الاحتلال يعترف بأنه يتعامل لأول مرة مع تحدٍّ لا يعرفه منذ قيامه على مختلف المستويات
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
الاستخبارات البريطانية تصدم إسرائيل بشأن قوة حماس وتؤكد أن تدميرها بعيد المنال دراسة.. قرار اجتياح غزة يسوده التردد وسط تحذيرات من أن تنتهي العملية كتجربة 2018م
الثورة / متابعة /محمد الجبري
لايزال الحديث عن نوايا دولة الاحتلال الإسرائيلي من اجتياح قطاع غزة يلقى صداه محدثاً ضوضاء في معظم القنوات العربية والغربية كأن تلك القنوات تقدم للعدو خدمة دعاية مجانية بعد أن أصبح ذلك الإعلام المساير لأجندات الاحتلال للأسف غير مدركة حقيقة الأمر من قدرة و استطاعة ذلك الكيان القذر من تنفيذ ما يحلم به فلا زالت هواجسه تراوده في كل لحظة من مساعيه الرامية لقيام اجتياح بري رغم أنها تعي صعوبة تنفيذه على أرض الواقع و تصريحات لمسؤولين غربيين من فشل هذا المخطط حيث فجرت الاستخبارات البريطانية، أمس الخميس، قنبلة جديدة بوجه الاحتلال الإسرائيلي حول حديث إسرائيل وأمريكا عن تدمير حماس عبر اجتياح قطاع غزة بأنه “مبالغ فيه” مؤكدا بأن تدمير الحركة “بعيد المنال”
الاستخبارات البريطانية
اعتبر الرئيس السابق للاستخبارات البريطانية وسفير بريطانيا السابق لدى الأمم المتحدة جون ساورز أن حديث إسرائيل وأمريكا عن تدمير حماس عبر اجتياح قطاع غزة “مبالغ فيه” مؤكدا بأن تدمير الحركة “بعيد المنال”.
ونصح ساورز في مقال نشرته صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية قادة الاحتلال الإسرائيلي بإدراك حقيقة أن لدى حماس قاعدة شعبية وجماهيرية كبيرة ودعم خارجي واسع خصوصا من إيران وأن على نتنياهو وحكومته التفكير بخطة لتحقيق الاستقرار في القطاع على المدى الطويل ومن العنف والتحول إلى صراع إقليمي.
وكشف ساروز أن هدف حماس من هجوم السابع من أكتوبر لفت الأنظار لقضيتها الأساسية والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة بحق الفلسطينيين، مطالبا حكومة الاحتلال بمراجعة خياراتها بعناية لان حرب المدن ستكون صعبة ومعقدة مستشهدا بماريوبل الأوكرانية.
واستبعد ساورز تحقيق الاحتلال الإسرائيلي – الأمريكي للأهداف المعلنة بإغلاق غزة وحصارها، أو حتى إعادة احتلالها مقترحا تفويض مجلس الأمن بتشكيل إدارة ذاتية للقطاع تشرف عليها الأمم المتحدة.
حكومة الاحتلال
أوضح عضو حكومة الطوارئ للاحتلال الإسرائيلية بيني غانتس أن الاجتياح البري لقطاع غزة “هو مرحلة واحدة فقط من سلسلة مراحل قد تستغرق سنوات”.
وأكد غانتس أن “الجيش على الحدود الشمالية (مع لبنان) يهاجم بقوة بعد إخلاء المنطقة من السكان”، مشيرا إلى أن “دولة الاحتلال الإسرائيلية تتعامل مع تحدٍّ لا تعرفه منذ قيامها على المستويات العسكرية والسياسية والاجتماعية”.وأنه يتحمل مسؤولية فشل 7 أكتوبر وكل من شارك في قيادة دولة إسرائيل، لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يزيل المسؤولية عن نفسه، بما في ذلك أنا”.
وأضاف: “كنت أتولى مناصب أمنية وسياسية رئيسية في إسرائيل منذ أكثر من 20 عاما. ولا أعفي نفسي من المسؤولية لا عن أشياء حدثت ولا عن أشياء لم تحدث”، مشددا على “أننا سنواصل هذه الحملة، وسنفوز بها”.
