ظهر مراسل قناة الجزيرة في غزة، وائل الدحدوح، وهو يُتابع عمله المهني في تغطية حيّة لكافة مجازر الاحتلال في القطاع، الخميس، وذلك رغم الفاجعة التي ألمّت به قبل ساعات، حيث استشهدت عائلته جراء قصف قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي لمنزلهم بمنطقة حي النصيرات.

وعاد الدحدوح، لرصد أخبار القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي المكثف والمتواصل الذي يستهدف مدينة غزة، في انتهاك تام لكافة القوانين الإنسانية، مؤكدا أنه "لا مفر من الاستمرار بتأدية الواجب المهني في هذه الظروف".


View this post on Instagram A post shared by Wael Al Dahdouh (@wael_eldahdouh)
وأضاف وائل في حديثه المباشر لقناة الجزيرة: "هذا ربما من الواجب أن نكون في هذه اللحظات وهذه الساعات التاريخية إن صح التعبير والاستثنائية ولذلك ما من مفر إلا استمرار القيام بالواجب وحمل هذه الرسالة والقيام بالتغطية بكل مهنية وشفافية رغم كل شيء".

وكتبت قناة "الجزيرة" عبر صفحتها على منصة "إكس" (تويتر سابقا): "دفن صباحا عددا من أفراد عائلته الذين استشهدوا في قصف إسرائيلي.. مراسل الجزيرة وائل الدحدوح يأخذ قرارا بالعودة لتغطية الأحداث في غزة".


ودفن الدحدوح، اليوم الخميس، زوجته ونجله وابنته الذين استشهدوا أمس الأربعاء، بغارة جوية للاحتلال الإسرائيلي، استهدفت منزلهم الذي نزحوا إليه في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

وأدانت "شبكة الجزيرة" الاستهداف العشوائي وقتل المدنيين الأبرياء في غزة، الذي أدى إلى استشهاد أفراد من عائلة الدحدوح وعدد كبير من الضحايا الآخرين". وتقدمت "بخالص العزاء وعظيم المواساة للزميل وائل الدحدوح بعد استشهاد أفراد من عائلته، منهم زوجته وابنته وابنه"، مشيرة إلى أن آخرين ما زالوا مفقودين "تحت الحطام الذي خلفته غارة جوية إسرائيلية استهدفت منزلاً نزحوا إليه في مخيم النصيرات وسط القطاع".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة وائل الدحدوح فلسطين غزة طوفان الاقصي وائل الدحدوح سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وائل الدحدوح فی غزة

إقرأ أيضاً:

«الصحافة المصرية فى مئة عام» كتاب يرصد تاريخ المهنة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

محمد على باشا أول رئيس تحرير فى تاريخ مصر فى «الوقائع المصرية»

رحلة الصحافة من خدمة السلطة والحكام إلى التحرر والاستقلال

 

كتاب «الصحافة المصرية فى مائة عام» للدكتور عبد اللطيف حمزة، صادر عن الإقليم الجنوبى لوزارة الثقافة والإرشاد القومي، فى الجمهورية العربية المتحدة، وهذا المصطلح أُطلق على مصر منذ الوحدة مع سوريا عام 1958 واستمر بعد الانفصال حتى عام 1971». 

الكتاب تم نشره بناء على طلب من وزارة الثقافة والإرشاد القومى وقتها رغبة فى توثيق تاريخ الصحافة المصرية، واقتصر على رحلة مهنة الصحافة فى مصر خلال 100 عام، وذلك فى وقت كانت تعيش فيه الصحافة حالة من النضج والكمال وأصبحت قدوة حسنة لما ينبغى أن تكون عليه صحافة الشعوب التى تستكمل حريتها واستقلالها ومثالا يحتذى للصحافة التى تشارك بكل قوتها فى بناء الأمم والأوطان، فى وقت كانت المنطقة العربية والشرق الأوسط يعيش عصر التحرر من الاستعمار الإنجليزى والفرنسي.

 وقد قسم الدكتور عبداللطيف حمزة، الكتاب إلى ٤ فترات كل منها يعكس مرحلة حاسمة فى تطور الصحافة المصرية ودورها فى الحركة الوطنية ومناصرة القضايا الاجتماعية والسياسية.

