اغتيال الصورة والكلمة.. الإعلام يُكافح لنقل أهوال العدوان على غزة
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
طالما كان الصحفي مستهدفا من قبل الاحتلال خلال الاعتداءات على قطاع غزة في السنوات الـ 13 الماضية، إلا أنه أصبح "تهديدا" في حرب الإبادة الإسرائيلية الحالية، المستمرة منذ 20 يوما.
واستشهد ما لا يقل عن 20 صحفيا وأصيب آخرون في القصف الإسرائيلي على غزة خلال 19 يوما من العدوان، كما استهدف الاحتلال مباشرة عائلة الصحفي وائل الدحدوح، ما أدى إلى استشهد زوجته وابنه وابنته وعدد من أفراد العائلة.
وتوثق "عربي21" شهادات العديد من الصحفيين العاملين حتى الآن ميدانيا، وسط انتهاكات "إسرائيل" باستهدافهم إلى جانب المدنيين من الأطفال والنساء والمسنين.
الكاميرا عاجزة
يصف مجدي فتحي، وهو مصور صحفي حر، حجم الكارثة والدمار والموت بالذي لا يمكن لأي إطار صورة أن يجمعه ويحتويه، قائلا: "كنت أؤمن دائما بمقولة الصورة أبلغ من ألف كلمة، لكن الواقع الكارثي الحالي في غزة لا يمكن وصفه بالصورة أوالكلام".
ويقول فتحي لـ"عربي21" إن الاحتلال معني بقتل الحقيقة وعدم إيصال الصورة للعالم، واشار إلى أنه "عمل في تغطية كل الحروب ضد غزة، إلا أن هذه مرة أثبت الاحتلال عشقه لدم الأطفال.. نرى أطفالا محترفة ومتفحمة كل يوم".
وأوضح أن الصحفيين يتحركون ضمن مجموعة من الصحفيين في سيارة عادية وضعنا عليها كلمة TV عبثا، مضيفا: "نحن نعرف بإمكانكية استهدافنا، وقبل أي تحرك ننطق الشهادة ونمضي في التغطية".
وتابع: "مجمل الصحفيين يواجهود صعوبات ومخاطر غير مسبوقة من أجل إتمام عملهم".
ولفت إلى أن مخزون المحروقات لدى الصحفيين أوشك على النفاد ما يهدد بخسارتهم لوسيلة النقل الوحيدة، فضلا عن غياب اتصال الإنترنت الثابت في أماكن إقامتنا داخل المستشفيات.
ويكشف فتحي أنه في إحدى الليالي استيقظ من نومه في أحد ممرات المستشفى ليجد نفسه بين جثث الشهداء، بعدما ارتقى في مدينة دير البلح 120 شهيدا دفحة واحدة، ولم يتوفر مكان لهم سوى الممرات.
أما مراسل قناة الجزيرة، هشام زقوت، فيؤكد أن هناك محاولات من قبل الاحتلال لتغييب الصورة والصوت في غزة، وأن هذه المحاولات بدأت باستهداف الصحفيين الذين يغطون هذه الحرب، والتحريض عليهم.
ويُبين زقوت لـ"عربي21" أن هذه الجرائم تطورت لاستهداف المقرات الإعلامية وتدمير المباني التي تتواجد فيها المؤسسات الإعلامية وتهديد مؤسسات أخرى بالقصف.
وأضاف: "الاحتلال يستهدف الصحفي لأنه لا يريد تكذيب روايته وكشفها على الهواء مباشرة، بهدف إلغاء الضغط الذي يمثله عليه من خلال نقل الحقيقة".
تخيلات مرعبة
وأعرب زقوت عن مشاعر القلق التي ترافقه في اثناء التغطيات داخل المشافي، خشية رؤية أحد أفراد عائلته بين الشهداء أو الجرحى، مضيفا: "أصمت حينها وأعجز عن الوصف ثم استكمل، وبعد انتهاء البث أبحث عن تفاصيل هؤلاء الضحايا".
وأشار إلى أن الصحفيين الفلسطينيين "عملوا على تغطية العديد من الحروب وفترات تصاعد العدوان خلال سنوات طويلة دون الشعور بالعجز عن التغطية، لكن هذه المرة نحن نشعر بقمة العجز".
