البوابة نيوز:
2024-09-19@11:44:39 GMT

الأناركية.. والسلطة

تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT

يثار كثير من الجدل حول مفهوم «الأناركية» Anarchism، وهو جدل ناجم عن  سوء فهم، فالبعض يتصور - خطأً – أن «الأناركية» تهدف إلى خلق الفوضى والإرهاب، ويعتقدون أن وجود مجتمع بلا سلطة لا يعني سوى الفوضى الاجتماعية والعنف والعودة إلى قوانين الغاب. إن «الأناركية» أو اللاسلطوية هي باختصار نظرية سياسية تعارض جميع أشكال السلطة، وتدعو إلى التعاون الطوعي والارتباط الحر بين الأفراد، وهي مرادف حقيقي للاشتراكية، فالأناركية ليست إلا أحد تيارات الحركة الاشتراكية، إنها تهدف أولًا إلى إنهاء استغلال الإنسان للإنسان.

يظن البعض أن الأناركيينحالمون مهووسون بالمبادىءالمجردة، ولكن الأناركيينهم في الحقيقة يدركون جيدًا أنه لا يمكن الوصول إلى مجتمع مثالي إلا عبر سلسلة طويلة من الصراع مع القوى التي تريد تأييد الأوضاع السلطوية، ويعتقدون أنهم في نضال من أجل محاربة الظلم السياسي والقمع الفكري والاستغلال الاقتصادي، وتعزيز الميول التحررية لدى الأفراد والمجتمعات.

يُعَد مصطلح «السلطة» مصطلحًا غامضًا وملتبسًا، وهو من أكثر المصطلحات التي حظيت  بتعريفات مختلفة بل ومتضادة. إن «السلطة» بمعناها الواسع، هي شكل من اشكال «القوة»، فهي الوسيلة التي من خلالها يستطيع شخص ما أن يؤثر على سلوك شخص آخر، إلا أن «القوة» تتميز عن السلطة، بسبب الوسائل المتباينة التي من خلالها يتحقق الإذعان أو الطاعة، فبينما يمكن تعريفها على أنها القدرة على التأثير على سلوك الآخرين، فإن السلطة يمكن فهمها بوصفها امتلاك الحق في القيام بذلك. إن القوة تحقق الإذعان من خلال القدرة على الإقناع، أو الضغط، أو التهديد،أو الإكراه، أو العنف، أما السلطة فهي تعتمد على «الحق في الحكم»، ويحدث الإذعان من خلال التزام أخلاقي ومعنوي من قِبَل المحكوم تجاه السلطة الحاكمة.

ربما تكون الحكومات هي المثال الأكثر وضوحًا فى دمج السلطة والقوة، بما أنها تملك بشكل عام احتكارًا للاستخدام المشروع للقوة المادية لإجبار المرؤوسينعلى الطاعة والولاء،باستخدام أدواتها القسرية،كالجيش والشرطة، اللذان يعملان كامتداد لسلطة الدولة ويشاركانها في شرعيتها. وفي كل الأحوال فإن السلطة هى علاقة قائمة بين طرفين، الآمر والمأمور،الأعلى والأدنى. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن الحق الطبيعى كالحرية والحياة والمساواة يُعَد أساسًا للوجود الإنساني،  ومن ثمّ فإن الحقوق الطبيعيةللإنسان سابقة على مدنية القانون والسياسة،هى حقوق لا يمنحها المجتمع المتمدن،بل واجبه حمايتها وتعزيزها، لذلك تعارض الأناركية العلاقات السلطوية،فهى علاقات غير متكافئة بين طرفين من حيث القوة (المتسلط والمتسلط عليه)، التي تسلب الحق الطبيعي للفرد (المقهور) في تحقيق استقلاليته، وفى تقرير مصيره بنفسه.

وبما أن السلطة لا يمكن أن تعبِّر إلا عن مصالحها،لذلك يبدو أننا أمام معضلة بين استقلالية الفرد وسلطة الدولة، ولقد رأى المفكر ألأناركي رودولف روكر أن «الحرية بالنسبة للأناركي، ليس مصطلحًا مجردًا ولكنها فرصة حيوية وملموسة، تُتيح للفرد أن يصل إلى بلوغ أكمل لتطوير جميع قدراته وإمكانياته وملكاته التي وهبتها له الطبيعة،وتحويل ذلك كله إلى رصيد اجتماعي،وكلما أفلت هذا النمو الطبيعى للفرد من الوصاية الدينية والسياسية، ازداد انسجام الشخصية الإنسانية، وتنامت وتطورت حتى تصبح مقياس الثقافة العقلية للمجتمع الذى نمت فيه».

