معهد أمريكي: تناقض السعودية والإمارات من أبرز التحديات التي تواجه اليمن شمالا وجنوبا (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
سلط معهد أمريكي الضوء على اليمن المنقسم وأبرز التحديات التي تواجه الدولة في الشمال والجنوب في ظل الصراع الذي تشهده البلاد منذ تسع سنوات والتناقض السعودي الإماراتي.
وقال "معهد دول الخليج العربي في واشنطن" في تحليل أعده الباحث جريجوري د. جونسن وترجمه للعربية "الموقع بوست" طوال العام والنصف الماضيين، تحولت حرب اليمن إلى صراع منخفض الحدة، تخللته اشتباكات دورية لم تفعل الكثير لتغيير حدود السيطرة.
وبحسب جونسون فإن المرتفعات الشمالية، يحتفظ الحوثيون ــ وهم ميليشيا زيدية شيعيةــ بالسيطرة، مثلما فعلوا منذ استيلائهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014. وفي الجنوب، يسيطر تحالف من القوات التابعة لمجلس القيادة الرئاسي، الذي يقاتل الحوثيين أحيانا، وأحيانا أخرى فيما بينهم البين. فلا الحوثيون ولا مجلس القيادي الرئاسي قادرون على فرض إرادتهم على بقية البلاد. وقد أجرت السعودية محادثات مباشرة مع الحوثيين خلال الأشهر الأخيرة، ويبدو أنها حريصة أكثر من أي وقت مضى على إيجاد مخرج من اليمن.
وطبقا لما نشره الباحث فإن كل هذا يثير سؤالا هاما: كيف يبدو اليمن بعد الحرب؟ في حال انتهت الحرب اليوم، فإن النتيجة المحتملة ستكون تقسيم اليمن إلى شمال يحكمه الحوثيون وجنوب تحت سيطرة مجلس القيادة الرئاسي. لكن هل الحوثيون أو المجلس القيادي الرئاسي قادرون على حكم دولة قابلة للحياة وسلمية ومستقلة؟ تتناول هذه السلسلة المكونة من جزأين التحديات التي تواجه كلا المجموعتين في سعيهما للانتقال من الحكم في الحرب إلى الحكم في السلام.
جنوب منقسم بين أربعة فصائل
وقال "شمال اليمن تسيطر عليه جماعة واحدة– الحوثيون؛ وفي المقابل، ينقسم الجنوب بين أربعة فصائل رئيسية، جميعها تريد السيطرة على أي دولة مستقبلية".
وأضاف: لكن في حين أن الشمال المستقل الذي يقوده الحوثيون سيواجه ثلاثة تحديات مترابطة- سياسية وحكومية واقتصادية - فإن الجنوب المستقل سيواجه سؤالا واحدا شاملا: هل سيكون جنوب اليمن دولة للجنوبيين، أم أنه سيكون دولة مناهضة للحوثيين؟
وتابع "على السطح قد يبدو مفاجئا أن التحدي الوحيد الذي يتعين على الجنوب التغلب عليه هو التحدي السياسي. ففي نهاية المطاف، كما هو الحال في الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون، يواجه جنوب اليمن مجموعة من المشاكل. ووفقا لبعض المقاييس، فإن اقتصاد الجنوب في وضع أسوأ من اقتصاد الشمال. إن الشبكة الكهربائية، إلى جانب معظم البنية التحتية في الجنوب، قديمة ومثقلة بالضرائب وفي حاجة ماسة إلى الإصلاح بعد سنوات من الإهمال من قبل الحكومة المركزية في صنعاء. ويقع المقر الرئيسي لمعظم الشركات الوطنية في صنعاء، مما يمنح الحوثيين ميزة عندما يتعلق الأمر بالضرائب. ومع ذلك، بعد سنوات من الحرب وسلب سلطات الحوثيين، انتقلت بعض هذه الشركات إلى الجنوب".
وأكد أن البنك المركزي في عدن، بعد سنوات من البدايات الخاطئة عقب الانقسام في عام 2016، بدأ أخيرا في الوقوف على قدميه وهو الفرع اليمني الوحيد المتصل بالأنظمة المصرفية الدولية.
