الدوحة- عززت قطر رحلتها نحو الاستدامة وترسيخ مكانتها بوصفها منتجا ومصدرا عالميا للغاز الطبيعي المسال باعتباره طاقة نظيفة، عندما وضعت حجر الأساس لمشروع توسعة حقل الشمال بمدينة راس لفان الصناعية إيذانا بالعبور إلى مرحلة جديدة.

وتأتي الخطوة انسجاما مع إستراتيجية "قطر للطاقة" المحدّثة -التي أعلنتها العام الماضي 2022- والتي التزمت فيها ببلوغ مستويات صفرية من الانبعاثات الكربونية وخفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 25% بحلول 2030.

وتولي الدوحة قضايا البيئة أهمية كبيرة، إذ نشر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بمناسبة افتتاح "إكسبو 2023" هذا الشهر تغريدة أكد فيها أن "التنمية البيئية إحدى الركائز الأربع التي قامت عليها رؤية قطر الوطنية 2030 منذ 2008" وأن بلاده "تولي مكافحة التغير المناخي والتصحر أهمية خاصة".

التنمية البيئية إحدى الركائز الأربع التي قامت عليها رؤية قطر الوطنية 2030 منذ عام 2008، فبلادنا تولي مكافحة التغير المناخي والتصحر أهمية خاصة يأتي في إطارها اليوم افتتاح إكسبو 2023 الدوحة للبستنة. وهو أول معرض دولي من نوعه وفئته في قطر والمنطقة. فمرحبا بضيوفنا من جميع أنحاء… pic.twitter.com/ND06rkPOwj

— تميم بن حمد (@TamimBinHamad) October 2, 2023

توسعة حقل الشمال

وجاءت المرحلة الأولى من مشروع توسعة حقل الشمال الشرقي التي تم تدشينها مطلع أكتوبر /تشرين الأول الحالي، لترفع الطاقة الإنتاجية من الغاز من 77 مليون طن سنويا، إلى 110 ملايين طن سنويا، في حين ستعمل المرحلة الثانية في حقل الشمال الجنوبي على زيادة الطاقة الإنتاجية من 110 ملايين طن سنويا إلى 126 مليون طن سنويا بحلول 2026.

وتمهيدا لتنفيذ عمليات التوسعة، أبرمت "قطر للطاقة" في يونيو/حزيران الماضي شراكة مع كل من "توتال إنرجيز" وشل و"كونوكو فيليبس" و"إكسون مييل"، أتبعتها باتفاقات أخرى في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه مع كل من شركة "توتال إنرجيز" وشل و"كونوكو فيليبس" لتوسعة حقل الشمال الجنوبي.

وتم تعزيز تلك الاتفاقات في العام الجاري بشراكة مع مؤسسة الصين للبتروكيميائيات "سينوبك" ومؤسسة البترول الوطنية الصينية "سي إن بي سي" كشريكين إضافيين في توسعة حقل الشمال الشرقي.

ويقول الخبير النفطي محمد يعقوب السيد لـ"الجزيرة نت" إن وضع حجر الأساس لمشروع توسعة حقل الشمال الآن يعد ثمرة لخطة تطوير متكاملة تم وضعها منذ وقت مبكر وفق مراحل محددة ومدروسة بعناية لمد السوق العالمي باحتياجاته المتزايدة من الغاز الطبيعي المسال النظيف.

وأضاف أن ما يميز الرؤية القطرية في إنتاج الغاز الطبيعي المسال والتوسع فيه، هو الاهتمام المتعاظم بحماية البيئة والحرص على هذا البعد في كل مراحل وخطوات العمل في صناعة الغاز، خاصة في ظل تنامي الاهتمام العالمي بالآثار الكارثية التي يخلفها الاحتباس الحراري.

وأشار السيد إلى بناء أكبر مصنع للأمونيا النظيفة بما يصل إلى 1.2 مليار دولار كوقود لتشغيل محطات الكهرباء، فضلا عن جهود مضاعفة إنتاج الطاقة الشمسية والوصول بها إلى 5 آلاف ميغاواط بحلول 2035 بعد توسعة محطة الخرسعة ثالث أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم.

