريا جماعيا، وغيرها من الاعتداءات اللفظية والنفسية، واحتجاز أعداد كبيرة من الأسرى في زنازين ضيقة جدا.

قصفٌ في غزة.. وهدمٌ في القدس

تستهدف قوات الاحتلال منازل الفلسطينيين في غزة، وتهدمها قصفا فوق رؤوس سكانها، وفي القدس المحتلة صعدت أذرع الاحتلال من هدم منازل الفلسطينيين ومنشآتهم. ففي 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 هدمت جرافات الاحتلال منزلا ومنشأة تجارية في بيت حنينا، ما أدى إلى تشريد 16 فلسطينيا. وفي 24 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 هدمت جرافات الاحتلال منزلين ومنشأة تجارية في قريتي صور باهر وجبل المكبر، بذريعة البناء من دون ترخيص، ما أدى إلى تشريد 13 فردا، من بينهم 8 أطفال. ولم يقف تغول الاحتلال عند المنشآت والمنازل فقط، ففي 24 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أجبرت بلدية الاحتلال أهالي بلدة العيسوية، على إزالة مئذنة مسجد التوبة في البلدة.

منع المقدسيين من نصرة غزة

أخيرا، تشاطر القدس المحتلة آلام غزة والفلسطينيين فيها، ولكن الاحتلال يكتم صوت المدينة، ويُرهب سكانها، ويحاول بكل ما لديه من فائض قوة أن يمنعهم من التعبير عن رأيهم، ولا تسمح الفلسطينيين في المدينة من تنظيم أي فعاليات تضامنية مع أهالي غزة، وشهدت الأيام الماضية قمعا وحشيا للعديد من الوقفات التي قام بها المقدسيون. ومنها قمع قوات الاحتلال بشكلٍ عنيف وقفة تضامنية مع غزة نظمتها القوى الوطنية والإسلامية في القدس المحتلة في 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وألقت قوات الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه المشاركين في الوقفة، وفي اليوم نفسه اعتقلت قوات الاحتلال عددا من الفلسطينيين من وقفة تضامنية أقيمت في شارع صلاح الدين في المدينة المحتلة.

المصدر: عربي21