تستعد وزارة الثقافة لتنظيم مهرجان ” طَرفَة بن العبد” خلال الفترة من 16 إلى 24 نوفمبر المقبل في مدينة الأحساء؛ والتي تهدف للتعريف بشخصية الشاعر، وسيرته الشعرية، وحياته، وأعماله الخالدة في ذاكرة الشعر العربي، وذلك ضمن مبادرة “مسار الشعر العربي” التي أطلقتها الوزارة في وقتٍ سابق احتفاءً برموز الشعر العربي، وبأهمية المعلقات السبع التي جسّدت عظمة اللغة العربية وجمالَها، وأبرزت جودة خصائصها البلاغية.


ويتضمن المهرجان حزمةً من الأنشطة والفعاليات الثقافية التي تقع ضمن مناطق متنوعة، والتي تسعى من خلالها الوزارة إلى تجسيد حياة الشاعر، وقصائده الشهيرة، حيث تأخذ الزائر في رحلةٍ ثقافية إبداعية بقوالب ثقافية مثرية، منها منطقة العرض المسرحي التي ستُقدم فيها مسرحية عن طرفة بن العبد، ومنطقة ” مسرح الشاعر “، حيث يشهد فيها الزائر مجموعة من الأمسيات الشعرية والندوات العلمية التي تناقش موضوعات مرتبطة بشعر وحياة طرفة بن العبد.
ويضم المهرجان كذلك منطقة ” المشاهد الأدائية ” التي تُقدم فيها مجموعةٌ من الفرق الموسيقية السعودية عروضاً حيّة، تتضمن عزف وغناء بعض من أشعار طرفة بن العبد، وكذلك منطقة الحرف اليدوية التي تضم مشغولاتٍ يدوية، وصناعاتٍ، ومِهَناً، وأعمالاً شعبية تُصنع باهتمامٍ على أيدي حرفيين وحرفيات من مدينة الأحساء، كما سيمر الزائر على مناطق السوق التي تقدم فعاليات متنوعة في جانبين؛ أولهما يشتمل على ورش عمل منها ورشة تعليم فن إلقاء الشعر، وورشة كتابة القصائد، وورشة عن تجسيد الشاعر في عيون الرسامين، في حين يحتوي الجانب الآخر على أنشطة تفاعلية أخرى.
وقد خَصص المهرجان منطقةً للأطفال تُركّز على مزج عنصــر التسلية بالتعليــم، وتعزيز المهارات الفنية الحسيّة للأطفال، ونقل الفنون التقليدية لهم بطريقةٍ مبسطة، بالإضافة إلى تقديم عددٍ من التجارب التعليمية، وتبدأ هذه المنطقة برحلة علمية ممتعة حيث يتنقـل الطفل من خلالها عبـر ممرات تحتوي على توجيهــات ومعلومــات عــن الشــاعر طَرْفَة بــن العبــد؛ لإيجاد الطريــق الصحيــح، والوصــول إلــى النهايــة، وركن الرسم والتلوين ليستلهم فيه الصغار رسوماتهم من عالم الشاعر، ثم يمرون بمسرح العرائس، وركن الراوي، وركن التصوير، وركن خاص بالخط العربي، إضافةً إلى تقديم ورشة في إلقاء الشعر؛ لتعليم الأطفال على أساسيات إلقاء القصائد، وفهم الأوزان الشعرية؛ لتعزيز ثقتهم، وطلاقتهم اللغوية أمام الجمهور.
كما جهّز المهرجان منطقة مخصصة للأكل المحلي لمدينة الأحساء، بحيث يتعرّف الزائر على المطبخ التقليدي المرتبط بتراث المنطقة الشرقية والأحساء تحديداً، وستتنوع الأطباق والأكلات، وتتسابق أسرار المطبخ التقليدي إلى الكشف عن أصالته وتنوعه، واعتماده على المكونات الرئيسية التي تزخر بها الأحساء مثل التمر والأرز الحساوي، إلى جانب الاستماع إلى بعض الروايات والحكايات من قِبل الطباخين حول هذا المطبخ ومميزاته.
ويُعد الشاعر طَرْفَة بن العبد واحداً من أجود شعراء ما قبل الإسلام، ويُدعى عمرو بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة البكري، وقد عُرف منذ صغره بحدة الذكاء ونقاء الذهن، إلّا أن حالة اليُتم وظلمَ أعمامه الذين سلبوه نصيبه من إرث أبيه جعله ينغمس في حياة الإهمال والتشرد والتمرد، حتى قُتل بسبب هجائه لعمرو بن هند وأخيه قابوس في سنٍّ يناهز السادسة والعشرين، وتبدأ مُعلّقته المشهورة بالبيت الشعري: لِخَولَةَ أطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدٍ … تَلُوحُ كَبَاقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ.
وتعود قصة سبب نظم معلَّقته إلى ما لَقِيَه من ابن عمه من سوء معاملة، والتقصير، والبخل، والالتواء عن المودة، وقد حملت معلقته فوائد تاريخية متعددة، وصوّرت جوانبَ واسعةً من أخلاق العرب الكريمة؛ لتُطْلِعَ الأجيال على ما كان للعرب من فطنةٍ ومَلاحةٍ وحِكمة، كما أن بعض النقاد يُفضّلون معلّقته على جميع الشعر في عصر ما قبل الإسلام لما فيها من الشعر الإنساني، والعواطف الجيّاشة، والثراء في معاني الحياة والموت، وجمال الوصف، وبراعة التشبيه، والشرح الوافي لأحوالِ نفسٍ شابة وقلبٍ متوثِّب.
يذكر أن وزارة الثقافة كانت قد أطلقت مبادرة “مسار الشعر العربي” لتحتفي من خلالها برموز الشعر العربي إيماناً منها بأهمية الشعر والشعراء في التاريخ الثقافي للمملكة، ورغبةً في إظهار إرثها الثقافي العريق، وإعادة تقديمه في قوالب إبداعية معاصرة عبر استخدام التقنية الحديثة، إلى جانب تمكين المواهب، واستثمار الطاقات الخلاّقة نحو تحقيق أهداف الوزارة في تعزيز الهوية الوطنية، وتحويل الثقافة إلى نمط حياة، وذلك لتوثيق الروابط التاريخية بين شُعراء العرب الأوائل، والمواقع الجغرافية المرتبطة بهم، وتفعيلها بما يُثري الحراك الثقافي والتراثي للمملكة.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية الشعر العربی التی ت

