الثورة / الدين والحياه

منذ فجر 7 أكتوبر الجاري حتى اليوم وآلة القتل والإجرام الصهيونية، تواصل إزهاق أرواح المئات من الأبرياء في غزة الفلسطينية ولا تفرق بين طفل وامرأة ولا شاب وكهل، كلهم هدف للطائرات الصهيونية التي يسلحها الغرب بأحدث القنابل والصواريخ، حتى ما هو محرم في القوانين الدولية حلال على الصهاينة الدعم الغربي غير محدود وشامل على مختلف المستويات، وحتى ما يسمى مجلس الأمن الذي يخدم الصهيونية رفض دعوة الكيان الصهيوني لهدنة إنسانية وإيصال المساعدات وهو ما شجع قادة الكيان المتعطشين لدماء الشعب الفلسطيني فاقترفوا مجزرة بشعة راح ضحيتها أكثر من ألف فلسطيني ما بين شهيد وجريح كانوا قد اتخذوا مستشفى المعمداني في غزة مأوى لهم ومركزاً لعلاج الجرحى من الأطفال والنساء.

.
هذه الجريمة النكراء تؤكد جرأة اليهود على استحلال ما حرم الله وهم الذين وصل بهم الحال -كما أكد القرآن الكريم- إلى قتل أنبياء الله والنفسية اليهودية شغوفة بسفك دماء الأبرياء وإزهاق أرواح الآلاف من عباد الله من دون أي ذنب إلا أن قالوا ربنا الله، ولكن ما هي الدوافع والأسباب التي أوصلتهم إلى ما وصلوا إليه من قسوة وخشونة واستهانة بالدماء البريئة؟؟
لقد تحدث الله عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى في كتابه الكريم بأكثر مما تحدث عن أي أمة أخرى وما ذاك إلا لأنه سبحانه أراد أن يكشف لنا عن جانب من سوءة هؤلاء وضلالهم ويبين لنا حقيقة ما هم عليه وما تكنه أنفسهم من سوء وضلال وعناد وجرأة وقسوة واستهتار بكرامة الآخرين وحياتهم، ثم ليهدينا ويرشدنا إلى الطريقة والأسلوب والوسيلة الصحيحة والسليمة والمؤثرة في صراعنا الحتمي معهم وما هو المطلوب منا أثناء احتدام المواجهة بيننا وبينهم ولهذا نجد الحديث عنهم في القرآن الكريم واسعا ومنوعا.
ومن ضمن ما أخبرنا الله سبحانه وتعالى عنهم في آياته العظيمة التي هي أعلام على حقائق لا تقبل التشكيك ولا تعتريها الأحاجي والتكهنات قضية جرأتهم في التعدي على أعظم عباد الله قربة وكرامة عنده وأشدهم خشية وخوفا منه وأكثرهم عبادة وخضوعا له وأحسن الناس للناس، هؤلاء هم أنبياء، الله ومن أكرم من أنبياء الله -سلام الله عليهم-؟ ومن أعلى منهم شأنا وأعظم فضلا وأعم نفعا وأرقى معاملة وأحسن أخلاقا؟
ولكن الأنبياء مع ما هم عليه من الورع والتقوى وحب الخير للناس وتفانيهم في السعي إلى هداية عباد الله ونصحهم وإرشادهم لم يكونوا بمنأى عن استهداف الظالمين والمستكبرين، بل لقد كانوا أكثر من غيرهم استهدافا وأشد عند الباغين عداوة، فكانوا هم الهدف الرئيسي لألسنة الحقد والبغي الملتهبة في صدور البغاة من بني إسرائيل، فعمدوا إلى أذيتهم ومحاربتهم والتعدي عليهم ووصلت بهم قسوتهم وجرأتهم وضلالهم إلى سفك دماء أنبياء الله الطاهرة البريئة.
لأن القتل هو الوسيلة التي يلجأ إليها الطغاة متى ما رأوا نور الهدى سيضيء دياجير ظلمهم أو أن فضل الله جل وعلا سيشمل الآخرين من حولهم وهذا بدافع الحسد والحقد والبغي والتعدي، فالبغي صفة ملازمة لهذه النوعية من البشر، منذ عهد ابني آدم والقتل وسفك الدماء هو الوسيلة الأكثر رواجاً في أوساطهم وبدون أي مبرر قال تعالى{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ} [المائدة آية 27]، لأقتلنك مباشرة هكذا من دون أن يكون هناك ما يدعو لارتكاب جريمة القتل، فما هو ذنب أخوه في عدم قبول القربان منه؟ لكن نفسيات الطغاة هكذا –لأقتلنك- وكذلك فعل إخوة يوسف ألم يقولوا هكذا { اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ} [يوسف آية 9]، وهو ما لمسناه أيضا عند الشرذمة الصهيونية في جرائمها المستمرة منذ عقود ضد الشعب الفلسطيني آخرها مجازر الأيام الماضية وأم المجازر مجزرة مستشفى المعمداني التي راح ضحيتها أكثر من 500 شهيد ومئات الجرحى، فصفة الإجرام والقتل متجذرة عند اليهود ومستساغة ويقدمون عليها بكل أريحية ويسر -اقتلوا- هذا هو أسلوبهم في تعديهم على عباد الله المستضعفين.
إن القرآن الكريم قدم اليهود على أنهم أشر البشرية وأكثرها إقداما على القتل وبدون أي ضوابط، قتل بلا سبب وبدون رحمة وبلا اكتراث، قتل لمجرد القتل، فهم لا يستطيعون أن يعيشوا بدون سفك الدماء ومن دون أن يغرقوا أنفسهم في طوفان من الدماء البشرية سواء ما يقومون هم بسفكه أو ما يسفك بسببهم.
بل هم من يتفننون في قتل الأبرياء ويبتكرون أساليب ووسائل وآليات رهيبة في فن التعذيب والقتل وهذا هو ما حفظه التاريخ من أمجادهم .
وعندما نتذكر التاريخ اليهودي فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا هو قتلهم أنبياء الله من بني جنسهم على الرغم مما تربطهم بهم من صلات القرابة ووشائج النسب، فهم أنبياء منهم وقد يكون القاتل ابن عم أو أخاً أو من قرابة هذا النبي المقتول.
ولذلك فإن المفهوم من قوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران آية 21] أن عدد من قتلوا من أنبياء الله والآمرين بالقسط من عباده الصالحين على أيدي أهل الكتاب كثير جدا، أي أنها ليست غلطة مرة وانتهى الموضوع، بل استمرأوا قتل الأنبياء حتى صار عندهم كشرب الماء، فبمجرد ما يبدأ بدعوتهم إلى ترك ما هم عليه من الضلال والكفر يسارعون بكل إرادة لعملية القتل والتصفية النهائية.
فنبي الله يحيى بن زكريا -سلام الله عليه- قضوا عليه مع أول تحركات له، أي أنهم قتلوه وهو في ريعان شبابه، فقيل إنه لم يتجاوز الـ33ربيعا من عمره وما كاد عيسى -سلام الله عليه- يبدأ رسالته بتعليم بني إسرائيل حتى أجمعوا على قتله، لولا أن حماه الله ثم في الأخير رفعه إليه، أما هم فقد نفذوا عملية القتل بحق رجل شبيه لنبي الله عيسى -سلام الله عليه- قال تعالى{ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} [النساء آية 157]
اليهود أكثر إجراما وإيغالا في قتل النفس المحرمة ووراء كل جريمة
ما من شك أن اليهود هم أكثر الأمم ولوغا في الدم البشري وإفراطا فيه ولذلك فهم بحق وراء كل جريمة نالت البشرية ككل وعندما نستعرض جانبا من جرائمهم المهولة وعلى مر تاريخهم الموحش والمليء بالسوءات والجرائم، نستعرض أولا ما حكاه الله عنهم في كتابه الكريم عن جريمة أصحاب الأخدود التي ارتكبها الملك اليهودي ذو نواس الذي استطاع اليهود إقناعه باعتناق اليهودية القائمة على كتب الضلال والتحريف والأهواء، تلك الكتب التي كتبها أحبارهم كبديل عن كتب الله، ولأن اليهود هم أعداء الرسالات السماوية وأعداء التوحيد لله، فقد سعوا للقضاء على الموحدين من أبناء منطقة نجران وما جاورها وبأسلوب ينم عن خبث وحقد كبيرين، حيث أوقدوا لهم نارا في أخدود ثم أخذوا يلقون بهم في وسط النار الملتهبة رجالا ونساء زرافات ووحدانا وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد.