وأوضح أن على الإعلام العالمي التركيز على القضايا الإنسانية في غزة، وأنه لا يجب التفريق عن ما يحدث فيها وفي أوكرانيا مثلا، مؤكدا أن الاحتلال يمارس جريمة العقاب الجماعي بمنع الماء والغذاء والكهرباء والوقود وكل شيء.
صمت وبكاء
بدورها، تقول مراسلة قتاة TRT التركية، ربا العجرمي، أن الصحفي الفلسطيني بات مستهدفا من أول يوم من العدوان الحالي، من خلال قصف الأبنية التي تضم مكاتب إعلامية متنوعة، واستهداف شبكات الإنترنت، وهذا إلى جانب الاستهداف الرئيسي المتمثل في قتل الصحفيين ميدانيا، وقتل عائلاتهم من خلال استهداف منازلهم أيضا.
وأشارت إلى أنها كانت تعجز عن الكلام خلال التغطية الصحفية في كل مرة كان يمر من جوارها جثمان لطفل شهيد، مضيفة لـ"عربي21": "كنت أصمت وأبكي وأشير للمصور لتحويل الكاميرا إلى هذه الصور".
تابع: "المشاهد اليومية مشاهد قاسية ومؤلمة، من بكاء وعويل واحتضان الآباء والأمهات لأكفان أطفالهم، هذا الواقع هو أمر غاية في اللا إنسانية والبشاعة والإجرام، وأنا كأم أضع نفسي في مكانهم وأشهر بذات الألم".
وأشارت إلى تزايد التحديات والمخاطر أمام الصحفيين، خاصة أن كل جزء من المعدات يتضرر بفعل القصف لا يمكن تعويضه.
وبينت أنه لا يوجد اي وسائل حماية إضافية يمكن توفيرها للصحفيين سوا الضغط الدولي على الاحتلال للتوقف عن استهداف المدنيين والصحفيين، الذين يستخدمون كل الوسائل المهنية المتعارف عليها من سترة واقية وخوذة علامات تعريفية على مركباتهم.
وذكرت أن العمل في الجزء الشمالي من قطاع غزة أصبح شبه مستحيل باستثناء عدد بسيط من الصحفيين الذين بفوت هناك، كما أن العربات المصفحة يحظر دخولها من قبل الاحتلال إلا لعدد بسيط جدا من وكالات الأنباء العالمية.
استهداف الرواية
من جهته، يؤكد مراسل قناة الميادين، أحمد غانم، أن الاحتلال يستهدف الرواية الفلسطينية قبل أن يستهدف الصحفي الفلسطيني، وأنه يحرص ألا تخرج هذه الرواية من غزة إلى العالم.
ويكشف غانم لـ"عربي21" عن عدم إمكانية تغطية جرائم الاحتلال التي يرتكبها خلال الليل، قائلا: "لا يوجد لدينا أي حماية، كما أن القانون الدولي الذي يكفل حقوق الصحفيين أصبح حبرا على ورق".
ويشدد على أن "كل من يكشف جرائم إسرائيل ويوثقها هو مستهدف، لذلك يجب على الاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب محاصرة الاحتلال ورفع دعاوى قضائية ضده من أجل توفير الحماية لنا".
ويشير إلى تعذر التغطية في المناطق الشمالية من غزة، قائلا: "حتى لو جازفنا بالذهاب إلى هناك وسط عدم وجود ضمانات بعدم الاستهداف، فإنه لا توجد طرق تمشي فيها حتى السيارات التي تحتاج للوقود النادر للغاية حاليا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الاحتلال غزة القصف الشهداء غزة قصف الاحتلال دمار شهداء سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
وزير حرب الاحتلال: مصر هي التي اشترطت نزع سلاح حماس وغزة
قال وزير حرب الاحتلال، يسرائيل كاتس، إن مصر، ولأول مرة، اشترطت من أجل صفقة شاملة وإنهاء الحرب، تفكيك سلاح حركة حماس، وتجريد قطاع غزة من السلاح، وهو ما يتناقض مع حديث وسائل إعلام مقربة من القاهرة عن أنه مقترح للاحتلال وهي قامت بنقله فقط.