إستراتيجية الاستدامة

وتنطلق شركة "قطر للطاقة" في إستراتيجيتها نحو الاستدامة من رؤية "قطر 2030" وأهداف الأمم المتحدة  للتنمية المستدامة، فضلا عن دعمها لاتفاقية باريس للحد من ظاهرة الاحترار العالمي بمقدار درجتين مئويتين.

وكان وزير الدولة لشؤون الطاقة والرئيس التنفيذي لـ"قطر للطاقة" سعد بن شريدة الكعبي أكد في بيان إطلاق الشركة لإستراتيجيتها المحدثة للاستدامة في مارس/آذار 2022، على الدور المهم لبلاده في التخفيف من آثار تغير المناخ من خلال وضع إستراتيجية الاستدامة موضع التنفيذ، وإنتاج غاز طبيعي مسال نظيف بتطبيق أحدث التقنيات للحد من الانبعاثات الكربونية، بل التعويض عن الانبعاثات المتبقية بالتقاط الكربون وتخزينه.

 وأضاف الكعبي -أيضا- أن الاتفاقات التي وقعتها "قطر للطاقة" وتحالف التقاء الهيدروجين في جمهورية كوريا، والتعاون في مجال طاقة الهيدروجين في قطر مع شركة "شل" للمساعدة على خفض نسب الكربون.

ووفقا لتأكيدات الكعبي، فإن إستراتيجية شركة "قطر للطاقة" الخاصة بالاستدامة تدعم التزام الشركة بحماية البيئة وتحقيق التوازن بين المنافع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وتتضمن إستراتيجية "قطر للطاقة" للاستدامة عددا من المبادرات لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من أهمها:

احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه بقدرة حقن تصل إلى أكثر من 2.2 مليون طن سنويا، الأمر الذي يعزز قدرات الحجز لأكثر من 11 مليون طن سنويا بحلول 2035. الإسهام في خفض المزيد من كميات الكربون في منشآت الغاز الطبيعي المسال في قطر بنسبة 35% وفي منشآت التنقيب والإنتاج بنسبة تقدر بـ25% تقريبا.

كما أكد الكعبي -في جلسة "حوار القيادات" في المؤتمر الدولي العشرين للغاز الطبيعي المسال الذي انعقد في مدينة فانكوفر في كندا في يوليو/تموز الماضي- أن موقع عزل ثاني أكسيد الكربون في مدينة راس لفان الصناعية يعد الأكبر على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأشار إلى استخدام الطاقة الشمسية لتشغيل محطات إنتاج الغاز الطبيعي المسال، وذلك بهدف لتقليل الانبعاثات الكربونية التي ربما تكون كثافتها في قطر هي الأدنى في العالم، بحسب الوزير.


رؤية متوازنة

من جانبه، قال رجل الأعمال خالد البوعينين إن قطر أظهرت جديتها وقدرتها على مواصلة عمليات التوسع في إنتاج الغاز الطبيعي المسال مع مد مختلف الأسواق بطاقة نظيفة مع الالتزام التام في الوقت نفسه بحماية البيئة وتعضيد الجهود العالمية في مجال مكافحة الاحتباس الحراري.

يشار إلى أن حقل الشمال -الحقل الأكبر في إمداد العالم بالطاقة النظيفة – يشتمل على 6 خطوط إنتاج عملاقة 4 منها في مشروع توسعة حقل الشمال الشرقي واثنين منها في حقل الشمال الجنوبي.

وسينتج المشروع 6.5 آلاف طن يوميا من غاز الإيثان، و200 ألف برميل يوميا من غاز البترول المسال، و450 ألف برميل يوميا من المكثفات، فضلا عن كميات كبيرة من غاز الهيليوم والكبريت النقي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الغاز الطبیعی المسال توسعة حقل الشمال ملیون طن سنویا قطر للطاقة فی قطر

إقرأ أيضاً:

مشروعات الغاز المسال في غايانا وسورينام قد تعزز الإمدادات العالمية بعد 2030

مقالات مشابهة من هنا.. سعر الدينار الكويتي في بنك مصر اليوم الثلاثاء 5 نوفمبر 2024

