في حديث مع الدكتور خليفة بن عربي الرئيس السابق لقسم اللغة العربية بكلية الآداب في جامعة البحرين أُجريَ في مكتبه حول اللغة العربية و وجودها اليوم في المجتمعات العربية ، كما أكد في هذه الحوارية على التمسك بالقرآن الكريم و اللغة العربية فبدونهما تسقط الهوية العربية . وقد وضّح علاقة طلاب هذه الأجيال بالخصوص باللغة العربية و أهم أسباب عزوفهم عن لغتهم ثم قدّم بعضًا من التحليلات و الحلول بشأن هذا الموضوع.


ماهو سر اختيارك لهذا التخصص دون باقي التخصصات؟ حقيقةً هي الميول الشخصية ، لما تخرجت من المرحلة الثانوية وجدت في نفسي ميولاً للغة العربية و الشعر و الأدب خصوصًا أن هناك استاذ هو الذي حببني لهذا التخصص ، بالإضافة إلى وعيي بأهمية اللغة العربية و دورها في التكوين الثقافي الشخصي و أهمية أن تُأصَّل اللغة العربية في الذات و أيضًا عند الأجيال لأجل تقوية ارتباط الجيل بثقافته .

هل حب اللغة العربية كانت لها مكانة لديك من الصغر؟ وماهي أهم انجازاتك بهذا الخصوص؟ كان لدي نوع من الميول في الصغر فكنت أحب كثيرًا مادة النصوص الأدبية و أحفظ كثيرًا من الشعر و مازلت إلى الآن حافظًا لبعض النصوص التي درستها في الابتدائية للثانوية لاتزال عالقةٌ في ذاكرتي ، و كان لدي أيضًا ميول لمشاهدة بعض البرامج القديمة في اللغة مع أني قد لا أفهمها جميعها ، في المرحلة الاعدادية بدأت بكتابة الشعر كانت بدايات ضعيفة و غير منضبطة وكنت أشارك في بعض الأنشطة و منها ساهمت في كتابة أبيات شعرية على الوسائل التي تُعلّق على حيطان المدرسة أو بعض الطرائف الأدبية العربية .
قلت بأن لديك محاولات لكتابة الشعر منذ الصغر فهل جُبِلت عليها فطريًا أم اكتسبتها؟ الميل للشعر هي مسألة وجدتها في نفسي منذ الصِغر أي نهاية المرحلة الابتدائية وبداية الاعدادية ، كنت أحب قراءة الشعر و أحفظ الكثير من النصوص الشعرية التي تعلق في ذاكرتي ، فهو ميل ذاتي فطري ولكنني لاحقًا صقلت الموهبة .
منذ متى بدأت مشوار التدريس و ماهي أهدافك منه؟ التعليم كان غاية في ذاتي منذ دراستي في المرحلة الثانوية وحتى قبل ذلك فكان لديّ نوعًا من الميل لعملية التعليم ، أذكر لما كنت صغيرًا عندما كنت أدرس دائمًا أُمثل أنني في فصل دراسي فكنت أتخيل أن الطلاب جالسون أمامي و أنا أشرح لهم المادة ، ولما دخلت الجامعة نما لديّ هذا الشعور وبعد تخرجي لم يكن أمامي من هدف للعمل غير التعليم فتوجهت مباشرةً للتدريس سنة 1996 بدأت مشواري في التعليم في مدارس وزارة التربية و التعليم .
كيف تصف مهنة التدريس بشكل عام ، و تدريس العربية بشكل خاص؟ لاشك أن مهنة التعليم من أنبل المهن و أشرفها و أكثرها عطاءً لأنها تبني الأجيال و تعين على تكوين الفكر و الثقافة و العقل ، أما تدريس اللغة العربية فهو أروع و أمتع فهي وماتحويه من خصائص و جماليات و ظواهر لاتوجد في غيرها من اللغات الأخرى تبعث على المتعة في تدريسها و أيضًا حينما يستوعبها الطلاب يكتشفون جانبًا من المتعة حقيقةً لا يجدونها في لغات أخرى إن كانوا يدرسونها ، وهنالك بيت لأحمد شوقي يقول فيه «كاد المعلم أن يكون رسولا» ، فمهنة التعليم تتقاطع مع دور النبي (ص) فدوره التبليغ وكذلك المعلم .