الطور الأول (النشأة: ١٨٢٨ - ١٨٧٦): يبدأ هذا الطور مع تأسيس "الوقائع المصرية" فى ١٨٢٨، ويستعرض الصحف التى ظهرت فى هذه الفترة مثل الوقائع المصرية، والجريدة العسكرية و"روضة المدارس" و"وادى النيل"، هذه الفترة شهدت الصحافة الرسمية التى تحاول تشكيل الرأى العام.

الطور الثانى (الشباب: ١٨٧٧ - ١٨٨٢): فى هذه المرحلة، تتنوع الصحف، ويظهر تأثيرها على الحياة السياسية والاجتماعية فى مصر. من بين الصحف الهامة التى صدرت فى هذا الطور: "الأهرام" و"الوطن".

الطور الثالث (الكفاح ضد الاحتلال البريطاني: ١٨٨٢ - ١٩١٩): يصادف هذا الطور الكفاح السياسى ضد الاستعمار البريطاني، حيث تنشأ صحف مثل "المؤيد"، التى كانت تعبّر عن تطلعات المصريين للحرية والاستقلال.

الطور الرابع (استكمال الحرية والدستور: ١٩١٩ - ١٩٢٨): هذا الطور يمثل مرحلة النضج للصحافة المصرية، حيث تأثرت بالحركة الوطنية وحققت دورًا بارزًا فى دعم قضايا الاستقلال والحرية. الصحافة فى هذه الفترة أصبحت صوت الشعب، مدافعة عن كرامته وقيمه الوطنية.

كما يشير الكتاب إلى دور الصحفيين المصريين فى نشر الوعى الوطني، ودفاعهم عن القضايا مثل الوحدة الوطنية، ودور الصحافة فى تطوير المقال كفن من فنون الكتابة السياسية والاجتماعية. 

كما يبرز الكتاب كيف كانت الصحافة أداة رئيسية فى حركة التحرر الوطنى فى مصر وكيف ساهمت فى تشكيل الهوية المصرية الحديثة.

بداية الصحافة فى مصر «طور النشأة»

هذه المرحلة تبدأ من سنة ١٨٢٨ إلى سنة ١٨٧٦، وهى البداية الحقيقة لمهنة الصحافة فى مصر، على الرغم من تأخر دخول الطباعة فيها إلى عصر الحملة الفرنسية حيث إن الطباعة دخلت مدينة القسطنطينية قبل مجيء الحملة الفرنسية إلى مصر بنحو خمس وسبعين سنة وذلك على أيدى اليهود القاطنين فى الدولة العثمانية وقتها.

وكانت مصر آخر بلاد الشرق معرفة بالمطبعة، ورغم ذلك كانت أول بلاد الشرق معرفة بالصحافة بمعناها الحديث حيث بدأت مع دخول الحملة الفرنسية سنة ١٧٩٨، ويقول المؤرخ المصرى عبد الرحمن الجبرتي عن صحف الحملة الفرنسية «إن القوم كان لهم مزيد اعتناء بضبط الحوادث اليومية فى جميع دواوينهم وأماكن أحكامهم، ثم يجمعن المتفرق فى ملخص يرفع فى سجلهم بعد أن يطبعوا منه نسخا عديدة يوزعونها فى جميع الجيش»، وهنا يمكن ملاحظة أن هذا التوثيق هو أول خطوة حقيقية لمفهوم الصحافة التى تهتم بأخبار المواطنين ومتابعتها.

وبعد أن انتهت الحملة الفرنسية على مصر بفعل المقاومة الشعبية، خرجت معها المطبعة، لكن ما إن استقر الأمر بعد ذلك للوالى محمد على باشا شرع يفكر من أجل تكرار التجربة الفرنسية فقرر إنشاء جهاز خاص بالصحافة تحت مسمى النشرات والدوريات ثم بدأ تدشين ما يسمى بـ«ديوان الجورنال» الذى أصدر «جورنال الخديو» وهى أول صحيفة فى تاريخ مصر، وكانت عبارة عن تقرير مفصل يقدم بصفة دورية عن الشئون المالية والزراعية والتعليمية والعمرانية فى البلاد عام ١٨١٣، يقدم إليه بشكل شهري، ثم أصبح أسبوعيا، ثم أصبح بشكل شبه يومي، وذلك بعد أن تم إنشاء ٩ مطابع أبرزها مطبعة القلعة، وتم تعيين «ناظر التقارير» وهى وظيفة جديدة أو بعبارة أخرى يقوم بمهام مدير التحرير وكان يدعى وقتها «محمود أفندي» الذى يعد أول رئيس تحرير فى تاريخ مصر، وكان من عمله أن يتلقى تقارير الإقليم فى كل أسبوع ثم يقوم بترتيبها وتنسيقها تمهيدا لعرضه على الباشا قبيل الطبع، حيث تصدر باللغتين التركية والعربية، تشمل أيضا الأخبار الحكومية وبعض قصص من ألف ليلة وليلة بقصد تشويق القراء الذين اقتصروا على والى مصر وبعض أعضاء الحكومة وكبار الموظفين.

