فى شتاء عام 2022، وصفت الولايات المتحدة القصف الروسى على إحدى المدن الأوكرانية بـ«الإبادة الجماعية»، لكنها لم تصف القصف الإسرائيلى، الأشد فتكاً، على غزة بالوصف نفسه.

«دفاعاً عن النفس».. هكذا كان العنوان الأمريكى لأفعال إسرائيل الإجرامية فى غزة، وآخرها قصف المستشفيات والملاجئ وتدمير المنازل فوق رؤوس أصحابها، وقبلها قررت واشنطن أن تُخرج لسانها للعرب وأرسلت دعماً فورياً لوجيستياً، إذ أمر لويد أوستن، وزير الدفاع، حاملة الطائرات العملاقة، جيرالد فورد بالتوجه إلى مياه المتوسط ثم ألحق بها بارجة عملاقة.

إسرائيل تحشد حالياً للاجتياح البرى لغزة، فماذا لو لم يؤتِ هذا الاجتياح بالثمار المرجوة؟ وتكبدت «تل أبيب» خسائر لم تستطع إخفاءها قد تصل إلى 2000 أو 3000 قتيل؟

قناصة حماس على أبواب القطاع فى انتظار العدو الذى قد لا يجيد حرب الشوارع، فهذه المرة غير كل مرة، وتخوفات العسكريين الإسرائيليين فى محلها، أحد القادة المتقاعدين قال: إن الاجتياح البرى مغامرة.. قد نفقد خلالها 5000 مقاتل، وقد يخسر الفلسطينيون فى المقابل 100 ألف مدنى، فهل نحن والعالم جاهزون لذلك؟

إشعال حرب إقليمية فى المنطقة، أو كما يصفه البعض بـ«سيناريو يوم القيامة»، هو ما تخشاه الولايات المتحدة، ومشاركة إسرائيل فى حربها ضد العرب، إن اندلعت الحرب، أمر يبدو مستحيلاً، ولم يحدث من قبل، فتحميل الطائرات المدنية بأطنان من الأسلحة، كما فعل «نيكسون» أثناء حرب أكتوبر، هو أقصى ما يمكن أن تحصل عليه الدولة العبرية.

كما أن الولايات المتحدة تنتظرها انتخابات رئاسية العام المقبل، والرئيس بايدن أعلن ترشحه لخوض المنافسة، لكنه لا يريد مفاجآت قد تعصف به خارج البيت الأبيض، وبحزبه الديمقراطى خارج الكونجرس، ومحاولاته الدؤوبة إلصاق التهم بسلفه دونالد ترامب لم تفلح حتى الآن فى إدانته، وإقصائه من مضمار السباق الرئاسى.

صحيفة «ديلى ميل» البريطانية قالت إن إسرائيل إذا قررت اجتياح غزة فستواجه أنفاقاً يبلغ طولها حوالى 500 كيلو بعمق 13 متراً تحت سطح الأرض، مجهزة بـ«أفخاخ متفجرة». وأضافت أن الاستعداد للقتال فى مثل هذه التضاريس يتطلب معلومات استخباراتية واسعة ودقيقة ربما لا يملكها الإسرائيليون حالياً.

المرشد الإيرانى، على خامنئى قال الأسبوع الماضى، للمرة الأولى، إن إيران يجب أن تتدخل فى الصراع بالشرق الأوسط، وحزب الله مستمر فى (التحرش) بالجنود الإسرائيليين على الحدود اللبنانية، لكن التحرش قد يتطور إلى اشتباك، والتراشق إلى قصف، والتلاسن إلى هجوم، وتتسع رقعة الحرب وتدفع الولايات المتحدة، بالـ2000 جندى لإنقاذ إسرائيل كما وعدت.

لكن لبنان رسمياً، الذى يعانى من الشغور الرئاسى منذ أكثر من 8 أشهر، لا يريد أن يسدد فاتورة الحرب، وأن يُستهدف من قذائف البوارج الأمريكية الراسية قبالة سواحله فى حوض المتوسط، ولا يريد مواجهة مع إسرائيل التى أُهدرت كرامتها، ما دفعها لقصف غزة بعشوائية ظناً أن هذا القصف قد يعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل فجر 7 أكتوبر.