أليس هذا دليل القسوة والخشونة المفرطة التي يتميز بها اليهود قتلة أنبياء الله والصالحين من عباده وبصورة الإبادة الجماعية؟ وعندما نراجع عدد المجازر التي ارتكبها اليهود بحق الشعب الفلسطيني، فإننا نصل إلى قناعة تامة بأن هذه الفئة الشريرة هي حقيقة مصاصة دماء لا تضاهى، بل هي عدو كل البشر بلا استثناء، فبعد قرار التقسيم رقم 181 بتاريخ 29 نوفمبر 1947م تم تهجير ما يزيد عن 239 ألف فلسطيني من المناطق التي سيطر عليها اليهود و122 ألفاً من المناطق التابعة للدولة الفلسطينية، كما أخليت ودمرت 70 قرية، هذا في عامين فقط، أما المجازر فهي كثيرة أبرزها مذبحة بلدة الشيخ قتل فيها 600 شهيد – مذبحة دير ياسين قتل فيها 360 شهيداً- مذبحة قرية أبو شوشة قتل فيها 50 شهيدا – مذبحة الطنطورة قتل فيها 90 شهيدا – مذبحة قبية قتل فيها 67 شهيداً- مذبة قلقيلية أكثر من 70 شهيداً – مذبحة كفر قاسم 49 شهيدا – مذبحة خان يونس 275 شهيدا – مذبحة المسجد الأقصى 21 شهيداً و270 جريحا – مذبحة الحرم الإبراهيمي 350 ما بين شهيد وجريح وليست آخر مذابحهم مذبحة مستشفى المعمداني التي راح ضحيتها أكثر من 500 شهيد و600 جريح وكلهم أطفال ونساء، تمزقت اشلاؤهم وتناثرت جثثهم وغيرها الكثير من المذابح، وما ذلك إلا النزر اليسير مما هو مستمر بحق أبناء هذا الشعب المظلوم والذي لايزال حتى هذه اللحظة يواجه عملية الإبادة والتهجير القسري.
أما تلك المجاز العالمية والتي حدثت في حروب كبيرة أشهرها الحربان العالميتان الأولى والثانية اللتان كان اليهود وراء نشوؤهما واشتعالهما واللتان حصدتا أرواح ما يقارب أربعين مليوناً ومن أبرز تلك المجازر مجزرتا هيروشيما وناجازاكي اليابانيتان اللتان راح ضحيتهما ما يقل عن 160 ألف ممن تلظوا بنار السلاح النووي الأمريكي .
ولم يتوقف نزيف الدم الياباني عند هذا الحد، بل ظل الموت البطيء يحصد أرواح الآلاف منهم يوما بعد يوم وسنة بعد سنة، حتى قدر عدد الوفيات ممن تأثروا بالإشعاع النووي بحوالي 140 ألف وهو عدد يقارب ذلك العدد الذي أحدثه القصف نفسه.
وحينما نقول إن اليهود كانوا وراء تلك الجريمة المروعة فلأن أمريكا كما هو معروف عالميا تخضع أكثر من أي دولة أخرى للنفوذ اليهودي، فالكونجرس الأمريكي هو العقل المدبر لأمريكا والمتدخل في كل شؤون حياتها وهو خاضع بشكل مطلق للرغبة اليهودية واليهود هم من يديرونه ويتحكمون به ومن خلاله يديرون النظام الأمريكي والدولة بما فيها الرئيس الذي لا يحق له تبني أي قرار إلا بعد موافقة الكونجرس، ثم أن آلبرت آينشتاين كان وراء اختراع القنبلة النووية وهو يهودي النسب والهوية ولهذا فليست اليد اليهودية نظيفة مما لحق باليابانيين من إبادة ومعاناة لازالت آثارها حتى اليوم.
ولهذا نصل إلى حقيقة مفادها أن اليهود بجرأتهم على قتل أنبياء الله تجرأوا أكثر بكثير على قتل عباد الله ولذلك فهم أعداء كل البشرية…
إن واجبنا ونحن في خضم المواجهة معهم أن نكون أكثر يقظة وحذرا واستعدادا وألا ندعهم يخدعوننا ببريق التطبيع وغيره من أساليب الخبث ويكفينا ما يعانيه شعب فلسطين من ظلم وتهجير وهدم وقتل وإبادة ممنهجة وقائمة على قدم وساق حتى هذه اللحظات.
وأن ندرك جيدا أن هؤلاء لا يكنون لنا إلا الحقد والحسد ولا يخبئون لنا إلا القتل والدمار وأن سبيل نجاتنا الوحيد هو العودة إلى الله ربنا سبحانه وتعالى وإلى ديننا وقرآننا وقيادتنا الحقيقية، فهؤلاء هم حصننا وضمان نصرنا ونجاتنا من كل سوء وسيئ في دنيانا وأخرانا.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: سلام الله علیه أنبیاء الله عباد الله قتل فیها أکثر من