واعتبر غانتس أن “دخول حكومة الطوارئ وتشكيل حكومة الحرب كان الخطوة الصحيحة لدولة إسرائيل وهذه الخطوة أثبتت نفسها بالفعل، في صنع القرار، في السلوك السياسي الأمني، في الرسالة الداخلية للمجتمع الإسرائيلي وفي الرسالة الخارجية إلى أعدائنا”.
وكان صرح نتنياهو، خلال مؤتمر صحفي مساء الأربعاء الماضي إن “الجيش يستعد للهجوم البري على قطاع غزة”، لافتا إلى أنه “لن يكشف موعد الدخول البري لغزة ولن نشر الاعتبارات التي تحدد ذلك”.
وأكد أن “إعادة الأسرى والرهائن الإسرائيليين في قطاع غزة تشكل أحد أهداف للحرب الإسرائيلية على القطاع”، مبينا أن الهدف الذي حددته حكومته للحرب على غزة، يتمثل بـ”القضاء على حركة حماس وقتل جميع عناصرها”.
وأضاف: “جميع أعضاء الحركة “تحت الأرض أو فوقها، محكوم عليهم بالموت”، لافتا إلى أنه “سيتعين على الجميع تقديم إجابات حول الفشل الأمني في غلاف غزة، بما في ذلك أنا، لكن بعد الحرب”.
إلى ذلك اعتبرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أنه أمام حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خياران كلاهما صعب، على خلفية الوضع في قطاع غزة.
وأفادت الصحيفة بأنه “أمام نتنياهو إما صفقة تنقذ الأسرى والرهائن، أو عملية انتقامية برية في غزة تحقق الأهداف العسكرية للحرب، ولا يمكن ممارستها في نفس الوقت”، مشيرة إلى أنه “سيتعين على المستوى السياسي أن يقرر بأسرع ما يمكن إلى أين يتجه، قبل أن ينفد الوقت”.
مركز الدراسات المصرية
أكدت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن تهدد إسرائيل باجتياح برى لقطاع غزة منذ بداية عمليات “طوفان الأقصى” أى قبل نحو 3 أسابيع، يكن أجواءه التردد في تنفيذ هذا القرار كما يبدو من تأجيله مرات عدة، وسط تحذيرات من أن تنتهى العملية كما انتهت تجربة عام 2018، أن أحد الأسباب اللوجستية لتأجيل الاحتلال سيناريو الهجوم برًا هو فشلها في تقديم خطة تسليح كاملة ونهائية لـ360 ألف مجند احتياطي إسرائيلي، بل خرجت الدعوات المجتمعية للتبرع للجيش الإسرائيلي من أجل شراء المؤن واحتياجات المعيشة للمجندين.
ولفتت الدراسة التي جاءت تحت عنوان ” تأجيل المضطر: حسابات سيناريو الاجتياح لقطاع غزة”، يفسر هذا التحليل تصريح الرئيس الأمريكي بعد الانتهاء من زيارته إلى إسرائيل مؤخرًا بأنه سيبدأ في إقناع الكونجرس بتخصيص تمويل يبلغ 14 مليار دولار أمريكي لإسرائيل، لتعزيز الذخيرة الخاصة بالقبة الحديدية، ومخزون الذخيرة التي ستُستخدم في سيناريو الاجتياح.
وتأتى العوامل السياسية – الاقتصادية على رأس الأسباب، من بينها وجود خلاف في وجهات النظر بين رئيس الحكومة الإسرائيلية “نتنياهو” ووزير دفاعه “يؤاف جالانت” حول قواعد التعامل العسكري الإسرائيلي مع غزة.
إذ يرغب الأخير في الامتثال لقواعد القانون الدولي والنزول إلى الضغط الأمريكي، فيما يدفع نتنياهو حسابات سياسية أيديولوجية عنيفة ترغب فى التعامل الخشن مع أهل قطاع غزة دون النظر إلى التكاليف.