‏4 دقائق مضت

وزارة التربية الوطنية تطرح رابط الاستعلام عن نتائج مباراة التعليم 2024-2025 عبر men.gov.ma

‏32 دقيقة مضت

الجوازات تكشف حقيقة إلغاء رسوم المرافقين والفئات المعفاة من الدفع

‏36 دقيقة مضت

الريال ضد ميلان (1-3).. ملخص مباراة ريال مدريد وميلان في دوري أبطال أوروبا

‏47 دقيقة مضت

كيف اعرف اني مقبول في سكنات عدل 2024؟.. “وزارة السكن والعمران الجزائرية” توضح

‏50 دقيقة مضت

من هنا.. خطوات الاستعلام عن المخالفات المرورية إلكترونيا 2024

‏ساعة واحدة مضت

من المتوقع أن تؤدي مشروعات الغاز المسال في غايانا وسورينام دورًا رئيسًا في السوق العالمية خلال العقد المقبل، مع القدرة على توريد قرابة 12 مليون طن متري سنويًا.

ومن خلال الاستفادة من احتياطيات الغاز الضخمة، لا سيما في مربع هايمارا الواقع في غايانا ومربع 52 في سورينام، يمكن لهذه المشروعات أن تقدّم وقودًا بأسعار تنافسية تقترب من 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

فضلًا عن ذلك، يمنح الموقع الإستراتيجي لمشروعات الغاز المسال في غايانا وسورينام ميزة إضافية، حيث يمكن أن تستفيد من انخفاض تكاليف الشحن مقارنة بالمورّدين في ساحل الخليج الأميركي والشرق الأوسط.

وبذلك، يمكن أن تساعد مشروعات الغاز المسال في غايانا وسورينام على سدّ فجوة الإمدادات العالمية، التي يُتوقع أن تصل إلى 105 ملايين طن سنويًا بحلول عام 2035، ما يجعلها في وضع جيد لتلبية ارتفاع الطلب.

إمكانات واعدة

أشار تقرير صادر عن شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي إلى أن مربع هايمارا في غايانا ومربع 52 في سورينام، يحتويان على 13 تريليون قدم مكعبة من الغاز غير المصاحب المكتشف، وقد يشكّلان الأساس لهذا الإنتاج الضخم من الغاز المسال.

وترجع الإمكانات الاقتصادية القوية لمشروعات الغاز المسال في غايانا وسورينام إلى ارتفاع إنتاج الآبار، والتعاون مع شركاء على دراية جيدة بعمليات تسويق الغاز المسال.

وأوضح التقرير أن هذه المشروعات تُطَوَّر وسط هيمنة متزايدة للغاز المسال الأميركي والقطري، لكن يُتوقع أن تكون نافذة للإمدادات بحلول عام 2035، ويُعزى ذلك جزئيًا إلى وقف الإدارة الأميركية منح التراخيص الجديدة لتصدير الغاز المسال.

مشروع ليزا البحري في غايانا – الصورة من موقع كاب فرونت إنرجيز

وبفضل موقعيهما الإستراتيجي وانخفاض تكاليف الشحن، يمكن لمشروعات الغاز المسال في غايانا وسورينام خدمة الأسواق الإقليمية في منطقة البحر الكاريبي وأميركا الجنوبية، إلى جانب التنافس مع مشروعات ساحل الخليج الأميركي وغرب أفريقيا لتلبية احتياجات جنوب شرق آسيا.

تحديات تواجه مشروعات الغاز المسال في سورينام

رغم الآفاق الواعدة، تواجه مشروعات الغاز المسال في غايانا وسورينام تحديات تتعلق بغموض الهياكل التجارية والشروط المالية.

ففي سورينام، لا يوجد -حاليًا- شروط محددة لتطوير الغاز غير المصاحب، إلّا أن ثمة توقعات بتسارع وتيرة تطوير المشروعات، مع تحديد موعد أول إنتاج للغاز عام 2031، خاصة أن الحكومة قدّمت إعفاءً ضريبيًا لمدة 10 سنوات لتشجيع الاستثمار وتسريع التطوير.