إقرأ أيضاً:

كاتب أمريكي: ليس كل اليهود مشمولين بحماية ترامب.. فقط من يؤيد إسرائيل

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للصحفي، بيتر بينارت، الذي كان أحدث كتاب له هو "أن تكون يهوديا بعد تدمير غزة"، قال فيه إن تيس سيغال، وهي طالبة في السنة الثانية بجامعة فلوريدا تبلغ من العمر 20 عاما، انضمت إلى زملائها النشطاء في ساحة بارزة بالحرم الجامعي في 29 نيسان/ أبريل 2024، مطالبة الجامعة بسحب استثماراتها من شركات تصنيع الأسلحة ومقاطعة المؤسسات الأكاديمية في "إسرائيل".

درس بعض المتظاهرين أو لعبوا الورق. لاحقا، قرأوا نعي فلسطينيين قتلوا في قطاع غزة.

ثم تدخلت قوات إنفاذ القانون. ورغم أن سيغال تقول إنها لم تقاوم الاعتقال، إلا أنها كبلت بالأصفاد واقتيدت إلى السجن، حيث احتجزت طوال الليل.



وقد واجهت سيغال تهمة مقاومة الاعتقال دون عنف. أسقطت الولاية قضيتها لاحقا. إلا أن جامعة فلوريدا كانت قد حظرت دخولها إلى الحرم الجامعي.

وكان مسؤولو الجامعة قد حذروا المتظاهرين من احتمال معاقبتهم إذا انتهكوا القيود الصارمة الجديدة على الاحتجاج. كما قال المسؤولون إن ضباط الشرطة أمروا المتظاهرين بالتفرق. وقالت سيغال إن الضجيج كان مرتفعا جدا بحيث لم يكن بالإمكان سماع هذا التوجيه.

وقالت سيغال إنها منعت من أداء امتحانها النهائي للفصل الدراسي والمشاركة في برنامج صيفي ترعاه الجامعة والذي تم قبولها فيه.

وقضت لجنة تأديبية بالجامعة بأنها لم تتصرف بطريقة مخلة بالنظام، لكنها اعتبرتها مسؤولة عن انتهاك سياسة الجامعة، من بين أمور أخرى. واقترحت اللجنة إيقافها عن الدراسة لمدة عام. وذهب عميد الطلاب المعين حديثا في الجامعة إلى أبعد من ذلك؛ ففي رسالة شاركتها مؤسسة الحقوق الفردية والتعبير، أعلن أن سلوك سيغال "تسبب في اضطراب كبير في الوظائف العادية للجامعة ومنع ضباط إنفاذ القانون من أداء واجباتهم على الفور" وزاد إيقافها إلى ثلاث سنوات.

تشترط جامعة فلوريدا على أي طالب يتغيب لأكثر من ثلاثة فصول دراسية إعادة التقدم بطلب الالتحاق. صرحت سيغال أنها كانت حاصلة على منحة دراسية كاملة. تعمل الآن في مجال خدمات الطعام ولا تعرف كيف أو متى ستعود إلى الجامعة.