فضلا عن غياب عن إسرائيل مخطط واضح لكيف سيكون شكل قطاع غزة بعد سيناريو إسقاط الفصائل، بالإضافة إلى أن الحرب استنزفت مليارات الشيكلات من الاقتصاد الإسرائيلي، إذ وصلت قيمة الدولار ما يزيد على 5 شيكل إسرائيلي. وخصص البنك المركزي 30 مليار دولار من الاحتياطي لدعم الشيكل أمام الدولار. بالإضافة إلى هروب 60% من الاستثمارات الأجنبية المهمة من إسرائيل.
كما كشفت التقديرات الأولية للأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن الفصائل تخطط لضرب أهداف بحرية في منطقة حقول الغاز الإسرائيلية، وأخيرا الضغط المجتمعي الإسرائيلي باسترداد الأسرى المدنيين في يد الفصائل عبر تشكيل جماعات ضغط تقابل رئيس إسرائيل وبعض أعضاء الكنيست.
وهناك أولوية للعمليات الخاصة في الوقت الحالي، حيث خصصت الولايات المتحدة مع إسرائيل أولوية أولى للفرق العسكرية المتخصصة في اجتياح المدن وتحرير الرهائن، تعمل هذه الفرق بالتوازي مع الكشف عن أماكن وجود الرهائن على خريطة الأنفاق التابعة للفصائل، كما يمنح وجود الفرق الأمريكية لإسرائيل منطقًا ومبررًا لأهمية سيناريو الاجتياح البري في حال فشل سيناريو تحرير الرهائن.
ومن بين التداعيات التي أجلت العملية، هو سيناريو “المقاومة الشعبية”، حيث اتفقت الأجهزة الأمنية الاستخباراتية على خطر الأنفاق والمقاومة الشعبية” التي قد تلاحق المجندين الإسرائيليين وتزيد من احتمالات الخطف أو الخسائر.
وبخلاف ذلك فهناك سيناريو الحرب المتعددة، فمن المحتمل أن تندلع حرب متعددة الجبهات في حال وقوع سيناريو الاجتياح، ستكون الضفة، وجنوب لبنان، وجنوب سوريا، والداخل الإسرائيلي.
وتختتم الدراسة بالتشكيك في الدعم الأمريكي غير المحدود، قائلة: “بعد انتهاء زيارة جو بادين إلى إسرائيل نفت واشنطن التقارير الإسرائيلية القائلة بدعم الولايات المتحدة غير المحدود لإسرائيل في حال انضمام حزب الله إلى الحرب، وهو ما قد يقيد إسرائيل تجاه استفزاز حزب الله وجرها إلى حرب مباشرة، بل تظل في إطار المناوشات المحدودة”.
وتشهد الحدود الإسرائيلية اللبنانية منذ أكثر من أسبوعين تبادلا متقطعا لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي، و”حزب الله” وفصائل فلسطينية، منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها “حماس” في 7 أكتوبر.
ويتواصل القصف الإسرائيلي على قطاع غزة حيث أسفر عن مقتل أكثر من 6600 فلسطيني وإصابة حوالي 18000 آخرين.
أما على الجانب الإسرائيلي، فقد قتل ما يزيد عن 1400 شخص بينهم 308 عسكريين، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 5 آلاف، والأسرى لدى “حماس” 222.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
NYT: بعد 7 أكتوبر غيّرت إسرائيل قواعد الاشتباك ولم تعد تهتم بالمدنيين
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا، لمجموعة من مراسليها قالت فيه إنّ: "إسرائيل تساهلت في القواعد لملاحقة مقاتلي حماس بعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ما أدى إلى مقتل المزيد من المدنيين في غزة".
وتابع التقرير الذي ترجمته "عربي21" أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي "أصدر في الساعة الواحدة مساء تماما من يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر أمرا أطلق العنان فيه لواحدة من أكثر حملات القصف كثافة في الحروب المعاصرة".
وأضاف: "اعتبارا من ذلك الوقت، بات لدى الضباط الإسرائيليين من ذوي الرتب المتوسطة سلطة ضرب آلاف المسلحين والمواقع العسكرية، وهي التي لم تكن أبدا أولوية في الحروب السابقة في غزة".
وأضاف: "بموجب الأمر أصبح للضباط الآن فرصة ملاحقة ليس فقط كبار قادة حماس، ومستودعات الأسلحة وقاذفات الصواريخ التي كانت محور الحملات السابقة، ولكن أيضا المقاتلين من ذوي الرتب الدنيا".