وبعد فترة قصيرة، حرص محمد على باشا على اطلاع الشعب على الخطوات التى تتخذها الحكومة وذلك عبر نشرها، فقام بتوسيع نطاق الجريدة المعروفة بـ«جورنال الخديو» وإصدارها باسم جديد لتصبح «الوقائع المصرية» وذلك فى الثالث من ديسمبر عام ١٨٢٨، وتضمنت ملخصًا للأحداث الحكومية وتم توزيعها على كبار الموظفين ورجال الدين وطلبة العلم فى مصر بالمجان وجميع الموظفين فى الحكومة مقابل اشتراك زهيد.

وقتها كان محمد على باشا يشعر فى قرارة نفسه بأنه رئيس التحرير الفعلى لهذا الإصدار والمسئول الأول عن كل ما ينشر فيها، وكان يوحى إلى كتابها ومحرريها بأن يخصصوا بها مكانا ممتازا لمدحه والثناء عليه والإشادة بجهوده فى تنمية البلاد والنهوض بها، وكان حريصا على أن يدقق فى كل خبر من أخبارها ومراجعة مقدمة الصحيفة أو مقالها الافتتاحي.

وتألفت أسرة التحرير فى الجريدة الرسمية وقتها من مترجمين وبعض رجال الأزهر أبرزهم الشيخ عبد الرحمن الصفتي.

وبعد مرحلة الطفولة الأولى، كان لا بد من مرحلة جديدة تأخذ الصحافة المصرية إلى مرحلة الشباب، وهو ما حدث فى عام ١٨٤١ عندما تم اختيار شيخ الصحافة المصرية رفاعة رافع الطهطاوي، لتطوير محتوى الوقائع المصرية، وذلك عبر إضافة مواد صحفية جديدة مثل الأخبار الخارجية ونشر القطع الأدبية وأمهات الكتب العربية، وأخبار القضايا والأحكام والحوادث الغريبة، والرتب والترقيات والمؤسسات العامة والخيرية والأخبار الزراعية وأسعار الغلال واللحوم وغيرها.

ومضى عهد محمد على باشا وتلاه عهد عباس الأول ثم سعيد، وفى عهدهما أصاب الحياة المصرية شيء كثير من الركود فأغلقا ديوان المدارس والمصانع والمعامل، وتوقفت الوقائع المصرية عن الصدور وبقى الحال على ذلك حتى جاء الخديو إسماعيل الذى بدأ عصر جديد من النهضة وأعاد الحياة للصحيفة الرسمية، ثم ظهرت تدريجيًا عدد من الصحف مثل «صحيفة روضة المدارس» و«مجلة يعسوب الطب» وجريدة «أركان حرب الجيش المصري» واعتمدت كل تلك الإصدارات لأول مرة على اللغة العربية فقط بعد أن كانت الصحافة فى السابق مزيجًا من التركية والعربية.

وخلال عهد الخديو إسماعيل ظهر لأول مرة مصطلح الصحافة الشعبية، التى أراد بها أن يروج لنفسه وإنجازاته ومن هنا ظهرت الصحف الشعبية التى تولتها أقلام وعقول مصرية مثل صحف «وادى النيل» و«نزهة الأفكار» و«روضة الأخبار» وأيضا الصحف الشعبية التى تولتها أقلام وعقول سورية مثل صحف «الأهرام» و«المحروسة».. وغيرهما، ومن هنا اتسع التناول الصحفى ليشمل كافة الأخبار خاصة ما يخص مجلس الشورى الذى أنشأه الخديو إسماعيل فضلا عن الكتابات الأدبية والتاريخية وأخبار أقطار العالم الإسلامي، كما ظهرت فى تلك الفترة لأول مرة الإعلانات مدفوعة الأجر وأصبحت من مصادر الربح للصحف.

