كشفت دراسة مهمة نُشرت آخر يوليو/تموز الماضي، وجود صلة بين انخفاض خطر الإصابة بالسرطان، والنشاط الحركي السريع المتقطع على مدار اليوم، مما يُحقق فوائد صحية طويلة المدى. سواء أثناء صعود السلالم بخفة، أو المشي بسرعة، أو الجري للحاق بالقطار أو الحافلة، أو التنقل بالدراجة، أو حمل أكياس البقالة الثقيلة، أو الركض مع الأطفال.

بحسب الدراسة، يمكن أن يتحول هذا النشاط التلقائي إلى نوع من التمارين الرياضية المفيدة، تُسمى "فيلبا" (VILPA)، وتُشير إلى أسلوب الحياة القوي والنشاط البدني المتقطع والمكثف، على شكل دفعات متكررة مدتها دقيقة واحدة، أثناء القيام بالأنشطة اليومية المعتادة.

وذكر الدكتور سانتوش كيساري، رئيس قسم علوم الأعصاب في معهد سانت جون للسرطان بكاليفورنيا، لموقع "بريفنشن"، أن قضاء بضع دقائق في ممارسة حركات رياضية سريعة وقوية، قد يحقق فوائد صحية كبيرة؛ وأرجع هذا التأثير إلى تنشيط عملية التمثيل الغذائي التي قد تكون مفيدة في تقليل خطر الإصابة بزيادة الوزن أو مرض السمنة، بالإضافة إلى تحسين الوظيفة المناعية؛ مؤكدا أن كليهما قد يسهم في الحد من الإصابة بالسرطان.

بضع دقائق في ممارسة حركات رياضية سريعة وقوية، قد يحقق فوائد صحية كبيرة (شترستوك) نمط الحياة القوي

وجدت الدراسة التي أجراها البنك الحيوي بالمملكة المتحدة -والذي يضم قاعدة بيانات صحية تشمل مئات الآلاف من البالغين البريطانيين- بناء على تحليل بيانات تعقب نشاط لأكثر من 22 ألف شخص في منتصف العمر وكبار السن، قالوا إنهم لم يمارسوا الرياضة مطلقا، رغم أن التحرك بسرعة وقوة، ولو مدة لا تقل عن 3 دقائق يوميا، قد يكون مفيدا للغاية.

وبعد فحص سجلات تشخيص السرطان لدى المشاركين في السنوات السبع اللاحقة، أشار الباحثون إلى أن الأشخاص الذين تميزوا بسرعة الحركة مدة من 3 إلى 4 دقائق يوميا، ودون ممارسة التمارين الرياضية تحديدا؛ انخفض لديهم خطر الإصابة بما لا يقل عن 13 نوعا من السرطان، بنسبة 17% إلى 18%؛ كما قلت فرصة الوفاة بسبب عدة أنواع من السرطان بنسبة 30%؛ مقارنة بأولئك الذين يسيرون على مهل دائما، ولا يتحركون بسرعة ونشاط على الإطلاق.

وأوضح الباحثون أن هذا الأمر قد يسري على جميع الأشخاص بغض النظر عما إذا كانوا يمارسون الرياضة بانتظام أم لا.

وأخبر البروفيسور إيمانويل ستاماتاكيس، أستاذ النشاط البدني والصحة ونمط الحياة بجامعة سيدني في أستراليا؛ صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن الحد الأدنى المطلوب لتحقيق انخفاض في مخاطر الإصابة بالسرطان، كان أقل من دقيقة واحدة في اليوم.

وأكد أن الرسالة المستفادة هي أن التحرك بشكل أكبر وبكثافة أعلى، خلال ممارسة الأنشطة اليومية، قد يكون بديلا جيدا للتمرين المنتظم، وقد يُقلل من خطر الإصابة بالسرطان على المدى الطويل.

التحرك بشكل أكبر وبكثافة أعلى، خلال ممارسة الأنشطة اليومية، قد يكون بديلا جيدا للتمرين المنتظم (بيكسلز) شرط التمرين مدة 30 دقيقة يوميا

واعتبرت تريسي كرين، مديرة طب نمط الحياة في مركز سيلفستر للسرطان بجامعة ميامي -التي لم تشارك في الدراسة- أن النتائج تمثل نقطة مهمة قد تفيد الشخص العادي. وأوضحت لموقع محطة "سي إن بي سي" الأميركية، أن الاعتقاد بأن علينا دائما ممارسة الرياضة مدة 30 دقيقة يوميا قد لا يكون صحيحا.

وأضافت كرين أنه رغم أن المعيار الموصى به للحصول على أفضل النتائج الصحية هو 150 دقيقة من النشاط البدني المعتدل إلى القوي أسبوعيا، لكن ليس شرطا أن يكون كل الناس قادرين على دمج هذا القدر من التمارين في روتينهم الأسبوعي.