دعت «الأناركية» إلى استقلال الفكر وتحرره من أغلال المؤسسات الدينية وقيودها، كما نادت بضرورة إعمال العقل وتحريره من التبعياتوالموروثات التي تكبل العقول وتطمسها، ومع هذا فإن «الأناركية» لا تعادى حرية الاعتقاد، ولا تقيم حَجْرًا على حرية ممارسة الشعائر الدينية،أى إنها لن تعادى الدين ذاته، وأيضًا لا تعترف «الأناركية» بالهويات العرقية والثقافية والقومية التى تكتسب وضعها وفقًا لمبدأ الهوية الجماعيةالقائمة على خصائص تشوبها نكهة السلطة القمعية، والتي تفرض على الفرد قسرًا. ولقد رفض التيار الأناركي الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، ونظر إليها بوصفها ملكية غير مشروعة، تقوم على أساس سيطرة مدعومة بالسلطة، ويرى «ببير جوزيف برودون» ثانى رواد الفكر الأناركي أن «الملكية مستحيلة جسديًا ورياضيًا،الملكية مستحيلة، لأنها تتطلب شيئًا مقابل لا شيء، الملكية مستحيلة لأن تكلفة الإنتاج أينما وُجِدَت أكثر مما تستحق، الملكية مستحيلة، لأن الإنتاج برأس مال معين يتناسب مع العمل وليس الملكية».

تؤكد «الأناركية» أن المساواةفي الظروف، والمساواةفي تملك وسائل الإنتاج وتكافؤ الفرص؛ من شأنها الحد من طغيان أي استبداد محتمل في مجتمع السوق الحر، إن الفرق بين السوق الحر ورأسماليةالدولة، هو الفرق بين التبادل الطوعي السلمي والمصادرة العنيفة، وفي الحقيقة تنظر «الأناركية» إلى «الراسمالية» بوصفها نظامًا مرفوضًا لأنه يمنح أصحاب رؤوس المال الحرية المطلقة فى قهر البروليتاريا واستعبادهم، ولا يمكن للرأسمالية أن تستمر إلا بمساندة سلطة الدولة، لذلك ترفض «الأناركية الأخلاقية» بشدة الاعتراف «بالأناركية الرأسمالية»، بوصفها شكلًا من أشكالها المختلفة. لقد اعتبرت الأناركية الرأسمالية مصطلحًا يعادل مصطلح (الربا) ولها ثلاثة أشكال: الفائدة على المال (الرأسماليةالمالية)، إيجار الأرض والمنازل (الرأسماليةالتجارية)، والربح من التبادل والتداولفى السوق (الرأسماليةالصناعية)، أما بخلاف ذلك فإنهم يميلون إلى المنافسةالحرة ودعم التجارة الحرة ويهدفون إلى استبدال العمل المأجور باتحادات عمالية، فلا يمكن أن تتحقق الملكية إلا من خلال العمل، ومن ثمّ للإنسان الحق في أن يملك ويبادل ويتاجر بالمنتج الذى صنعه من الأشياء المادية الموجودةفي الطبيعة من أجل الحفاظ على بقائه.

د. دعاء حسن: باحثة حاصلة على دكتوراه في الفلسفة السياسية

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: السلطة

إقرأ أيضاً:

الإخوان والتسوية السياسية في مصر

في ظل ضبابية الرؤية عند قيادات الإخوان وحالة التخبط الواضحة بطرح الأفكار والتراجع عنها، أو محاولة إعادة تفسيرها فيزيدها ارتباكا أو إعلان الشيء ونقيضه في نفس البيان أو ذات الحلقة، ورغم حالة الإحباط من الممارسات القديمة الجديدة، إلا أن حافز الواجب -واجب النصيحة- يغالبها فيغلبها أحيانا وتغلبه في الأعم الأغلب. وفي هذا المقال لن أتعرض لجملة الأزمات التي تواجه الحركات الإسلامية وخاصة جماعة الإخوان، وإنما أتخذ من حوار الأخ العزيز د. حلمي الجزار على قناة BBC نموذجا كاشفا لهذه الأزمة، أنتهي فيه إلى نصيحة محب وبيني وبين د. حلمي مِن عُرى الأخوة ما لم ينفصم ومِن روابطها ما لم ينقطع، وأُحسِن الظن في إخلاصه ورح ابة صدره ورجاحة عقله.

