مسرحية «ضيف محارب الضوء».. مشهدية اليقظة والعتمة!
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
نوف الموسى (دبي)
يبدو أن مسرح رأس الخيمة الوطني، يراهنُ على اللحظة الواعية فيما يطلق عليه في الثقافة المسرحية المخرج المُدرك لأبعاد مخزونه الثقافي والفكري وقراءاته للفضاء المسرحي العام وأهمية دراسته لحركة الممثلين عبر موسيقى حيّة، تُعزف على أرضية النص المسرحي الفائض بالأسئلة الكُبرى.
وقد نجد ذلك جلياً في مسرحية «ضيف محارب الضوء» للمخرج إسماعيل سالم، والمؤلف أحمد العويني، ضمن فعاليات مهرجان دبي لمسرح الشباب 14، من خلال تحول «الضوء» في داخل المكنون الإنساني إلى شخصية قائمة بذاتها، حيث تبحث بشكل آسر عن مساحة آمنة لتحقق من خلالها «اليقظة الإنسانية» التي لا يُمكن أن تتجلى في ظل عتمة الروح، وضيق النفس، وضياع الذات.
وقد استطاعت مسرحية «ضيف محارب الضوء»، أن تجعل من نِزال الأضداد «الضوء والعتمة»، حواراً مقبولاً في فرجته المسرحية، يتكشف من خلالها كيف أن هناك أشخاصاً يجهدون لإبقاء الضوء حاضراً ودليلاً لوجودهم، بينما هنالك آخرون في ذات المحيط الإنساني، يرتعبون من فكرة الضوء، ببساطة جداً يراها المشاهد في حديث الزوجة لزوجها، وبالأخص امتعاضها لكل هذا الضوء الذي يحرص الزوج على إبقائه مشتعلاً، ليحسن بذلك استقبال الضيف، وفي الآن ذاته، يحفظ مساحته الخاصة وكرامة بيته وأهله، بأن يؤصل حقيقة وجودهم بعلامة ضوئية.
ومن الجدير بالذكر أن أهمية العرض المسرحي تكمن في بيان الأوجه المتعددة بين الداخل الإنساني والخارج، فطوال لحظات الترقب لحضور الضيف المتوقع، كان المتلقي يشهد قضايا الصراع الداخلي للبيت بين الزوجين، كقضايا «الشرف» والخيانة الزوجية وغيرها، التي تحوم كشبح في مكون الثقافة المجتمعية، مسببةً حالة محتملة من الإقصائية والتفكك الأسري، ما يهدي المتابع تصوراً عاماً بأن الضيف، بطبيعة الحال، إما أنه سيدرك هذه الهشاشة الداخلية بمجرد وصوله، ويستغلها أيما استغلال، وإما أن يتعلم من خلال هذا الضعف صناعة أدوات دفاعية، لأن أهل البيت المجروحين عادةً ما يفقدون وعي التصرف، ما يجعلهم يرتكبون الأخطاء المكررة، والدليل على ذلك الغضب المستمر لصاحب البيت «الزوج» عن بدء خسارته لمساحة بيته شيئاً فشيئاً، ليكتشف بعدها أنها رغبة الضيف العابر وسطوته، وبذلك نتأكد أن اليقظة الإنسانية لبواطن الضعف والقوة، وحدها قادرة على أن توقظ الإنسان من نفسه ومن وهم الضيف.
أهدت الموسيقى الحيّة، واستخدام قرابة الـ 7 آلات موسيقية بتنوعها في العرض المسرحي، الجمهور حالة من الاسترخاء التام، رغم صعوبة الطرح الجدلي على الخشبة. وفي اعتقادي هي إضافة ذكية من قبل القائمين على العرض المسرحي لتحقيق التوازن الشعوري في داخل القاعة، إضافة إلى استخدام «المجاميع»، وهي عنصر مسرحي يتضمن مجموعة من الشباب الممثلين، الذين يقدمون أداء فنياً متماثلاً يراعون فيه البعد الدلالي والجمالي لمعنى حركتهم على المسرح، وفي العرض مثلوا حركة «الضوء» و«العتمة» باستخدام أعمدة ضوئية، يحملونها بأيديهم، كتلك الشبيهة بالإنارة الخارجية بقرب بوابة المنازل والحدائق والشوارع العامة والأحياء، والبراعة البصرية فيها أنه يمكن تحويرها إلى تشكلات بصرية متعددة، تجدها في مسرحية «ضيف محارب الضوء»، ككائن حيّ يولد بأشكال متنوعة وفقاً للحالة المشهدية في المسرح، كأن تكون بنية مادية تشكل «البيت»، أو بهيئة شعورية كأن تجسد «الحزن».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: مسرحية العرض المسرحی
إقرأ أيضاً:
المهرجان المسرحي لشباب الجنوب يدخل البهجة على أطفال مركز أورام قنا
نظّمت إدارة المهرجان المسرحى الدولى لشباب الجنوب، برئاسة الناقد الفني هيثم الهواري، مجموعة من العروض الفنية والترفيهية للأطفال المرضى بمركز الأورام بمحافظة قنا، ضمن فعاليات الدورة التاسعة للمهرجان، وذلك بحضور الدكتور أحمد جمال، مدير المعهد، والنائب محمد الجبلاوي عضو مجلس النواب.
تضمنت الفعاليات عروض الأراجوز التي قدمها فريق صندوق التنمية الثقافية، بمشاركة الفنانين صابر شيكو وخليل عواد، حيث قدّما حكايات شعبية مستوحاة من التراث المصري مثل "عم عثمان الكسول" و"فلفل وفلفلة"، كما قُدمت فقرات غنائية متنوعة منها "الأقصر بلدنا"، و"طلع الفجر"، و"لسه فاكر"، و"يا أغلى اسم في الوجود"، و"قمرٌ".
كما شاركت فرقة أطفال الفنون الشعبية التابعة لقصور الثقافة بقيادة المدرب محمد برقع، بعدد من العروض الاستعراضية منها "عظمة على عظمة"، "صعيدي"، "التنورة"، "البحر بيضحك ليه"، "حلاوة شمسنا"، "من قلب الدنيا"، و"علشان نكون مع بعض".
وشهدت الفعاليات عروض "المكتبة المتنقلة" التي يقدمها الفنان ربيع زين، أخصائي مشروع المكتبة المتنقلة بمؤسسة مصر الخير، حيث شملت جلسات حكي تربوي، وألعابًا تعليمية، وقراءة حرة، بهدف تعزيز ثقافة القراءة وتنمية القدرات الإبداعية لدى الأطفال، مع التركيز على دعم حرية التعبير.
وفي ختام الفعالية، تم توزيع الهدايا من ألعاب ومجلات على الأطفال، وسط أجواء من البهجة والتفاعل الكبير من جانبهم.
يُذكر أن الدورة التاسعة من مهرجان شباب الجنوب، والمقامة بمحافظة قنا وتستمر حتى 20 أبريل الجاري، تُقام تحت اسم الراحلة د. عايدة علام، وتحتفي بالمسرح الفلسطيني هذا العام، تحت شعار "المسرح مقاومة"، وبرعاية وزارات الثقافة، والشباب والرياضة، ومحافظة قنا، ومؤسسة مصر الخير.