طالما كان الصحفي مستهدفا من قبل الاحتلال خلال الاعتداءات على قطاع غزة في السنوات الـ 13 الماضية، إلا أنه  أصبح "تهديدا" في حرب الإبادة الإسرائيلية الحالية، المستمرة منذ 20 يوما.

واستشهد ما لا يقل عن 20 صحفيا وأصيب آخرون في القصف الإسرائيلي على غزة خلال 19 يوما من العدوان، كما استهدف الاحتلال مباشرة عائلة الصحفي وائل الدحدوح، ما أدى إلى استشهد زوجته وابنه وابنته وعدد من أفراد العائلة.



وتوثق "عربي21" شهادات العديد من الصحفيين العاملين حتى الآن ميدانيا، وسط انتهاكات "إسرائيل" باستهدافهم إلى جانب المدنيين من الأطفال والنساء والمسنين.

الكاميرا عاجزة

يصف مجدي فتحي، وهو مصور صحفي حر، حجم الكارثة والدمار والموت بالذي لا يمكن لأي إطار صورة أن يجمعه ويحتويه، قائلا: "كنت أؤمن دائما بمقولة الصورة أبلغ من ألف كلمة، لكن الواقع الكارثي الحالي في غزة لا يمكن وصفه بالصورة أوالكلام".

ويقول فتحي لـ"عربي21" إن الاحتلال معني بقتل الحقيقة وعدم إيصال الصورة للعالم، واشار إلى أنه "عمل في تغطية كل الحروب ضد غزة، إلا أن هذه مرة أثبت الاحتلال عشقه لدم الأطفال.. نرى أطفالا محترفة ومتفحمة كل يوم".

وأوضح أن الصحفيين يتحركون ضمن مجموعة من الصحفيين في سيارة عادية وضعنا عليها كلمة TV عبثا، مضيفا: "نحن نعرف بإمكانكية استهدافنا، وقبل أي تحرك ننطق الشهادة ونمضي في التغطية".

وتابع: "مجمل الصحفيين يواجهود صعوبات ومخاطر غير مسبوقة من أجل إتمام عملهم".

ولفت إلى أن مخزون المحروقات لدى الصحفيين أوشك على النفاد ما يهدد بخسارتهم لوسيلة النقل الوحيدة، فضلا عن غياب اتصال الإنترنت الثابت في أماكن إقامتنا داخل المستشفيات.


ويكشف فتحي أنه في إحدى الليالي استيقظ من نومه في أحد ممرات المستشفى ليجد نفسه بين جثث الشهداء، بعدما ارتقى في مدينة دير البلح 120 شهيدا دفحة واحدة، ولم يتوفر مكان لهم سوى الممرات.

أما مراسل قناة الجزيرة، هشام زقوت، فيؤكد أن هناك محاولات من قبل الاحتلال لتغييب الصورة والصوت في غزة، وأن هذه المحاولات بدأت باستهداف الصحفيين الذين يغطون هذه الحرب، والتحريض عليهم.

ويُبين زقوت لـ"عربي21" أن هذه الجرائم تطورت لاستهداف المقرات الإعلامية وتدمير المباني التي تتواجد فيها المؤسسات الإعلامية وتهديد مؤسسات أخرى بالقصف.

وأضاف: "الاحتلال يستهدف الصحفي لأنه لا يريد تكذيب روايته وكشفها على الهواء مباشرة، بهدف إلغاء الضغط الذي يمثله عليه من خلال نقل الحقيقة".

تخيلات مرعبة

وأعرب زقوت عن مشاعر القلق التي ترافقه في اثناء التغطيات داخل المشافي، خشية رؤية أحد أفراد عائلته بين الشهداء أو الجرحى، مضيفا: "أصمت حينها وأعجز عن الوصف ثم استكمل، وبعد انتهاء البث أبحث عن تفاصيل هؤلاء الضحايا".

وأشار إلى أن الصحفيين الفلسطينيين "عملوا على تغطية العديد من الحروب وفترات تصاعد العدوان خلال سنوات طويلة دون الشعور بالعجز عن التغطية، لكن هذه المرة نحن نشعر بقمة العجز".