الصحافة المصرية فى «طور الشباب» الفترة من سنة ١٨٧٧ إلى سنة ١٨٨٢

وفى هذه الفترة بدأت مهنة الصحافة فى مصر تتقدم بشكل سريع بدءا من جريدة «الوطن» التى صدرت عام ١٨٧٧ لمحررها ميخائيل أفندى السيد، وغيرها من الصحف حيث تسببت الحرب الروسية التركية فى هذا الوقت فى إحداث رواج كبير للصحافة، خاصة وأن قبل هذا الحدث لم يكن يسمح للصحافة بتناول الأخبار السياسية، ومن هنا اكتسبت الصحافة المصرية نصيبًا كبيرًا من الحرية فى التحرير والتناول، فكان من المعتاد أن ترى من يمدح فى القوات الروسية وآخر يشيد بقدرات الجيش التركى العثماني.

وكان هذا الحراك الواسع الذى أثمر عن إصدار عشرات الصحف مختلفة التوجهات، عاملا رئيسيا لقيام الثورة العرابية أحد أهم الأحداث السياسية فى تاريخ مصر.

كما برزت فى هذا الوقت صحيفة الأهرام التى أنشأها بشارة وسليم تقلا، التى بدأت رحلتها فى مصر بعلاقات وثيقة مع فرنسا، وهو ما ضمن لها البقاء فى تلك الفترة التى شهدت إغلاق عدد كبير من الصحف بسبب مواقفها السياسية ضد الخديو، لكن بمزيد من المرونة استطاعت أن تحافظ على نفسها والاستمرار فى تقديم المحتوى الصحفى واستمرت إلى وقتنا هذا.

وكانت صحيفة الأهرام، تراعى إلى حد كبير التوازن بين مطالب المصريين والأجانب، فحينًا تكتب فى مناصرة الوطنيين وحينًا تنقل آراء الإنجليز والفرنسيين فيما يتصل بالمشكلات المصرية والحياة النيابية فى مصر، وكان من أخطاء الأهرام وقتها المبالغة فى الحديث عن أخطاء الحكومة المصرية وذكر محاسن الأوروبيين خاصة الفرنسيين، وكانت أشبه بالصحيفة المعادية لمصر خاصة وقت الثورة العرابية. 

وخلال طور الشباب، ظهر طائفة من كبار الصحفيين، منهم الإمام الشيخ محمد عبده الذى اشترك فى تحرير «الوقائع المصرية» و«الأهرام» واشترك مع أستاذه جمال الدين الأفغانى فى إصدار مجلة «العروة الوثقى»، وأيضا الشاب السورى «أديب اسحق» الذى شارك فى تحرير صحيفة «مصر» وصحيفة «مصر الفتاة» وصحيفة «مصر القاهرة»، بالإضافة إلى عبدالله النديم الذى أصدر صحيفة «التنكيت والتبكيت» وصحيفة «الطائف» وصحيفة «الأستاذ» وصحيفة «الطائف».

الطور الثالث: الكفاح ضد الاحتلال من سنة ١٨٨٢ إلى ثورة ١٩١٩

كان للاحتلال الإنجليزى لمصر أثر كبير على مهنة الصحافة، بعد هزيمة الزعيم المصرى أحمد عرابي، ومن هنا حرص اللورد دوفرين أن يقيم فى مصر نظاما جديدا يتفق مع مصالح الاحتلال وكان لهذا التوجه أثر بالغ فى ظهور الصحافة الحرية حيث نالت مصر بسبب ذلك حرية صحفية لم يعرفها شمال أفريقيا ومن هنا أطلق العنان للصحافة المصرية لمواجهة الاحتلال.

ومنذ بداية الاحتلال فى مصر، عمل على إلغاء عدد من الصحف أبرزها: الزمان والسفير والصادق والفلاح، وهى الصحف التى كان ينفق عليها مختار باشا الغازى سفير تركيا فى القاهرة، وأيضا الصحف التى كانت تعتمد على القنصلية الفرنسية، وبالتالى كان الاحتلال يستهدف الصحف الوطنية لمنع التمرد على الاحتلال، والصحف العثمانية، والصحف التابعة للفرنسيين.

