بوابة الوفد:
2024-12-26@01:21:46 GMT

لمَ لمْ نتوحد؟!

تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT

قلة افتقار العربى المسلم إلى فهم غريزة التوحيد، لم تجعله يتمكن فى ذاته أن يُفعِّل هذه الغريزة على المستوى العقلى والثقافى ولا على المستوى العملى التطبيقى، غير أنه ينكص على عقبيه، ويعودُ أدراجه مستغرقاً فى التجزيئية المُفرطة، ولم يهيئه توحيده الفطري؛ لأن يجرى عليه ممارسته العملية والواقعية؛ فأضحى تدينه فى كفة، ونشاطه الفكرى والثقافى والعملى فى كفة أخرى، فجاءت عقليته عقلية فصل ومباعدة لا ربط فيها ولا توحُّد بين أجزائها، وليس بمقدورها أن تصل إلى الوحدة التى هى غريزتها الأصيلة المفطورة عليها.

 

لكأنما العربى لم يستطع أن يفهم: ماذا عَسَاها تكون فطرة الوحدانية؟ لكأنه لم يستطع بعدُ، لأجل تدينه الساذج البسيط، أن يكوِّن لديه رؤية موحَّدة، يجريها على الواقع الفكرى والنظري, تماماً كما يجريها على الواقع الفعلى والتطبيقى، كما هى مُقررة قبلاً فى الواقع الدينى بالفعل, إذْ إن فكرة الرؤية الموحدة تلك، إنما هى فكرة دينية بالأساس، وليس للعقل فضل فيها إلا فضل الشرح والتحليل، ثم ما معنى أن تكون متديناً بدين التوحيد الذى فطرت عليه تمارسه شكلاً دون أنْ تجريه واقعاً فكرياً وثقافياً ومعنوياً وروحياً؛ ليكون هو عينه مجرى التجربة على المستوى الفعلى والتطبيقى؟

إنما العائق الوحيد أمام العقل العربى يبدو ظاهراً جلياً فى قلة الفهم أو عدمه لفطرة التوحيد، وتعطيل فاعلية الوحدة على صعيد الممارسة السلوكية، ونبذ قوتها واستبدالها بضعف الفرقة والخلاف والتشتت الدائم والاستغراق فى التفاصيل والجزئيات؛ لتجىء التجزيئية هى العاملة فى واقع أسود مُغرق فى المحدودية النظرية والعملية، الأمر الذى يجعل الباحث يشك كثيراً فى أمته العربية والإسلامية: هل هذه بالفعل، والحال كما ترى، أمة تدين بالتوحيد عقيدة وعلماً ونظراً وسلوكاً وممارسة وتطبيقاً؟!

وهى إذا كانت تدين بالتوحيد فعلاً وتقريراً وواقعاً وتفصيلاً، فلماذا عزلته عن واقعاتها الحياتية، فلم يسفر إلا عن فرقة وشتات: عزلته عن الواقع الفكرى، فلم تستطع أن تتخذه أساساً لمنطلقاتها النظرية، وعزلته عن الواقع الفعلى، فلم تتحقق من مجرياته التطبيقية، ولم يؤثر قيد أنملة فى وقائع تلك المجريات، وعزلته مرة ثالثة عن الواقع الدينى، فأنتج واقع الأمة التى تدين بعقيدة التوحيد شكلاً ينقصه المضمون؛ أنتج أصناماً وأوثاناً تُعْبَد من دون الله فى أشكال جديدة, وقدَّست المخلوقين بدلاً من تقديس الخالق، وآمنت بالخرافة والتخلف دون الإيمان بالفهم البصير والعقل المستنير، وارتضت بالمذلة والهوان وقلة القيمة فى واقعها الأسود لا تملك فيه سوى شعارات الغضب.

