ثَمّن سياسيون وخبراء الجهود الكبيرة التى يبذلها الرئيس عبدالفتاح السيسى، لحل القضية الفلسطينية، والتأكيد على عدم السماح بتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم وضرورة مجابهة الوضع الإنسانى المتردى داخل قطاع غزة، فضلاً عن إدانة استهداف المدنيين من الجانبين وضرورة تجنب الاجتياح البرى والتواصل مع قادة وزعماء العالم، آخرهم الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، الذى شدد على إيجابية التعاون الدبلوماسى مع مصر لمجابهة القضايا الملحة.

وقال النائب أحمد فؤاد أباظة، رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، إن الجميع يتفق على أن ما قام به الرئيس السيسى بشأن القضية الفلسطينية إنجاز تاريخى يسجله التاريخ، وكل خطوة للرئيس تضع مصر فى المقام الأول بين الدول الكبرى على كل المستويات سواء الأوروبية أو العربية.

وأضاف لـ«الوطن» أن رسائل السيسى خلال المؤتمر الصحفى مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، تضمنت الحفاظ على الدولة الفلسطينية وأرضها ومقتضيات شعبها، والرفض التام للتهجير القسرى للشعب الفلسطينى من غزة، تأكيداً على موقف مصر الثابت بأن هذا الأمر ينهى القضية الفلسطينية تماماً، فضلاً عن تمسك مصر بحقوق الشعب الفلسطينى على أكمل وجه والحفاظ على أرضه.

وأشار إلى اعتراف المجتمع الدولى بمحورية الدور المصرى، وحرص قادة وزعماء العالم على التواصل مع مصر وزيارتها تأكيداً على دورها المحورى والتاريخى فى القضية الفلسطينية، مؤكداً أن الشعب المصرى لا يفكر فى أوضاع اقتصادية أو غلاء أو غيره، وأصبح الجميع الآن ملتفاً حول الرئيس لحل الأزمة الفلسطينية.

وقال: «أنا بنقل رؤية المواطن المصرى البسيط اللى أنا قاعد معاه على طول بعيداً عن النخبة»، وأوضح أن الشعب المصرى قيادة وشعباً، يرفض بشكل قاطع تلك الهجمة التتارية التى لم تحدث فى التاريخ، فهذه إبادة جماعية للإنسانية من رجال ونساء وأطفال وشيوخ.

«السادات»: القمة المصرية الفرنسية أكدت أهمية التعاون الدبلوماسى مع مصر لمجابهة كافة القضايا فى المنطقة

وقال الدكتور عفت السادات، وكيل لجنة العلاقات الخارجية، إن القمة الفرنسية المصرية التى عُقدت بالقاهرة بين الرئيس عبدالفتاح السيسى، والفرنسى إيمانويل ماكرون، أكدت أهمية التعاون الدبلوماسى مع مصر لمجابهة كافة القضايا بالمنطقة، خاصة بعد أن سبقها زيارة لوزير الخارجية الأمريكى والمستشار الألمانى.

وأوضح أن المناقشات التى تناولتها القمة المصرية الفرنسية تضمنت ضرورة العمل على وقف إطلاق النار ومنع الاجتياح البرى للأراضى الفلسطينية وسرعة إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة عبر معبر رفح البرى ومعالجة المصابين الفلسطينيين، كما تضمنت المناقشات خلق حلول جذرية للقضية الفلسطينية تحقق المطالب المشروعة للشعب الفلسطينى فى إقامة دولة فلسطينية ومنح الفلسطينيين كامل حقوقهم وعدم وأد القضية أو تصفيتها على حساب دول الجوار.

وبسؤاله عن حرص دول العالم على التواصل الدبلوماسى مع مصر، قال وكيل «خارجية الشيوخ»، إن القيادة السياسية استطاعت خلال السنوات الأخيرة أن تعزز شبكة العلاقات الخارجية المصرية بمختلف دول العالم، الأمر الذى انعكس على مكانتها المستحقة بين دول العالم ولمسنا ذلك فى حرص معظم دول العالم على الاستماع للموقف المصرى واستجابتهم العاجلة لقمة السلام التى انعقدت خلال الفترة الماضية.