وأوضح أن على الإعلام العالمي التركيز على القضايا الإنسانية في غزة، وأنه لا يجب التفريق عن ما يحدث فيها وفي أوكرانيا مثلا، مؤكدا أن الاحتلال يمارس جريمة العقاب الجماعي بمنع الماء والغذاء والكهرباء والوقود وكل شيء.

صمت وبكاء
بدورها، تقول مراسلة قتاة TRT التركية، ربا العجرمي، أن الصحفي الفلسطيني بات مستهدفا من أول يوم من العدوان الحالي، من خلال قصف الأبنية التي تضم مكاتب إعلامية متنوعة، واستهداف شبكات الإنترنت، وهذا إلى جانب الاستهداف الرئيسي المتمثل في قتل الصحفيين ميدانيا، وقتل عائلاتهم من خلال استهداف منازلهم أيضا.

وأشارت إلى أنها كانت تعجز عن الكلام خلال التغطية الصحفية في كل مرة كان يمر من جوارها جثمان لطفل شهيد، مضيفة لـ"عربي21": "كنت أصمت وأبكي وأشير للمصور لتحويل الكاميرا إلى هذه الصور".

تابع: "المشاهد اليومية مشاهد قاسية ومؤلمة، من بكاء وعويل واحتضان الآباء والأمهات لأكفان أطفالهم، هذا الواقع هو أمر غاية في اللا إنسانية والبشاعة والإجرام، وأنا كأم أضع نفسي في مكانهم وأشهر بذات الألم".

وأشارت إلى تزايد التحديات والمخاطر أمام الصحفيين، خاصة أن كل جزء من المعدات يتضرر بفعل القصف لا يمكن تعويضه.

وبينت أنه لا يوجد اي وسائل حماية إضافية يمكن توفيرها للصحفيين سوا الضغط الدولي على الاحتلال للتوقف عن استهداف المدنيين والصحفيين، الذين يستخدمون كل الوسائل المهنية المتعارف عليها من سترة واقية وخوذة علامات تعريفية على مركباتهم.

وذكرت أن العمل في الجزء الشمالي من قطاع غزة أصبح شبه مستحيل باستثناء عدد بسيط من الصحفيين الذين بفوت هناك، كما أن العربات المصفحة يحظر دخولها من قبل الاحتلال إلا لعدد بسيط جدا من وكالات الأنباء العالمية.

استهداف الرواية
من جهته، يؤكد مراسل قناة الميادين، أحمد غانم، أن الاحتلال يستهدف الرواية الفلسطينية قبل أن يستهدف الصحفي الفلسطيني، وأنه يحرص ألا تخرج هذه الرواية من غزة إلى العالم.

ويكشف غانم لـ"عربي21" عن عدم إمكانية تغطية جرائم الاحتلال التي يرتكبها خلال الليل، قائلا: "لا يوجد لدينا أي حماية، كما أن القانون الدولي الذي يكفل حقوق الصحفيين أصبح حبرا على ورق".

ويشدد على أن "كل من يكشف جرائم إسرائيل ويوثقها هو مستهدف، لذلك يجب على الاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب محاصرة الاحتلال ورفع دعاوى قضائية ضده من أجل توفير الحماية لنا".

ويشير إلى تعذر التغطية في المناطق الشمالية من غزة، قائلا: "حتى لو جازفنا بالذهاب إلى هناك وسط عدم وجود ضمانات بعدم الاستهداف، فإنه لا توجد طرق تمشي فيها حتى السيارات التي تحتاج للوقود النادر للغاية حاليا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الاحتلال غزة القصف الشهداء غزة قصف الاحتلال دمار شهداء سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

3 حلول لحماية صحتك النفسية من الأثار التي تتركها الأخبار السيئة المتدفقة من وسائل الإعلام والسويشل ميديا

لا شك في أن المواقع الإلكترونية الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي تجعل من المستحيل تقريبًا؛ تجنّب التدفق المستمر للأحداث السياسية الكبيرة والصور المروّعة للحروب.

وفي الحقيقة، تترك كل التوقعات الجيوسياسية المروعة وصور الأشخاص الذين يبكون أمام الجثث في مناطق الحروب آثارًا على صحة المرء النفسية.

