غزة وتبعاتها ..وإرضاء السيد الأمريكي
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
صراحة نيوز- د.عبد الفتاح طوقان
كتب الكثير عن الصدمة والمقاومة الإسلامية وسقوط اسطورة وارتباك جيش الاحتلال وضعف دولة الكيان الصهيوني الغاصب رغم دعم ومسانده أمريكا وحلفاء إسرائيل من الغرب ومن العرب الرجعيين المتآمريكين ، و لكن لم يتطرق احد عن التبعات و التي أورد بعض منها هنا.
أحيت حركة المقاومة الإسلامية حماس الشعوب في العالم بأكمله واعادت القضية الفلسطينية للحياة من جديد بعد ان اعتقدت أمريكا و حلفاؤها والكيان الغاصب المصطنع انها دفنت فلسطين واحتفظت بالقدس ابتلاعا للابد من خلال اتفاقات ومعاهدات استسلامية تم التنازل فيها عن ٨٠ بالمئه من فلسطين وضياع القدس، مفاوضات اسمية جزءا منها صوريا برعاية أمريكية صهوينية – لم يكن التفاوض المتعادل هو الأساس بقدر ما هو المفروض والتنازلات من الحكام .
خلقت الحرب على غزة جيلا فلسطينيا وعربيا من هم دون العشرين من الاعمار مؤمنا بعدالة قضية فلسطين ومفعما بالتضحية ومنهم من فقد والده و ووالدته وشقيقه و شقيقته واسرهم بالكامل مما شكل حالة متصاعدة من الرغبة في الانتقام من العدو المجرم المحتل و الغاصب، ليس فقط في داخل فلسطين المحتلة و لكن علي مستوى العالم . هم ذخيرة الدفاع و المقاومة المستقبلية .
واستطاعت المقاومة الحرة ان تشعل روح المبادرة في عواصم العالم الغربي والأمريكي ووجدنا تآريخ و فيديوهات على مستوي من الجودة والتوثيق تحكي تاريخ فلسطين من ٥٠٠٠ عام وتظهر الجرائم الوحشية، و ظهر ذلك جليا في المظاهرات المناهضة للاحتلال و لقصف المدنيين العزل من اهل غزة. هذا الجيل تمت تعبئته معنويا للمستقبل وهو اخطر من الجيل الحالي دفاعا عن الأرض و العرض.
و لقد اثبتت الدراسات التحليلية ان الحرب على غزة حازت علي تعاطف كبير دولي دعما لفلسطين في مواجهة التعاطف ذات المصالح الخاصة لاوروبا و أمريكا مع صنيعتهم إسرائيل، كاشفة أكاذيب الاتها الإعلامية و خداع رؤسائها و كشرت عن انيابهم و نواياهم في احتلال الوطن العربي ولم تكتف بذلك بل أيضا حلفاء المستعمر من بعض حكام تابعين لامريكا تحركهم مثل احجار الشطرنج.
و ليس ذلك فقط بل ظهر ان بعض من الاعلام العربي متواطئ و يبرر لإسرائيل ما تفعله من جهة و تمتنع عن بث روح المقاومة و ما يحدث في فلسطين المحتلة من مجازر. و أيضا أظهرت الانحياز وازدواجية المعايير الدولية اذا ما قورنت أوكرانيا بفلسطين .
غزة الباسلة اسقطت الأمم المتحدة وعرت جامعة الدول العربية و بات واضحا ان كل تلك المؤسسات الدولية هي وهم مسيطر عليه من أمريكا وصنيعتها إسرائيل وان جميعها اضعف من اصدار بيان رسمي يدين العدوان الأميركي البريطاني المدعوم فرنسيا ولو بالإشارة اللفظية، وشاهد العالم كيف مزق سفير إسرائيل تقرير الأمم المتحدة علي المنصة امام كاميرات العالم و لم يعترض احد عليه .
كشفت الحرب على غزة نوايا الاستعمار وعملائه في المنطقة العربية، وخطة الإنقاذ المقترحة بتهجير اهل غزة الي سيناء ومثلما تم تهجير مليون و ٢٠٠ الف الي الأردن و اصبحوا يحملون أرقاما وطنية و جزء من نسيج اردني بكامل الحقوق في اعتداء صارخ علي أصحاب الأرض الأصليين والعشائر الأردنية و أيضا تهجير الفلسطينيين الي لبنان الصامدة ذات الموقف المشرف و الداعم للمقاومة و فلسطين .
لقد ظهرت علنا تلك النوايا ولاح معها علي شاشات التلفاز الإعلامية اعتراض الدول و بشده مثلما تم الاعتراض مسبقا علي تهجيرهم للاردن ثم بات الفعل واقعا علي الأرض، ومن ثم تمت المقايضة مع الملك الحسين وقت الرئيس رونالد ريجان و رئيسة وزراء بريطانيا مارجريت ثاتشر ” أن بقاؤك والملكية الهاشمية مرتهن بقبول الفلسطينين بكامل الحقوق في الأردن “وهو ما تم ” كرسي العرش مقابل الفلسطينين “.
