الاصطدام بين نجمين نيوترونيين قد يكون مدمرا للحياة على الأرض
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
يبدو أن الاصطدام بين نجمين نيوترونيين مرتبطين حدث نادر نسبيا، ففي مجرة درب التبانة بأكملها، من بين 100 مليار نجم، يعتقد العلماء أنه لا يوجد سوى نحو 10 نجوم نيوترونية ثنائية متجهة للتصادم. وحتى الآن، لم يتم اكتشاف سوى عدد قليل من الانفجارات التي تتبع مثل هذا الاصطدام، ولم يتم اكتشاف أي منها في مجرتنا.
وقد قام فريق من الباحثين بالتحقيق في كيفية تأثير هذه الاصطدامات على كوكبنا في حال حدوثها، بناء على ما نعرفه عن أول تصادم لنجم نيوتروني تم اكتشافه على الإطلاق وهو التصادم المعروف باسم "جي دبليو 170817".
الأشعة والمسافات الآمنةووفقا للفريق الذي قاده الفيزيائي هايلي بيركنز من جامعة إلينوي أوربانا شامبين، إن حدث مثل هذا الاصطدام فلن يكون ذلك شيئا جيدا إذا كان الانفجار الناتج عنه على مسافة قريبة.
فتشير النتائج التي توصل إليها الفريق، والتي تم تحميلها على خادم ما قبل الطباعة "أركايف"، إلى أن الخطر الأكبر يأتي من الأشعة الكونية التي ينتجها انفجار كهذا، ومن أخطرها أشعة غاما.
فإذا لم نكن في المسار المباشر لانفجار أشعة غاما، فإننا قد نكون بمأمن إذا كنا على مسافة أكثر من 35 سنة ضوئية. أما إذا كنا في هذا المسار، فكي نكون بمأمن، فإننا نحتاج إلى أن نكون على مسافة أكثر من 300 سنة ضوئية.
وهذا يساعدنا على تقييم التهديدات التي تواجه وجودنا، ولكنه سيسمح أيضا للعلماء بتحديد احتمالية بقاء الحياة على العوالم الغريبة التي يمكن أن تكون بالقرب من هذه الأحداث التي تحطم النجوم والتي تندلع بإشعاعات قوية تجرد الغلاف الجوي.
وتنتج عن اصطدامات النجوم النيوترونية الثنائية أنواع من أشعة غاما، منها القوي ومنها الضعيف، فضلا عن الأشعة السينية.
فعادة ما يكون هناك انفجار قصير المدى من إشعاع غاما، وعندما تصطدم نفثات الأشعة بالوسط النجمي المحيط، فإنها تنتج أشعة سينية قوية، وهذا ما يعرف باسم شفق الأشعة السينية. ومع تطور الوضع على مدى سنوات إلى قرون، تتوسع فقاعة من الأشعة الكونية إلى الفضاء من مركز الاصطدام.
ووفقا لما جاء في تقرير لموقع "ساينس ألرت"، فإن أشعة غاما لو كانت قوية فإن أي كائن حي ضمن نطاق 297 سنة ضوئية سوف يفنى، أما خارج هذا النطاق فإنه سيكون أكثر أمانا إلى حد ما. أما إذا كانت أشعة غاما ضعيفة، فإن أي كائن حي يجب أن يكون على مسافة أكبر من 13 سنة ضوئية لاتقاء آثار التعرض لتلك الأشعة.
وفي الحالتين، سوف تقوم الأشعة القوية أو الضعيفة بتجريد طبقة الأوزون الستراتوسفيرية للأرض، الأمر الذي يستغرق نحو 4 سنوات للتعافي.
إضافة إلى ذلك، فقد وجد الفريق أن الأشعة السينية، التي تكون ناتجا ثانويا للاصطدام، تكون أكثر فتكا، إذ يستمر شفق الأشعة السينية لفترة أطول بكثير من انبعاث أشعة غاما. ووجد الباحثون أن فقاعة الأشعة الكونية طويلة المدى هي التي تشكل التهديد الأكثر أهمية.
ومن شأن هذه الظواهر، التي يتسبب هذا الاصطدام المحتمل في تسارعها، أن تجرد الأرض من طبقة الأوزون، مما يترك الأرض عرضة للخطر وللتعرض للإشعاع، لمدة تصل إلى آلاف السنين. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى انقراض جماعي مدمر.
وإذا كان حدوث اصطدام قريب لنجوم نيوترونية من هذا النوع مستبعدا، إلا أننا -حسب العلماء- نواجه فعليا أخطارا قادمة من الفضاء نحتاج إلى الانتباه لها، فنحن أكثر عرضة للخطر من التوهجات العملاقة القادمة من شمسنا في المقام الأول. بعد ذلك، يجب أن نقلق بشأن تأثير الاصطدام المحتمل للكويكبات بالأرض، ثم من تأثير المستعرات الأعظمية.
