تراجع الاحتياج إلى تمويل الميزانية: انخفاض وتيرة إصدار سندات التنمية

حجم الاقتراض الخارجي يشهد تراجعا لم تقم سلطنة عمان بأي سحب من الاحتياطي منذ بداية هذا العام

تشير المؤشرات إلى تراجع الدين واتخاذه منحنى نزولي خلال الفترة المقبلة

حرصت سلطنة عمان دائما على دعم توجهاتها نحو التنويع المالي والاقتصادي بتطوير مستمر للسياسات العامة والتشريعات التي تواكب وتلبي احتياجات الحاضر وتستشرف المستقبل وما قد يشهده من متغيرات، وفي هذا الإطار، كان التراجع الملموس في حجم الدين العام إنجازا يكتسب أهمية كونه مدعوما بالعديد من الإجراءات والمبادرات والقوانين التي تعزز منظومة الضبط المالي والتوجه نحو الاستدامة وكان أحدثها وضع الإطار التشريعي المتوافق مع أوضاع ومستهدفات الدين العام من خلال قانون الدين العام.

ويعد قانون الدين العام استمرارا لحزمة الإصلاحات والقوانين التي استهدفت تحسين الوضعين المالي والاقتصادي وأحداث تحولات في الدور الذي تقوم به الحكومة والقطاع الخاص وكذلك في توجهات السياسات الاقتصادية والمالية العامة للدولة بهدف تعزيز التنويع الاقتصادي وتشجيع وجلب الاستثمارات الجديدة، وحتى الآن، برهنت هذه السياسات عن نتائج جيدة في تشجيع الاستثمار واكتساب ثقة المستثمرين، كما نجحت مجموعة القوانين ذات العلاقة بالوضعين المالي والاقتصادي في جذب الاستثمارات النوعية وتحسين آفاق النمو والتنويع على المدى المتوسط والطويل. وبشكل خاص، يمهد وجود قانون للدين العام لتحقيق عديد من المستهدفات منها إتاحة وسائل وأدوات أكثر تعددا وتنوعا لتمويل المشروعات التنموية من خارج الميزانية وإمكانية إعادة هيكلة الديون وإيجاد مرونة في تحديد احتياجات التمويل للميزانية عند الاحتياج لذلك، فضلا عن تحديد حجم الاقتراض وفق المتغيرات عبر لجنة خاصة من الجهات المعنية تتولى تحديد الحد الأعلى لحجم الاقتراض السنوي، وفي الوقت نفسه يأتي هذا الإطار التشريعي الواضح للدين العام ليمثل خطوة جديدة نحو تعزيز الشفافية والحوكمة كنهج ثابت وواضح اتخذته سلطنة عمان في كافة ما يتعلق بإدارة الجهاز الإداري والاستثمارات الحكومية وتعزيز الرقابة على المال العام. وفيما يتعلق بتطور الدين العام في سلطنة عمان، لم يكن الإنجاز الذي تحقق في هذا الملف الصعب هو فقط تراجع حجم الدين لكن أيضا تأكيد قدرة سلطنة عمان على الوفاء بالتزاماتها المالية وكفاءتها في حلحلة الملفات الصعبة التي نجمت عن الاعتماد على النفط كمصدر للدخل والعائدات، وقد امتدت هذه الكفاءة لتشمل أيضا توجهات الإنفاق العام وفعالية وتطور الأداء الحكومي إضافة إلى تحسين بيئة الأعمال والتسهيلات المتوالية لجذب الاستثمارات وكافة الجوانب الاقتصادية والمالية وكلها أمور تشكل مجتمعة أساسا للوصول لوضع مالي واقتصادي يتمتع بحيوية ودعم الروافد المتعددة والمتنوعة للنمو والاستقرار.

