صفقة "رافال" عنوان لشراكة عسكرية تتعمق بين السعودية وفرنسا؟
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
إيمانويل ماكرون خلال استقباله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان
توجد محادثات جدية بين السعودية وفرنسا لشراء الرياض مقاتلات من طراز "رافال"، وهو ما أكده وزير الجيوش الفرنسية سيبستيان لوكورنو الذي ذكر الأمر في مؤتمر صحفي، دون أن يعطي تفاصيل إضافية بحكم أنه "غير مخوّل للتعليق للصحافة" حول ما تم التطرّق إليه في المحادثات.
صحيفة "لاتريبيون ديمانش" الفرنسية كانت أول من أشار إلى هذا الموضوع، بتأكيدها أن المملكة العربية السعودية تواصلت مع شركة داسو للحصول على عرض أسعار لشراء 54 طائرة رافال، ولدى الشركة "مهلة حتى الاول من تشرين الثاني/نوفمبر للرد" على استفسار الرياض.
ويكتسي الموضوع أهمية بالغة للصناعة العسكرية الفرنسية، بحكم أن السعودية كانت تشتري حتى الآن طائراتها المقاتلة من الولايات المتحدة وبريطانيا، وتمكّن باريس من الدخول إلى السوق السعودي سيحقق لها أرباحاً كبيراً في هذا المجال، خصوصاً للإنفاق السعودي الكبير على مجال الأسلحة.
ويظهر أن السعودية قرّرت حذو طريق دول أخرى في المنطقة سبق أن اشترت هذه المقاتلات الفرنسية، ومنها مصر والإمارات وقطر. هذه الأخيرة اشترت 36 طائرة منذ 2015، وأبدت رغبتها صيف هذا العام في شراء مقاتلات "رافال" جديدة، كما اشترت الإمارات العام الماضي 80 مقاتلة من هذا النوع، فضلاً عن 12 طائرة مروحية من طراز "كاراكال"، ما اعتبرته باريس حينها صفقة تاريخية، إذ كانت أكبر طلبية خارجية لهذه المقاتلات على الإطلاق.
اهتمام متزايد
يشير موقع bfmtv إلى أنّ اهتمام السعودية بالطائرات القتالية الفرنسية واضح منذ سنوات، وتزايد الاهتمام بعد عقد الإمارات للصفقة، ويتحدث أن هناك إمكانية لشراء الرياض ما يصل من 100 إلى 200 مقاتلة فرنسية مقابل 36 مليار يورو.
مقاتلات رافال الفرنسية نحو السعودية؟
ومن الأسباب الذي دعت له، هو رفض ألمانيا بيع طائرات مقاتلة من نوع "تيفون" للسعودية، وهي الطائرات التي تنتجها بشراكة مع المملكة المتحدة، بحجة حرب اليمن، وكذلك الجدل الذي رافق اغتيال جمال خاشقجي، وهو الرفض الذي تكرر في قمة الناتو في الصيف الماضي، ما خلق استياء شركة إيرباص، التي تساهم في إنتاج مقاتلات "تيفون'، من أن هذا الفيتو ستستفيد منه الشركة الفرنسية التي تصنع لوحدها "رافال"..
واتخذت برلين هذا القرار مع الحرب في اليمن عام 2015، وأيضا بعد اغتيال جمال خاشقجي عام 2018. وبدون موافقة ألمانيا، لا يمكن عقد أي عقد بين لندن والرياض.
اعتماد محدود؟
لكن هل تنوي السعودية الاعتماد بشكل رئيسي على المقاتلات الفرنسية؟ تشير صحيفة "لا تريبين" الفرنسية أن باريس تخشى من أن تلعب "رافال" دور الأرنب، لأجل إجبار برلين على تغيير موقفها.
وما يلعب لصالح فرنسا حسب تحليل bfm-tv، أن محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي في البلاد، يرغب في تنويع شركاء المملكة في الجانب العسكري، وتقليص اعتماد المملكة على الصناعة العسكرية الأمريكية.
تأتي هذه التطورات في وقتِ تتعاظم فيه خلافات بين ألمانيا وفرنسا حول موضوع التنسيق في مجال التسليح. يشير تحليل لمجموعة فوبان (خلية تفكير فرنسية في المجال العسكري)، أنه إذا كان بوسع ألمانيا، من وقت لآخر، حسب تقديرها وبالوتيرة التي تناسبها، تقديم تنازلات معينة في موضوع سياستها التسليحية في الخارج، فليس من حقها أن تجبر حلفاءها على ذلك.