الصراع على السلطة

أكد الدكتور ما طرحه قبل ذلك من عدم "الصراع على السلطة"، ولكن دون ترك العمل السياسي فهو من ثوابت الدين والجماعة، وتسأله المذيعة فماذا تبقى من العمل السياسي إذا تركتم الصراع على السلطة؟

وهنا أقف مع هذا العبارة ودلالة اللفظ على المعنى:

صَرَعَ: فعل ثلاثي متعد، صَرَعَ يصرع.

صَرَعَ فلان فلانا، أي طرحه أرضا بعنف.

الصراع: خصومة شديدة ونزاع ومشادّة.

صَارَعَ العدو: غالبه في المصارعة.

مصارعة الثيران: رياضة يواجه فيها المصارع ثورا هائجا في ميدان مكشوف.

فاستعمال هذه العبارة يوحي بأن المنافسة على السلطة هي خصومة ونزاع واصطراع أشبه بمصارعة الثيران، واعتبار المتنافسين أعداء يحاول كل منهم القضاء على الآخر أو طرحه أرضا.

فهذا ما تعنيه كلمة الصراع، فما معنى السلطة؟ أهي السلطة التنفيذية أم التشريعية أم القضائية وهي سلطات الدولة الثلاث؟

فالعبارة مرسلة مبهمة وتلقي بظلال سيئة واتهام مبطن لكل من ينافس على إحدى السلطات، بل استطرد بأنها تؤدى إلى الاستقطاب والتفكك المجتمعي!!

ثم قال فضيلته ونحن -الإخوان- لم نصارع على السلطة إلا بعد ثورة يناير، فماذا تقصد بالسلطة؟ أهي السلطة التنفيذية أم التشريعية والتي قد تقود إليها؟

وقد قال الإمام المؤسس للجماعة الشيخ حسن البنا عليه رحمة الله في رسالة الانتخابات: "هل أمام أصحاب الدعوات وحَمَلة الرسالات في هذا العصر من سبيل إلى تحقيق أهدافهم إلا هذه السبيل الدستورية السلطة التشريعية أولا فالسلطة التنفيذية بعد ذلك".

وقد خاض الإخوان الانتخابات فرادى سنة ١٩٧٦ وسنة ١٩٧٩، وعلى قوائم الوفد ١٩٨٤، وقوائم حزبي العمل والأحرار سنة ١٩٨٧ تحت شعار "الإسلام هو الحل"، وانتخابات مجلس الشورى ١٩٨٩، ومجلس الشعب ١٩٩٥، ومجلس الشعب سنة ٢٠٠٠، وفاز فيها ١٧ نائبا، وانتخابات ٢٠٠٥ وفاز فيها ٧٨ نائبا، وانتخابات الشورى ٢٠٠٧، والمحليات ٢٠٠٨، والشعب ٢٠١٠، وصولا إلى انتخابات مجلس الشعب ٢٠١١ فالشورى ٢٠١٢.

فهل هذا كان من قبيل الصراع على السلطة التشريعية التي تؤدى إلى الاستقطاب والتفكك المجتمعي وسيتم اعتزاله؟ أم هو من قبيل العمل السياسي الذي سيستمر دون الصراع على السلطة التنفيذية؟ أم أن كل ذلك رهن مناسبة اللحظة التاريخية؟ وهو ما قاله الأستاذ البنا في رسالة المؤتمر الخامس: "الإخوان المسلمون أعقل وأحزم من أن يتقدموا للحكم ونفوس الأمة على هذا الحال.. وهو ما لم تراعه قيادات الإخوان في التقدم للحكم -انتخابات الرئاسة- عقب ثورة يناير على غير مراد عموم الإخوان، إذ تم استطلاع رأيهم ورأي شورى المحافظات والشورى العام مرتين فيتم الرفض، ثم يتم إقراره في الشورى العام بفارق صوتين بعد الاتصالات المحمومة ومحاولات الإقناع، أما قواعد الإخوان المتجردة بحدسها وإخلاصها وعدم تطلع أحد منها للرئاسة؛ فكانت تعلم مخاطر هذه اللحظة التاريخية، إذ تولد بعد أو مع كل ثورة ثورتان؛ ثورة مضادة وثورة تطلعات، فلم تلتفت إليها القيادات بل أوردتها موارد التهلكة لحاجة في نفوس البعض قضوها.