وكما يقول الباحثون فإن ندرة اندماجات النجوم النيوترونية الثنائية في النطاق القريب يعني أنها ربما لا تشكل تهديدات خطيرة للحياة على الأرض.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأشعة السینیة على مسافة سنة ضوئیة
إقرأ أيضاً:
برنامج كوبرنيكوس ينشر صورة من الفضاء لـفوهة أوركزيز البديعة بالجزائر
نشر برنامج كوبرنيكوس الأوروبي -الذي يهدف إلى رصد كوكب الأرض وجمع معلومات دقيقة ومستمرة عن البيئة والطقس والمناخ- صورة جديدة لفوهة وركزيز غرب الجزائر، بالقرب من الحدود مع المغرب، وقد التقطت مطلع مارس/آذار الماضي بواسطة القمر الصناعي "سينتنل-2".
وبجانب كونها علامة جيولوجية بديعة المنظر، فإن فوهة وركزيز تعد بنية صدمية محفوظة جيدًا، وقد تشكلت قبل حوالي 70 مليون سنة خلال العصر الطباشيري المتأخر، وتوفر بيانات قيّمة للعلماء حول التاريخ الجيولوجي للأرض وأحداث الاصطدام النيزكي وكيفية تطورها.
جيولوجيا التصادمويبلغ قُطر هذه الفوهة حوالي 3.5 كيلومترات، وقد تشكلت عندما ضرب نيزك تلك المنطقة تاركًا منخفضًا دائريًا لا يزال مرئيًا حتى اليوم.
وقد أدى الاصطدام إلى تشوه طبقات الصخور الرسوبية مشكّلًا حلقات متحدة المركز، وهي سمة جيولوجية مميزة لهذه المنطقة.
وتتكون المنطقة المحيطة بالفوهة من صخور رسوبية، بما في ذلك الحجر الجيري والمارل والحجر الرملي. وإلى جانب ذلك، أدى الاصطدام إلى تكوين البريشيا، وهي شظايا صخرية متماسكة نشأت بفعل قوة الاصطدام.
وقد كشف التآكل الطبيعي منذ نشأتها عن بنية الفوهة الداخلية، مما وفر رؤى قيّمة حول عمليات الاصطدام والتاريخ الجيولوجي للأرض.
إعلانورغم أن فوهة وركزيز تقع بمنطقة نائية، فإن زيارتها ممكنة لكنها تتطلب تجهيزًا مسبقًا ومرافقة محلية، وتعد المنطقة بالفعل مقصدًا لبعض الباحثين والمهتمين بعلم الفلك والجيولوجيا.
رغم عدم وجود رقم دقيق مُثبت، فإن العلماء يعتمدون على قوانين ونماذج فيزيائية خاصة لتقدير حجم القطعة النيزكية الساقطة في فوهة ما. وبناءً على هذه النماذج، يُعتقد أن الجسم كان قطره يتراوح تقريبًا بين 150 و300 متر، ولو افترضنا أن الجسم كان صخريًّا (مثل النيازك العادية) وهبط بسرعة تقارب 17 كيلومترا في الثانية.
ومقارنة بفوهة تشيكسولوب في المكسيك، فإن الأخيرة يبلغ قطرها حوالي 150 كيلومترا، ولذلك يعتقد أن النيزك الساقط عليها كان بقطر حوالي 10-15 كيلومترا، وهو قطر خطير يمكنه التسبب في حالات انقراض واسعة، مثلما حصل في الانقراض الذي حدث قبل 66 مليون سنة، وتسبب في فقدان الأرض 75% من صور الحياة عليها، على رأسها الديناصورات.
ولو قدر أن اختبرت الأرض ضربة شبيهة بتلك التي تلقتها فوهة وركزيز، لكانت الطاقة الناتجة تعادل بين 10 آلاف إلى مئة ألف ميغاطن من مادة ثلاثي نترو التولوين. ولغرض المقارنة، فإن قنبلة هيروشيما أطلقت طاقة مقدارها حوالي 15 ميغاطن فقط.
ويعني ذلك دمارا في منطقة قطرها عشرات الكيلومترات (مثل مدينة أو عدة مدن) إلى جانب انفجار ناري وضوء وحرارة يحرق كل شيء في محيطه القريب، مع موجة صدمة قوية تكسر الزجاج وتدمّر المباني على بُعد عشرات الكيلومترات، إلى جانب هزة أرضية قد تُشعر بها مئات الكيلومترات بعيدًا.
وإذا سقط في المحيط، فإن ذلك سيسمح بتكوّن تسونامي ضخم قد يصل ارتفاع الموج فيه إلى عشرات الأمتار، وإذا كان قريبا من مدينة ساحلية فإن النتيجة لا شك ستكون كارثية.
لكن في النهاية، يظل تأثير سقوط نيازك من هذا النوع على المستوى المحلي أو الإقليمي فقط، ولا يمتد لتأثير عالمي مثل نيزك "تشيكسولوب".
إعلان