مختارات ثلاث شركات سلاح فرنسية تواجه تهمة "التواطؤ في جرائم حرب" باليمن في حال فوزها.. لوبان تعد بإنهاء التعاون الدفاعي مع ألمانياقدمت مرشحة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان ملامح سياستها الخارجية. لوبان وعدت، في حال فوزها بالرئاسة، بالسعي لـ "تقارب استراتيجي" بين الناتو وروسيا. كما أكدت عزمها على وقف مشاريع تطوير السلاح المشتركة مع ألمانيا.
ألمانيا.. انقسام في الائتلاف الحاكم حول تأسيس ردع نووي أوروبيعرض الحزب الاشتراكي الديمقراطي وجهة نظر نأت عن وجهة نظر شريكه في الحكومة، التحالف المسيحي، بشأن الموقف من السلاح النووي في أوروبا في ضوء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانفراد فرنسا بامتلاك ترسانة نووية.
دبابات قتالية لأوكرانيا.. الضغوط تشتد على شولتس لتغيير موقفهحث أعضاء في الائتلاف الحاكم والمعارضة المستشار الألماني شولتس على إعطاء الضوء الأخضر لإرسال دبابات قتالية إلى أوكرانيا، فيما وعد نائبه بتكييف توريدات السلاح لكييف مع متطلبات ساحة القتال. فهل يغيّر شولتس موقفه؟
ويقول التحليل إن على برلين ألا تؤيد سياسة التصدير الخاصة بها وتنكرها على الآخرين، وإنه من الواجب على فرنسا تعلم درس مهم هو أن "ألمانيا ليست شريكا يعتمد عليه في مجال التسليح"، فيما تدافع آراء أخرى عن موقف ألمانيا فيما يتعلق بتسليح أوكرانيا، بحكم أنه كان ضروريا نظراً لحجم التهديد الروسي، ويتحدثون عن أن ورقة حقوق الإنسان التي ترفعها ألمانيا تبقى من أساسيات سياستها الخارجية.
وثمة خلافات فرنسية ألمانية حول مسألة التسلح، وظهرت بشكل خاص بإعلان برلين اقتناء طائرات إ ف 35 الأمريكية المتطورة، وتجميد مشروع طائرة يوروفايت الأوروبية (مشروع فرنسي ألماني)، كما يقول خبراء إن اعتماد ألمانيا على الصناعة العسكرية الأمريكية له دواعي استراتيجية وظرفية أملتها تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا على أمن أوروبا.
لكن العلاقات السعودية-الفرنسية في مجال التسلح ليست جديدة، يشير موقع orientxxi أن فرنسا هي ثاني مزود للتحالف السعودي-الإماراتي بالأسلحة في حرب اليمن، وتحدث عن وجود تقرير صادر عن مديرية المخابرات العسكرية الفرنسية، يؤكد أن السلاح الفرنسي استخدم لاستهداف مناطق مدنية ولهجمات التحالف في اليمن، وليس فقط لضمان حماية الأراضي السعودية من الهجمات البالستية الآتية من اليمن حسب الحكومة الفرنسية.
وزادت صادرات فرنسا من الأسلحة بنسبة 44 في المائة بين الأعوام 2013-2017 و2018-2022 حسب تقرير لمعهد سيبري (معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام)، وكات معظم هذه الصادرات إلى دول في آسيا وأوقيانوسيا والشرق الأوسط. وباتت فرنسا تحتل حصة كبيرة في تصدير الأسلحة على مستوى العالم، خصوصاً بعد تراجع الصادرات الروسية.
ع.ا
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: رافال فرنسا مقاتلات رافال السعودية فرنسا ألمانيا وفرنسا ألمانيا فرنسا إيمانويل ماكرون رافال فرنسا مقاتلات رافال السعودية فرنسا ألمانيا وفرنسا ألمانيا فرنسا إيمانويل ماكرون
إقرأ أيضاً:
لجوء فرنسا إلى الأسلحة الكيميائية في الجزائر: باحث فرنسي يحدد “450 عملية عسكرية” فرنسية
ندد المؤرخ الفرنسي كريستوف لافاي بلجوء فرنسا إلى الأسلحة الكيميائية خلال الثورة التحريرية, مؤكدا أنه تمكن من تحديد “450 عملية عسكرية” تم فيها اللجوء إلى هذه الأسلحة خلال الفترة الممتدة من 1957 إلى 1959.