ومن العجيب أن يظل بعضهم ممن نجا من الحبس يصارع على مقاعد في قيادة الجماعة أو ما تبقى منها، وهنا سؤال يطرح نفسه: كيف يصدق الآخر هذه القيادات أو تلك في عدم الصراع على السلطة حال سنوح الفرصة؛ وقد كانت أعلنت عدم خوض انتخابات الرئاسة ثم خاضتها؟ وها هم أولاء يصارعون على مقاعد في الجماعة رجاء تركهم لها، وهو رجاء ولوج الجمل في سم الخياط.

ثم يعود للاستدلال بعدم ترك السياسة، أما لماذا؟ فيقول لأن ترك العمل بالسياسة هو مخالفة للدستور الذي أعطى كل فرد أو جماعة سياسية أو منظمة الحق في أن تمارس السياسة! والحقيقة أن هذا خلط بين الحق والواجب، فقد أعطاك الدستور الحق وبوسعك التنازل عنه، أما إذا كان عدم العمل بالسياسة مخالفة للدستور فمن باب أولى عدم المنافسة -أو الصراع كما تسميه- على السلطة هو أشد مخالفة، فقد كفلها الدستور وشدد عليها.

ثم يأتي الخلط الأشد في نظري القاصر؛ أن هذا الطرح من أجل طمأنة القوى الوطنية لأن الإخوان يفوزون في الانتخابات فنترك لهم المجال. وهنا تثور أسئلة منطقية:

هل ترك الانتخابات هو ترك الصراع على السلطة؟

وكيف ستترك الانتخابات وأنت تقول لن نترك العمل السياسي؟

ثم لقد أُبعدتم عن الانتخابات وكل مظاهر العمل السياسي وغير السياسي 12 عاما حتى الآن بين المعتقلات والمنافي، وأُخليت الساحة تماما، فماذا فعلت هذا القوى الوطنية وماذا أحرزت؟

ثم يعود الدكتور ليقول بعدم ترك العمل بالسياسة لأن الإسلام دين شامل ينتظم كل نواحي الحياة. وأنا أوافقه فهذا حق لا مراء فيه، ولكن يكمل بتعريف الجماعة بأنها "دعوة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية وهيئة سياسية وجماعة رياضية و..".

وهنا خلط بين شمول الإسلام وشمول الجماعة، فهل يلزم كون الإسلام دينا شاملا أن تكون الجماعة شاملة؟ ولا اعتراض على ذلك، ولكن لماذا أنشأت الجماعة حزب الحرية والعدالة وهو ما لم يأت على ذكره قط؟ وهل سيعود الحزب لممارسة العمل السياسي وتتفرغ الجماعة لأمور الدعوة والتربية وتتحول تدريجيا إلى جماعة ضغط، أم يعود الحزب وتظل الجماعة مهيمنة عليه كما كانت؟ أم يعود الأمر كما كان قبل الحزب باعتبار الجماعة تمارس السياسة ضمن شمول الإسلام وأنه لم يكن هناك داع لإنشاء الحزب؟

وهناك أسئلة أخرى ذات صلة، إذ قدم بين يدي ما أسماه تسوية سياسية؛ عدم الصراع على السلطة، والحقيقة أن هذا الطرح يلزم لاحترامه وعدم السخرية منه العزوف عن هذا الصراع مع القدرة عليه وتقديم ضمانات لأجل ذلك، أما الطرح مع عدم القدرة فيثير سخرية الطرف الآخر.

ثم نأتي لمستوى تمثيل النظام في هذا الحوار -إن كان يمثله حقا- فهو دون أي مستوى يجوز لقاؤه، فضلا عن السفر إليه، ثم الحرص على أنه من طلب وفي ذات الوقت ذكر وجود وسيطين من المقربين للرئيس مرسى عليه رحمة الله، وهو ما يضعف رواية من الطالب ومن المطلوب، ولو ذكر أنهما ليبراليان مما يسمى القوى الوطنية -وهي الحقيقة - لكان أقوى، ولكن ليست هذه المشكلة، فأين المشكلة إذن؟

يستطرد قائلا إنه كان هناك وعد بالإفراج عن بعض النساء والمرضى وكبار السن فما الذي حدث؟ قال الدكتور "جاء طوفان الأقصى فعطّل كل شيء"، ربما لانشغال الأطراف. وهذه العبارة عن طوفان الأقصى نزلت عليّ كالصاعقة، فطوفان الأقصى لا يعطل خيرا ولا يوقف مسارا، بل هو يحفز ويشجع إذا توفرت النية أصلا، وهل سمعنا بأي شيء آخر عند النظام قد عطله طوفان الأقصى؟! والمنطق يقول العكس تماما لكنه تعلق بالوهم وتبرير لفشل اللقاء الفاشل أصلا.