ويمكن تقسيم هذا الطور إلى ثلاث مراحل الأولى من سنة ١٨٨٢ وسنة ١٨٨٩ وهى الفترة التى شهدت صحف: البرهان والاعتدال والسفير والمقياس والمقطم، واستمرت فى الظهور صحف: الوطن ومرآة الشرق والأهرام.

وبرزت فى هذه المرحلة صحيفة المقطم التى كانت تنطق باسم الاحتلال الإنجليزي، وتتبنى رؤيته، وازداد عداء الشعب المصرى لها شيئا فشيئا حتى ترجم هذا العداء إلى مظاهرات شعبية هاجمت الصحيفة قذفتها بالحجارة ومع هذا صمدت الصحيفة فى الميدان تساندها الحكومة من جانب والاحتلال من الجانب الآخر، حتى ضاقت الأمة المصرية ذرعا بها وفكر بعض الوطنيين فى إنشاء صحيفة مناهضة لها وهى صحيفة المؤيد.

والمرحلة الثانية: بين سنة ١٨٨٩ وسنة ١٩١٤، وهى الفترة التى شهدت أعظم الصحف الوطنية شأنا منها صحيفة «المؤيد» للشيخ على يوسف وصحيفة «اللواء» للزعيم مصطفى كامل وصحيفة «الجريدة» لمحررها أحمد لطفى السيد.

وبرزت «المؤيد» فى تلك الفترة التى يقول عنها تشارلز آدمز فى كتابه «الإسلام والتجديد»: لقد كان السيد على يوسف صحفيا ماهرا وله دهاء ومكر أحيانا، ولقد رفع المؤيد إلى مكان الصدارة فى العالم العربى فأحاط الخديو عباس هذه الصحيفة برعايته وشملها بحمايته وأصبح الشيخ على يوسف يسير فى ركاب الخديو، وأخلص له إخلاصا يفوق إخلاص مصطفى كامل».

فيما يقول الخديو عباس فى مذكراته: «كنت أود أن يكون لى صحيفة قادرة على أن تثير الشعب المصرى وتقوده شيئا فشيئا إلى إدراك أكثر وضوحا لكلمة الوطن وواجبات المواطن، فدعوت كاتبا من كتاب اللغة العربية كنت قد سمعت عن صفاته ومزاياه هو الشيخ على يوسف، وكان قد لفت إليه الأنظار بحماسته فى المناقشة وموهبته الحقيقية فى الجدال».

وإجمالًا، كان لهذه الفترة دور كبير فى ازدهار الصحافة المصرية بسبب وجود آراء مختلفة جذريا عن بعضها ما بين صحف تخدم الخديو وصحف تروج للاحتلال وصحف تدافع عن المصالح المصرية والشعب نفسه، والتفاعل بينها أحدث تطورا فى أسلوب الكتابة والتناول.

والمرحلة الثالثة: بين سنة ١٩١٤ وسنة ١٩١٩ وهى الفترة التى شهدت ركودا فى الصحافة الوطنية بسبب الحرب العالمية الأولى أو الحرب العظمى.

فى تلك الفترة استحال العمل الصحفى فى ظل الأحكام العرفية التى تم فرضها بسبب الحرب العالمية الأولى وبقيت كذلك حتى نشبت الثورة المصرية الكبرى سنة ١٩١٩، وشهدت تلك الفترة ارتفاع كبير فى أسعار الورق، وانخفض توزيع الصحف، وهو ما أدى إلى اختفاء الصحف ولم يستمر فى تلك الفترة إلا صحيفة السفور وهى صحيفة أدبية وصاحبها عبد الحميد حمدي، ومن كتابها محمد حسنين هيكل ومصطفى عبدالرازق ومنصور فهمى وأحمد أمين، وهى امتداد لنهج صحيفة «الجريدة» التى كان يحررها أحمد لطفى السيد، وابتعدت صحيفة «السفور» عن السياسة واكتفت فقط بالكتابات الأدبية.