ماهي أهم الأساليب التي كنت تتبعها بداية تدريسك لتحبيب الطلاب باللغة؟ أنا دائمًا في عملية التدريس أحاول أن أهدف بالدرجة الأولى إلى أن أقرّب هذه اللغة إلى نفسية الطالب و أسعى بالدرجة الأولى أن أجعلهم يقتربون من اللغة و من جمالياتها ونقنعهم أن المسألة سهلة وبسيطة وليست معقدة كما قُذِف في روع كثيرٍ من أبنائنا عندما يتخرجون من المدرسة و لديهم موقف من مادة اللغة العربية أنها صعبة و لايمكن فهمها ، فهذا أول هدف أهدف له قبل عملية إيصال الأفكار و المعلومات وهو أن أجعل علاقة نفسية متشابكة بين الطالب و اللغة العربية .
ماهو رأيك في طرق تعليم العربية في المدارس وبالأخص أنهم يتخرجون منها وهم لا يعرفون الأساسيات ؟ الموضوع ليس على المعرفة فحسب بل إنهم يكرهون اللغة العربية ، نحن لدينا إشكالية في طرق تدريس اللغة العربية على عدة مستويات فمثلاً على مستوى المواضيع التي تُدرّس و مناهج التدريس و الكتاب المدرسي و كذلك على مستوى الأساتذة ، اللغة العربية لغة الثقافة و العقل و الآباء و الأجداد و الأمة العربية بشكل عام وهي اللغة التي بنت هذه الأمة وهي على قمة الأمم ، فكتب المناهج العربية يجب أن تُجدد و الأستاذ يجب أن يُنتقى .
ماهي قراءتك للمجتمع البحريني بالنسبة لعلاقته باللغة العربية؟ مجتمع البحرين مثل أي مجتمع من المجتمعات العربية الحالية الآن ، للأسف عزوف الناس عن اللغة العربية كبير جدًا تحديدًا الفصحى و الاهتمام باللغات الأخرى و اللهجات العامية ، المجتمع البحريني يحتاج كغيره لتأصيل هذه اللغة و تنمّي حبها و الاهتمام بها في نفوس الناس لأن عزوف الناس عن اللغة شيء أُجبروا عليه فالمجتمع يدفع إلى ذلك و الأنظمة و شروط العمل كلها تدفع الشعوب إلى أن تهمل اللغة العربية وهذا شيء مقصود وهو أن تترك الشعوب العربية لغتها و ثقافتها و يُراد لها أن تذوب في الثقافة الغربية مع الأسف .
ماهي أهم تطلعاتك للأجيال القادمة في علاقتهم باللغة العربية؟ آمُل و أتطلع من الأمة العربية والأجيال القادمة أن تلتفت لأهمية هذه اللغة ودورها في وجودهم و بقائهم و اثبات هذا المقام ، و أنا متفائل إن شاء الله أن ما يمر علينا من أحداث كفيل أن يوقظ هذه الأمة و أن يرجعها إن شاء الله في يومٍ من الأيام إلى مجدها ولن تعود لمجدها حتى ترجع للغتها التي تعيد بناء الفكر و العقل لأن اللغة العربية تختلف عن أي لغة من اللغات ، و دليلاً على ذلك كان آباؤنا سابقًا قبل التعليم النظامي في ما يسمى بـ «المطوّع أو الكتاتيب» فكان أول شيء يبنون فيه الطفل الصغير هو حفظ القرآن الكريم وحفظه ينمّي من عقليته لاحتوائه على العديد من المخرجات التي تنمّي فكر و عقل الانسان فنرى حتى شخصية الطفل تختلف عن باقي الأطفال الغير حافظين للقرآن، فمن الأمور التي عملوا عليها لابعاد الناس عن هذه اللغة أن ألغوا «الكتاتيب» و وضعوا التعليم النظامي الذي يحتوي على كتاب واحد فقط للغة العربية يجمع مختصر علومها ، فنأمل أن تحافظ الأمة على قرآنها وتسعى لنشر حفظ القرآن عبر الأجيال لترقى .

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا اللغة العربیة هذه اللغة التی ت

إقرأ أيضاً:

مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُشارك في معرض تونس الدولي للكتاب

المناطق_واس

يُواصل مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية حضوره الفاعل في الفعاليات الثقافية العربية والدولية من خلال مشاركته في معرض تونس الدولي للكتاب 2025، الذي يُقام في المدة من 25 أبريل إلى 4 مايو المقبل، ضمن جناح الملحقية الثقافية في جمهورية تونس، بمشاركة مؤسسات ثقافية وعلمية سعودية بارزة.

