مستشارة سابقة للبيت الأبيض تتحدث عن فشل "هجوم" كييف وأثره على استمرار الدعم
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
كشفت فيونا هيل كبيرة مستشاري البيت الأبيض لشؤون روسيا في فترة دونالد ترامب أن المزيد من التساؤلات في دول الغرب يتم طرحها حول الأهداف النهائية للمساعدة التي يتم تقديمها إلى كييف.
وقالت هيل في مقابلة مع "فورين بوليسي" إن المحاولات الفاشلة التي بذلتها أوكرانيا في شن هجومها المضاد أثّرت بشكل سلبي على مستوى الدعم الذي تحظى به في الدول الغربية، ما رفع من زخم التساؤلات حول الأهداف النهائية للمساعدات المقدمة لكييف.
وأضافت هيل: "إذا تحدثنا عن كيفية سير الأمور، أعتقد أن هناك عنصرا عسكريا لذلك، وعنصرا سياسيا هو الصراع السياسي. وأود القول إن الأمور لا تسير على ما يرام بالنسبة لأوكرانيا هنا".
وأردفت: "بما أن العديد من المراقبين كانت لديهم توقعات كبيرة بشأن هجوم (مضاد) يقوم به هذا البلد، فإن هناك انطباعا بأن أوكرانيا لم تحقق الأهداف التي حدّدتها، على سبيل المثال، لم تقتحم مدينتي ميليتوبول وماريوبول، ولم تحقق نجاحا كبيرا في مقاطعتي خيرسون وزابوروجيه".
وأوضحت في هذا الجانب أنهم، في الحقيقة، "لم يتمكنوا من تحقيق ذلك"، لافتة أيضا إلى أن "أوكرانيا لا تتحرك في الاتجاه الذي أردناه". وبيّنت هيل أن المزيد من الاهتمام يتم إيلاؤه في الولايات المتحدة وألمانيا ودول أخرى، لمناقشة مسألة "إلى متى ستستمر الحرب، وما هو الهدف النهائي منها".
وقالت: "وهذا لا يفيد أوكرانيا في شيء، لأن هناك، كما نلاحظ ، خلافات أصلا في مختلف المجلات ووسائل الإعلام حول المدة التي يجب أن تدعمها فيها الولايات المتحدة والدول الأخرى".
وأكدت أن انخفاضا في دعم هجوم طويل الأمد، وفقا لاستطلاعات الرأي الاجتماعية، نراه هنا "ويتساءل المزيد والمزيد من الناس: ما الذي نعتبره انتصارا لأوكرانيا من حيث الهدف النهائي، وماذا عن نقل الأراضي، وماذا عن المفاوضات".
المصدر: تاس
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي البيت الأبيض الجيش الروسي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بروكسل حلف الناتو دونالد ترامب فلاديمير زيلينسكي كييف موسكو واشنطن وزارة الدفاع الروسية
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا والدرس الذي على العرب تعلمه قبل فوات الأوان
ليست السياسة إلا ترجمة لموازين القوى، ومن لا يملك القوة لا يملك القدرة على فرض موقف أو الحفاظ على تحالف؛ وليس هناك درس أشد وضوحا لهذا المبدأ من المشهد الذي جرى في البيت الأبيض بين الرئيس الأوكراني زيلينسكي والأمريكي ترامب.. كانت وعود أمريكا ودعمها يتهاوى ويتكشف المشهد عن حقيقة طالما أنكرها البعض ممن راهن على الحماية الخارجية وهي أن المصالح هي القانون الأوحد في العلاقات الدولية خاصة في زمن تآكلت فيه القيم والمبادئ وعادت إلى المشهد بشكل واضح حقبة البقاء للأقوى.
ما حدث للرئيس الأوكراني هو استعراض أمام العالم لما يمكن أن يفعله الأقوى بالضعيف أو الذي يبدو ضعيفا، حتى لو بدا وكأنه حليف استراتيجي، ما دام لا يملك ورقة تفاوضية، يُمكن المساومة عليها. بدا وكأن زيلينسكي لم يكن رئيس دولة، بل متهم في قفص ترامب، مطالبا بإثبات ولائه وتقديم التنازلات المطلوبة.
