د. خليفة بن عربي: العربية لغة عالمية بالرغم من تخلّف العرب
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
في حديث مع الدكتور خليفة بن عربي الرئيس السابق لقسم اللغة العربية بكلية الآداب في جامعة البحرين أُجريَ في مكتبه حول اللغة العربية و وجودها اليوم في المجتمعات العربية ، كما أكد في هذه الحوارية على التمسك بالقرآن الكريم و اللغة العربية فبدونهما تسقط الهوية العربية . وقد وضّح علاقة طلاب هذه الأجيال بالخصوص باللغة العربية و أهم أسباب عزوفهم عن لغتهم ثم قدّم بعضًا من التحليلات و الحلول بشأن هذا الموضوع.
ماهو سر اختيارك لهذا التخصص دون باقي التخصصات؟ حقيقةً هي الميول الشخصية ، لما تخرجت من المرحلة الثانوية وجدت في نفسي ميولاً للغة العربية و الشعر و الأدب خصوصًا أن هناك استاذ هو الذي حببني لهذا التخصص ، بالإضافة إلى وعيي بأهمية اللغة العربية و دورها في التكوين الثقافي الشخصي و أهمية أن تُأصَّل اللغة العربية في الذات و أيضًا عند الأجيال لأجل تقوية ارتباط الجيل بثقافته .
هل حب اللغة العربية كانت لها مكانة لديك من الصغر؟ وماهي أهم انجازاتك بهذا الخصوص؟ كان لدي نوع من الميول في الصغر فكنت أحب كثيرًا مادة النصوص الأدبية و أحفظ كثيرًا من الشعر و مازلت إلى الآن حافظًا لبعض النصوص التي درستها في الابتدائية للثانوية لاتزال عالقةٌ في ذاكرتي ، و كان لدي أيضًا ميول لمشاهدة بعض البرامج القديمة في اللغة مع أني قد لا أفهمها جميعها ، في المرحلة الاعدادية بدأت بكتابة الشعر كانت بدايات ضعيفة و غير منضبطة وكنت أشارك في بعض الأنشطة و منها ساهمت في كتابة أبيات شعرية على الوسائل التي تُعلّق على حيطان المدرسة أو بعض الطرائف الأدبية العربية .
قلت بأن لديك محاولات لكتابة الشعر منذ الصغر فهل جُبِلت عليها فطريًا أم اكتسبتها؟ الميل للشعر هي مسألة وجدتها في نفسي منذ الصِغر أي نهاية المرحلة الابتدائية وبداية الاعدادية ، كنت أحب قراءة الشعر و أحفظ الكثير من النصوص الشعرية التي تعلق في ذاكرتي ، فهو ميل ذاتي فطري ولكنني لاحقًا صقلت الموهبة .
منذ متى بدأت مشوار التدريس و ماهي أهدافك منه؟ التعليم كان غاية في ذاتي منذ دراستي في المرحلة الثانوية وحتى قبل ذلك فكان لديّ نوعًا من الميل لعملية التعليم ، أذكر لما كنت صغيرًا عندما كنت أدرس دائمًا أُمثل أنني في فصل دراسي فكنت أتخيل أن الطلاب جالسون أمامي و أنا أشرح لهم المادة ، ولما دخلت الجامعة نما لديّ هذا الشعور وبعد تخرجي لم يكن أمامي من هدف للعمل غير التعليم فتوجهت مباشرةً للتدريس سنة 1996 بدأت مشواري في التعليم في مدارس وزارة التربية و التعليم .
كيف تصف مهنة التدريس بشكل عام ، و تدريس العربية بشكل خاص؟ لاشك أن مهنة التعليم من أنبل المهن و أشرفها و أكثرها عطاءً لأنها تبني الأجيال و تعين على تكوين الفكر و الثقافة و العقل ، أما تدريس اللغة العربية فهو أروع و أمتع فهي وماتحويه من خصائص و جماليات و ظواهر لاتوجد في غيرها من اللغات الأخرى تبعث على المتعة في تدريسها و أيضًا حينما يستوعبها الطلاب يكتشفون جانبًا من المتعة حقيقةً لا يجدونها في لغات أخرى إن كانوا يدرسونها ، وهنالك بيت لأحمد شوقي يقول فيه «كاد المعلم أن يكون رسولا» ، فمهنة التعليم تتقاطع مع دور النبي (ص) فدوره التبليغ وكذلك المعلم .