وخلال العامين الماضي والجاري، تراجع الاحتياج إلى مختلف وسائل تمويل الميزانية العامة حيث انخفضت وتيرة إصدار سندات التنمية الحكومية، كما سجل حجم الاقتراض الخارجي تراجعا كبيرا، ولم تقم سلطنة عمان بأي سحب من الاحتياطي لتمويل الميزانية العامة للدولة منذ بداية هذا العام، فيما اقتصر السحب من الاحتياطيات العامة على نحو 1.3 مليار ريال عماني خلال عام 2022 لاستخدامها في تمويل الميزانية العامة للدولة. وكان ارتفاع الدين العام قد بلغ ذروته في عامي 2020 و 2021 وصاحب الارتفاع زيادة غير مسبوقة في الاقتراض والسحب من الاحتياطيات، وتشير المؤشرات حاليا إلى تراجع الدين واتخاذه منحنى نزولي خلال الفترة المقبلة، بفضل انخفاض احتياجات تمويل الميزانية سواء من المصادر المحلية أو الخارجية، وذلك نظرا لارتفاع أسعار النفط وتوجيه الجانب الأكبر من العائدات الإضافية خلال الفترة الماضية لسداد الدين، وما اتخذته سلطنة عمان من خطوات حاسمة في تنفيذ الإصلاحات المالية وخطط للضبط المالي ووضع الاقتصاد والتنمية كأولوية أساسية للمرحلة الأولى من رؤية عمان 2040.

ومنذ تراجع النفط بشكل حاد في عام 2015, اتخذ الدين العام مسارا صعوديا سريعا مهددا الاستقرار المالي وجودة التصنيف الائتماني لسلطنة عمان، وللتعامل مع هذا الجانب أُنشأت وحدة إدارة الدين العام بوزارة المالية عام 2017؛ بهدف تحسين تكاليف تمويل الاحتياجات المالية وذلك من خلال تنويع مصادر التمويل، وإنشاء جهة اتصال مركزية للتنسيق مع مؤسسات التصنيف الائتماني، والمستثمرين، والمعنيين بالاحتياجات المالية للميزانية العامة للدولة، بالإضافة إلى إصدار سندات الدين. ومع انطلاقة الرؤية المستقبلية، انتقلت سلطنة عمان إلى مرحلة الحلول الجذرية لكافة العوامل التي تمثل خطرا على الوضعين المالي والاقتصادي، ولذلك تم في عام 2020 بدء تنفيذ خطة التوازن المالي متوسطة المدى 2020-2024 والتي أسفرت عن تراجع ملموس في حجم الدين وتحسن في الوضع المالي والتصنيف الائتماني الأمر الذي مثل فرصة للانتقال مجددا إلى التقدم على صعيد الاستدامة المالية في سلطنة عمان عبر بدء تنفيذ البرنامج الوطني للاستدامة المالية وتطوير سوق رأس المال. وبشكل متزامن مع الخطة المالية متوسطة المدى، نفذت سلطنة عمان حزمة واسعة من خطط ومبادرات الضبط والإصلاح المالي من أهمها ضم الشركات الحكومية تحت مظلة كيان واحد هو جهاز الاستثمار العماني، وتعزيز كفاءة تحصيل الإيرادات العامة والإنفاق العام، وتطبيق موازنة البرامج والأداء وتحسين الإطار المالي متوسط المدى للميزانية العامة، ودمج هذا الإطار في عملية إعداد ومتابعة تنفيذ الميزانية العامة للدولة، كما نجحت سلطنة عمان في تخفيف أعباء الميزانية بشكل كبير من خلال عملية فصل مصروفات قطاعي النفط والغاز عن الميزانية العامة وتأسيس شركتي تنمية طاقة عمان وشركة الغاز المتكاملة مما يعزز آفاق الاستثمار في هذين القطاعين الحيويين ويرفع من مساهمتهما في تنوع الاقتصاد ومصادر الدخل.