فى إسرائيل ثمة مَن يهاجم القيادات العسكرية والسياسية، خاصة الاستخباراتية، لأنها أخفقت فى أداء مهامها ما سهّل من مهمة عناصر حماس فى اقتحام المدن والمستوطنات وتنفيذ عملية نوعية أسقطت هيبة الدولة إلى الأبد، ما يتطلب إجراء عملية تطهير موسعة فى الأجهزة العسكرية والسياسية، قد تطال رئيس الوزراء نفسه، الذى قد يعمد إلى إشعال المنطقة بحرب إقليمية طويلة الأمد للحفاظ ما تبقى من ماء وجهه، وهو ما تشير إليه، حتى الآن، محددات القرار الإسرائيلى.

نجاح الوسطاء، وعلى رأسهم مصر، فى وقف الحرب هو البديل الحقيقى لـ«سيناريو يوم القيامة»، الذى يرغب فيه بنيامين نتنياهو لإنقاذ مستقبله السياسى، لكن الموقف المصرى الصلب يحتاج إلى الدعم العربى، وليس إلى بيانات الشجب، ولا الشاحنات المحملة بالمساعدات، بل يحتاج إلى المساندة والدعم القويين لمواجهة أخطر أزمة تواجه المنطقة منذ حرب أكتوبر عام 1973.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مصر الولايات المتحدة الأمريكية روسيا إسرائيل الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

خالد ميري يكتب: ماذا يريد نتنياهو؟!

ميل جيبسون تعرّض لحادث ليتعلم كيف تفكر النساء فى فيلمه الشهير «ماذا تريد النساء؟»، لكن الحقيقة أنه لا أحد فى العالم بأكمله يحتاج إلى حادث لمعرفة ماذا يريد رئيس وزراء دولة الاحتلال نتنياهو؟.. فالرجل يريد جر المنطقة بأكملها إلى حرب قاتلة، حتى لو كانت الشرارة لحرب عالمية ثالثة.

الرجل القاتل مجرم الحرب غاص مع جنوده فى جثث الأبرياء بقطاع غزة ليقتلوا ما يزيد على 40 ألف إنسان نصفهم على الأقل من النساء والأطفال الذين لا علاقة لهم بالحرب.. وأصابوا ما يقترب من 100 ألف برىء.. لكنهم فشلوا رغم كل ذلك فى تحقيق أهداف جريمتهم المعلنة، فلا قضوا على حماس والمقاومة ولا أعادوا أسراهم إلى أحضان أسرهم، فشل ذريع لم تسكت بعده بنادقهم، لكنها ما زالت تحصد أرواح الأبرياء بجنون فى جريمة قتل تحت سمع وبصر العالم بأكمله.

وعندما نال منه الفشل فى غزة لم يجد أمامه سوى القفز إلى هاوية الأمام، بشن حربه المجنونة على لبنان الشقيق والتصعيد غير المسبوق ضد الأشقاء فى الضفة المحتلة والقدس الشريف.

ومنذ اغتيال إسماعيل هنية فى قلب طهران، وهو يواصل استفزاز إيران علانية وإلقاء قفاز التحدى فى وجهها عله ينجح فى جرها لحربه الإقليمية الواسعة لتطال النيران الجميع.. وأمام الأمم المتحدة وقف يهذى ويُكرّر أكاذيبه التى نطقها ببجاحة قبل ذلك أمام الكونجرس.

الرجل ظل يكذب ويكذب حتى عرف القاصى والدانى أنه كذّاب.. هو لا يريد نهاية للحرب، بل يدفع باتجاه توسيعها ويعطل محاولات أمريكا وفرنسا والدول العربية لهدنة ثلاثة أسابيع مع لبنان.. ويستعد لغزو لبنان برياً بحجة القضاء على حزب الله، بينما هو يقتل نساء وأطفال لبنان تماماً كما فعل ويفعل فى غزة.

أمريكا ما زالت تُرسل إليه أموالها ساخنة وأسلحتها طازجة وأساطيلها تحميه، شراكة فى الجريمة وغطاء عسكرى وسياسى يمنحه القوة ليستمر فى جرائمه.. هو لن يتوقف حتى مع انتهاء الانتخابات الأمريكية ومعرفة سيد البيت الأبيض الجديد.. الرجل يخاف أن يتوقف فتتم إزاحته عن السلطة، بل ومحاكمته وحبسه، فهو ليس مجرم حرب فقط، ولكنه لص وسارق للأموال والأعراض.