ماهي أهم الأساليب التي كنت تتبعها بداية تدريسك لتحبيب الطلاب باللغة؟ أنا دائمًا في عملية التدريس أحاول أن أهدف بالدرجة الأولى إلى أن أقرّب هذه اللغة إلى نفسية الطالب و أسعى بالدرجة الأولى أن أجعلهم يقتربون من اللغة و من جمالياتها ونقنعهم أن المسألة سهلة وبسيطة وليست معقدة كما قُذِف في روع كثيرٍ من أبنائنا عندما يتخرجون من المدرسة و لديهم موقف من مادة اللغة العربية أنها صعبة و لايمكن فهمها ، فهذا أول هدف أهدف له قبل عملية إيصال الأفكار و المعلومات وهو أن أجعل علاقة نفسية متشابكة بين الطالب و اللغة العربية .
ماهو رأيك في طرق تعليم العربية في المدارس وبالأخص أنهم يتخرجون منها وهم لا يعرفون الأساسيات ؟ الموضوع ليس على المعرفة فحسب بل إنهم يكرهون اللغة العربية ، نحن لدينا إشكالية في طرق تدريس اللغة العربية على عدة مستويات فمثلاً على مستوى المواضيع التي تُدرّس و مناهج التدريس و الكتاب المدرسي و كذلك على مستوى الأساتذة ، اللغة العربية لغة الثقافة و العقل و الآباء و الأجداد و الأمة العربية بشكل عام وهي اللغة التي بنت هذه الأمة وهي على قمة الأمم ، فكتب المناهج العربية يجب أن تُجدد و الأستاذ يجب أن يُنتقى .
ماهي قراءتك للمجتمع البحريني بالنسبة لعلاقته باللغة العربية؟ مجتمع البحرين مثل أي مجتمع من المجتمعات العربية الحالية الآن ، للأسف عزوف الناس عن اللغة العربية كبير جدًا تحديدًا الفصحى و الاهتمام باللغات الأخرى و اللهجات العامية ، المجتمع البحريني يحتاج كغيره لتأصيل هذه اللغة و تنمّي حبها و الاهتمام بها في نفوس الناس لأن عزوف الناس عن اللغة شيء أُجبروا عليه فالمجتمع يدفع إلى ذلك و الأنظمة و شروط العمل كلها تدفع الشعوب إلى أن تهمل اللغة العربية وهذا شيء مقصود وهو أن تترك الشعوب العربية لغتها و ثقافتها و يُراد لها أن تذوب في الثقافة الغربية مع الأسف .
ماهي أهم تطلعاتك للأجيال القادمة في علاقتهم باللغة العربية؟ آمُل و أتطلع من الأمة العربية والأجيال القادمة أن تلتفت لأهمية هذه اللغة ودورها في وجودهم و بقائهم و اثبات هذا المقام ، و أنا متفائل إن شاء الله أن ما يمر علينا من أحداث كفيل أن يوقظ هذه الأمة و أن يرجعها إن شاء الله في يومٍ من الأيام إلى مجدها ولن تعود لمجدها حتى ترجع للغتها التي تعيد بناء الفكر و العقل لأن اللغة العربية تختلف عن أي لغة من اللغات ، و دليلاً على ذلك كان آباؤنا سابقًا قبل التعليم النظامي في ما يسمى بـ «المطوّع أو الكتاتيب» فكان أول شيء يبنون فيه الطفل الصغير هو حفظ القرآن الكريم وحفظه ينمّي من عقليته لاحتوائه على العديد من المخرجات التي تنمّي فكر و عقل الانسان فنرى حتى شخصية الطفل تختلف عن باقي الأطفال الغير حافظين للقرآن، فمن الأمور التي عملوا عليها لابعاد الناس عن هذه اللغة أن ألغوا «الكتاتيب» و وضعوا التعليم النظامي الذي يحتوي على كتاب واحد فقط للغة العربية يجمع مختصر علومها ، فنأمل أن تحافظ الأمة على قرآنها وتسعى لنشر حفظ القرآن عبر الأجيال لترقى .