"سمح الأمر للضباط في كل ضربة، بالمخاطرة بقتل ما يصل لـ20 مدنيا. ولم يحدث أن صدر هذا الأمر، الذي ليس له مثيل في تاريخ إسرائيل العسكري. ومنح ضباط الوسط صلاحية لضرب أكبر عدد من الأهداف ذات الأهمية العسكرية وبثمن كبير على المدنيين" وفقا للتقرير نفسه.
وأكد: "كان هذا يعني على سبيل المثال، ضرب الجيش للمسلحين العاديين وهم في منازلهم ووسط أقاربهم وجيرانهم، بدلا من استهدافهم فقط عندما يكونون بمفردهم في الخارج".
وأبرز: "في الصراعات السابقة مع حماس، لم تتم الموافقة على العديد من الضربات الإسرائيلية إلا بعد أن خلص الضباط بعدم تعرض أي مدني للخطر"، مردفا: "في بعض الأحيان، كان الضباط يخاطرون بقتل ما يصل إلى خمسة مدنيين، ونادرا ما ارتفع الحد إلى 10 أو أكثر، على الرغم من أن عدد القتلى الفعلي كان أعلى من ذلك بكثير في بعض المرات".
وأكد: "لكن القيادة العسكرية غيّرت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر قواعد الاشتباك، حيث اعتقدت أن إسرائيل تواجه تهديدا وجوديا، وفق مسؤول عسكري أوضح الأمر بشرط عدم الكشف عن هويته".
وقال المسؤول، وفقا للصحيفة، إنه: "بعد ساعات من دخول مقاتلي حماس إسرائيل وسيطرتهم على بلدات وقواعد عسكرية، وقتل 1,200 شخص واحتجاز 250 أسيرا، خشيت إسرائيل من غزو يأتي من الشمال وتنفذه الجماعات الموالية لإيران، مثل حزب الله اللبناني".
وفي خطاب ألقاه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو في 7 تشرين الأول/ أكتوبر: "كل الأماكن التي انتشرت فيها حماس بغزة، وكل الأماكن التي اختبأت فيها حماس وتعمل منها، سوف تتحول إلى أنقاض".
إلى ذلك، توصل تحقيق أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي أضعفت بشدة نظام الضمانات الذي كان يهدف إلى حماية المدنيين، واعتمدت أساليب تعاني من القصور للعثور على الأهداف، وتقييم خطر وقوع إصابات بين المدنيين.
كذلك، بحسب التحقيق نفسه: "فشلت بشكل روتيني في إجراء مراجعات ما بعد الضربة وتقييم الأذى الذي لحق بالمدنيين أو معاقبة الضباط على المخالفات وتجاهلت التحذيرات من داخل صفوفها ومن كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين بشأن هذه الإخفاقات".
إثر ذلك، راجعت الصحيفة عشرات السجلات العسكرية وأجرت مقابلات مع أكثر من 100 جندي ومسؤول، بمن فيهم أكثر من 25 شخصا ساعدوا في فحص الأهداف أو الموافقة عليها أو ضربها.
وتوفر رواياتهم مجتمعة صورة لا مثيل لها لكيفية شن الاحتلال الإسرائيلي لواحدة من أعنف الحروب الجوية في هذا القرن. فيما نقلت الصحيفة شهادات الجنود والإسرائيليين شريطة عدم الكشف عن هويتهم. وقامت "نيويورك تايمز" بالتثبت من الأوامر العسكرية مع ضباط على معرفة بمحتواها.
وجد التحقيق الذي قامت به "نيويورك تايمز" الآتي:
أولا: وسع الاحتلال الإسرائيلي بشكل كبير نطاق الأهداف العسكرية التي يسعى إلى ضربها في الغارات الجوية الاستباقية، وزاد في الوقت نفسه عدد المدنيين الذين قد تعرضهم أوامر الضباط للخطر في كل هجوم.
ما أدّى إلى إسقاط ما يقرب من 30,000 قذيفة على غزة في أول 7 أسابيع من الحرب، وهو ما يزيد عن عددها في الأشهر الثمانية التالية مجتمعة.