لكن هذا المشهد رغم مرارته ورغم أنه النموذج الذي لا بد أن يقرأ وفقه المستقبل يستحق أن تستخلص منه الدروس والعبر وخاصة بالنسبة للعالم العربي.
إن الحقيقة التي باتت واضحة ولا جدال فيها أن السياسة الأمريكية، كما كشفتها هذه الواقعة، لم تعد تُدار وفق المبادئ التي روّجت لها طيلة عقود: الدفاع عن الديمقراطية، حماية الحلفاء، نصرة الشعوب المضطهدة، بل هي اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، صفقة تجارية بحتة، يُقدَّم فيها الدعم وفق معادلة حسابية واضحة: كم ستدفع؟ وماذا ستقدّم في المقابل؟
ليس هذا وليد اللحظة، لكنه بلغ حد الخروج عن الأعراف الدبلوماسية التي تحكم العلاقات الدولية، حيث جرى تسليع التحالفات علنا، دون مواربة أو تجميل. وحين ينظر العرب إلى ما جرى مع أوكرانيا، عليهم أن يتساءلوا، إذا كانت واشنطن قد تخلّت عن أوكرانيا، وهي في قلب المعركة، فكيف يمكن لدول أخرى أن تثق في التزاماتها؟ وإذا كانت المصالح الاقتصادية هي التي تحكم، فأين يقف العرب في هذه المعادلة؟
لا يبنى القرار السياسي الاستراتيجي على استشعار العاطفة أو على حسن الظن، فحين جرى توقيع اتفاقية سايكس بيكو، وحين قُسمت فلسطين، وحين سقطت بغداد، وحين تُركت ليبيا وسوريا لمصيرهما، كان الدرس ذاته يتكرر: من لا يملك قراره، لا يملك مصيره.
وأكبر خطأ تقع فيه الدول هو الاعتقاد بأن هناك «حليفا دائما»، بينما الحقيقة أن هناك فقط مصالح دائمة يتم الموازنة بين أفضلها كل حسب قيمته في لحظة الموازنة، ولذلك لا بد أن تعي الدول العربية أن المصالح الحيوية والاستراتيجية لا تُحمى بالوعود إنما بالقدرة الذاتية على فرض الإرادة.
ولذلك لا خيار أمام الدول العربية من أن يكون لديها أدوات القوة التي تتمثل بدءا في الشعور بالتكامل وحقيقة المصير المشترك ثم بالاقتصاد القوي المستقل فمن يعتمد على الآخرين في رزقه، لا يستطيع الاعتراض على شروطهم، وببناء تكنولوجيا متطورة في كل الجوانب بما في ذلك الجوانب العسكرية حتى تستطيع هذه الدول الدفاع عن نفسها دون وصاية أو حماية من أحد وبناء تحالفات قائمة على فكرة الندية وليس التبعية لأن الدول الكبرى تحترم من يفرض احترامه، لا من يستجديه. ثم إن على العالم العربي أن يعمل جادا على بناء وعي سياسي ووعي ثقافي وإرادة جماعية تنطلق من رؤية هذه الدول باعتبارها كيانا مترابط التاريخ وتحيط به الأخطار نفسها وينتظره نفس المستقبل.
وإذا كانت السياسة لا تعترف بالفراغ الذي إن لم تملأه أنت ملأه غيرك فإن على العالم العربي أن يدرك أمام كل هذه الأخطار التي تحيط به وهذه التجارب التي تقدم له بالمجان أن مكانه في الخارطة لا يحدد فقط بموقعه الجغرافي، بل بمدى قدرته على امتلاك قراره بعيدا عن حسابات الآخرين. وهذه لحظة مفصلية لا بد أن يعي فيها الجميع الدرس.