نتنياهو منذ البداية كان يريد استغلال أحداث ٧ أكتوبر للقضاء على القضية الفلسطينية تماماً وترحيل الفلسطينيين قسراً إلى مصر والأردن، لكن فشله كان ذريعاً وموقف مصر كان فى وضوح الشمس، وهو لا يريد أن يختبر قوتنا فهو يعرفها جيداً، فشل فى تحقيق حلمه المريض فراح يُكثّف عدوانه على القدس والضفة الغربية مع استمرار جرائمه وجيشه فوق أرض غزة الباسلة، وعندما أيقن أنه لا يمسك إلا السراب التفت إلى لبنان ليحاول إحراقه وليُحوّل جنته الخضراء إلى رماد.

نتنياهو أفشل كل المحاولات للوصول إلى هدنة ووقف الحرب فى غزة رغم أنه كان سيستعيد أسراه، بل كرر قتل أعداد منهم برصاص جنوده، والآن تلتفت آلة حربه إلى لبنان ويريد من خلفها طهران.

المجنون يتصور دوماً قدرته على التحكم فى عجلة التاريخ وكتابة سطوره، والغبى يتصور دوماً قدرته على تغيير التاريخ والتحكم فى فصوله.. ونتنياهو مثال واضح للجنون والغباء والدعم الأمريكى الأعمى له فى موسم انتخابات مشتعلة يمنحه الطاقة ليستمر دون حساب أو عقاب.

يريد نتنياهو حربه التى يتخيل بجنونه وغبائه أنه سيكتب بها تاريخاً جديداً وسيعيد رسم خريطة الشرق الأوسط كما يتمناها هو وكل صهيونى متطرّف، وواضح أنه ما تتمناه أيضاً قوى الاستعمار القديم الحديث، فشلوا فى فرض خريفهم على الواقع العربى الشرق أوسطى فتركوا ابنهم المجنون يعربد حرباً، فربما يرسم خريطة المنطقة كما يريدون.

التاريخ يقول إن لورد الحرب الجديد لن يحصد سوى الفشل، ومصيره داخل جدران السجون ومكانه مزبلة التاريخ.. النازى الجديد ستتحول أحلامه الرعناء إلى قبضة تراب، وخياله المريض سيقوده إلى نهايته الحتمية.

فشل نتنياهو وستتواصل قصة فشله، ودماء الأبرياء والنساء والأطفال ستلاحقه فى نومه وصحوه حتى نهايته القريبة.

 عاشق الزمالك:

مبروك لنادى الزمالك الفوز بالسوبر الأفريقى.. مبروك للاعبين آمنوا بحلمهم وقاتلوا من أجله فوق أرض الملعب، ولجوميز المدرب القدير الذى عرف كيف يكسب بطولة كانت كل الترشيحات تضعه وفريقه خارجها.. مبروك لمجلس الإدارة وللجمهور العريض الذى يستحق النصر والاحتفال ويساند فريقه فى كل الأوقات، ومبروك لعاشق الزمالك ممدوح عباس، رئيس النادى السابق.. الرجل بعيداً عن المناصب يضع خبرته وقدراته لدعم النادى دون انتظار مقابل، العشق بالأفعال لا بالكلام.. الحب الذى يدفعه لتمويل صفقات ناجحة، ولأن يعرض الذهاب مع زوجته لأسرة ضحية حادث أحمد فتوح لتقديم العزاء والتصالح.. الزمالك كيان كبير، وممدوح عباس عاشق كبير للنادى وجماهيره.. والفرحة حلوة مافيش كلام.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة ستنسق الرد على الهجمات الصاروخية الإيرانية مع إسرائيل
  • تعرف على تطورات الأوضاع في لبنان بعد الاجتياح البري لقوات الاحتلال الإسرائيلي.. إيران ترد على مقتل "هنية ونصر الله" بأكثر من 100 صاروخ.. بايدن يعلن استعداده لمساندة الصهاينة
  • الأمم المتحدة تحذر إسرائيل من عواقب الاجتياح البري في لبنان
  • بعد الاجتياح البري الإسرائيلي لجنوب لبنان.. ماذا حدث عام 2006؟
  • دول تتحرك لإجلاء رعاياها من لبنان مع بدء الاجتياح العسكري البري الإسرائيلي
  • عمرو خليل: إسرائيل أشعلت كل الجبهات من غزة إلى العراق
  • خارجية فرنسا: على إسرائيل تجنب الاجتياح البري في لبنان
  • بعد اغتيال نصر الله.. إسرائيل تتجه لخطوة الاجتياح البري في لبنان
  • أشرف غريب يكتب: الإسكندرية تنتظر مهرجانها
  • خالد ميري يكتب: ماذا يريد نتنياهو؟!