وتوضح كرين أن إضفاء المزيد من النشاط على الخطوات على روتين الحركة اليومي، عبر أمور صغيرة مثل ترك السيارة بعيدا عن وجهتنا، قد يسهم بصورة كبيرة في الوقاية من خطر الإصابة بالسرطان، خاصة إذا كنا نفعل ذلك بكثافة أعلى. ونصحت قائلة، بدلا من مجرد المشي على مهل، تحرك بقوة وكأن شيئا ما سوف يفوتك، وأضف المزيد من الحماس إلى خطوتك عند صعود السلالم.

لكن الدكتور ستاماتاكيس حرص على التنبيه أن نتائج الدراسة لا تعني أن أولئك الذين يمارسون الرياضة يجب عليهم التوقف عن ممارستها واستبدالها بنوبات الحركة السريعة اليومية.

التحرك بشكل أكبر وبكثافة أعلى، خلال ممارسة الأنشطة اليومية، قد يكون بديلا جيدا للتمرين المنتظم (شترستوك) سبب أهمية الدراسة

هذه الدراسة التي وصفتها سوزان جيلكريست، مستشارة أمراض القلب في مركز إم دي أندرسون للسرطان في هيوستن، بأنها "تحليل مثير للإعجاب للعلاقة بين مخاطر الإصابة بالسرطان وممارسة الرياضة" ليست الأولى، ولكنها جاءت لتكمل نتائج سلسلة من الأبحاث أظهرت روابط قوية بين النشاط البدني وانخفاض خطر الإصابة بالسرطان.

فقد وجدت مراجعة علمية نُشرت عام 2016، أن احتمالات الإصابة بـ13 نوعا من أنواع السرطان الشائعة، كانت أقل بكثير، إذا مارس الرجال والنساء التمارين الرياضية بانتظام.

كما خلص تحليل أجري عام 2022، إلى أن أكثر من 46 ألف حالة سرطان سنوية في الولايات المتحدة، كان يمكن تفاديها، إذا بدأ كل من لا يمارس الرياضة بالتحرك بسرعة.

أيضا، في العام الماضي، وجدت دراسة أجريت على أكثر من 25 ألف شخص لم يمارسوا التمارين الرياضية، إن الأشخاص الذين مارسوا ثلاث نوبات من النشاط البدني القوي والسريع يوميا، استمرت كل منها مدة دقيقة إلى دقيقتين؛ انخفض لديهم خطر الوفاة بالسرطان بنسبة 38% إلى 40%، بالإضافة إلى انخفاض خطر الوفاة؛ بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 50% تقريبا.

لكن الفارق أن معظم هذه الأبحاث شملت أشخاصا يمارسون الرياضة مدة تزيد أو تقل عن 30 دقيقة يوميا تقريبا، ومن هنا تأتي أهمية هذه الدراسة لمن لا يمارسون الرياضة كثيرا، لكنهم يندفعون بسرعة للوصول إلى المصعد أو مترو الأنفاق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: خطر الإصابة بالسرطان التمارین الریاضیة النشاط البدنی من النشاط قد یکون

إقرأ أيضاً:

دراسة: أدوية إنقاص الوزن الجديدة قد ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالعمى

أظهرت دراسة حديثة أن الأشخاص الذي يستخدمون عقارات إنقاص الوزن الجديدة أوزمبيك (Ozempic) أو ويغوفي (Wegovy) أكثر عرضة للإصابة بنوع نادر من العمى، حسب شبكة "سي إن إن" الأميركية.

ومع ذلك يقول الأطباء إن هذا لا ينبغي أن يمنع المرضى من استخدام الأدوية التي تعرف بالاسم العلمي "سيماغلوتيد"، لعلاج مرض السكري أو السمنة.

وكشفت الدراسة التي اعتمدت على السجلات الطبية لأكثر من 6 سنوات للأشخاص المصابين بالسكري، ونشرت في مجلة "JAMA Ophthalmology"، أن هؤلاء الأشخاص كانوا أكثر عرضة للإصابة باعتلال العصب البصري الأمامي غير الشبكي بما يزيد عن 4 مرات إذا كانوا يتناولون دواء "سيماغلوتيد" بوصفة طبية.

فيما كان الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة بأكثر من 7 مرات إذا كانوا يتناولون العقار، وفق الدراسة.

تغييرات طفيفة "على الميزان".. لماذا لا تنجح أدوية إنقاص الوزن الشهيرة مع بعض الأشخاص؟ في الوقت الذي تحقق فيه الأدوية الشهيرة لفقدان الوزن التي تعرف باسم "GLP-1" نجاحا كبيرا، يظل هناك بعض الأشخاص الذين لا يفقدون الكثير من الوزن الزائد عند تناولهم لهذه الأدوية، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

ومع ذلك، لم تثبت الدراسة بشكل قاطع أن أدوية "السيماغلوتيد" تسبب التهاب العصب البصري الأمامي المعروف بـ"NAION".