حرب غزة أوضحت بما لا يدع مجالا للشك ان الخطة ليست فقط التهجير الي سيناء بل الي عمق مصر العربية ، و اكدت ما كان يدور في الخفاء ضمن مناقشات لم يشر اليها علنا من قبل رغم تواجدها من وقت الرئيس السادات، الرئيس مبارك، الرئيس محمد مرسي و الان في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي اعلن مرارا رفض ذلك .
غزة هاشم مثلما كان يطلق عليها ، ساهمت في خلخلة جذور الثقة ببعض الحكام العرب و ادوارهم، والأيام القادمة ، ليس بالضرورة غدا او بعد غد تنبئ بان هناك أنظمة في طريقها للزوال وان خارطة شرق أوسط جديد في الطريق للتفعيل. و أيضا كانت غزة رغم فداحة الخسائر البشرية والتدمير البشع للمدينة صخرة انكسرت عليها الاتفاقات والمعاهدات ، و اكدت للعدو الصهيوني ولاسرئيل وزبيانتها من موقعي الاتفاقات والمعاهدات ان لا سلام بدون إعادة الحق الفلسطيني وأن الشعب الفلسطيني وفقط الفلسطيني هو من يقرر السلام والبقية الباقية من التابعين لامريكا ويهرولون في مضاميرها الخاصة لا حول ولا قوة لهم، هم مجرد أدوات غير مشروعة امام متطلبات ألشعب الفلسطيني والعربي.
الحرب على غزة انهت دور الشاشات العربية والأجنبية ومحطات الاعلام المتحيزة والمدعية ، ونجحت المقاومة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعية مما حدا ببعض منها اللجؤ الي اغلاق اكثر من مليون حساب ومراقبة كل برامجها و لكن الأكثر خطورة كان قدرة شباب فلسطين اختراق الانترنت والمواقع الصهيونية والتابعة لها و مراكز حساسة في مؤسسة الدولة الإسرائيلية مما صدم الجيش الإسرائيلي . كما و ان حرب غزة كبدت موازنة إسرائيل عشرين مليارا من الدولارات الامريكية و الحبل علي الجرار.
من جانب اخر أظهرت حرب غزة كيف ركض بعض من الاعلام الحكومي لتضخيم احاديث بعض من الحكام العرب اللذين سارعوا ببعض من خطابات وكأن الموضوع هو بلاغة هذا الحاكم او براءة ذمة لذاك الاخر ، بينما الموضوع الأساس هو “غزة يتم تدميرها ” و لا احد يقف معها بجدية السلاح والمساعدات . الكل ينتظر إرضاء السيد الأمريكي !!!!
اما موضوع الرهائن ، فهو ليس بقيمة لدى حماس مثلما هو غاية في الأهمية لدى الإسرائيليون اللذين تحولوا فجاءة لمواطنين حاملين جنسيات اخري، فقد أظهرت المقاومة احترامهم والتزامهم بالقوانين الدولية ومعاهدة جنيف بخصوص الاسرى بعكس ما فعلت إسرائيل من قتل و تعذيب الاسري في حروبها مع مصر ومع الاسرى الفلسطينيون في الضفة و القطاع.
الحرب على غزة هي بورتريه ، كتاب مفتوح عن الأرض والحقوق ، وعن محاولات اضعاف الثقافة الإسلامية ، وعن الوحشية الصهيونية والاجرام ، عن التحالف الغربي المعادي للامة العربية والإسلامية ، عن عدم تواجد مدنيين في اسرئيل كلهم مدربون و عسكريون واحتياط ، عن حرب صليبية جديدة في الشرق ، عن جيش دفاع مهتريء ، عن حرب نفسية و معنوية، عن سقوط معاهدات استسلامية و تهاوي قواعدهم الاستعمارية و حلفائهم ، عن طريق التحرير الأوحد بأن ما اخذ بالقوة لا يستعاد الا بالقوة كما قالها الزعيم العربي الخالد جمال عبد الناصر ، وعن حكومة الاحتلال التي لم تقدر علي مواجهة جزء من قطاع غزة الصغير الذي ينصرهم الله عز و جل، فاستنجدت ببوارج و مدمرات و طائرات العالم والناتو وقواعد عسكرية في دول عربية مختلفة بينما الطفل الفلسطيني الذي حمل الحجر يلعب و يلهو في المدافن و بين جثث الضحايا و الشهداء في ارض غزة و يصرخ “هنا العب و هنا سادفن شهيدا دفاعا عن فلسطين “.
اننا عائدون يدا بيد مع كل أبناء احرار العرب ، و لو بعد الف عام لأننا أصحاب الحق والأرض ولا نقبل بالتهجير ولا احتلال أراض عربية بالتفاوض و / او بغيره من الطرق ، فانتظرونا وهنيئا لكل شهيد من عام ١٩٤٨ و حتي يتم تحرير فلسطين ، و ليخسأ المتامرون الازلاء.
كانت وستبقى فلسطين عربية موعودة بالنصر مهما حصلت إسرائيل علي دعم و مسانده لان عدوان الكيان الصهيوني المحتل والغاصب لفلسطين غاشم وعاجز ولا يستطيع حماية نفسه ولم شعثه، وسوف ينهار بأسرع مما يتوقعون بعون الله .