وأردف "لعل أبرز ما في الجانب الاقتصادي هو قيمة الريال اليمني في الشمال مقابل الجنوب. في الشمال، يتم تداول الريال اليمني عادة بحوالي 600-650 مقابل الدولار الأمريكي، بينما في الجنوب كان الريال أكثر تقلبا، حيث يتم تداوله بحوالي 1100-1400 مقابل الدولار. لكن بعض المحللين أشاروا إلى أن حكومة الحوثيين تحافظ على السعر- الذي كان قبل الصراع 250 مقابل الدولار- قويا بشكل مصطنع من خلال "قمع الطلب والسيطرة الكاملة على العرض". ومع ذلك، من غير المرجح أن تنجح مثل هذه التدابير إلى أجل غير مسمى في سيناريو ما بعد الصراع. بالنسبة للحوثيين، فهذا يشكل تحدي اقتصادي. لكن بالنسبة للجنوب، فهذه مشكلة سياسية لأن الدولة الجنوبية المستقبلية ستسيطر على جميع حقول النفط والغاز في اليمن تقريبا. وهذا يمنح الجنوب قاعدة اقتصادية في حال كان موحدا سياسيا، ويمكنه معرفة كيفية الاستفادة من الإيرادات".
ابرز التحديات: التناقض السعودي والإماراتي
وعلى ذات المنوال، يقول "جونسن"، إن ما يمكن اعتباره مشكلة عسكرية بالنسبة للجنوب عدم وجود هيكل قيادة موحد لمختلف الجماعات المسلحةــ هو في الواقع مشكلة سياسية. فقوات طارق صالح– قوات المقاومة الوطنية– تتبعه، والقوات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي تتبع أوامر عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في حين أن وحدات الجيش النظامي تتبع ظاهريا رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وفي بعض الحالات، تقترب أكثر من الأيديولوجية والأهداف السياسية لحزب الإصلاح، وهو حزب سياسي تابع لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
يستطرد "مما يزيد الأمور تعقيدا أن العديد من هذه الوحدات تتلقى أسلحة وتمويلا إما من الإمارات أو السعودية، اللتين تسعيان كذلك إلى تحقيق أهداف متناقضة في اليمن. فالمملكة تريد الخروج من اليمن مع حماية حدودها وإبرام اتفاق أمني مع الحوثيين، بينما تتطلع الإمارات إلى تمكين حلفائها في الجنوب وإضعاف حزب الإصلاح".
وأدرك "سيتعين على أي دولة جنوبية مستقبلية أن تقرر ما إذا كانت تريد أن تكون الدولة اليمنية المناهضة للحوثيين، كما يتصورها طارق صالح وحزب الإصلاح، أو إذا كانت تريد أن تكون دولة مستقلة للجنوبيين، كما يرغب المجلس الانتقالي الجنوبي. لسنوات كان هذا في قلب التوترات في الجنوب. ولهذا السبب اندلعت الاشتباكات بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الرئيس عبد ربه منصور هادي في عام 2019، ولماذا تحتفظ كل مجموعة من المجموعات الأربع الرئيسية في الجنوب بهيكل القيادة والسيطرة الخاص بها على قواتها. كل واحد منهم على استعداد للقتال للدفاع عن رؤيته لما يجب أن تبدو عليه الدولة المستقبلية في الجنوب".
وزاد الباحث جونسن "لهذا السبب أيضا، حاولت السعودية، وبدرجة أقل، الإمارات، التوسط في سلسلة من التنازلات بين هاتين الرؤيتين المتنافستين للدولة الجنوبية".
وقال "ففي عام 2019، بعد اشتباكات المجلس الانتقالي الجنوبي ووحدات الجيش الموالية لهادي، كان من المفترض أن ينهي اتفاق الرياض الخلافات ويعيد الجيوش تحت هيكل قيادة واحد. لكن ذلك لم ينجح، لذلك اقترحت السعودية الجزء الثاني من اتفاق الرياض. ليس من المستغرب أن يكون ذلك غير ناجح مثل النسخة الأصلية. وبعد ذلك، في أبريل 2022، أجبرت السعودية هادي على التنحي واستبدلته بمجلس القيادة الرئاسية المكون من ثمانية أفراد. ومثل الجهود السابقة، تم تصميم المجلس للتوسط في حل وسط بين هاتين الرؤيتين المتنافستين للمستقبل. وحصل جميع اللاعبين الرئيسيين، طارق صالح، والمجلس الانتقالي الجنوبي، وحزب الإصلاح، وما تبقى من الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، على مقعد في المجلس. لكن لم يفعل أي منها خيرا".