وكشف الدكتور جمال سلامة، عميد كلية العلوم السياسية بجامعة السويس، أن كلمة السيسى خلال القمة التى عُقدت مع نظيره ماكرون، شملت الحديث عن الثوابت المصرية فى معالجة القضية الفلسطينية، وعلى رأسها عدم السماح بتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم وما يعنيه ذلك من تصفية القضية وضرورة مجابهة الوضع الإنسانى المتردى داخل قطاع غزة، وإدانة استهداف المدنيين من الجانبين وضرورة تجنب الاجتياح البرى، بالإضافة إلى الحديث عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة، واتفاق ماكرون مع هذه الثوابت التى حددها الرئيس، يؤكد أنه يسعى لحل عادل وسلمى للنزاع القائم.

وأضاف «سلامة» أن مصر تتبنى القضية الفلسطينية منذ القدم حتى هذا اليوم، ولا نستطيع الحديث عن قضية فلسطين دون أن نضع مصر فى جملة مفيدة، وخاصة فى ظل الأزمة الحالية، إذ إن أنظار العالم تتجه إلى الدور المحورى الذى تقوم به مصر.

ولفت إلى حرص قادة وزعماء العالم على التواصل مع مصر وزيارتها، ورغبة الرئيس الفرنسى فى العمل مع الرئيس السيسى، لإعداد خطة سلام كبيرة وشاملة لدعم مسار الحل الجذرى للقضية الفلسطينية عبر المفاوضات، فضلاً عن قناعة الرئيس الفرنسى بإيجابية التعاون الدبلوماسى مع مصر لمجابهة القضايا الملحة وضربه مثلاً لذلك بالتعاون مع مصر فى الملف الليبى، كل ذلك يؤكد أن المجتمع الدولى يعى جيداً دور مصر المحورى فى المنطقة العربية، وخاصة فى ظل الظروف الحالية.

وبيّنت النائبة هند رشاد، أمين سر لجنة الإعلام بمجلس النواب، أن القمة المصرية الفرنسية تؤكد موقف مصر الراسخ والثابت لدعم القضية الفلسطينية، ورفض تصفية القضية دون حل عادل، موضحة فى بيان أنّ الرئيس السيسى أكد رفض تهجير الفلسطينيين أو حل القضية على حساب دول الجوار، علاوة على أن أمن مصر القومى خط أحمر: «كلمة الرئيس السيسى خلال المؤتمر الصحفى قاطعة وحاسمة برفض مصر لخطة الاحتلال الإسرائيلى لاجتياح قطاع غزة برياً».

وأشارت إلى أن إعلان الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون عن السماح بدخول سفينة تعمل كمستشفى لتقديم الخدمة الطبية لمن يحتاجها من المصابين الفلسطينيين، بمثابة تكليل لجهود الدولة المصرية فى تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة.

وأكد عماد فؤاد، مساعد رئيس حزب التجمع، أن زيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لمصر فى هذا التوقيت، وفى ظل التصعيد الإسرائيلى على غزة، تؤكد تقدير العالم، وفى القلب منه الأطراف الدولية الفاعلة بمحورية الدور المصرى، فى القضايا المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مضيفا أن القمة المصرية الفرنسية بين الرئيسين «السيسى» و«ماكرون» وضعت العالم أمام مسئولياته لوقف المجازر الإسرائيلية فى غزة، والتصدى لمخطط تصفية القضية الفلسطينية بتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: وزراء الخارجية العرب التهجير القسرى القضية الفلسطينية قطاع غزة معبر رفح القمة المصریة الفرنسیة القضیة الفلسطینیة الرئیس الفرنسى الرئیس السیسى العالم على دول العالم مصر فى

إقرأ أيضاً:

هل سويسرا محايدة حقا تجاه القضية الفلسطينية؟

في أعقاب الحروب النابليونية التي عصفت بأوروبا، اجتمع القادة الأوروبيون في مؤتمر كبير في فيينا عام 1815، وتقرر جعل سويسرا منطقة محايدة عازلة بين النمسا وفرنسا، ومن حينها عرفت البلد بحيادها تجاه القضايا الخارجية.