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا اللغة العربیة هذه اللغة التی ت
إقرأ أيضاً:
عيد اللغة العربية
عيد اللغة العربية هذا العام أطل ولم يجد أحدا في بلادنا الحبيبة فالمواطن أما لاجيء ، نازح أو هائم علي وجهه وقد اعياه البحث عن ملاذات آمنة يلتقط فيها بعض أنفاسه ومن ثم يواصل الرحلة ( رحلة الضياع ) !!..
لو أن من أشعلوا الحرب اللعينة العبثية المنسية استطاعوا أن يجردونا من احلامنا لما ترددوا في مصادرتها للصالح العام كما يزعمون عندما يريدون التبكيت علي المواطن وحشره دائما في الزوايا الضيقة !!..
كنا عند حلول الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام نتوجه الي المنتديات الادبية والثقافية في العاصمة أو الأقاليم لنحتفل بعيد اللغة العربية الشريفة ، لغة القرآن الكريم ، لغة أهل الجنة ، التحدث بها فضيلة وتعلمها واجب .
وهنالك في قاعة الشارقة وفي رحاب ندوة العلامة عبدالله الطيب يصطف العلماء في المنصة الرئيسية يتقدمهم تلميذ العلامة عبدالله الطيب البروف صديق عمر الصديق ويومها تكون القاعة المهيبة مضمخة بأريج اجود الكلم بلسان عربي مبين وينداح النثر الموموسق والشعر الرصين يجريان في صفاء مثل النيلين يحملان من المعاني والحكمة والمتعة والجمال الكثير الكثير .
تسمع البروف صديق عمر الصديق بصوته المميز وسمته الرزين ووقفته الوادعة ووجهه الطلق واشاراته اللماحة وعيونه المشعة بالذكاء واللباقة والأناقة والبلاغة يخيل اليك وكأنه مصاحب لابن الحسين الكوفي ( المتنبي ) في رحلة من رحلاته التي تكاد لا تهدأ ودائما معه مكتبته المتحركة علي ظهر بغير بها من أمهات الكتب في مقامها جديرة بأن يكون متصفحها هذا الشاعر الفيلسوف الذي ملأ الدنيا وشغل الناس .
ننتظر البروف صديق بعد العودة من سياحته الأدبية غير العادية مع أشعر شعراء زمانه ذاك الإنسان القلق الذي يمدح نفسه قبل أن يتجه الي مدح الأمراء والكبار وهو يري نفسه ليس بأقل منهم أن لم يكن أفضلهم ولكن للاسف وقد سعي لأن تكون له ولاية يحكمها وبذل كثيرا من الوقت والمحاولات والسفر والتغرب والتقلب في البلدان ولم يقبض إلا الريح الي أن وافته المنية مقتولا في بادية السماوة بسيف فاتك الاسدي عدوه اللدود .
كنا سنسمع الدرر والعجايب مروية بعذوبة مفرطة وعلم غزير متدفق من ابن توتي البروف صديق لم لا وقد نال الكثير من حكمة وجودة شيخه ابن المحاذيب عبدالله الطيب الذي نال ثقة العاهل المغربي الملك محمد الخامس ومن بعده ابنه وكان يحاضرهم في المسجد الكبير هما والرعية والضباط والاجناد فيتحفهم بأسرار لغة الضاد ويكشف لهم عن أدق اسرار حلاوتها وأناقتها ودقة تعابيرها واتساع معانيها وخفة ظلها وجمالها الذي لا يباري !!..
مازلنا وأملنا في الله سبحانه وتعالى كبير أن تتوقف هذه الحرب اللعينة العبثية المنسية وان نعود لديارنا سالمين غانمين سعيدين فرحين مستبشرين وان نسعد مجددا بما كان عندنا من منتديات أدبية وثقافية فيها نرتاح من ضغوط الحياة وبها يعود الينا الصفاء والنقاء واتزان النفس مما يحفز علي المزيد من العمل والإنتاج وبهما تسير الحياة وتبني الاوطان !!..
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com