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة الحرب على غزة بعض من
إقرأ أيضاً:
التهجير القسري في فلسطين.. بين الدعم الأمريكي والتواطؤ الإعلامي
عبدالحكيم عامر
تشكل سياسات الولايات المتحدة تجاه القضية الفلسطينية عاملًا رئيسيًّا في تكريس الاحتلال الإسرائيلي وتعزيز سياساته التوسعية، حَيثُ تعتمد واشنطن على مجموعة من الأدوات لتنفيذ مخطّط تهجير الفلسطينيين وإعادة تشكيل الخريطة الديموغرافية للمنطقة بما يخدم المصالح الصهيونية، من خلال الدعم العسكري غير المحدود، والضغط السياسي على الدول المجاورة، والتواطؤ الإعلامي، تسهم الولايات المتحدة في ترسيخ واقع جديد يهدّد الوجود الفلسطيني في وطنه التاريخي.
تقدم الولايات المتحدة دعمًا عسكريًّا هائلًا للاحتلال الإسرائيلي، يشمل تزويده بأحدث الأسلحة والذخائر المتطورة، مما يعزز آلة الحرب الصهيونية ويجعلها أكثر قدرة على تنفيذ عمليات التدمير والقتل الجماعي، لم يكن التصعيد الأخير على غزة استثناء، إذ استخدمت قوات الاحتلال الأسلحة الأمريكية في قصف المناطق السكنية، وتدمير المنازل فوق رؤوس ساكنيها؛ ما أَدَّى إلى خلق بيئة معيشية مستحيلة تدفع الفلسطينيين نحو الهجرة القسرية، هذا الدعم العسكري يتجاوز كونه مُجَـرّد تحالف استراتيجي، ليصبح أدَاة رئيسية في مشروع التهجير والتطهير العرقي.
إلى جانب الدعم العسكري، تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا سياسية واقتصادية على الدول المجاورة لفلسطين لإقناعها بقبول الشعب الفلسطيني، في خطوة تهدف إلى تفريغ الأرض من سكانها الشرعيين، ويتم الترويج لهذه الخطوة تحت غطاء “المساعدات الإنسانية”، لكنها في حقيقتها محاولة لفرض واقع ديموغرافي جديد يخدم الاحتلال الصهيوني، إذ يسعى إلى إنهاء القضية الفلسطينية وتحويلها إلى قضية لاجئين بدلًا عن أن تبقى قضية وطنية مرتبطة بحق العودة، وهذا الضغط يضع الدول المجاورة أمام معادلة صعبة، حَيثُ تخشى من تداعيات سياسية واقتصادية وأمنية، لكنها تجد نفسها تحت تهديد الابتزاز الأميركي في حال رفضها الامتثال لهذه المخطّطات.
وتلعب وسائل الإعلام الغربية والصهيونية دورًا خطيرًا في شرعنة هذه الجرائم، حَيثُ تعمل على تضليل الرأي العام العالمي من خلال تصوير عمليات التهجير القسري وكأنها “إجراءات إنسانية” تهدف إلى إنقاذ الفلسطينيين من الحرب، متجاهلة أن الاحتلال الإسرائيلي هو المسؤول الأول عن هذه الكارثة وعن هذه الجرائم، ويتم التلاعب بالمصطلحات في التغطيات الإعلامية، فتُوصف المجازر بحق المدنيين بأنها “أضرار جانبية”، ويتم تجاهل سياق العدوان، بينما تُقدَّم العدوّ الإسرائيلي على أنه في حالة “دفاع عن النفس”، في حين تُمنع الأصوات الفلسطينية من الوصول إلى المنصات الإعلامية الكبرى، هذا التواطؤ الإعلامي لا يهدف فقط إلى تبرير الجرائم، بل يسعى إلى تطبيع التهجير وتحويله إلى حَـلّ مقبول على المستوى الدولي.
إن المشروع الأمريكي-الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين يعتمد على مزيج من القوة العسكرية، والدبلوماسية الضاغطة، والحرب الإعلامية المضللة؛ بهَدفِ فرض واقع جديد على الأرض، لكن رغم كُـلّ هذه المحاولات، يبقى الشعب الفلسطيني متمسكًا بحقه في أرضه، ومقاومًا لكل محاولات اجتثاثه من جذوره التاريخية.
فالتهجير القسري ليس مُجَـرّد “خيار إنساني”، بل هو جريمة ضد الإنسانية ولإنهاء القضية الفلسطينية، تتطلب وقفة جادة من المجتمع الدولي، وفي هذه المرحلة بات الاختبار الحقيقي موجهًا للدول العربية والإسلامية، وللنخب التي لا تزال تمتلك زمام القرار، فهل سيواصل البعض تقديم المبادرات العقيمة التي لا تثمر إلا في ترسيخ الاحتلال وتعزيز سطوته؟ أم أننا أمام لحظة وعي فارقة تدرك فيها الأُمَّــة أن فلسطين لا تُستعاد إلا عبر مقاومة فاعلة، وحراك شامل على جميع الجبهات لإفشال المخطّطات الصهيونية؟