إقرأ أيضاً:

احتفالات ثقافية

احتفاءً بالتراث العريق والمستقبل المشرق، يعود مهرجان شتاء طنطورة ليكشف عن كنوز محافظة العُلا الثقافية من خلال تجارب غامرة، وعروض ترفيه عالمية المستوى، حيث يأخذ المهرجان ضيوف العُلا في رحلة لاستكشاف تاريخ المنطقة الفريد، وذلك اعتبارًا من الـ 19 ديسمبر الحالي، حتى الـ 11 من يناير 2025، حيث يتضمن المهرجان عروضًا فنية مستوحاة من التراث، إلى جانب فعاليات تحتفي بالحرف اليدوية التقليدية، لاستكشاف الثقافة السعودية وجمال الطبيعة المدهش. ويدعو مهرجان شتاء طنطورة زواره لاستكشاف روائع هذه المنطقة الاستثنائية، التي تحتضن تاريخًا عريقًا يروي قصص أقدم الحضارات، ويستلهم أهميته من تراث العُلا الغني، حيث كانت هذه الواحة ملتقى ثقافيًا وملاذًا للمسافرين عبر العصور، مسلطًا الضوء على الثقافة السعودية الأصيلة، وقطاع الترفيه الذي يشهد نموًا ملحوظًا وازدهارًا مستمرًا.

مقالات مشابهة

  • غداً.. ثقافة القليوبية تطلق مهرجان «فنون القناطر الخيرية»
  • مهرجان المسرح العربي يعلن أعضاء لجنة تحكيم دورته الأربعين
  • وزارة الثقافة تفتح أبواب فعالية “بين ثقافتين” للاحتفاء بثقافة العراق.. غداً
  • تعرف على المشاكل والأضرار التي يسببها فرد الشعر بالحناء
  • أجواء التحدي والإثارة تجذب زوار مهرجان ليوا الدولي
  • الأدب الشعبي.. مرآة الثقافة والتراث
  • الأربعاء.. اتحاد كتاب مصر ينظم ندوة "اللغة العربية في عيون أبنائها"
  • “إثراء” يعلن الأعمال الفنية الفائزة بجائزة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي
  • فلسطين في الشعر العربي القديم
  • احتفالات ثقافية