ما وددت أن أعرج على ما جاء بشأن الانقسام في الجماعة وأنه لا يوجد من وجهة نظره غير تفسير خاطئ للائحة وعلى استعداد للذهاب للمحامين لتفسيرها. وهنا أسأل: أتسري لائحة الظروف العادية على الظروف الاستثنائية؟ أتسري على ما بعد الفشل الذريع والهزيمة المنكرة والدماء والأشلاء والمنافي والمعتقلات؟ وقد أضحى معلوما من الواقع بالضرورة أنها كصنم العجوة يُعبد وقت الضرورة ويؤكل عند الحاجة، ويفسرها كل طرف وفق مراده وحسب هواه.

القضية أكبر من كل لوائح الدنيا، اللائحة لم تمنع القوم في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ الأمة أن يرتفعوا فوق دوافع الهوى وشهوات النفوس، بل دأب فريق منهم أن يأكلوا لحوم إخوانهم بألسنةٍ حدادٍ أشحّة على الخير، لا يرقبون في مؤمن إلّا ولا ذمة. ولن أطيل في هذه القصة المؤلمة ولكن أقول ناصحا لله:

١- أستحلفكم بالله أن تكفّوا عن هذه الأطروحات المضطربة والمتناقضة والتنازلات بلا سبب وبلا عائد يُرجى.

٢- أرجوكم تفرغوا لبناء ما تهدّم وترميم ما تصدّع، واصنعوا أوراق ضغط جديدة تنفعكم إذا تفاوضتم.

٣- أناشدكم أن تعمدوا إلى عمل تنسيقية بين أطراف الجماعة تعمل على القواسم المشتركة والأهداف الاستراتيجية بديلا عن إعادة توحيد الصف إن تعذر، وأياديكم كما تقولون ممدودة وكلاكما يهرول مجيبا دعوة أي ممن تسمون القوى الوطنية علمانية أو ليبرالية أو يسارية أو بغير هوية، أَوَ ليس بينكم ما يسمح بالتنسيق؟

٤- أُقَبِل أياديكم إن تعذر عمل هذه التنسيقية، فلا أقل من ميثاق شرف نسميه ميثاق كف الأذى، وهو من بدهيات هذا الدين الذي تزعمون حمل رايته والجهاد في سبيله. وليعمل كل على شاكلته، "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"، ولم يقل سبيلنا، فالسبيل مفرد والسُبُل جمع، فالسبل إلى الله كثيرة والمناهج متنوعة ولله طرائق بعدد الخلائق، وليكن الاختلاف اختلاف تنوع وتكامل وليس اختلاف تناحر وتدابر.

٥- أما القابعون في أماكنهم -أسباب الأزمات- اتركوها لله، فإن كنتم عباقرة فقد قدمتم ما عندكم ونفد رصيدكم، وإن كنتم مخلصين فما حرصكم؟ فلن تبك عليكم السماء ولن تحزن عليكم الأرض وسيرحم الله بذهابكم ما تبقى ومن تبقى (واتقوا يوما تُرجعون فيه إلى الله).

مقالات مشابهة

  • بعد رحلة التعافي من العلاج الكيميائي.. عودة الأميرة كيت إلى الأنشطة الملكية
  • القبض على مقيم لاستغلاله الرواسب بمحمية الأمير محمد بن سلمان الملكية
  • الإخوان والتسوية السياسية في مصر
  • قرار أممي تاريخي ضد الاحتلال والسلطة الفلسطينية تصفه باللحظة الفاصلة
  • قرار أممي تاريخي ضد إسرائيل والسلطة الفلسطينية تصفه باللحظة الفاصلة
  • بعد التعافي من السرطان .. كيت ميدلتون تعود لواجباتها الملكية
  • الحق محفوظ في ذمة هؤلاء الرجال
  • في ذكرى مولده صلى الله عليه وسلّم.. لا قُدّسَت أمةٌ لا يأخذُ الضّعيف فيها حقّه غير مُتعْتَع
  • الحقّ الفلسطيني وحياة القادة وموتهم!
  • إيهاب الطماوي: الدستور يحمي الملكية الخاصة ولا يمكن المساس بها إلا بحكم قضائي