ويعلق بينارت أنه في عصر يختطف فيه عملاء فيدراليون الطلاب الذين لا يحملون الجنسية الأمريكية من الشارع، قد تبدو عقوبة سيغال خفيفة نسبيا. لكن قضيتها تنطوي على مفارقة خاصة، فسيغال يهودية.

منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، طالبت العديد من المنظمات اليهودية البارزة وحلفاؤها السياسيون الجامعات مرارا وتكرارا بحماية الطلاب اليهود من خلال معاقبة انتهاكات السلوك والاحتجاج في الحرم الجامعي، بما في ذلك الإيقاف عن الدراسة أو حتى الطرد.

سيغال هي حفيدة أحد الناجين من الهولوكوست وهي خريجة معسكر صيفي يهودي، لماذا لم تشعر المنظمات اليهودية بالقلق بشأنها؟ لأنه على مدار السنوات القليلة الماضية، قام قادة اليهود الأمريكيين الرئيسيين - بالشراكة مع سياسيين متعاطفين - بشيء غير عادي: لقد أعادوا تعريف معنى أن تكون يهوديا بشكل فعال. ولإسكات إدانة "إسرائيل"، ساووا بين دعم الدولة واليهودية نفسها.

قليلون هم من عبروا عن إعادة التعريف هذه بشكل أكثر صراحة من الرئيس ترامب. في الشهر الماضي، في إشارة واضحة إلى دعم زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر غير الكافي المزعوم لـ"إسرائيل"، أعلن ترامب، "إنه لم يعد يهوديا".

ترامب ببساطة يوضح ما كان القادة اليهود يلمحون إليه لسنوات. في عام 2023، أعلن الرئيس التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير، جوناثان غرينبلات، أن "الصهيونية أساسية لليهودية". في عام 2021، شارك المنشق السوفيتي المؤثر ووزير الحكومة الإسرائيلي السابق ناتان شارانسكي في كتابة مقال يصف فيه اليهود الذين يعارضون الصهيونية بأنهم "غير يهود".

تحدث إعادة تعريف اليهودية هذه بالتزامن مع واحدة من أقسى حملات القمع في التاريخ على النشاط اليهودي الأمريكي.

يحمل العديد من اليهود الأمريكيين، وخاصة اليهود الشباب، آراء ناقدة لـ"إسرائيل".

وجد استطلاع للرأي أجراه المعهد الانتخابي اليهودي الوسطي عام 2021، والذي يراقب مشاركة اليهود في التصويت، أن 38% من البالغين اليهود الأمريكيين الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما يعتبرون "إسرائيل" دولة فصل عنصري، مقارنة بـ 47% ممن لم يفعلوا ذلك.

وعندما وُجهت إلى "إسرائيل" تهمة ارتكاب إبادة جماعية في غزة في استطلاع أجري العام الماضي، وافق 38% من البالغين اليهود الأمريكيين الذين تقل أعمارهم عن 44 عاما على ذلك.

بالنظر إلى هذه الأرقام، فليس من المستغرب أن يلعب اليهود دورا قياديا في الاحتجاجات ضد هجوم "إسرائيل" على غزة.

بعد أحد عشر يوما من 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، جمعت الجماعات اليهودية التقدمية والمعادية للصهيونية، بما في ذلك "صوت يهودي من أجل السلام" ما يقرب من 400 متظاهر، كان العديد منهم يرتدي قمصانا كُتب عليها "ليس باسمنا"، واحتلوا مبنى الكونغرس.

في وقت لاحق من ذلك الشهر، قادت منظمة "صوت يهودي من أجل السلام" وحلفاؤها عملية استيلاء على محطة غراند سنترال في نيويورك.

وفي جامعة براون، اقتصر الاعتصام الأول للمطالبة بسحب الاستثمارات من الشركات التابعة لـ"إسرائيل" على الطلاب اليهود فقط.

لا يعتبر الطلاب اليهود عموما عرضة للخطر كنظرائهم الفلسطينيين والعرب والمسلمين والسود وغير المواطنين، ولكن هذا الافتراض تحديدا بتوفر قدر أكبر من الأمان هو ما جعلهم أكثر استعدادا للاحتجاج في المقام الأول. وقد دفع الكثيرون ثمنا باهظا.