وحافظت سويسرا إلى حد كبير على سياسة الحياد خلال الكثير من الأحداث العالمية المعاصرة وخصوصا الحربين العالميتين بل دفعها حيادها إلى عدم الانخراط في التكتلات الأوروبية، فهي ليست حتى الساعة عضوا في الاتحاد الأوروبي ولا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) ولم تنضم للأمم المتحدة إلا في عام 2002.

لكن حياد سويسرا يتعرض دائما لاختبار حقيقي عندما يتعلق الأمر بإسرائيل والقضية الفلسطينية، بل إن هذا الحياد يكاد يصبح من الماضي إزاء الحرب العدوانية التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة.

فقد ارتبط اسم البلد مبكرا بالصراع في الشرق الأوسط، حيث احتضنت المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في بازل في أغسطس/آب 1897 والذي مثل النواة الأولى لعمليات تهجير اليهود إلى فلسطين تمهيدا لإقامة الكيان الإسرائيلي.

وبعد أسبوع من انعقاد ذلك المؤتمر، كتب صاحب مبادرة إنشاء المنظمة الصهيونية العالمية ورئيس المؤتمر ثيودور هرتزل "في بازل أسّستُ الدولة اليهودية".

لكن سويسرا، بحسب دراسة للباحثين إيف شتاينر وساشا زالا بعنوان "سويسرا والصراع العربي الإسرائيلي"، ظلت تعلن على مدى تاريخ هذا الصراع تمسكها بسياسة متوازنة تجمع بين الحياد والالتزام الإنساني ودعم قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقضايا الشرق الأوسط. فهل كانت حقا محايدة تجاه القضية الفلسطينية؟

محطات تاريخية في علاقة سويسرا بالقضية الفلسطينية: في عام 1927 أنشأت سويسرا قنصلية لها في يافا التي كانت آنذاك مدينة فلسطينية ذات أغلبية عربية. بعد الحرب العالمية الثانية، ازدهرت العلاقات الاقتصادية والقنصلية بين سويسرا وفلسطين تحت الانتداب البريطاني مع إنشاء غرفة التجارة السويسرية الفلسطينية. بعد قرار الأمم المتحدة تقسيم فلسطين وإعلان قيام الكيان الإسرائيلي عام 1948 أرجأت الحكومة الفدرالية السويسرية اعترافها بالكيان الجديد، تجنّبا -حسب الدراسة المذكورة أعلاه- لتصنيفها منحازة إلى أحد طرفي الصراع. بعد توقيع اتفاقيات الهدنة التي أوقفت حرب 48 بين العرب والإسرائيليين، منحت سويسرا كلا من إسرائيل والأردن اعترافها الرسمي في يناير/كانون الثاني 1949. في عام 1956، تولت سويسرا نقل قوات حفظ السلام بواسطة الخطوط الجوية السويسرية إلى مصر وتحديدا منطقة قناة السويس وشبه جزيرة سيناء وقطاع غزة. في عام 1964، وقعت سويسرا وإسرائيل اتفاقية إلغاء التأشيرة وهذا مكّن من زيارة العديد من الشخصيات الإسرائيلية إلى سويسرا، وتطوير العلاقات التجارية بين الطرفين. بعد حرب 1967 دعمت سويسرا بعثة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة "إينيتسو"، فوفرت طائرات وساهمت في الإشراف على تبادل أسرى الحرب. بعد حرب 1973 تعرض حياد سويسرا لاختبار جديد حيث أبدت تعاطفها مع إسرائيل، وأوقفت دعمها المالي لليونسكو في أعقاب قرارات لتلك المنظمة الدولية أزعجت إسرائيل، لكن صحيفة تايم لاين السويسرية أرجعت ذلك الموقف إلى تأثر سويسرا حينها بهجمات نفذها مسلحون فلسطينيون على الأراضي السويسرية ضد أهداف إسرائيلية. ياسر عرفات أثناء مبادرة جنيف في سويسرا 2012 (الفرنسية) في نفس الفترة تحدثت مصادر صحيفة عن اتفاق سري بين سويسرا ومنظمة التحرير الفلسطينية وقعه بيير غرابر وفاروق القدومي يقضي بتقديم سويسرا الدعم الدبلوماسي للمنظمة مقابل ضمانات بعدم شنّ هجمات فلسطينية ضد المصالح الإسرائيلية على الأراضي السويسرية. في عام 1975، كان افتتاح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في جنيف. في عام 1979 دعمت سويسرا قرارات الأمم المتحدة التي تعتبر أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية ليست لها أي شرعية قانونية. تزامنا مع مفاوضات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، كونت سويسرا مجموعة من الدبلوماسيين مختصة في الصراع في الشرق الأوسط. في أكتوبر/تشرين الثاني 2003 أطلقت سويسرا "مبادرة جنيف" التي أشرف عليها الدبلوماسي السويسري ألكسيس كيلر وتضمنت مقترح اتفاق سلام يتناول قضايا الصراع الرئيسة (القدس، واللاجئون الفلسطينيون، وترسيم الحدود)، وتم التوقيع عليه من قبل شخصيات أكاديمية إسرائيلية وفلسطينية لكنها لا تمثل الجهات الرسمية، ورغم الدعم الدولي، ظلت تلك المبادرة تراوح مكانها من دون أن تحقق خرقا في مواقف الأطراف. بعد فوز حماس بالانتخابات البرلمانية الفلسطينية في 2006، ظلت سويسرا على تواصل معها، حتى إن وفدا من حماس زار سويسرا عام 2012 لحضور جلسة للاتحاد البرلماني الدولي، ومقرّه جنيف، كما حضر الوفد مؤتمرا جامعيا حول غزة بعنوان "غزّة.. حتى لا ننسى". خلال الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة من 2008 إلى 2021، كان موقف سويسرا هو تقديم المساعدات الإنسانية والدعوة إلى وقف إطلاق النار، وامتنعت سويسرا تاريخيا عن تصنيف حماس منظمةً إرهابية. مشير المصري ترأس وفد حركة حماس الذي زار سويسرا  2012 لحضور جلسة للاتحاد البرلماني الدولي (الأناضول – أرشيف) 7 أكتوبر والتخلي عن الحياد