وأوضح الموقع الالكتروني (actu.fr) الذي أجرى الحديث معه, أن “كريستوف لافاي قد تمكن خلال أبحاثه, من تحديد +450 عملية عسكرية تم اللجوء فيها إلى الأسلحة الكيميائية في الجزائر, والتي تركزت بشكل خاص في المناطق الجبلية بأعالي منطقة القبائل وفي الأوراس “.
وأضاف ذات الموقع, أنه إذا كان هذا الباحث قد استطاع اثبات وجود 450 عملية, فإن “القائمة لا زالت تحتاج إلى الاستكمال عبر فتح الأرشيف الذي لا يزال سريا حتى اليوم “.
كما أشار المؤرخ على ذات الموقع, إلى أن “عددا معينا من الوثائق يمكن الوصول إليها لكن ليس تقارير العمليات ومذكرات السير والعمليات, أي سجل الوحدة”, موضحا أن “الاطلاع على هذه الوثائق أمر هام لأنه يسمح بتقييم عدد الضحايا, وبالتالي تحديد الضحايا المفقودين, وهذا مهم بالنسبة للعائلات”.
وأضاف أن “هذه الوثائق تسمح أيضا بوضع خارطة شاملة حول المواقع التي استعملت فيها تلك الأسلحة والمواقع المعرضة لمخلفات استعمالها”.
وعلى الرغم من تلك الصعوبات, فإن عمل كريستوف لافاي يحدد بشكل دقيق تاريخ استعمال الجيش الفرنسي للأسلحة الكيميائية.
وقال في هذا الصدد : “استطعت رغم ذلك إيجاد بعض القرارات السياسية التي تظهر أن الوزير موريس بورجس مونوري هو الذي وقع على الترخيص باستعمال الأسلحة الكيميائية, ثم جاءت الجمهورية الرابعة وبعدها الجمهورية الخامسة لتتحمل وتأمر وتنظم الحرب الكيمائية” في الجزائر.
وأكد ذات المؤرخ أن “أحد أهم الشخصيات المحورية في ذلك هو الجنرال شارل ايوري”, موضحا أن “هذا الخريج من المدرسة المتعددة التقنيات اعتبر الأب العسكري للقنبلة الذرية الفرنسية, وعند مروره بقيادة الأسلحة الخاصة, قام بتعزيز استعمال الأسلحة الكيميائية في الجزائر, فقد ألف كتابا في سنة 1948 وصف فيه استعمال العلم في الحرب كونه عنصر تفوق في سير العمليات, وكانت لديه قناعة بدور العلم كسلاح من أجل احراز النصر في الميدان”.
وأكد المؤرخ في هذا الخصوص, أنه استطاع من خلال الأرشيف “تأكيد استعمال غاز يسمى CN2D وهو مكون من غازين : غاز CN المشتق من السيانيد وغاز DM وهو أرسين أي مشتق من الزرنيخ”. وأشار كريستوف لافاي إلى “وجود عنصر ثالث وهو تراب المشطورات”, موضحا أن “خلط هذه العناصر الثلاثة ينتج غازا قاتلا”.
وتابع يقول إن “هذه الغازات مجتمعة معا في ذخيرة واحدة وبكميات كبيرة تؤدي بسرعة إلى موت الأشخاص المتواجدين داخل المغارات”.
وأضاف كريستوف لافاي, الدكتور في التاريخ المعاصر بجامعة أكس-مرسيليا وباحث مشارك بجامعة برغونية, أن الجيش الفرنسي قرر ابتداء من 1956 تكوين فرق خاصة لاستعمال تلك الأسلحة الكيميائية, “كانت مكونة من المجندين وتسمى فرق +الأسلحة الخاصة+ حيث تم إنشاء الوحدة الأولى في الجزائر في الفاتح ديسمبر 1956”, مؤكدا “نشاط 119 وحدة من هذا النوع خلال الفترة الممتدة بين 1957 و1959 على التراب الجزائري”.
كما استطاع المؤرخ خلال أبحاثه تأكيد وجود عملية أدت إلى سقوط 116 شهيدا, حسب ذات الموقع الإعلامي, مؤكدا أن لجوء الجيش الفرنسي إلى الأسلحة الكيميائية في الجزائر “لم يأتي صدفة بل هو جزء من عقيدة عسكرية حقيقية”.