ولم لا؟! فإذا لم يكن التوحيدُ معزولاً عن الواقع الدينى أصلاً لما أضحى معزولاً كذلك عن الواقع النظرى والفكرى ثم الواقع الفعلى، الأمر الذى جعل الإيمان الدينى لدى المسلم قشرة سطحية تخلو أو تكاد من المضمون العملى؛ وهو الذى لا نشك لحظة واحدة فى أنه ينتج لغة ومدنية وعلماً وفناً وحضارة, ولو كان تدينه بالفعل مرهوناً ببصيرة التذوق الدافعة إلى العمل والإنتاج لربط كل الأشباه والأضداد وصعد بها عارجاً إلى توخِّى الوحدة. ولكن الواقع الثقافى العربى الحالى يقول لك بأبلغ لسان: إن هذه البصيرة الذوقية مفقودة أو تكاد، الأمر الذى أطمع الأغيار فينا حتى دهسونا بأقدم النعال.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عن الواقع

إقرأ أيضاً:

محكمة هولندية تدين خمسة أشخاص بتعنيف مشجعين إسرائيليين في أحداث أمستردام الشهر الماضي

أدانت محكمة في أمستردام اليوم الثلاثاء خمسة أشخاص متهمين بضلوعهم في تعنيف مشجّعي كرة قدم إسرائيليين في أحداث الشهر الماضي التي شهدتها العاصمة الهولندية.

وذكرت وسائل إعلام هولندية نقلا عن المحكمة أن المعنيين "أُدينوا بتهم متعددة، بدءا من ضرب مشجعي فريق مكابي تل أبيب في الشارع، ووصولا إلى التحريض على العنف في مجموعات دردشة على الإنترنت"، لافتة إلى أن "أشد عقوبة صدرت هي السجن لمدة ستة أشهر، بتهمة العنف ضد عدة أشخاص، صدرت بحق رجل أشير إليه باسم (صفا)".

وكان أكبر ملف قيد النظر يتعلق بالمدعو (صفا)، حيث قال المدّعون إنه لعب "دورا قياديا"، في الاعتداء.

وعرضت جهة الادعاء على المحكمة صورا لصفا وهو يركل شخصا على الأرض، ويطارد آخرين، ويلطم أشخاصا في الرأس والجسد.

ورأت النيابة العامة أن "لا أدلة على وجود رابط منظم ونية إرهابية"، موضحة أن "العنف لم يأت بدافع معاداة السامية، بل بسبب الوضع في غزة".

في ليلة 7 نوفمبر الماضي، اندلعت أعمال شغب في أمستردام عقب مباراة كرة القدم بين فريقي أياكس الهولندي ومكابي تل أبيب الإسرائيلي.

وجاءت الأحداث نتيجة استفزازات قام بها بعض مشجعي الفريق الإسرائيلي، حيث انتشرت مقاطع فيديو تظهرهم وهم يمزقون أعلاما فلسطينية معلقة على المباني والمحلات، ويطلقون هتافات معادية للعرب، مما أثار غضب أنصار القضية الفلسطينية في المدينة.

وأسفرت المواجهات عن إصابة خمسة أشخاص واعتقال 62 شخصا بتهم تتعلق باستخدام الألعاب النارية والإخلال بالنظام العام. وأثارت الحادثة تنديدا واسعا، حيث وصفتها إسرائيل وقادة أوروبيون بأنها أعمال معادية للسامية، في حين أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية الهتافات العنصرية والاعتداءات التي طالت رمزية العلم الفلسطيني.

وفي أعقاب الحادثة، اتخذت السلطات الهولندية تدابير صارمة لمنع تكرار مثل هذه الأحداث، شملت فرض قيود على حضور جماهير بعض الفرق الأجنبية للمباريات في العاصمة الهولندية.

مقالات مشابهة

  • مكتبة الإسكندرية تناقش مستقبل النظام الإقليمى العربى
  • محكمة هولندية تدين خمسة أشخاص بتعنيف مشجعين إسرائيليين في أحداث أمستردام الشهر الماضي
  • إيران تدين الهجمات الإسرائيلية والأمريكية على اليمن
  • الاتحاد البرلمانى العربى يمدد رئاسة الجزائر لفترة جديدة
  • افتتاح البطولة العربية العسكرية الثالثة للملاكمة بالجزائر.. صور
  • بعد قرار السويد..منظمة التحرير تدين وقف تمويل أونروا
  • الصين تدين مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى تايوان
  • الهجوم الكيميائي على دوما.. شهادات تدين نظام بشار الأسد
  • حماس تدين انتهاكات السلطة الفلسطينية وخطاب التحشيد المجتمعي ضد المقاومة
  • في جلسة درنة: الشيباني يهاجم حكومة الدبيبة ويدعو لإلغاء ضم تاورغاء إلى مصراتة