يعتبر الباحث فيليب بوجلين -في مقال في صحيفة "لي تامب" السويسرية- أن سويسرا تخلت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الثاني 2023 عن حيادها وتقاليدها الإنسانية، إذ أعلنت نيتها حظر حماس وحجبت التمويل عن وكالة اللاجئين الفلسطينية (الأونروا).

ويرى الباحث أنه إن كان حصل شبه إجماع من الأطراف السياسية على إدانة هجوم حماس على إسرائيل والذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 إسرائيلي من بينهم اثنان يحملان الجنسية السويسرية، إلا أن هذا الإجماع النسبي تحطم بسرعة بسبب الرد الإسرائيلي الوحشي في غزة، والذي أسفر عن استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين معظمهم من الأطفال والنساء.

وفي صحيفة سلات الفرنسية يتساءل الباحث ليو بيير هل ما زالت سويسرا محايدة حقا على الساحة الدولية؟ إذ يعتبر أن البلد تمكنت بحيادها من لعب دور رائد في العديد من قضايا العالم، مثل دورها في توقيع اتفاقيات إيفيان بين فرنسا والجزائر عام 1962، وفي عملية إطلاق سراح الرهائن الذين احتجزتهم القوات الثورية الكولومبية (فارك)، وفي الوساطة بين تركيا وأرمينيا، إلا أن حياد سويسرا فضحه الصراع الروسي الأوكراني وفضحه بشكل أكبر الصراع في الشرق الأوسط.

ففي الحرب الإسرائيلية على غزة، لم تستطع سويسرا الخروج عن المواقف الغربية المشتركة مثل تعليق المساعدات للأونروا، وعدم الاعتراف بفلسطين؛ فعندما أتيحت فرصة التصويت لصالح انضمام فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة في العاشر من مايو/أيار 2024، فضلت سويسرا الامتناع عن التصويت.

وفي وقت تتزايد فيه الدعوات لوقف تزويد إسرائيل بالأسلحة يستمر التعاون العسكري بين سويسرا وإسرائيل وتتبادلان بيع المعدات العسكرية بعضهما البعض، حسب الباحث لييو بيير.