ثانيا: في عدد من المناسبات، وافق المسؤولون البارزون على هجمات ضد قادة حماس، كانوا يعرفون أنها تعرض حياة 100 من المدنيين أو غير المقاتلين لخطر الموت.
ثالثا: ضرب جيش الاحتلال بوتيرة سريعة، كان من الصعب التأكد فيما إن كان يضرب أهدافا شرعية. استنفدت الغارات كل الأهداف العسكرية التي تم التأكد منها في قاعدة بيانات ما قبل الحرب، وخلال عدة أيام.
وتبنى الجيش نظاما لم تتم الموافقة عليه للبحث عن أهداف جديدة واستخدم الذكاء الاصطناعي وعلى قاعدة واسعة.
رابعا: اعتمد جيش الاحتلال على نموذج إحصائي بدائي لتقييم خطر إلحاق الضرر بالمدنيين، وفي بعض الأحيان شنّ غارات على الأهداف بعد عدّة ساعات من تحديد موقعها، الأمر الذي زاد من نسبة الخطأ.
واعتمد النموذج بشكل أساسي على تقديرات استخدام الهاتف المحمول في الأحياء، بدلا من المراقبة المكثفة لمبنى محدد، كما كان شائعا في الحملات الإسرائيلية السابقة.
خامسا: منذ اليوم الأول للحرب، قلّل جيش الاحتلال ممّا يطلق عليه الطرق على الأسطح أو الطلقات التحذيرية التي منحت المدنيين فرص الهروب من هجوم محتوم. وعندما كان بوسع الجيش استخدام ذخائر أصغر حجما وأكثر دقة لتحقيق نفس الهدف العسكري، كانت الضربات تتسبب أحيانا بأضرار أكبر من خلال إسقاط "القنابل الغبية"، فضلا عن القنابل التي تزن 2,000 رطل.
إلى ذلك، تعلق الصحيفة أن الحملة العسكرية ضد غزة كانت في أعلى المستويات كثافة خلال الأشهر الأولى الخمسة من الحرب. واستشهد أكثر من 15,000 فلسطيني، أو ثلث الحصيلة الكاملة للقتلى، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.
ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 فصاعدا، بدأت دولة الاحتلال الإسرائيلي بالتقليل من الهجمات وتشديد قواعد الاشتباك، وخفض عدد المدنيين الذين قد يتعرضون للخطر عند ضرب المسلحين من ذوي الرتب المنخفضة الذين لا يشكلون أي تهديد وشيك، إلى النصف.
وفي الأسابيع الأولى من الحرب، استشهد أكثر من 30,000 فلسطيني. وفي الوقت الذي شككت فيه دولة الاحتلال الإسرائيلي بالأرقام إلا أن أعداد الشهداء استمرت بالارتفاع.
وعندما قدمت الصحيفة نتائج تحقيقها لجيش الاحتلال الإسرائيلي، رد ببيان مكتوب من 700 كلمة، اعترف فيه بأن قواعد الاشتباك تغيرت بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فيما زعم أن قواته استخدمت وبشكل متناسق الوسائل والأساليب الملتزمة بقواعد القانون.
وأضاف البيان أن: "التغييرات جاءت في سياق صراع غير مسبوق ولا يمكن مقارنته بمسارح أخرى للأعمال العدائية في جميع أنحاء العالم"، مبررا أنها أتت إثر هجوم حماس وجهود المسلحين للاختباء بين المدنيين في غزة وشبكة الأنفاق الواسعة.
وكان أقارب أحد القادة في حركة مرتبطة بحماس، شلدان النجار، أول الضحايا لتغير قواعد الاشتباك الإسرائيلية. فعندما ضرب طيران الاحتلال الإسرائيلي بيته قبل 9 أعوام لم يصب أحد من أفراد عائلته بمن فيها نفسه.
ولكن بحسب التقرير، عندما استهدفت البيت في الحرب الجديدة لم يقتل النجار فحسب بل و20 فردا من عائلته، وذلك حسب شقيقه سليمان الذي عاش في البيت الذي ضرب وشاهد آثار ما بعد الضربة مباشرة.