وتوصي ناثالي كراه، عضو الرابطة المهنية لعلماء النفس الألمان قائلة “من وجهة نظر الصحة النفسية، يجب أن يبتعد المرء عن هذه الأمور لفترة، خاصة الصور”.

وتقول نورا فالتر الأستاذة في علم النفس بجامعة “إف أو إم” للعلوم التطبيقية للاقتصاد والإدارة، إنه من المرجّح أن ينجذب الأشخاص بصورة أكبر إلى الاطلاع على الأنباء السيئة.

وأضافت “نحن نقوم بالنقر على عناوين أخبار الكوارث للبحث عن معلومات تحمينا من تهديد محتمل، ولكن إذا قام المرء بإحاطة نفسه بصورة دائمة بالأنباء السيئة فقط، فسيظهر خطر أنه لن يتمكن بعد الآن من التفكير بصورة إيجابية”.

????العلاقة بين الأخبار والمشاكل الصحية

كما خلصت دراسة سابقة إلى أنه يمكن أن تكون هناك صلة بين الرغبة القهرية في الاطلاع على الأخبار والمشاكل الصحية.

وعلى سبيل المثال، فإن الذين يتأثرون بـ”استهلاك الأخبار المثيرة للمشاكل” أي يقومون بتفقّد الأخبار بصورة خارجة عن السيطرة، يجدون صعوبة في الانفصال عنها، ويستمرون في التفكير في الأحداث التي قرؤوا أخبارها بعد مرور فترة طويلة على وقوعها.

????حلول الحماية من تدفُّق الأخبار

ولكن كيف يمكن أن يتعامل المرء مع ما يقرؤه أو يسمعه أو يشاهده على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل حماية صحته العقلية؟

????تقترح ناتالي كراه 3 حلول:

-الحل الأول هو الابتعاد عن مشاهدة الصور ومقاطع الفيديو. ومن أجل الصحة النفسية للمرء، يتعين أن لا يستمر في البحث عن الصور أو مقاطع الفيديو المزعجة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث إنها تسبب ألمًا نفسيًّا أكثر من المعلومات المكتوبة.

-الحل الثاني هو التواصل مع المقرّبين. فهذا يتيح للمرء التخلّص من العبء الذي يشعر به وأن يشارك مشاعره ويتعلم كيف يتعامل الآخرون مع الأمور المروّعة في الأخبار.

-الحل الثالث هو التساؤل عن دوافع الأشخاص الذين يبثّون المحتوى. فإذا كان المرء يتبع مجموعات معينة على قنوات التواصل الاجتماعي، فعليه أن يسأل نفسه دائمًا لمصلحة مَن يتم تداول هذه الصور؟ وهل هي قضية يريد تأييدها؟ إذا كانت الإجابة “لا”، فلا يتعين أن يقوم بمشاركتها.

لكن ناتالي أكدت أيضًا أن هذه الحلول لا تعني أن يتوقف المرء تمامًا عن الاطلاع على الأخبار والمعلومات؛ فهي في نهاية المطاف مهمة للمساعدة على تشكيل الرأي.

مقالات مشابهة

  • ‏موقع مذل لبايدن خلال الصورة التذكارية للزعماء بقمة البيرو (شاهد)‏
  • حزب الله يعلن اغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية محمد عفيف في غارة إسرائيلية
  • غارة إسرائيلية تستهدف بيروت.. وأنباء عن اغتيال مسؤول الإعلام في حزب الله
  • أضر بسمعتها.. شركة خدمات مالية تتقدم ببلاغ لـ «الأعلى الإعلام» ضد أحد الصحفيين
  • غزة - استشهاد الصحفي محمد الشريف
  • تدهور أوضاع الصحفيين و الإعلام بالسودان في ظل الحرب
  • 3 حلول لحماية صحتك النفسية من الأثار التي تتركها الأخبار السيئة المتدفقة من وسائل الإعلام والسويشل ميديا
  • عربي21 تكشف تفاصيل عن عصابات نهب المساعدات في غزة بغطاء من الاحتلال
  • أهوال غزة تحدث الآن في لبنان.. متحدث اليونيسيف يكشف
  • الاحتلال يهدد بمهاجمة أي محاولة لنقل الأسلحة لحزب الله عبر سوريا