الطور الرابع: استكمال الحرية والدستور من سنة ١٩١٩ إلى سنة ١٩٢٨

بعد الثورة المصرية كان الشغل الشاغل لكل المصريين قضية كبرى ذات شقين: أولهما الاستقلال وثانيهما الدستور، ومن ثم أصبح للصحافة فى ذلك الطور هذان الهدفان حتى نالتهما فى النهاية، وحينذاك مارس المصريون حياة دستورية صحيحة وأصبح لهم دستور ينص على حق النواب فى مناقشة الوزراء.

وفى تلك المرحلة ظهرت صحف جديدة مثل صحيفة «الأخبار» ومحررها أمين الرافعي، وهى أول صحيفة تؤكد أن هدفها هو الدفاع عن القضية المصرية، فقط دون أى انحيازات أخرى وقيل فى الافتتاحية «ليست القضية المصرية صعبة الدفاع ولا هى فى حاجة إلى الشرح الطويل، فإننا لا نبغى سوى حريتنا وما كان لأحد أن يدعى شيئا فى هذه الحرية التى هى ملك لنا وحدنا ولو كان للإنصاف وجود فى المعاملة السياسية لما تردد مؤتمر الصلح عقب الحرب فى الحكم لنا ولكن الذين أقاموا أنفسهم للفصل بين الشعوب خضعوا لمطالبهم وطرحا الحق جانبا وانصرفوا إلى إرضاء بعضهم بعضا وهكذا لا يظهر الأقوياء لنا فى مظهر القوة إلا لأننا قد قبلنا الخضوع لهم وجثونا أمامهم، ولكنا إذا نهضنا جميعا نلنا حريتنا ونجونا من أسرهم.. فنحن إذن لا نخدم فى الأخبار هيئة خاصة ولا نعبر عن رأى طائفة بالذات وإنما نخدم أمة وندافع عن مبدأ واحد هو الاستقلال التام للبلاد المصرية». 

كما ظهرت فى تلك الفترة صحيفة السياسة، الصادرة عن حزب الوفد برئاسة الزعيم سعد زغلول للمطالبة بحق مصر فى تقرير مصيرها والذهاب إلى مؤتمر السلام فى باريس لعرض القضية المصرية.

وكان من أبرز كتاب صحيفة السياسة: طه حسين، محمود عزمي، سيد كمال، توفيق دياب، وعبدالقادر المازنى وغيرهم، وأيضا شهدت فى تلك الفترة صحيفة البلاغ لمحررها عبد القادر حمزة، ومن كتابها: عباس العقاد، وأحمد حافظ عوض.

ويمكن أن نطلق على تلك الفترة صحافة حزب الوفد، وحزب الأحرار الدستوريين حيث كانت المنافسة بينهما قوية على كافة المستويات.

واستمر فى تلك الفترة إصدار عشرات الصحف السياسية والاجتماعية والثقافية والأدبية حيث كان هذا عصر التحرر الثقافى والأدبى على كافة المستويات.

الصحافة من الرسمية إلى الشعبية

لقد مرت الصحافة المصرية بعدة مراحل من الرسمية إلى الشعبية، فحين بدأت الصحافة فى مصر كان اهتمامها الأول الترويج للحاكم مع بعض المهام الثقافية، ثم ما لبثت أن اتخذت لنفسها صبغة سياسية وربما كان من أسباب ذلك وجود جمال الدين الأفغانى فى مصر، ما مهد الطريق أمام الثورة العرابية، ثم بفعل الحرب الروسية التركية، فتحت الأبواب أمام الصحافة الشعبية، ثم فى طورها الثالث زادت الصبغة التحررية وتزايد فيها الفكر السياسى والاجتماعى والأدبي، ثم فى طورها الرابع كان للقضية المصرية والحياة النيابية الأثر الأكبر فى صعود الصحافة المصرية. 

