لم تكن إسرائيل- طوال زمن وجودها الذي لم يتجاوز العقد السابع بعد- هادئة أو مسالمة بل أحدث وجودها قلقا للمنطقة كلها، وهذا القلق ترك أثرا على وجودها ما جعلها تعمل جاهدة على تمتين آصرة وجودها في مجالات مختلفة وشكلت لنفسها دروعا واقية لوجودها ظاهرة وباطنة، ولذلك لم يكن اختيار دبي في قلب الجزيرة والخليج عبثا كمركزية اقتصادية ولكن شكّل حزاما اقتصاديا يتحكم في المنطقة , فالشركات العاملة في الإمارات شركات يهودية بجنسيات مختلفة وقد أصبح من الغباء المفرط التفريق بين الإمارات وإسرائيل فهما كيان واحد ويؤديان الوظيفة نفسها، ما تعجز عنه اسرائيل تنفذه الإمارات وما تعجز عنه الإمارات تنفذه إسرائيل فهما كيان واحد بعد أن عملت إسرائيل عبر شركاتها على تحويل دبي كمركزية اقتصادية في الشرق الأوسط، وهو مشروع التغريب لصحراء الجزيرة العربية وتحويلها إلى كيان غريب اليد واللسان، وكيان يدير الحالة الاقتصادية ويتحكم بمقاليدها ويتداخل في تفاصيلها الصغيرة، ويعمل جاهدا على تعطيل كل مشاريع النهضة في المنطقة العربية، ولعل الذاكرة مازالت تذكر بما قامت به شركة دبي القابضة في منطقة عدن الحرة التي كانت تهدف إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي وقد تكون منافسا قويا بحكم الموقع الاستراتيجي وربما تترك دبي غبارا تسفه رياح الخماسين في صحراء العرب .
اليوم.. مؤشرات الوضع الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي في دولة الإمارات أصبح أكثر وضوحا من ذي قبل، فقد كشفت الأحداث الغلالة التي كانت تحجب الرؤية وتجعل من عرب الصحراء رجال تنمية واقتصاد ومركزية حضارية ذات فرادة في العالم على خلاف الطبيعة البدوية الصحراوية التي هي في الأساس ضد العمران وأكثر ميلا إلى التدمير والفوضى، وهي الطبيعة التي يتم توظيفها بطرق بالغة الذكاء في اليمن من قبل الجهاز الاستخباري الصهيوني وعبر أدواته من عرب الصحراء ومرتزقة اليمن، كما أن نشاط الإمارات العسكري في اليمن- منذ بدأ تحالف العدوان إلى اليوم- يمتاز بالحذر الشديد فهو حين يشعر أن مصالحه باتت في خطر يحاول أن يقوم بتحرك سياسي أو عسكري أو دبلوماسي يخفف من خلاله درجة التوتر ثم نراه يعود متى شعر أن الحاجة تقتضي نشاطا أمنيا أو عسكريا حتى يحقق غايات ليست في مصلحة الإمارات، إذ لا مصلحة لها بل في مصلحة إسرائيل .
حين رفعت الإمارات رايتها على جزيرة سقطرى اكتشف الكل أن وراء تلك الراية كانت إسرائيل، فقد سارعت إسرائيل إلى الإعلان عن نفسها في صور شتى منها الأفواج السياحية ومنها القيام بإنجاز أفلام وثائقية وتسجيلية ودرامية في الجزيرة، وهي اليوم تتواجد في الجزيرة عسكريا كما تتواجد اقتصاديا في شركات انمائية واستثمارية وخدمات واجهتها العلم الإماراتي وتحت ابطيها علم النجمة الاسرائلية، ومثل ذلك أصبح مقروءا ومشاهدا في سقطرى، ويحدث اليوم في سقطرى نشاط ثقافي واجتماعي مكثف يهدف إلى تغريب سكان الجزيرة وفصلها عن امتدادها التاريخي والجغرافي ونسيجها الوطني، فالمواطن السقطري أصبح مواطنا إماراتيا في ظاهر الشكل وهو في جوهره احتلال إسرائيلي للجزيرة ببشت وعقال ودشداشة خليجية وتلك من الرذائل التي عليها عرب الصحراء اليوم حين تحولوا إلى أداة طيعة بيد العدو التاريخي للعرب والمسلمين وينفذون أجنداته بصورة فجة ووقحة وعلى مرأى ومسمع من العالم الحر ومن المسلمين الذين وقعوا تحت تأثير الخطاب المضلل الذي تنتهجه الرأسمالية العالمية دون أن تصغي لحقائق الواقع أو خطاب حركة المقاومة الاسلامية التي بدأ محورها يشتد عوده ويكشف الكثير من الزيف والتضليل لكن في ظل حالة من الانغلاق الفكري وعدم الانفتاح من تيار التطبيع، فقد سلكوا طريق عمه الطغيان فلم تكن قلوبهم إلا غلف يعلوها الران .