وأشار إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي يواصل الضغط من أجل إنشاء دولة جنوبية مستقلة للجنوبيين، الأمر الذي لن يترك مجالا لطارق صالح، وهو شمالي قاتلت عائلته ضد الجنوب في الحرب الأهلية عام 1994، أو مجالا لحزب الإصلاح، الذي قاتل العديد من أعضائه كذلك ضد الجنوب في عام 1994.
وخلص إلى أن "هذا هو التحدي الوجودي للجنوب. وما يجعل هذه المشكلة السياسية بالذات مرهقة للغاية هو أنه لا يوجد حل وسط. لقد تمت تجربة التسوية مرارا في الجنوب، وفي كل مرة كانت تبوء بالفشل".
واختتم جونسن مقاله بالقول "عندما تتوصل السعودية والحوثيون أخيرا إلى اتفاق سلام، وتنسحب المملكة من اليمن، فلن تكون هذه نهاية الحرب في الجنوب. وبدلا من ذلك، في جميع الاحتمالات، سوف يؤدي ذلك إلى جولة جديدة من القتال حيث يتقاتل المجلس الانتقالي الجنوبي وحزب الإصلاح وطارق صالح ومجلس القيادة الرئاسي حول رؤيتهم للدولة الجنوبية".
*يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن السعودية الامارات حرب انقسام المجلس الانتقالی الجنوبی القیادة الرئاسی الجنوب فی فی الشمال فی الجنوب فی عام
إقرأ أيضاً:
الحراك الثوري: السعودية والإمارات ينفّذان الأجندات الأمريكية لاستهداف اليمن والوطن العربي
يمانيون../
اتّهم مجلسُ الحراك الثوري، تحالُفَ العدوان والاحتلال السعوديّ الإماراتي، بتنفيذ الأجندات الخبيثة والقذرة الأمريكية في المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن.
وأدان الحراك في بيان رسمي صادر عنه، سياسة التجويع التي تمارسها دول العدوان؛ مِن أجلِ تركيع الشعب اليمني، مُشيرًا إلى ما تشهده مدينة عدن والمحافظات الجنوبية المحتلّة من افتعال ممنهج للأزمات الخانقة وتعميق الانفلات والفوضى المدمّـرة على كافة المستويات وما ترتب عليها من تفاقم الأوضاع المعيشية والإنسانية والخدماتية وتشديد الخناق على حياة المواطن الذي يعيش اليوم أوضاعًا مأساوية وبات على شفا مجاعة كارثية وشيكة.
ولفت البيان، إلى أن الحراك الثوري، هو أول مكون سياسي بالمحافظات الجنوبية يؤكّـد في مؤتمره العام المنعقد في مدينة المنصورة بعدن عام 2017، أن السعوديّة والإمارات دولتا احتلال، حَيثُ شاءت الظروف العصيبة التي مر بها السكان آنذاك وما تلاها، أن ترسخ لدى كثير من المكونات والقوى السياسية بأن بلادنا تقع تحت وطأة الاحتلال السعوديّ الإماراتي، لا سِـيَّـما بعد أن اتّضحت طبيعة الأهداف والأطماع وكُشِفَت عدوانية الرياض وأبو ظبي في السيطرة واحتلال الجزر والمواقع الحيوية الاستراتيجية والمطارات والموانئ اليمنية، وإنشاء قواعدَ عسكرية عليها تخدم أمريكا والكيان الصهيوني وتستهدف الأمن القومي لليمن والدول العربية.
وحذَّرَ الحراك الثوري، من خطورة الاحتلال السعوديّ الإماراتي، داعيًا كُـلّ أحرار المحافظات الجنوبية إلى رص الصفوف والتصدي الحازم لقوى الغزو والاحتلال الأجنبي أيًّا كان شكله وصفته، مبينًا أن الكيان الصهيوأمريكي ما كان له أن يحصل على موطئ قدم في بلادنا، لولا الدعم الإقليمي المتمثل في السعوديّة والإمارات وأدواتهما المحلية، التي ارتهنت للأجندات الاستعمارية الخبيثة وفرَّطت بالسيادة الوطنية وكرامة المواطن مقابلَ حفنة من المال المدنَّس والمناصب.