وخلال الفترة المقبلة، من المتوقع أن يؤدي نظام السجل الوطني للأصول الحكومية "أصول" ، الجاري تنفيذه حاليا، إلى نقلة جديدة في تقوية المركز المالي لسلطنة عمان وإظهار قوة وحجم ما لديها من أصول بما في ذلك البنية الأساسية واستثمارات الشركات الحكومية وأصول الجهات والوزارات المدنية حيث من المستهدف وضع نظام مركزي متكامل لحصر الأصول الحكومية، وإعداد استراتيجية لضمان مركزية إدارتها ورفع كفاءتها وتعظيم المنافع والعوائد الحكومية من خلال توجيه استخدامها واستثمارها بالشكل الأمثل، بما يسهم في رفد الميزانية العامة للدولة بموارد مالية إضافية، وتواصل وزارة المالية أعمال حصر الأصول الحكومية وتسجيلها في السجل الوطني للأصول الحكومية "أصول"، وقد تضمنت المرحلة الثانية أصول كل من وزارة المالية وبلدية مسقط، وتتضمن الجهات التي ستخضع لحصر أصولها لاحقا وزارة التربية والتعليم ووزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات وبلدية ظفار وهيئة البيئة، على أن يتم تعميم المشروع على بقية الجهات الحكومية تباعا، وتستهدف سلطنة عمان إدراج أصولها واستثماراتها محليا وخارجيا، وأصول جهاز الاستثمار العُماني، والبنك المركزي العُماني في مرحلة لاحقة.

إلى جانب الأثر الكبير المتوقع على قوة المركز المالي للدولة، يستهدف هذا النظام دعم القطاع الخاص عبر تحديد الأصول الحكومية لمشروعات التخصيص والشراكة بين القطاعين العام والخاص، فيما يعد امتدادا وتكاملا مع برنامج التخصيص الذي بدأ تنفيذه جهاز الاستثمار العماني لحصص وشركات حكومية وأسفر حتى الآن عن ثلاثة اكتتابات ناجحة في بورصة مسقط. ويعدّ توسعة الشراكة مع القطاع الخاص وزيادة دوره في التنمية مستهدفا رئيسيا في رؤية عمان المستقبلية 2040 حيث سيكون دور القطاع الخاص هو العامل الأكثر تأثيرا على نجاح التنويع في بعديه المالي والاقتصادي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المیزانیة العامة للدولة المالی والاقتصادی تمویل المیزانیة الدین العام خلال الفترة سلطنة عمان من خلال

إقرأ أيضاً:

التقرير المالي لاتحاد كرة القدم: 15مليونا مكافآت و63 مليونا VAR

ماجد محمد

أرفق الاتحاد السعودي لكرة تقريرَه المالي ضمن ملفٍ أرسله لأعضاء الجمعية العمومية، تمهيدًا لانعقاد اجتماعها في 25 فبراير الجاري.

ووفقا للتقرير زادت إيرادات وإعانات الاتحاد نحو اكثر من 306 ملايين ريال في العام المالي الماضي، المنتهي في 20 يونيو 2024، مقارنةً بنظيره قبل الماضي، وبلغت مليارًا و516 مليونًا و438 ألفًا و198 ريالًا، شمِلَت المنح والدعم وعقود الرعاية ومداخيل المباريات ونقلها فضلًا عن الرسوم والاشتراكات والإيرادات الأخرى بحسب صحيفة الرياضية.

وتجاوزت إيرادات وإعانات الاتحاد مصروفاته بأكثر من 117 مليون ريال، طبقًا لنتائج العام المالي الماضي، المعتمدة في 5 فبراير.

وقدرت إجمالي المصروفات، بمليار و398 مليونًا و753 ألفًا و500 ريال، غطّت الدوريات والمسابقات والاستضافات، ودعم الأندية وجوائز المسابقات، ومعسكرات ومنافسات المنتخبات السعودية، ولجنة الحكام، فضلًا عن رواتب ومميزات الموظفين، والأركاب والمواصلات، ودعم الاتحادات الصديقة.

ووصلت مصروفات لجنة الحكام إلى 116 مليونًا و943 ألفًا و956 ريال، فيما كلّفت معسكرات ومصروفات منافسات المنتخبات أكثر من 303 ملايين.