ليس للإمارات من جيش حتى تمارس نشاطا عسكريا في اليمن لكن أحدا لم يسأل نفسه من أين جاءت الإمارات بذلك الجيش إلى اليمن ؟ وسلاح الجو الذي يقصف وقصف اليمن هل هو إماراتي ؟ كيف لدويلة صغيرة واقعة تحت الوصاية أن تقوم بنشاط عسكري، ويقوم المجتمع الدولي بكله لغض الطرف عن ذلك النشاط ؟ القضية واضحة لكل ذي لب أو عقل، دولة صغيرة مثل الإمارات لا يمكنها أن تلعب دورا محوريا في المنطقة العربية وهي تستأجر شركات أمنية وعسكرية صهيونية للحماية الأمنية والعسكرية للحكام والشركات وفرض النظام الأمني في المدن .
لم تكن الإمارات في مفردات العدوان على اليمن إلا إسرائيل بكل ترسانتها العسكرية وبكل تقنيات سلاح الجو الإماراتي الظاهر تحت لافتات العلم الإماراتي، فقد أضحى واضحا أن الإمارات وجه عربي لإسرائيل تدير من خلاله حركة التطبيع وتدير من خلاله مصالحها في المنطقة برمتها ولذلك يتحرك محمد بن زايد وفق أجنداتها هنا أو هناك .
ويبدو لي أن طوفان غزة اليوم قد أرسل رسائله لكل ذي لب أو عقل، وقال بكل وضوح قولا فصلا في موضوع الأمارات التي شاركت مع إسرائيل في حرب الإبادة لغزة، الإعلام تحدث وكل وسائل التواصل تضج بمثل ذلك الدور، كما أن العلم الإماراتي والكثير من عرب الصحراء عبروا عن مشاعر الحب والاعتزاز بإسرائيل، قد يكونون يهوداً بلسان عربي وقد لا يكونون من مواطني دولة الإمارات حسب ما ورد على لسانهم في شبكة التواصل الاجتماعي .
نحن في اليمن خضنا و نخوض حربا مع إسرائيل بيد أن إسرائيل تحاربنا من وراء جدر الإمارات وهذه هي الحقيقة التي تفصح عنها أحداث غزة اليوم من خلال مشاركة طائرات تحمل العلم الإماراتي في قصف غزة، ومثل هذه من الحقائق التي يفصح عنها الواقع يتوجب الوعي بها لأنها جزء من أدوات العدو في إدارة معركته معنا .
ولذلك فالشعار الذي يردده أهل اليمن لم يكن إلا بوعي عن طبيعة المعركة الوجودية، والأيام سوف تفصح عن ذلك، وإن كان الواقع يفصح يشكل جلي بيد أن الكثير لا يرغبون في الفهم بسبب عمه الطغيان .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
“التبادل المعرفي” يُشارك تجارب العمل الحكومي الإماراتي مع قيادات في حكومة مالطا
نظم مكتب التبادل المعرفي الحكومي بوزارة شؤون مجلس الوزراء في دولة الإمارات، سلسلة زيارات معرفية لمنتسبي الدفعة الثانية من “برنامج القيادات التنفيذية العليا لحكومة مالطا”، لتعريف المنتسبين بالتجربة الإماراتية المتميزة والنماذج الريادية في العمل الحكومي، وذلك في إطار التعاون الثنائي بين حكومتي البلدين في مجالات التحديث الحكومي.
ويهدف “برنامج القيادات التنفيذية العليا لحكومة مالطا” الذي يضم 27 منتسباً ويغطي أكثر من 2100 ساعة تدريب، إلى تطوير وتعزيز قدرات ومهارات المنتسبين في مجالات التحديث الحكومي، ومشاركتهم النماذج الريادة الإماراتية في استشراف المستقبل وتخطيط السيناريوهات، والتحول الرقمي في الحكومة، والابتكار الحكومي، والقيادة الاستراتيجية المرنة، وإدارة السياسات والاستراتيجيات، ضمن زيارات معرفية لـ 12 جهة حكومية رائدة.