وأوضح كاتس في منشور عبر حسابه الرسمي على موقع إكس: "الضغط على حماس لتنفيذ الصفقة كبير، ولأول مرة اشترطت مصر من أجل إنهاء الحرب تفكيك سلاح حماس ونزع السلاح من القطاع".
وعلى صعيد المساعدات الإنسانية، في ظل التجويع، قال كاتس: "سياسة إسرائيل واضحة.. لن يسمح بدخول أي مساعدات إنسانية إلى غزة، منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة هو أحد أدوات الضغط الرئيسية التي تمنع حماس من استخدامه مع السكان، ولا ينوي أحد في الواقع إدخال مساعدات إلى غزة، وليس هناك تحضيرات لذلك".
وأضاف: "يجب بناء آلية لاستخدام الشركات المدنية كأداة تمنع حماس من الوصول إلى هذا الملف مستقبلا كذلك".
وكانت قناة "القاهرة الإخبارية"، حذفت خبرا لها قبل يومين، ذكرت فيه أن مصر وحدها سلمت حركة حماس الورقة الإسرائيلية، التي تتضمن نزع سلاح المقاومة، وقامت بإضافة قطر إلى الخبر المحدث.
وكتبت القناة: "مصر وقطر تسلمتا مقترحا إسرائيليا بوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة، وبدء مفاوضات تقود لوقف دائم لإطلاق النار".
وأضافت أن "مصر وقطر سلمتا حركة حماس المقترح الإسرائيلي، وتنتظران ردها في أقرب فرصة".
وفي وقت سابق، أكدت حركة حماس أن قيادة الحركة تدرس بمسؤولية وطنية عالية، المقترح الذي تسلمته من الإخوة الوسطاء، وستقدم ردها عليه في أقرب وقت، فور الانتهاء من المشاورات اللازمة بشأنه.
وجددت الحركة تأكيدها على موقفها الثابت بضرورة أن يحقّق أيّ اتفاق قادم: وقفا دائما لإطلاق النار، وانسحابا كاملا لقوات الاحتلال من قطاع غزة، والتوصّل إلى صفقة تبادل حقيقية، وبدء مسار جاد لإعادة إعمار ما دمّره الاحتلال، ورفع الحصار الظالم عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وكشف قيادي في حركة حماس، أن مصر نقلت إلى الحركة مقترحا، يتضمن نصا صريحا، بشأن نزع سلاح المقاومة، وهدنة مؤقتة لمدة 45 يوما.
ونقلت قناة الجزيرة تصريحات عن القيادي الذي لم تكشف هويته، قوله إن المقترح الذي نقلته القاهرة يشمل إطلاق سراح نصف أسرى الاحتلال في الأسبوع الأول من الاتفاق، وتهدئة مؤقتة لـ45 يوما مقابل إدخال الطعام والإيواء.
وأضاف: "وفدنا المفاوض فوجئ بأن المقترح الذي نقلته مصر يتضمن نصا صريحا بشأن نزع سلاح المقاومة".
وتابع: "مصر أبلغتنا أنه لا اتفاق لوقف الحرب، دون التفاوض على نزع سلاح المقاومة".
وشدد بالقول: "حماس أبلغت مصر أن المدخل لأي اتفاق هو وقف الحرب والانسحاب، وليس نزع سلاح المقاومة، وأن نقاش مسألة السلاح مرفوض جملة وتفصيلا، وأن السلاح هو حق أساسي من حقوق شعبنا ولا يخضع للنقاش".
وأثار الحديث عن مسألة نزع سلاح المقاومة في قطاع غزة خلال المفاوضات الجارية في العاصمة المصرية القاهرة، ضمن جهود وقف إطلاق النار وعقد صفقة جديدة لتبادل الأسرى مع الاحتلال؛ ردودا واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبدأ مغردون باستذكار تعليقات تاريخية لقادة المقاومة الفلسطينية بشأن هذا الملف، وأعادوا نشرها عبر وسم "سلاحنا_كرامتنا"، فيما وصف آخرون مقترح تسليم السلاح بأنه "نكتة سمجة".