ومن المستحيل معرفة نسبة الطلاب اليهود الذين عوقبوا بسبب نشاطهم المؤيد للفلسطينيين، نظرا لأن الإجراءات التأديبية الجامعية غالبا ما تكون سرية. لكن الأدلة المروية تشير إلى أهمية هذا الأمر.

وبغض النظر عن آراء المرء حول كيفية تعامل الجامعات مع النشاط الطلابي في الحرم الجامعي، هناك أمر غريب في قمعه باسم سلامة اليهود، في حين أن عددا من الطلاب الذين يتعرضون للقمع هم من اليهود.



منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، علّقت أربع جامعات على الأقل مؤقتا أو وضعت تحت المراقبة فروع منظمة "صوت يهودي من أجل السلام".

في عام 2023، في احتجاجات "يهود من أجل وقف إطلاق النار الآن" بجامعة براون، تم اعتقال 20 عضوا (تم إسقاط التهم).

في فعالية مؤيدة لإسرائيل في كلية روكلاند المجتمعية بجامعة ولاية نيويورك في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ورد أن طالبا يهوديا صرخ لفترة وجيزة "من النهر إلى البحر، ستكون فلسطين حرة" و"يهود من أجل فلسطين" قد تم إيقافه عن الدراسة لبقية العام الدراسي. في أيار/ مايو 2024، قالت أستاذة يهودية دائمة في الأنثروبولوجيا بكلية مولينبيرج إنها طردت بعد أن أعادت نشر منشور على "إنستغرام" جاء فيه جزئيا: "لا تخشوا الصهاينة. افضحوهم. لا ترحبوا بهم في أماكنكم ولا تجعلوهم يشعرون بالراحة".

وفي أيلول/ سبتمبر، وجه المدعي العام في ميشيغان تهما جنائية لمقاومة أو عرقلة ضابط شرطة، بالإضافة إلى تهم جنحية بالتعدي على ممتلكات الغير، ضد ثلاثة ناشطين يهود - بالإضافة إلى أربعة آخرين - بتهمة ارتكاب جرائم تتعلق بمخيم تضامن مع غزة في جامعة ميشيغان في آن أربور. (دفعوا جميعا ببراءتهم).

حتى عندما اتخذ الاحتجاج شكلا دينيا يهوديا، غالبا ما أُغلقت أبوابه. في خريف العام الماضي، عندما بنى طلاب يهود معارضون للحرب خلال عيد العرش (سوكوت) أكواخا تضامنية مع غزة، وهي هياكل مؤقتة تشبه الأكشاك يأكل فيها اليهود ويتعلمون وينامون خلال العطلة، قامت ثماني جامعات على الأقل بتفكيكها بالقوة، أو ألزمت الطلاب بذلك، أو ألغت الموافقة على بنائها. (أعلنت الجامعات أنه لم يُسمح للمجموعات بإقامة هياكل في الحرم الجامعي).

على الرغم من ذلك، أشادت المنظمات اليهودية المؤيدة لـ"إسرائيل" بالجامعات التي قمعت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين.

عندما علّقت جامعة كولومبيا فرعها من منظمة "صوت يهودي من أجل السلام" إلى جانب منظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، هنأت رابطة الدفاع عن الحقوق الجامعة على وفائها "بالتزاماتها القانونية والأخلاقية بحماية الطلاب اليهود".

بعد أن فرقت شرطة نيو هامبشاير مخيم دارتموث التضامني مع غزة، شكرت رابطة الدفاع عن الحقوق رئيس الكلية على "حماية حق جميع الطلاب في التعلم في بيئة آمنة".

لكن التجربة لم تكن آمنة بالنسبة لأنيليس أورليك، الرئيسة السابقة لبرنامج الدراسات اليهودية في الكلية، التي قالت إنها قيدت بقيود بلاستيكية وتعرضت للضرب على جسدها وسحبت بالقوة من قبل ضباط الشرطة عندما دخلوا.

بعد أن أعلنت المدعية العامة للولاية أنها ستوجه اتهامات ضد المتظاهرين في مخيم جامعة ميشيغان الذين زعم أنهم انتهكوا القانون، أشاد بها مسؤول في الاتحاد اليهودي لمدينة آن أربور الكبرى لتصرفها "بشجاعة".