وأكد سعادة عبدالله ناصر لوتاه مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي، أن مبادرات التبادل المعرفي التي تقودها حكومة دولة الإمارات بهدف تمكين الحكومات، ومشاركتها التجارب والمعارف والخبرات التي طورتها الدولة، تمثل عناصر معززة وداعمة لجهود الحكومات في ابتكار الرؤى الجديدة وتصميم التوجهات المستقبلية الاستباقية، من خلال بناء قدرات ومهارات القيادات التنفيذية المشاركة في مثل هذه البرامج المتقدمة.
وقال عبدالله لوتاه إن “برنامج القيادات التنفيذية العليا لحكومة مالطا”، يعكس المستوى المتميز للتعاون الثنائي مع حكومة مالطا في مجالات التحديث الحكومي، ويترجم الشراكة القائمة على أسس مستدامة والهادف لدفع عملية التطوير الحكومي إلى مستويات متقدمة، مشيراً إلى أن “برنامج التبادل المعرفي الحكومي” يمثل منصة تجمع العقول لتصميم الأفكار القادرة على إحداث التطور المطلوب.
من جهتها، قالت سعادة ماريا كاميليري كاليجا سفيرة جمهورية مالطا لدى الدولة والمندوبة الدائمة لمالطا لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” إن برنامج التبادل المعرفي الحكومي وبرامج القيادات الدولية يغطيان مختلف القطاعات الحكومية، ويقدّمان فرصاً متميزة لتعزيز كفاءة وفعاليّة المسؤولين الحكوميين المشاركين في هذه البرامج، مشيرة إلى أن البرامج تتضمن تنظيم زيارات ميدانية لدولة الإمارات، كما تشمل مبادرات تبادل المعرفة والخبرات التي تساعد المشاركين على تطوير رؤية مستقبلية فعّالة”.
وأضافت: “يسرّني أن أشهد نمو التعاون الذي أطلقته سفارة مالطا مع دولة الإمارات عام 2023، بالتعاون مع برنامج التبادل المعرفي الحكومي ومؤسسة “اكسجنزا مالطا”، والذي أثمر بفضل قيادة دولة الإمارات ودعم العديد من المسؤولين الحكوميين من مالطا، الذين شاركوا وسيواصلون المشاركة في هذه البرامج. وأحثّ كل مسؤول حكومي حول العالم على اغتنام هذه الفرصة والمشاركة في هذا البرنامج الواعد”.
ويترجم برنامج القيادات التنفيذية العليا لحكومة مالطا، مسيرة ناجحة للتعاون الهادف إلى تبادل المعرفة والخبرات في مجال البحث والابتكار، ومشاركة نماذج الإدارة الحكومية الناجحة والمبتكرة.
ويشمل البرنامج محاور عدة أبرزها؛ استشراف المستقبل وتخطيط السيناريوهات الذي يمثل قطاعاً حيوياً في تطوير العمل الحكومي، وضرورة لتعزيز الجاهزية والاستباقية الحكومية، ومحور التحول الرقمي في الحكومة، الذي يسلط الضوء على دور التكنولوجيا الرقمية في بناء الحكومات المتطورة والمرنة، وأهمية التحولات الرقمية في توفير خدمات سريعة ومرنة وتجربة سهلة للمتعاملين، ومحور التعاون الدولي، كما يركز البرنامج ضمن محاوره على إشراك المواطنين في تطوير السياسات.
وضمن أنشطة وفعاليات الزيارات المعرفية في البرنامج للجهات المتخصصة، عمل منتسبو البرنامج على إعداد خمسة مشاريع مؤثرة، شملت؛ تعزيز الموارد البشرية والمهارات المستقبلية، والاستدامة والبنية التحتية، والابتكار الاجتماعي والرقمي وإشراك المجتمع، والتحول الرقمي والابتكار، والحوكمة وتنسيق السياسات.
الجدير بالذكر أن حكومتي الإمارات ومالطا، أطلقتا ضمن القمة العالمية للحكومات 2023، شراكة استراتيجية في مجال البحث والابتكار، شهدت منذ إطلاقها تنفيذ برامج وأنشطة ساهمت في بناء قدرات نحو 800 متدرب من حكومة مالطا من خلال 100 ورشة عمل واجتماع.وام