وفي ذات السياق، يرى أستاذ القانون الدولي الإنساني السويسري إيف ساندوز في مقال له أنه يجب على سويسرا إعادة التوازن إلى موقفها تجاه الصراع في الشرق الأوسط وأن تتصرف بموضوعية ونزاهة في الدفاع عن حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وأن تعمل على وقف الأعمال العدائية الجارية في غزة التي تسببت في معاناة لا توصف للسكان وانتهاك صارخ للقانون الدولي.

وأضاف ساندوز، أنه لا مراء في أن الهجوم الإسرائيلي على غزة يأتي في أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الذي وصفه بـ"المدان"، لكن أستاذ القانون الدولي الإنساني يرى أنه من الخطأ النظر إلى العدوان الإسرائيلي من زاوية الدفاع عن النفس، بل يجب اعتباره حلقة دموية من صراع لم يتوقف قط، وإنما ينفجر بوحشية على فترات منتظمة مثل بركان خامد.

ويخلص ساندوز أنه حتى لو نظرنا من زاوية الدفاع عن النفس، فإن الهجوم الإسرائيلي الحالي على غزة يتجاوز كل الحدود التي وضعها القانون الدولي.

قانون حظر حماس

في سبتمبر/أيلول 2024، أقرت الحكومة السويسرية مشروع قانون يقضي بحظر حركة حماس ويعتبرها منظمة إرهابية، كما يحظر القانون كل المنظمات والجماعات التي تعمل نيابة عن حماس أو باسمها.

ويأتي إقرار القانون استجابة لعريضة وقعها برلمانيون ورؤساء أحزاب ومنظمات سويسرية موالية لإسرائيل تطالب بتصنيف حماس منظمة إرهابية، وتعتبر أن احتفاظ سويسرا باتصالات مع منظمة تهدف إلى تدمير "دولة ذات سيادة" أمر مزعج إلى أقصى حد ويضر بالسياسة الخارجية لسويسرا.

ورأت هذه الشخصيات السويسرية أن إلقاء نظرة على ميثاق حماس يكفي للتأكيد على أن أهدافها تتطابق من حيث المبدأ مع أهداف تنظيم الدولة الإسلامية "الله مرتكزها، والنبي قدوتها، والقرآن دستورها، والجهاد سبيلها والموت في سبيل الله أغلى أمانيها".

وتضيف هذه الشخصيات أن حماس صنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى -بما فيها حتى دول عربية وإسلامية- على أنها "جماعة إرهابية، فكيف لا تفعلها سويسرا؟".

ووفقا للقانون الجديد الذي نشرت الصحف السويسرية بعض فقراته، فإن حركة حماس هي منظمة فلسطينية إسلامية تتألف من جناح سياسي وجناح مسلح تأسست بعد اندلاع الانتفاضة عام 1987 على يد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وحصلت حماس على أغلبية أصوات الفلسطينيين في الانتخابات التي أجريت في مناطق الحكم الذاتي عام 2006.

وفسر القانون ذلك النجاح بتنامي "التطرف" نتيجة استمرار الصراع في الشرق الأوسط لعقود من الزمن من دون حل، إضافة إلى ما وصفه بالالتزام الاجتماعي الذي ميز حماس في مقابل الفساد المستشري في حركة فتح.

وزعم القانون الجديد أن الميثاق التأسيسي لحركة حماس يدعو إلى قتل اليهود وتدمير دولة إسرائيل، كما ترفض حماس اتفاقات أوسلو وتعتبرها خيانة.

وإن كان القانون أشار إلى أن حماس عدلت ميثاقها عام 2017 بأن خففت موقفها تجاه إسرائيل، وتحدثت عن قبولها فكرة إقامة الدولة الفلسطينية في حدود 1967، إلا أنه أوضح أن حماس ما تزال ترفض الاعتراف بإسرائيل وما زال قادتها يدعون إلى تدمير دولة إسرائيل.

والغريب أن القانون الذي يحظر حماس يؤكد أنه لا يحتمل في الوقت الحالي القيام بأي عمل إرهابي مخطط له من قبل حماس في سويسرا، وأنه ليس لدى جهاز المخابرات الفدرالية السويسرية أي معلومات تشير إلى أن حماس تمتلك الوسائل العملياتية لتنفيذ هجمات في سويسرا ولا في أوروبا كلها.