ويمثّل اكتشاف حقل سلونيا للغاز، الذي أعلنته شركة بتروناس في 11 ديسمبر/كانون الأول 2020، أول الاكتشافات في مربع 52، أعقبه اكتشافات في رويستونيا وفوسايا خلال عامي 2023 و2024، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ومع تشغيل شركة “بتروناس سورينام إي آند بي في” المربع وامتلاك حصة 50%، إلى جانب شركة إكسون موبيل بحصّة 50%، أصبح الشركاء على استعداد لاستكشاف المنطقة بعد إبرام الاتفاقيات الأخيرة مع شركة النفط والغاز الوطنية في سورينام “ستاتسولي”.

وفي مارس/آذار 2024، أعلنت شركة ستاتسولي أن الشركاء وافقوا على خطاب اتفاق لتسهيل عمليات الاستكشاف في منطقة سلونيا، مع خطط لحفر بئر تقييمية “سلونيا 2”.

وحال إثبات أن البئر مجدية تجاريًا، تخطط بتروناس لبدء إنتاج الغاز في عام 2031، مع احتمال تطوير محطة غاز مسال عائمة.

سفينة تابعة لمصفاة ستاتسولي – الصورة من الموقع الخاص بالمصفاةتحديات مشروعات الغاز المسال في غايانا

يبدو الوضع في غايانا أكثر تعقيدًا، وسط غياب اتفاق واضح بين الحكومة والشركاء بشأن الشروط المالية والتشغيلية؛ ما يهدد بتأخير موعد بدء أول إنتاج للغاز بعد عام 2031.

وأسهمت منطقة ستابروك -التي تُقدَّر احتياطياتها بنحو 11 مليار برميل نفط مكافئ- في ظهور غايانا بصفتها واحدة من أسرع منتجي النفط نموًا خارج منظمة أوبك.

ومع ذلك، باتت التوقعات التجارية لهذه المنطقة -البالغة مساحتها 6.6 مليون فدان- غير مؤكدة؛ بسبب نزاع قانوني ناشئ عن استحواذ شركة شيفرون على حصة شركة هيس البالغة 30% بقيمة 60 مليار دولار، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وفي قلب هذا النزاع، توجد شركة إكسون موبيل، المشغّلة لحوض ستابروك، بحصّة 45%، التي بدأت إجراءات التحكيم في مارس/آذار، حيث تطالب بحقّها في الشفعة، مؤكدةً حقها في شراء حصة هيس قبل بيع الحصة لطرف خارجي.

وردًا على ذلك، تقدمت شركة هيس بطلب التحكيم لطعن مطالب إكسون كوبيل، لكن سرعان ما انضمت شركة النفط الوطنية البحرية الصينية، التي تمتلك الحصة المتبقية البالغة 25% في ستابروك، إلى المعركة.

ومع استمرار النزاعات القانونية حتى منتصف 2025، باتت هناك مخاوف بشأن التأخيرات المحتملة في تطوير المنطقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
Source link ذات صلة

مقالات مشابهة

  • مشروعات الغاز المسال في غايانا وسورينام قد تعزز الإمدادات العالمية بعد 2030
  • «البترول»: إيني الإيطالية تبدأ إنتاج الغاز الطبيعي في منطقة جديدة قريبا
  • بحضور خبراء إيطاليين.. تشغيل المحطة الدائمة لتخفيض الغاز الطبيعي بالوادي الجديد.. صور
  • الحكومة توضح حقيقة إقرار زيادة جديدة على شرائح أسعار الغاز الطبيعي
  • الحكومة تنفي إقرار زيادة جديدة على شرائح أسعار الغاز الطبيعي
  • الحكومة تنفي إقرار أي زيادة جديدة على شرائح أسعار الغاز الطبيعي: الأسعار كما هي
  • الحكومة: لا صحة لإقرار أي زيادة جديدة على شرائح أسعار الغاز الطبيعي
  • إقرار زيادة جديدة في أسعار الغاز الطبيعي.. الحكومة ترد
  • عاجل| بيان رسمي.. لا زيادة جديدة في أسعار الغاز الطبيعي للمنازل
  • مشروع تورتو أحميم للغاز المسال يختار شركاء جددًا