لقد كانت الظروف القاسية التى مرت على مصر دافعًا قويًا أمام الصحافة المصرية للتطور، وكما استفادت من هذه الظروف، أيضا ساعدت الوطن فى الارتقاء بالفكر والتعليم والثقافة، وكانت حصنًا منيعًا للوطن أمام التحديات الجسيمة، بعد أن فشل المصريون فى سياسة الاعتماد على تركيا ثم فشلوا فى سياسة الاعتماد على فرنسا، وفشلوا فى سياسة الاعتماد على حكامهم من أبناء محمد على لم يبق أمامهم غير الاعتماد على سياسة جديدة هى سياسة إعداد الأمة من جديد وتزويدهم بأدوات الاستقلال والنهوض، وهذا المجد ينسب فى المقام الأول لمهنة الصحافة، التى كانت تحمى ظهر الثورة المصرية الكبرى فى سنة ١٩١٩ وحافظت على ثمارها وتمسكت بوحدة الأمة وقوفا وراء المفاوض المصرى للحصول على الاستقلال حتى كتابة الدستور والوقوف وراء البرلمان المصرى وقتها.

لقد قامت الصحافة المصرية بالدور الأكبر والأبرز فى الحياة السياسة والشعبية، وذلك بفضل حرية الكلمة، فبالحرية تستطيع الصحافة أن تعيش وبالحرية تستطيع الصحافة أن تبلغ فى ميدان الإصلاح كل ما تريد.

4 مراحل خاضتها الصحافة المصرية فى قرنها الأول.. مرت خلاله بمراحل النشأة والكفاح ضد الاحتلال والدفاع عن الحرية والدستور 

  

الدكتور عبداللطيف حمزة فى سطور

ولد فى بلدة «طنسا» (محافظة بنى سويف) وتوفى فى القاهرة.

عاش فى مصر، وجاب بلادًا عديدة منها: العراق وفرنسا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية والسودان وبعض الدول الأفريقية الأخرى.

حفظ القرآن الكريم وأتم تعليمه قبل الجامعى فى مدينة بنى سويف (١٩٢٦)، ثم التحق بكلية الآداب واللغات الشرقية بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا)، وتخرج فيها (١٩٣١)، ثم استكمل دراساته العليا فنال الماجستير (١٩٣٥)، ثم الدكتوراه عن «الحركة الفكرية فى مصر فى عصر الأيوبيين والمماليك» (١٩٣٩)، كما حصل على «دبلوم» من معهد التربية العالى (١٩٣٣)، وأخرى من معهد التحرير والترجمة والنشر (١٩٤١).

عمل مدرسًا بجامعة القاهرة، وترقى فيها إلى رئيس لقسم الصحافة بكلية الآداب (١٩٥٦)، ثم اختير أستاذًا لكرسى الفن الصحفي، كما عمل رئيسًا لقسم الصحافة بجامعتى «بغداد» و«أم درمان»، وأستاذًا زائرًا فى عدد من دول العالم منها أمريكا واليابان وفرنسا.

أسهم فى تأسيس بعض المجلات الثقافية منها مجلة «بناء الوطن»، كما أنشأ هيئة خريجى الصحافة فى مصر عام ١٩٥٨.

وفى نشاطه العلمى والاجتماعى أسهم فى تأسيس وإنشاء كلية الإعلام بجامعة القاهرة عام ١٩٧٠، وكذلك أنشأ قسمًا للصحافة والإعلام بجامعة «أم درمان» بالسودان.

 

مقالات مشابهة

  • «الصحافة المصرية فى مئة عام» كتاب يرصد تاريخ المهنة
  • وصية طفل فلسطيني قبل استشهاده تجسد مأساة أطفال غزة
  • شاهد بالصورة.. السبب الحقيقي الذي دفع ترامب إلى إدراج أنصار الله ضمن قائمة الإرهاب
  • النائب العام الفلسطيني يرفض الإفراج عن مراسل الجزيرة الأطرش
  • شاهد | رضوخ السعودية بعد ساعات فقط من ابتزاز ترامب
  • شاهد | طرد محافظ جنين من بيت عزاء الشهيدين منفذي عملية الفندق
  • شاهد| السيد القائد: التصنيف الأمريكي الأخير بالإرهاب مضحك.. الذي يرعى الإجرام الصهيوني والمفلس أخلاقياً والمتبني لفاحشة الشذوذ يصنف الأخرين؟
  • أمن السلطة يعتقل مراسل الجزيرة بالخليل محمد الأطرش (شاهد)
  • العثور على جعبة السنوار والمقعد الذي جلس عليه مصابا قبل استشهاده (شاهد)
  • الديوان الملكي السعودي يعلن وفاة أحد أفراد عائلته