لكنه يضيف أن الوضع قد يتطور اعتمادا على الصراع، كما أن نقل أحداث الحرب الجارية عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في سويسرا، قد يؤدي إلى ما وصفه القانون بزيادة الأعمال المعادية للسامية في البلاد.

وكانت وزيرة العدل السويسرية إليزابيت شنايدر أوضحت في تصريح سابق أن إقرار قانون حظر أنشطة حركة حماس من شأنه أن يسهّل طرد من وصفتهم بالأشخاص "الخطرين" ويسرع الإجراءات الجنائية ضد "الإرهابيين المحتملين".

كاسيس أثار غضب الفلسطينيين عام 2018 بإعلانه أن وكالة الأونروا تشكل عقبة أمام السلام في الشرق الأوسط (غيتي)

وأضافت شنايدر أن الحكومة السويسرية تدرك أن حظر حركة ما يشكل اعتداء كبيرا على الحقوق الأساسية ويمكن أن يؤثر على مجال المناورة المتاح لسويسرا في السياسة الخارجية، غير أن الحكومة تعتبر مصالح الأمن الداخلي وضرورة مكافحة "تمويل الإرهاب" تعلو فوق الاعتبارات الأخرى.

اعتبر باحثون سويسريون أن حظر حماس خطأ كبير فهي لا تخضع لعقوبات من مجلس الأمن الدولي يمكن لسويسرا أن تستند إليها كما هو الحال مع تنظيمي القاعدة و"داعش".

ونقلت صحيفة "لا ليبرتي" السويسرية عن البروفيسور في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنموية في جنيف والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط ريكاردو بوكو أن سويسرا ترتكب "خطأ كبيرا وفادحا" بتصنيفها حركة حماس كمنظمة إرهابية، مضيفا أن مثل هذا الحظر سيقطع الحوار مع الفلسطينيين.

واعتبر بوكو أنه لا يفهم سبب رغبة سويسرا في اتخاذ موقف لصالح إسرائيل بعد أن كانت سويسرا الدولة المحايدة التي تعمل من أجل السلام في أحلك الظروف، مثلها في ذلك مثل النرويج التي ما تزال ترفض تصنيف حماس على قائمة الإرهاب.

ونقلت الصحيفة عن محللين سويسريين آخرين انتقادهم لسياسات وزير الخارجية الحالي إينياتسيو كاسيس، الذي يعتبرونه جزءا من مجموعة مؤثرة مؤيدة لإسرائيل، ويذكرون أنه كان قد أثار غضب الفلسطينيين عام 2018 بإعلانه أن وكالة الأونروا تشكل عقبة أمام السلام في الشرق الأوسط.

أخيرا يتفق أغلب الباحثين أن المواقف الجديدة لسويسرا المنحازة لإسرائيل مدفوعة بالتأثير المتنامي للاتجاه اليميني في البلاد، وأن هذه المواقف ستؤدي إلى تآكل القوة الناعمة لسويسرا في المنطقة والعالم ككل، تلك القوة التي كانت تعتمد على سياسة الحياد وتمكنت من خلالها من لعب أدوار مختلفة على الساحة الدولية.

مقالات مشابهة

  • عاجل - رئيس الكونغو برازفيل يشيد بدور السيسي المحوري في القضايا الإقليمية
  • حدث في 8 ساعات| السيسي يشيد بموقف إسبانيا إزاء القضية الفلسطينية.. والعمل تعلن عن 3 آلاف فرصة بـ8 محافظات
  • الرئيس السيسي يشيد بموقف إسبانيا العادل إزاء القضية الفلسطينية
  • هل سويسرا محايدة حقا تجاه القضية الفلسطينية؟
  • السيسي يشيد بموقف إسبانيا العادل إزاء القضية الفلسطينية
  • عاجل.. الرئيس السيسي يشيد بموقف إسبانيا العادل إزاء القضية الفلسطينية
  • الرئيس السيسي يشيد بموقف إسبانيا العادل تجاه القضية الفلسطينية
  • الرئيس السيسى خلال اجتماعه مع رجال القوات المسلحة: أنتم خط الدفاع الأول
  • الحرب في السودان: تعزيز فرص الحل السياسي في ظل فشل المجتمع الدولي
  • تقرير البنك الدولي بشأن الدور المحوري للقطاع المصرفي في تمويل الأنشطة المناخية