وأكد الأمين العام للمجمع الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي، أن معرض تونس يُمثّل منصةً مهمةً للتواصل مع النخب الثقافية والأكاديمية في العالم العربي، وفرصةً لإبراز جهود المملكة في العناية باللغة العربية ودعم حضورها في الساحات الثقافية العالمية، مشيرًا إلى أن المجمع حريص على أن تكون مشاركاته محمَّلةً بالمحتوى النوعي الذي يخدم المختصين والمهتمين، ويعكس تطور أدوات البحث والتأليف في مجالات اللغة وعلومها.

أخبار قد تهمك مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يبدأ برنامجه العلمي (شهر اللغة العربية) في مملكة إسبانيا 21 أبريل 2025 - 11:00 مساءً مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية وأكاديمية “نافا” و”وزارة الصناعة” يُطلقون معجم “تصنيع السيارات الكهربائية وصيانتها” 13 أبريل 2025 - 1:50 مساءً

وتُعَد هذه المشاركة امتدادًا للجهود التي يبذلها المجمع في خدمة اللغة العربية وتعزيز مكانتها من خلال عرض منجزاته العلمية والمعرفية والتعريف بمبادراته التي تستهدف تطوير المحتوى اللغوي وبناء أدوات معرفية ورقمية متقدمة، تُسهم في تمكين اللغة وتعليمها، والارتقاء بها على المستويات الوطنية والدولية.

ويُقدِّم المجمع في جناحه بالمعرض مجموعةً من الإصدارات الحديثة التي تنطلق من مساراته المتخصصة لتشمل التخطيط والسياسات اللغوية والبرامج التعليمية والحوسبة اللغوية والبرامج الثقافية، إضافةً إلى توفير محتوى رقمي عبر منصاته المختلفة، ومن بينها المكتبة الرقمية التي تتيح الوصول إلى موارد علمية موثوقة.

وتتضمن المشاركة تعريفًا بمبادرات المجمع في مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وإصدار المعاجم اللغوية المتنوعة وبناء قواعد البيانات اللغوية والمحتوى التدريبي، ضمن منظومة من المشروعات التي تجمع بين العمل البحثي المتخصص والتقنيات الحديثة في تقديم المحتوى اللغوي.

وتأتي مشاركة المجمع في المعرض؛ للتعريف بالمجمع ومشروعاته التي تُسهم في تعزيز مكانة اللغة والثقافة العربيتين، ودعم منظومة الثقافة وإبراز جهوده في مجالات النشر العلمي، فضلًا عن الاحتفاء باللغة العربية والعناية بها وتعزيزها لدى الجمهور العريض الحريص على المشاركة الفاعلة في معارض الكتاب ونشر المحتوى العربي وإثرائه.

وتنسجم هذه المشاركة مع الأهداف الإستراتيجية للمجمع في تحقيق الريادة العلمية في خدمة اللغة العربية، وتعزيز حضورها في البيئات الثقافية والتعليمية، وتوسيع مجالات استخدامها على نحو يعكس مكانتها بوصفها لغةً جامعةً للمعرفة والثقافة والتواصل الحضاري.

مقالات مشابهة

  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُشارك في معرض تونس الدولي للكتاب
  • سامح قاسم يكتب | فتحي عبد السميع.. الكتابة من الجهة التي لا يلتفت إليها الضوء
  • عطوان: اليمن يقود صحوة الأمة.. ويصنع مجدًا لا تقدر عليه عواصم العرب مجتمعة
  • وزارة الخارجية والمغتربين: موقف عربي جامع داعم للجمهورية العربية السورية
  • برنامج ثقافيّ متكامل لـ«أبوظبي للغة العربية» في «أفينيون» المسرحي الدولي»
  • سامح قاسم يكتب | رنا التونسي.. شاعرة الحافة التي تنزف جمالًا
  • الجامعة العربية: تحرك دبلوماسي عربي - إسلامي لحشد الدعم لوقف الحرب في غزة
  • غزة وسد النهضة.. أبرز ملفات اجتماع عربي وزاري بالقاهرة تحضيرا للقمة
  • أحمد عبد الوهاب يكتب: اللغة العربية بين العولمة والهوية "تحديات وحلول"
  • خبيرة أسرية: اللغة العربية تتعرض للإهمال وأولياء الأمور يعتبرونه موضع تفاخر