ومع ذلك، يواصل اليهود الاحتجاج. في أوائل نيسان/ أبريل، قامت مجموعة صغيرة من الطلاب اليهود بتقييد أنفسهم ببوابات جامعة كولومبيا احتجاجا على استمرار احتجاز محمود خليل، طالب الدراسات العليا السابق وحامل البطاقة الخضراء، والمحتجز الآن في مركز احتجاز تابع لهيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك في لويزيانا بسبب مشاركته في احتجاج في الحرم الجامعي.

وقبيل عطلة عيد الفصح، وقّع أكثر من 130 طالبا وعضوا في هيئة التدريس وخريجا يهوديا من جامعة جورج تاون رسالة احتجاج على اعتقال بدر خان سوري، وهو زميل ما بعد الدكتوراه متهم بنشر دعاية حماس والترويج لمعاداة السامية.

هناك مفارقة عميقة في التشكيك الواضح من جانب المؤسسة اليهودية الأمريكية في يهودية هؤلاء المعارضين الشباب. لأن ما يميز نشطاء الطلاب اليهود اليوم عن الأجيال السابقة من اليساريين اليهود الأمريكيين هو بالتحديد اهتمامهم بدمج الطقوس اليهودية نفسها في احتجاجاتهم.

في نيويورك وحدها، نشأت ما لا يقل عن 10 مجتمعات صلاة، غير صهيونية أو معادية للصهيونية، في السنوات القليلة الماضية. يسكنها في الغالب يهود لا يتجاوز عمرهم بكثير عمر الطالبة تيس سيغال.

أقامت منظمة "يهود جامعة براون من أجل وقف إطلاق النار الآن" خيمة تضامن مع غزة في الخريف الماضي.



بدأت إحدى الطالبات اليهوديات، خوفا من تخريب الخيمة أو تفكيكها، بحراستها ليلا. حتى أنها انضمت إلى طلاب آخرين ناموا في المبنى المتهالك، الذي يرمز إلى الضعف البشري والحماية الإلهية، كما فعل اليهود منذ آلاف السنين، على الرغم من حظر الإدارة.

لقد أفلتت من الإجراءات التأديبية دون عقاب، لكنها سرعان ما دبرت خطة أخرى تربط يهوديتها بدعمها للقضية الفلسطينية: أن تجري طقوس (بات ميتزفاه) متأخرة، حيث يتم الاحتفاء بالتزام البنت بالشريعة اليهودية عندما تصل سن البلوغ.

في شباط/ فبراير الماضي، دُعيت إلى التوراة لأول مرة، في حفل أقامه بالكامل أعضاء منظمة يهود [جامعة] براون من أجل وقف إطلاق النار الآن، والتي تُسمى الآن "يهود براون من أجل تحرير فلسطين".

بالنسبة لترامب وقادة المؤسسة اليهودية الأمريكية، قد لا تكون يهودية حقيقية. ولكن مثل الكثيرين في جيلها، فهي تثبت لهم خطأهم بغضب وفرح.

مقالات مشابهة

  • المحليون يواصلون التحضيرات بسيدي موسى قبل مواجهة غامبيا في سباق التأهل إلى “الشان”
  • مجلس أمريكي يدعو إلى وقف القصف الأمريكي على اليمن بعد مذبحة المهاجرين الأفارقة
  • أفضل الصدقة التي أخبر عنها النبي .. اغتنمها
  • الجيش داهم أكثر من 500 موقع لـ الحزب.. في هذه المناطق
  • استطلاع: لهذا السبب فقد نصف اليهود الأمريكيين الثقة في ترامب
  • كاتب أمريكي: ليس كل اليهود مشمولين بحماية ترامب.. فقط من يؤيد إسرائيل
  • وزير البلديات: أكثر من 500 ألف فرصة وظيفية في الأنشطة التي تشرف عليها الوزارة
  • معلمو تعز يواصلون إضرابهم وينظمون مظاهرة حاشدة للمطالبة بحقوقهم
  • احذروا القوي السياسية التي تعبث بالأمن
  • الإفتاء توضح حكم التعويض المالي الناتج عن القتل الخطأ في حوادث السيارات