وقدّم الاتحاد دعمًا للأندية وجوائز المسابقات تجاوز 308 ملايين ريال، ودعمًا للاتحادات الصديقة أكثرَ من 65 مليونًا، في حين وصلت رواتب ومميزات الموظفين إلى أكثر من 259 مليونًا، تشمل أعضاء الأجهزة الفنية والإدارية والطبية للمنتخبات، والمكافآت، والإيجارات، وبدل السكن، وبدل خارج الدوام. وبلغت الرواتب الأساسية 183 مليونًا و626 ألف ريال، والمكافآت 14 مليونًا و833 ألفًا، مقابل 25 مليونًا و833 ألفًا للإيجارات وبدل السكن، في حين بلغت تعويضات كبار موظفي الادارة وأعضاء مجلس الادارة وأعضاء اللجان 15 مليونا و 858 ألفا.

وتجاوزت مكافآت الحكام السعوديين 63 مليون ريال، وكلّفت تقنية حكم الفيديو المساعد VAR 42 مليونًا و199 ألفًا، شمِلَت قيمة عقود التقنية وتقنية خط المرمى والتسلسل النصف إلكتروني لكأس خادم الحرمين الشريفين، ودوري المحترفين، وكأس السوبر، ودوري الدرجة الأولى، ودوري الرديف. وتحت بند المعسكرات ومنافسات المنتخبات، كلّفت المعسكرات والمشاركات الخارجية 125 مليونًا و935 ألف ريال، مقابل 17 مليونًا و592 ألفًا للمعسكرات الداخلية، ووصلت مكافآت المباريات إلى 113 مليونًا و502 آلاف، ومصروف الجيب إلى 12 مليونًا و331 ألفًا.

وتضمّنت نتائج العام المالي ذممًا مدينةً للاتحاد قدرُها 399 مليونًا و866 ألف ريال، عند وزارة الرياضة، والاتحاد الدولي لكرة القدم، والآسيوي، والعربي، وتسع شركات راعية.

وقُدِّرَت الذمم الدائنة بـ 267 مليونًا و79 ألفًا، تشمل وزارة الرياضة، وشركة «صلة»، ولجنة الرقابة على المنشطات، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.

وحصل اتحاد الكرة خلال العام المالي ذاته، على 8 ملايين و247 ألف ريال من لجنة الانضباط والأخلاق، نظير عقوباتٍ موقّعةٍ على الأندية واللاعبين والمدربين.

وزادت إيرادات وإعانات اتحاد الكرة بالمقارنة مع نتائج العام المالي قبل الماضي، بأكثر من 306 ملايين ريال، والمصروفات بنحو 321 مليونًا و800 ألفًا.
وفي سياق متصل شملت مقترحات تعديل النظام الأساسي لاتحاد القدم، التي ستُعرض في الجمعية العمومية العادية الثلاثاء بعد المقبل. وتمثلّت التعديلات والإضافات ومقترحات الحذف في 77 مادة، يتناول بعضها تشكيل مجلس الإدارة، وتعيين نائبين لرئيس الاتحاد، وهيكلة الأمانة العامة، ومنصب الأمين العام، والانتخابات، وصلاحيات واجتماعات مجلس الإدارة، وأوضاع وانتقالات اللاعبين.

مقالات مشابهة

  • التقرير المالي لاتحاد كرة القدم: 15مليونا مكافآت و63 مليونا VAR
  • بحضور الرئيس السيسي.. «300» شخصية من 17 شركة دولية يناقشون أمن الطاقة والاستدامة والتحول بـ«إيجبس 2025»
  • استعراض التعاون البرلماني والتشريعي مع المملكة المتحدة
  • محطة استخباراتية للحوثيين في مسقط لتنسيق التواصل مع إيران وتسهيل عمليات التهريب والدعم.. هل سلطنة عمان متورطة؟
  • مشاركة الخيل والهجن في مسيرة نهائي أغلى الكؤوس بإبراء
  • ممدوح عيد يدعم لاعبي بيراميدز قبل مواجهة مودرن سبورت
  • محمد أبو العينين: يجب إصدار قانون جديد للاستثمار يدعم خريطة مصر الصناعية
  • دعوة رسمية.. وزير الخارجية الإيراني يزور سلطنة عُمان
  • جهود سلطنة عمان نحو الاستدامة المالية والاقتصادية.. تحسين المؤشرات المالية وتعزيز التنويع الاقتصادي
  • سلطنة عمان تشارك في الدورة الـ63 للجنة التنمية الاجتماعية بالأمم المتحدة