وتزعم دولة الاحتلال الإسرائيلي، المتّهمة بارتكاب إبادة جماعية أمام محكمة العدل الدولية أنها تتخذ الإجراءات قبل الضربات، من ناحية إفراغ مدن بكاملها وإسقاط الملصقات.
وبحسب البروتوكول العسكري الإسرائيلي فهناك أربع فئات لتجنب تعريض المدنيين للخطر: مستوى صفر، الذي يمنع الجنود من تعريض المدنيين للخطر. مستوى واحد، ويسمح بقتل خمسة مدنيين. مستوى اثنين، ويسمح بقتل على الأقل 10 مدنيين. مستوى ثلاثة، ويسمح بقتل 20 مدنيا على الأقل. وقد أصبح الأخير هو المعيار المعمول به بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وفجأة، أصبح بإمكان الضباط أن يقرّروا إسقاط قنابل تزن طنا واحدا على قطاع من البنية التحتية العسكرية، بما في ذلك مخازن الذخيرة الصغيرة ومصانع الصواريخ، علاوة على قتل جميع مقاتلي حماس والجهاد الإسلامي.
وكان تعريف الهدف العسكري يشمل أبراج المراقبة والصرافين المشتبه في تعاملهم مع أموال حماس، وكذا مداخل شبكة الأنفاق تحت الأرض. ولم يكن الحصول على إذن من كبار القادة مطلوبا إلا إذا كان الهدف قريبا للغاية من موقع حساس، مثل مدرسة أو منشأة صحية، رغم أن مثل هذه الضربات كانت تتم الموافقة عليها بانتظام أيضا.
وكان الأثر حاسما، فقد وثقت "إيروارز"، التي ترصد النزاعات من مقرها في لندن، 136 هجوما قتل فيها على الأقل 15 مدنيا في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وتقول المنظمة إن الرقم هو خمسة أضعاف ما وثقته في نزاع آخر، ومنذ بداية عملها قبل عقد من الزمان. وبحسب أربعة ضباط إسرائيليين شاركوا في اختيار الأهداف، سمح أحيانا باستهداف حفنة من قادة حماس، طالما وافق كبار الجنرالات أو القيادة السياسية في بعض الأحيان.
وقال ثلاثة منهم إن واحدا من المستهدفين كان إبراهيم بياري، وهو قائد كبير في حماس استشهد في شمال غزة في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر، في هجوم قدرت منظمة "إيروارز" أنه أسفر عن استشهاد 125 آخرين على الأقل.
أمر آخر، أصدرته القيادة العسكرية العليا في الساعة 10:50 مساء يوم 8 تشرين الأول/ أكتوبر ويعطي صورة عن حجم الخسائر المدنية التي تعتبر مقبولة. وقالت إن الضربات على الأهداف العسكرية على غزة سمح لها بتعريض ما يصل إلى 500 مدني للخطر كل يوم.
ووصف المسؤولون العسكريون الأمر بأنه إجراء احترازي يهدف للحد من عدد الضربات التي يمكن أن تحدث كل يوم. وقال الباحث في الأكاديمية العسكرية، ويست بوينت، مايكل شميدت، لصحيفة "نيويورك تايمز"، إنّ: "الأمر قد يفهم من قبل الضباط من ذوي الرتب المتوسطة على أنه حصة يجب عليهم الوصول إليها".
كذلك، زاد الخطر على المدنيين بسبب الاستخدام الواسع النطاق لجيش الاحتلال الإسرائيلي للقنابل التي يبلغ وزنها 1,000 و2,000 رطل، وكثير منها من صنع الولايات المتحدة، والتي شكلت 90 في المئة من الذخائر التي أسقطها الاحتلال الإسرائيلي في الأسبوعين الأولين من الحرب.
وبحلول تشرين الثاني/ نوفمبر، قال ضابطان، إن: القوات الجوية ألقت عددا كبيرا من القنابل التي يبلغ وزنها طنا واحدا حتى أنها بدأت تعاني من نقص في مجموعات التوجيه التي تحول الأسلحة غير الموجهة، أو "القنابل الغبية"، إلى ذخائر موجهة بدقة. وهو ما أجبر الطيارين على الاعتماد على قنابل أقل دقة.