والاعتلال العصبي البصري الأمامي لنقص التروية غير الشرياني، أو "NAION"، هو نوع من السكتة الدماغية في العين يسبب فقدانا مفاجئا للرؤية في إحدى العينين، وفق "سي إن إن".

وتعتبر هذه الحالة نادرة نسبيا، إذ قد يصاب بها 10 من كل 100 ألف شخص من السكان، لكن الأطباء في مركز "Mass Eye and Ear " بالولايات المتحدة، لاحظوا، الصيف الماضي، 3 حالات في أسبوع واحد، وكان كل من هؤلاء المرضى يتناول أدوية "السيماغلوتيد".

من جانبها، اعتبرت شركة "نوفو نورديسك" الدنماركية، المصنعة لأدوية "السيماغلوتيد" الوحيدة في الولايات المتحدة، أن البيانات الواردة في الدراسة الجديدة "ليست كافية لإثبات وجود علاقة سببية" بين استخدام الأدوية ومرض (NAION).

وكتب متحدث باسم الشركة في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى "سي إن إن": "سلامة المرضى هي الأولوية القصوى للشركة، ونأخذ جميع التقارير حول الأحداث السلبية الناجمة عن استخدام أدويتنا على محمل الجد".

ويُعد مرض الاعتلال العصبي (NAION) ثاني أكثر الأسباب شيوعا لعمى العصب البصري بعد الغلوكوما (الماء الأزرق)، وفق الشبكة، التي تقول إنه "رغم ذلك، تظل الحالات غير شائعة نسبيا".

احذر الآثار الجانبية.. ما هي مخاطر أدوية إنقاص الوزن؟ "الدوار، الغثيان، ضعف في الساقين، فقدان الشهية تماما لأسابيع" بعض الأعراض الجانبية التي عددتها صحيفة "واشنطن بوست"، ويعاني منها مرضى السمنة اللذين يتناولون أدوية إنقاص الوزن المنتشرة والتي أصبحت ظاهرة مجتمعية في العديد من الدول.

ونقلت الشبكة عن مدير قسم طب الأعصاب في مستشفى ماساتشوستس للعيون والأذن والأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، جوزيف ريزو، قوله: "لقد انتشر استخدام هذه الأدوية في مختلف البلدان الصناعية، وقدمت فوائد كبيرة للغاية في نواح كثيرة، لكن المناقشات المستقبلية بين المريض وطبيبه يجب أن تشمل مرض الاعتلال العصبي البصري، باعتباره خطرا محتملا".

وأضاف ريزو، وهو ضمن الباحثين المشاركين في إعداد الدراسة: "يجب النظر إلى نتائجنا على أنها مهمة ولكنها مؤقتة، حيث إن هناك حاجة إلى دراسات مستقبلية لفحص هذه الأسئلة في مجموعة سكانية أكبر وأكثر تنوعا".

ويتفق الخبراء على أن المخاطر المحتملة لمرض (NAION) لا ينبغي أن تمنع استخدام أدوية "السيماغلوتيد" لعلاج مرض السكري أو السمنة، وفق الشبكة.

وتقول طبيبة العيون في مستشفيات جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة، سوزان مولان: "في المشهد المتغير باستمرار للعلاجات، فإن اليقظة لارتباطات الأمراض الجديدة المحتملة هي واجب نتقاسمه جميعا نيابة عن المرضى".

لكن العدد الكبير من الأشخاص الذين يتناولون عقار "السيماغلوتيد"، من شأنه أن يزيد من الثقة في أن خطر الإصابة باعتلال العصب البصري قد يكون أمرا نادر الحدوث، حسب "سي إن إن".

مقالات مشابهة

  • أستاذ جراحة تجميل: التعرض لأشعة الشمس 10 دقائق يوميا يقوي عظام الأطفال
  • دراسة: أدوية إنقاص الوزن الجديدة قد ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالعمى
  • التوصل للسبب الأكثر شيوعًا للسرطان.. دراسات تجيب
  • السبب الأكثر شيوعا للسرطان
  • 3 أطعمة منتشرة تغذي السرطان
  • دراسة علمية.. وجبة إفطار بسيطة ورخيصة قد تقلل من خطر الإصابة بالسرطان والسكري بشكل كبير
  • احذروا.. هذه الأطعمة تزيد نسب الإصابة بالسرطان
  • كيف تحمي الدماغ من الأمراض من دون أدوية؟.. طبيبة أعصاب تكشف مفاجأة
  • 10 دقائق من الرياضة في اليوم تقوي دماغ الطفل بشكل أفضل
  • 3 أطعمة شائعة "تغذي" السرطان